كوارث البيئة تستبق قمة المناخ الــ 26 .. فهل تدفع نحو التزام جديد؟

كوارث البيئة تستبق قمة المناخ الــ 26 .. فهل تدفع نحو التزام جديد؟


23/10/2021

على مدار الأيام الماضية توالت أنباء الكوارث البيئية على مستوى العالم، فمن بركان إسبانيا، إلى فيضان الهند إلى زلزال شرق المتوسط، لا تنقطع أخبار الجرحى والمصابين والقلق، في وقت يستعد فيه المعنيون بقضايا المناخ للقمة الـ26 للتغيرات المناخية التي تقام في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في غلاسكو.

اقرأ أيضاً: الشرق الأوسط من بين أكثر مناطق العالم عرضة للتهديدات البيئية بسبب التغيرات المناخية

ولا تقتصر مخاطر التغيير المناخي على زيادة الفيضانات أو الكوارث البيئية، لكنه يترجم على نحو مباشر بمخاطر تلاحق الملايين، وتوقعات بالتسبب في زيادة الفقر في قارة فقيرة أصلاً مثل أفريقيا.

وقد حذّرت الأمم المتحدة، من أنّ أكثر من 100 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع مهددون بفعل تسارع ظاهرة الاحترار المناخي في أفريقيا، حيث يتوقع ذوبان الكتل الجليدية النادرة بحلول العقد الـ5 من هذا القرن.

...

وفي تقرير صدر قبيل الدورة الـ 26 من مؤتمر الأطراف الذي سيعقد حول المناخ في غلاسكو، سلّطت الأمم المتحدة الضوء على "الضعف غير المتناسب" الذي عانت منه أفريقيا العام الماضي بسبب انعدام الأمن الغذائي والفقر وتشريد السكان، وقالت جوزيفا ليونيل كوريا ساكو؛ المكلّفة بملفات الاقتصاد الريفي والزراعة في مفوضية الاتحاد الأفريقي: "بحلول العام 2030 تشير التقديرات إلى أنّ ما يصل إلى 118 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع سيكونون عرضة للجفاف والفيضانات والحر الشديد في أفريقيا، إذا لم تتخذ تدابير استجابة كافية".

لاحظ العلماء أنّ تأثير النشاط البشري على درجات الحرارة يفوق مرات عدة النشاط البركاني

والغارقون في الفقر المدقع هم الذين يعيشون بأقل من 1.90 دولار في اليوم، وفقاً للتقرير الذي شاركت في إعداده المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وتابعت ساكو: "في أفريقيا جنوب الصحراء يمكن أن يؤدي التغيّر المناخي إلى خفض إجمالي الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 3 بالمائة بحلول العام 2050"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.

وأضافت مفوضة الاقتصاد الريفي والزراعة: "لا يقتصر تفاقم سوء الأوضاع على الظروف المادية، بل أيضاً على تزايد عدد الأشخاص المتأثرين". 

اقرأ أيضاً: نوبل للفيزياء تكافئ البحث في "التغير المناخي" و"نظرية الأنظمة المعقدة"... من الفائزون؟

وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيري تالاس: "إنّ أفريقيا شهدت في العام الماضي زيادة في درجات الحرارة سرّعت في ارتفاع مستوى سطح البحر"، فضلاً عن أحوال جوية شديدة القسوة على غرار الفيضانات والانزلاقات الأرضية والجفاف، وهي كلها مؤشرات لتغيّر المناخ.

تشير التقديرات إلى أنّ نحو 118 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع سيكونون عرضة للجفاف والفيضانات والحر الشديد في أفريقيا

وقد شهدت منطقة شرق المتوسط مؤخراً زلزالاً قوته 6 درجات على مقياس ريختر شعر به سكان بعض المحافظات المصرية، في الوقت الذي ما يزال فيه بركان جزيرة لا بالما مستمراً منذ قرابة الشهر. 

ومنذ أعوام يبحث العلماء في العلاقة بين زيادة الزلازل والبراكين وبين الاحتباس الحراري الناتج عن التغيير المناخي، بعدما كان الاعتقاد أنّ تلك الظواهر مرتبطة بما يحدث في جوف الأرض فقط دون التأثر بالعوامل المناخية. 

قُتل 26 شخصاً على الأقل بسبب فيضانات مدمّرة في جنوبي الهند، حيث أدت الأمطار الغزيرة إلى فيضان الأنهار

وسبق أن نقلت صحيفة الغارديان عن العالم ريتشارد بيتس المتخصص بتصميم النماذج المناخية النظرية في مركز هادلي للأرصاد الجوية جنوبي إنجلترا قوله: "إنّ هذا مضمار جديد للبحث الأكاديمي ينطوي على دلالات مثيرة"، وأضاف: "إنّ الافتراض السابق كان يستبعد وجود علاقة بين التغير المناخي وهذه الظواهر، ولكن من الجائز التكهن بأنّ التغير المناخي يمكن أن يزيد من احتمالات وقوعها".

وعلى خلاف ما هو في إطار البحث، فإنّ تأثيرات البراكين على ظاهرة الاحتباس الحراري مؤكدة، أي إنّ حدوث البراكين واستمرارها لفترات طويلة يزيد من مخاطر الاحتباس الحراري، لكن تبقى الخطورة الأكبر من الانبعاثات الناتجة عن النشاط البشري، وحرق الوقود الأحفوري. 

وبحسب تقرير سابق لموقع مجرة العلمي، فقد لاحظ العلماء أنّ تأثير النشاط البشري على درجات الحرارة يفوق مرات عدة النشاط البركاني، فمثلاً منذ العام 2015 تراوحت تقديرات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتج عن النشاط البشري بين 35 و37 مليار طن سنوياً، بينما بلغت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون البركانية حوالي 200 مليون طن سنوياً. وفي عام 2018 كان حجم إنتاج ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية أكثر 185 مرّة من الانبعاثات البركانية. 

اقرأ أيضاً: "الثلج يشتعل": من ينقذ الكوكب من تحديات التغير المناخي؟

وكان رئيس جزر الكناري الإسبانية أنخيل فيكتور توريس قد صرّح الأحد الماضي بأنه "لا نهاية وشيكة في الأفق لثوران البركان الذي نشر الفوضى في جزيرة لا بالما منذ بدايته قبل نحو شهر". 

وقال توريس في مؤتمر للحزب الاشتراكي في بلنسية مشيراً إلى توقعات العلماء: "ليس هناك دلائل على أنّ نهاية الانفجار وشيكة، على الرغم من أنّ ذلك هو أكبر أماني الجميع"، بحسب ما نقله موقع العربية.

وقد دمّرت الحمم البركانية أكثر من 1833 فداناً من الأراضي في لا بالما وقرابة 2000 مبنى منذ بدء ثوران البركان في 19 أيلول (سبتمبر) الماضي، وتم إجلاء نحو 7000 من السكان من منازلهم في الجزيرة التي يسكنها نحو 83 ألف نسمة، والتي تمثل جزءاً من أرخبيل جزر الكناري الواقع قبالة ساحل شمال غرب أفريقيا.

ومن جهة أخرى، قُتل 26 شخصاً على الأقل بسبب فيضانات مدمّرة في جنوبي الهند، حيث أدت الأمطار الغزيرة إلى فيضان الأنهار.

وجرفت المياه منازل عدة، وحوصر الناس في منطقة كوتايام بولاية كيرال، وأظهرت لقطات مصورة من المنطقة عمليات إنقاذ الركاب من الحافلات، بعد أن غمرتها مياه الفيضانات، وانضمت قوات من الجيش الهندي إلى عمليات الإنقاذ، بعد أن تسببت الأمطار الغزيرة خلال عدة أيام في حدوث انهيارات أرضية مميتة، بحسب ما أورده موقع "بي بي سي". 

ومن غير المألوف أن تتسبب الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات وانهيارات أرضية في ولاية كيرالا، وقد اختفت الأراضي الرطبة والبحيرات التي كانت بمثابة ضمانات طبيعية ضد الفيضانات، وذلك بسبب اتساع رقعة البناء.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية