لماذا يحرض رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ضدّ النساء المغربيات؟

المغرب

لماذا يحرض رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ضدّ النساء المغربيات؟


04/11/2019

أثار وصف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، المغربيات المدافعات عن الحريات الفردية وحقوق النساء بـ "النسوة الخاسرات"، جدلاً واسعاً بالمغرب.
وجاء تصريح الريسوني على خلفية خروج عدد من الحقوقيات المغربيات إلى الشارع، وهنّ يرفعن شعارات تطالب بحقهنّ في ممارسة حقوقهن الفردية، مُعربات عن تضامنهن مع ابنة أخيه، هاجر الريسوني، التي كانت قد اعتقلت وسُجنت بتهمة الإجهاض، قبل أن يصدر عفو ملكي في حقها.
رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يشجع على العنف ضد النساء

" أحمد الريسوني شخصية أصولية"
ومن جهتها، عبّرت هاجر الريسوني، الصحفية المغربية، قريبة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عن رفضها للموقف الذي عبّر عنه عمّها أحمد الريسوني، حول موضوع الحريات الفردية، وأعلنت تضامنها مع كلّ امرأة تعرضت لعنف رمزي، "سواء صدر عن أحمد الريسوني أو غيره،" على حدّ تعبيرها.

تصريحات الريسوني سقطة؛ لأنّها تكشف غضب وثورة رئيس اتحاد علماء المسلمين على صورة امرأة تطالب بحريتها

وأضافت الصحفية المغربية، في تدوينة لها على مواقع التواصل الاجتماعي: "أستغرب وقوع بعض الشخصيات المستقلة في مقلب ذكر اسمها إلى جانب اسم الدكتور أحمد الريسوني".
وتابعت الريسوني: "إنّني أتفهم أن تقوم صحافة التشهير، التي تحركها الجهات، التي حركت اعتقالي، بهذا الدور، عن سبق قصد وإصرار، لكن من المؤسف أن يُقلدها نشطاء ومدونون مستقلون، رغم أنني أعرف أنّ بعضهم قام بذلك عن حسن نية، لكن الطريق إلى مقالب السلطوية مفروش بالنوايا الحسنة".
وأشارت الصحفية المغربية: "الدكتور أحمد الريسوني شخصية أصولية، ومواقفه من مسألة الحريات لن تخرج عن الإطار النظري، والأيديولوجي، الذي يتأطر به، سواء كنت أنا في السجن أو خارجه، ومتى ما سُئل عن هذا الموضوع سيقول الكلام نفسه، والمواقف نفسها، واطمئنوا بأنّه لن يصبح ليبرالياً من أجل عيوني".
"ثورة الريسوني على امرأة تطالب بحريتها"
وفي المقابل؛ يرى الباحث المغربي يوسف المساتي أنّ "تصريحات الريسوني يُمكن النظر إليها من زوايا عدة، فإذا ما نحن تأملنا لغتها لا يُمكن إلا أن نعدّها سقطة حقيقية لفقيه المقاصد، والذي خرج من جبة لفقيه".
وأضاف الباحث المغربي في حواره مع "حفريات": "تصريحات الريسوني هي سقطة أيضاً؛ لأنّها تكشف غضب وثورة رئيس اتحاد علماء المسلمين على صورة امرأة تُطالب بحريتها، فيما لم تحظَ صور أشلاء الأطفال والنساء والعجزة، ضحايا حرب أردوغان، بتعاطف الشيخ الريسوني".

اقرأ أيضاً: ألمانيا وفرنسا تطالبان بحظر "يورو فتوى" للقرضاوي
ووصف المساتي تصريح الريسوني قائلاً: "هي سقطة لأنّها تكشف فكر الريسوني الذي ما يزال حبيس منطق الجارية والسيد؛ حيث ما يزال يختزل المرأة في جسدها الذي يمتلكه الرجل (الرجل سواء كان أباً أو أخاً أو ولداً أو سيداً(".

الريسوني لازال حبيس منطق الجارية والسيد

"السجال الأيديولوجي جعل فقيه المقاصد يتناسى أبجديات الفقه"
ويُشير الباحث المغربي، في الصدد ذاته، إلى أنّ فقيه المقاصد لم ينتبه إلا أنّ كلامه هذا قد يكون مخالفاً من الناحية الشرعية، وكأنّه يبيح ممارسة الجنس خارج الزواج، إذا كانت المرأة جميلة، بحسب معاييره، ووجدت له سبيلاً، وبالتالي يفصح هذا الأمر عن الانتقائية التي تطبع تعاطي رجال الفقه مع النصوص ومع "الأحكام الشرعية، أو بتعبير أدقّ؛ الأحكام الفقهية".
ويرى المساتي أنه من الناحية الشرعية؛ "لا أحسبني محتاجاً أن أذكّر الفقيه الريسوني بأنّ عدداً من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية حرّمت شتم المخالف أو سبّه، لكن يبدو أنّ وطء السجال الأيديولوجي جعلت فقيه المقاصد يتناسى أبجديات الفقه".

وصف الريسوني لنضال النساء المغربيات بـ "الخسران" وإدخاله إلى بوتقة الحرام الديني هو تشجيع صريح على العنف ضدّهن

ويرى مساتي؛ أنّ "الريسوني وأمثاله يُسهمون في تغطية الفكر المشيطن للآخر، من مناحي شتى، أولاً من خلال قيامهم بتحوير أيّ نقاش عن مساره، وتغليفه بواجهة أخلاقية أو دينية تجعل الآخر المخالف كمهدّد للقيم والدين".
"خطاب الريسوني... أداة لاستهداف المتطرفين مخالفيهم"
ويضيف في الصدد ذاته: "وهذا ما نلمسه في مقال الريسوني الأخير، الذي قام فيه بتدليس واضح في معنى الحريات الفردية، وذلك من أجل تصوير المدافعين عن الحريات الفردية كمستهدفين للأمة".
ولفت الباحث المغربي إلى أنّ "كلام هذه الفئة عادة ما ينطوي على تكفير ضمني يُصبح أداة للمتطرفين لاستهداف مخالفيهم، وهنا نستحضر أنّ قتلة فرج فودة تأثروا بكلام محمد الغزالي، الذي كان يعدّ آنذاك عالماً وسطياً، كما أنّ السطوة الاجتماعية والدينية لعالم من موقع الريسوني ترسّخ تمثلات قبلية، وتجعل النقاش مطبوعاً بثنائية كافر مسلم".
طعن شرف المغربيات
ورأت ناشطات موقف الداعية الإسلامي تحقيراً وإهانة وطعناً في شرف المغربيات، وأشارت النائبة البرلمانية، حنان رحاب، في تدوينة لها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنّ ما صرّح به أحمد الريسوني حول المتضامنات مع ابنة أخيه "من طعن في كرامتهن وإنسانيتهن وتبخيس لنضالاتهن واستهزاء من حياتهن، دليل كافٍ على المنطلقات والغايات المتزمتة والرجعية التي يسعى هو وجماعته إلى فرضها في بلادنا".

اقرأ أيضاً: مطالبة آبل بحذف تطبيق يحوي فتاوى للقرضاوي تروّج للتطرف والكراهية
وكتبت رحاب: "وصف السيد الريسوني لنضال النساء المغربيات من أجل حقوقهن وحريتهن بـ "الخسران"، وإدخاله إلى بوتقة الحرام الديني، لا يعني فقط نقداً لهذا النضال من خلفية مغايرة لأفكارهنّ، بل هو تشجيع صريح على العنف ضدّهن، وتمهيد واضح لوأدهن دينياً وأخلاقياً".

الريسوني طعن في شرف المغربيات !

تغذية الخطاب المتطرف
ومن جهتها، قالت عزيزة بوسدرة، الباحثة في شريعة الإسلامية: "رغم أنّني أختلف مع مطالب الحركات النسائية المغربية، بيد أنّه لا يحقّ للريسوني أن يشتمنهنّ فقط لأنهنّ يتبنينَ فكراً مختلفاً، للفقيه متابعون وأناس يتأثرون بخطابه، وهذا من شأنه أن يغذي الخطاب المتطرف والكاره للآخر".

اقرأ أيضاً: ما علاقة القرضاوي بمنفذي هجوم سريلانكا؟
وتُضيف المتحدثة ذاتها، في تصريحها لـ "حفريات": "أظنّ أنّه يجب على الفقيه أن يعتذر لهؤلاء النساء، وأن يُعيد النظر في أفكاره، نحن في حاجة إلى الحوار والنقاش حتى إن اختلفنا، لأنّ ديننا الإسلامي هو دين حوار وليس دين إقصاء".
الريسوني يرفض الاعتذار للنساء
ورفض أحمد الريسوني، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الاعتذار لنساء الحقوقيات وجاء ذلك في حوار أجرته معه جريدة "أخبار اليوم" المغربية، قال فيه: "لو علمت أنّ اعتذاري ينفع المعنيين والمعنيات بالأمر، لتنازلت واعتذرت بلا تردّد، رغم أنّني مسرور ومعتز، وأحمد الله على كلّ كلمة كتبتها في المقال، لكن، خير لهنّ من الاعتذار، أن أدعو الله تعالى لهنّ ولنفسي بالهداية وصلاح الحال، وأن يكتب لنا جميعاً حسن الخاتمة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية