ليبيا: اتهامات تلاحق مفوضية الانتخابات والغرياني يحرمها ووليامز تعود إلى الواجهة

ليبيا: اتهامات تلاحق مفوضية الانتخابات والغرياني يحرمها ووليامز تعود إلى الواجهة


07/12/2021

لا يُبدِّد اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الغمام عن المشهد السياسي الليبي، فالطريق نحو تحقيق وفاق ليست مُمهَّدة، وقوانين الانتخابات ليست محلّ إجماع، وما يزال جدل القاعدة الدستورية التي تجري على أساسها الانتخابات يُقسِّم الأطراف السياسية، كما أنّ شروط الترشُّح للرئاسة ما زالت أيضاً محلّ خلاف عميق، هذا بالإضافة إلى محاولات بعض المعرقلين المحسوبين على تنظيم الإخوان، وعلى الميليشيات المسلحة في الغرب الليبي، الذين هدّدوا بتحويل العرس الديمقراطي إلى حرب شعواء.

 وكلما اقترب موعد 24 كانون الأول (ديسمبر) لإجراء أول انتخابات رئاسية في ليبيا، منذ استقلالها قبل (70) عاماً، ازداد الجدل وتصاعدت حِدّة الخلافات والانقسامات بين الفرقاء السياسيين، ولكن ما من علامات مؤكدة توحي بأنّ الانتخابات لن تجري في موعدها حتى الآن، أو أنها ستؤجّل إلى أشهر مقبلة، خاصة بعد توجّه لمجلس النواب بعقد جلسة للنظر في مستجدات العملية الانتخابية.

ويعقد البرلمان الليبي اليوم جلسة عامة في مدينة طبرق شرق البلاد، لمناقشة التطورات الأخيرة في العملية الانتخابية، قد تكون حاسمة في تحديد مصير الانتخابات المقرر تنظيمها بعد (17) يوماً؛ إمّا بتأكيد إجرائها، وإمّا بتأجيلها.

 

البرلمان الليبي يعقد جلسة لمناقشة التطورات الأخيرة في العملية الانتخابية ومخالفات مفوضية الانتخابات

 

وقد عبّر أكثر من ثلث البرلمان (72 نائباً)، في بيان نشرته صحيفة "بوابة أفريقيا" أول من أمس عن عدم رضاهم عن العملية الانتخابية الجارية، منتقدين طريقة إدارة المفوضية للعملية الانتخابية، خاصة مرحلة الطعون، وتجاوزها للقوانين الانتخابية التي أقرّها مجلس النواب، ومحاولات التأثير على عمل القضاء، إلى جانب السكوت عن التدخلات الخارجية في سير العملية الانتخابية، وشبهات التزوير.

وحول الموضوع قال النائب صالح افحيمة، في تصريح خاص "للعربية" أمس: "إنه ستتمّ في جلسة اليوم مناقشة أسباب تعثر المفوضية الوطنية للانتخابات ومخالفتها في بعض الأحيان لبعض مواد القانون، مستبعداً أن يتخذ البرلمان أو يصوّت على قرار لتأجيل الانتخابات، غير أنّه أشار إلى أنّ هذا الاحتمال ممكن إذا استوجب الأمر.

اقرأ أيضاً: رهانات الإخوان في ليبيا: بين معطيات الإيديولوجيا وتمثلات المأزق السياسي

ومن المتوقع أن يحضر رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح هذه الجلسة ويخضع لمساءلة النواب، حول عدم تقيّد المفوضية بالقانون الانتخابي، بعد قبولها أوراق عدد من المرشحين، الذين لا يستوفون الشروط المنصوص عليها في قانون الانتخابات، على غرار عبد الحميد الدبيبة، الذي لا تسمح له المادة (12) من قانون انتخاب الرئيس بالترشح، لعدم تخليه عن منصبه قبل (3) أشهر على موعد الانتخابات.

يُذكر أنّ النواب كانوا قد حذّروا السايح من إعلان قائمة المرشحين النهائية إلى حين انتهاء جلسة المساءلة؛ ليتسنّى للبرلمان "تقييم الوضع وسبل إنقاذ العملية الانتخابية بموعدها في بيئة أمنية وسياسية مناسبة وفق التشريعات الصادرة".

ويفترض أن تعلن المفوضية العليا للانتخابات خلال أيام القائمة النهائية للمرشحين لانتخابات الرئاسة، بعد إغلاق باب استئناف الطعون القضائية اليوم.

 

الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد: المفوضية سلّمت مستندات تحتوي بيانات شخصية للمرشحين، وتلقت إقرارات ذمة مالية وعبر نماذج غير معتمدة ومخالفة للقانون

 

ولم تتوقف الاتهامات لمفوضية الانتخابات على مجلس النواب، فقد اتهمت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أمس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بتسليم مستندات تحتوي بيانات شخصية للمرشحين لانتخابات رئيس الدولة "لجهات غير رسمية"، معلنة إخلاء مسؤوليتها "عن هذه الخروقات القانونية، مع احتفاظها بالحق في اتخاذ كافة الإجراءات القانونية تجاه القائمين بها".

اقرأ أيضاً: سلاح التلويح بالعقوبات هل يردع الإخوان في ليبيا؟

وقالت الهيئة في بيان نقلته صحيفة "بوابة الوسط": "إنّ قيام المفوضية بتلقي إقرارات ذمة مالية وعبر نماذج غير معتمدة مخالف للقانون وتجاوز للصلاحيات، ويقوض جهود إنفاذ القانون للعملية الانتخابية"، مؤكدة أنه "لا يعتدّ بأيّ إقرار ذمة مالية ما لم يتمّ تقديمه للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بمقرها الرئيسي الكائن بمدينة طرابلس (السياحية أبو نواس)، وبفروعها بالمنطقة الشرقية والمنطقة الجنوبية والمنطقة الوسطى".

وأكدت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في البيان "أنّها الجهة الوحيدة المخولة قانوناً بتلقي إقرارات الذمة المالية وفحصها، ومن ثم حفظها أو التحقيق فيما ورد فيها، وهو اختصاص أصيل لها".

واعتبرت الهيئة "أنّ ما قامت به المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من تسليم للمستندات التي تحتوي على بيانات شخصية للمرشحين للرئاسة للعام 2021 – 2022 لجهات غير رسمية يُعدّ إفشاءً لأسرار أوجب القانون حفظها ورعايتها"، محمّلة المفوضية "كامل المسؤولية القانونية".

 

مفتي الميليشيات المسلحة الصادق الغرياني: الانتخابات مزوّرة ومحرّمة شرعاً، ويجب منعها

 

إلى ذلك، ما تزال الطريق لصناديق الاقتراع محفوفة بالمخاطر في ليبيا، فقد دخلت المرحلة الانتخابية مرحلة جديدة من التأزيم، تهدد بتأجيلها أو انهيارها بالكامل، في ظل حملة عرقلة تقودها عدة أطراف.

أوّل تلك الأطراف مفتي الميليشيات المسلحة المقيم في تركيا الصادق الغرياني، فقد قال مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء الليبية التابعة للمفتي المعزول: "إنّ الانتخابات مزوّرة ومحرّمة شرعاً، ويجب منعها".

وأعلن المجلس، في بيان صدر أول من أمس، أنّ القبول بإجراء الانتخابات وفق قوانينها الحالية التي وضعها "أحد أطراف الصراع"، دون إعمال مبدأ الشورى، سيؤدي إلى مزيد من التمزق والاحتراب، وفق ما نقلت صحيفة المرصد الليبية.

وفي سياق متصل بالشأن الليبي وبالأزمة السياسية، أعلنت الأمم المتحدة مساء أمس تعيين الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، خلفاً للمبعوث السابق يان كوبيتش، الذي قدّم استقالته بشكل مفاجئ، في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر)، قبل شهر فقط من استحقاق انتخابات رئاسية حاسمة في هذا البلد.

 

الأمم المتحدة تعلن تعيين الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز مستشارة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، خلفاً للمبعوث السابق يان كوبيتش

 

وشغلت ويليامز، التي تجيد العربية، مؤقتاً منصب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا في جنيف عام 2020، بعدما كانت المسؤولة الثانية في بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بين العامين 2018 و2020 والعام الماضي، وساهمت في تحقيق تقدّم بعملية السلام في ليبيا مرات عدة، وفق وكالة "فرانس برس".

ويجنّب هذا التعيين، الذي يدخل ضمن صلاحيات أنطونيو غوتيريش، ولا يتطلب موافقة رسمية من أعضاء مجلس الأمن الـ15، خلافاً لمنصب المبعوث، يجنّب الأمم المتحدة فراغاً محرجاً مع اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية في 24 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، التي يفترض أن تطوي صفحة الحرب التي دامت (10) أعوام.

 

اقرأ أيضاً: ليبيا والاستحقاق الأهم

من جهته، أكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أنّ "تعيين وليامز مستشارة خاصة يضمن وجود قيادة (أممية) خلال شهر كانون الأول ( ديسمبر) الدقيق للغاية".

وأضاف دوجاريك: "سيكون مقرّها في طرابلس، وستبدأ عملها في الأيام المقبلة"، ملمحاً إلى أنّ الأمين العام للأمم المتحدة رفض اقتراح يان كوبيش الذي ينتهي عقده في الـ10 من الشهر الجارين للبقاء في منصبه خلال فترة الانتخابات.

كذلك جاء في بيان للأمم المتحدة: "أنّ ويليامز ستقود جهود المساعي الحميدة والوساطة مع الأطراف الليبية والإقليمية والدولية من أجل مواصلة تنفيذ المكونات الـ3 للحوار الليبي، السياسي والأمني والاقتصادي، ودعم تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية".

 

اقرأ أيضاً: ليبيا تنتخب رئيسها للمرة الأولى

وقد هنّأ سفير الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، خوسيه ساباديل، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون ليبيا ستيفاني وليامز، على تعيينها في المنصب الجديد، معرباً عن ثقته بأنّ "وجودها سيكون مفتاحاً لنجاح العملية السياسية لصالح الشعب الليبي".

 

محكمة استئناف طرابلس تقضي ببطلان حكم استبعاد المشير خليفة حفتر من السباق الرئاسي، وإعادته إلى المنافسة‎ في الانتخابات

 

وقال ساباديل في تغريدة نشرها عبر حسابه على "تويتر"، وأعادت ترجمتها بعثة الاتحاد الأوروبي إلى ليبيا عبر صفحتها على "فيسبوك" أمس: "إنّه يتطلع للعمل مع وليامز التي أثبتت التزامها وتفانيها بدعم استقرار ليبيا"، متمنياً لها كلّ التوفيق في أداء مهمتها لما فيه الخير لليبيا وكلّ أبنائها.

هذا، وكانت محكمة استئناف طرابلس قد قضت أمس ببطلان حكم استبعاد المشير خليفة حفتر من السباق الرئاسي، وإعادته إلى المنافسة‎ في الانتخابات المزمع إجراؤها خلال الشهر الجاري، وفق ما نقلت قناة ليبيا الأحرار.

والمرشحون الـ3 سيف الإسلام القذافي، وعبد الحميد الدبيبة، وخليفة حفتر، يُعتبرون من بين أبرز المتنافسين على رئاسة ليبيا، في أول انتخابات في تاريخ البلد النفطي الذي مزقته الصراعات على مدى العقد الماضي، بعد الإطاحة بنظام الزعيم الليبي معمر القذافي الذي حكم البلاد بقبضة حديدية طيلة (42) عاماً.

ومن المقرَّر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية على جولتين؛ الأولى: تبدأ في 24 كانون الأول (ديسمبر)، والثانية: تبدأ بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية بعد (52) يوماً من الجولة الأولى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية