ليبيا: التنافس على تهريب الوقود يشعل القتال بين الزنتان والزاوية

ليبيا: التنافس على تهريب الوقود يشعل القتال بين الزنتان والزاوية


12/10/2020

شهدت العاصمة الليبية، طرابلس، قتالاً بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، بين ميليشيات الزنتان من جانب، وميليشيات الزاوية من جانب آخر، خلال الأيام الماضية، بسبب التنافس على تهريب النفط، إلى تونس ومالطا، ومنح حقيبة الدفاع لشخص من الزاوية، دون أسامة الجويلي الزنتاني.

تتنافس ميليشيا الزنتان والزاوية على تجارة تهريب النفط، التي تدرّ ملايين الدولارات، ووراء هذا السبب تتخفى أسباب أخرى، منها؛ الصراع الجهوي بين الطرفين وماضي الصراع المسلح بينهما

ويسعى كلّ طرف إلى إبعاد الآخر عن تجارة تهريب النفط، التي تدرّ ملايين الدولارات، ووراء هذا السبب تتخفى أسباب أخرى، منها؛ الصراع الجهوي بين الزاوية والزنتان، وماضي الصراع المسلح بينهما، الذي يعود إلى العام 2014، في حرب المطار في طرابلس، والاتفاق بين ميليشيات الزاوية وطرابلس ومصراتة ضدّ الزنتان، التي انقسمت بين ولاء العسكريين النظاميين للجيش الوطني، وتبعية الميليشيات، وعلى رأسها اللواء أسامة الجويلي، إلى حكومة الوفاق.

اشتباكات وانفجارات

اندلعت الاشتباكات بين الطرفين، الخميس، الأول من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، بمحيط معسكر "7 أبريل"، في جنوب غرب العاصمة طرابلس، وذكرت وسائل إعلام ليبية أنّ القتال اندلع عقب شجار بين عنصر من الزنتان، يدعى سالم البلعيزي، مع مجموعة من ميليشيات الزاوية، وكان الأول في حالة سُكر.

لكن هذا السبب لا يبرّر حدّة الاشتباكات، وتجددها مرة أخرى، بعد يومين من الهدوء، شهدا استقدام كلّ طرف لتعزيزات من مدينته، إلى جانب وجود خلافات أعمق بين ميليشيات المدنيتين، ودور تركي في تأزيم القتال بينهما.

اقرأ أيضاً: لماذا تدعم إيران حكومة الوفاق في ليبيا؟

وحول أسباب القتال، يقول المحلل السياسي الليبي، بن صالح: "ميليشيات الزاوية اغتالت آمر سرية المدفعية في ميليشيات الزنتان، ويدعى مجدي طبطش، بسبب رفضه استقبال مرتزقة سوريين ضمن قواته، أثناء معركة الجيش الوطني لتحرير طرابلس، والخميس الماضي، أثناء مرور قوة من الزنتان من بوابة تابعة لميليشيات الزاوية، تم إيقافهم، وكان آمر البوابة ممن اغتالوا طبطش، فهاجمت الزنتان الزاوية، وتطوّر القتال بينهما، وخسرت قوات الزنتان معسكر 7 أبريل، وتراجعت إلى مدينة السواني".

المحلل السياسي الليبي بن صالح لـ"حفريات": تشعر ميليشيات الزنتان بالاستغلال والتهميش من قبل حكومة الوفاق، ولم تفلح ترضيات السراج للجويلي بعدّة مناصب في طمأنتهم

ويردف بن صالح لـ "حفريات": "إلى جانب الثأر لطبطش، هناك أسباب للصراع بين الطرفين وهي؛ تنافس الميليشيات على احتكار تهريب الوقود، والأحقاد الدفينة من حرب المطار 2014، أو عملية فجر ليبيا، حين كانت الزنتان تحمي المطار تحت إمرة حكومة الثني، قبل أن تنقسم بين الوفاق والجيش الوطني، وقاتلت ضدّ ميليشيات الزاوية ومصراتة، والخلاف الأخير هو منح حقيبة الدفاع للوزير صلاح النمروش، من الزاوية، على حساب أسامة الجويلي، من الزنتان".

وبالتزامن مع ذلك؛ وقعت اشتباكات في منطقة تاجوراء، بين ميليشيا الضمان وميليشيا أسود تاجوراء، وتمكّنت الأخيرة من السيطرة على مبنى وزارة العدل، الذي اتّخذته ميليشيا الضمان مقراً، بعد تعزيز قواتها بدعم من ميليشيا رحبة الدروع".

وأعلنت وزارة الدفاع حلّ ميليشيا الضمان وأسود تاجوراء، وأصدرت أمراً بالقبض على قادتهما، قبل أن تتراجع وتُكلف ميليشيا قوة مكافحة الإرهاب، من مدينة مصراتة، بالفصل بينهما.

وخرج أهالي مناطق القتال في جنوب غرب طرابلس وتاجوراء في مسيرات شعبية، احتجاجاً على الانفلات الأمني، واشتباكات الميليشيات، وتردّي الأوضاع المعيشية.

كما وقع انفجار في معسكر للذخيرة، تابع لميليشيا فرسان جنزور، يقع بين الأحياء السكنية، الإثنين الماضي، وذكرت مصادر صحفية أنّ قصفاً من طائرة مسيرة تركية وراء الانفجار، بينما قال بيان الميليشيا أنّ السبب انفجار مخلفات حربية، كانت معدّة للتخلص منها.

الزنتان في المعادلة الليبية

وشهد العام 2014 أولى المواجهات بين الزنتان من جهة، وقوات فجر ليبيا من جهة أخرى، التي ضمّت ميليشيات الزاوية ومصراتة، وعُرفت الحرب بينهما باسم حرب المطار، والتي انتهت بانسحاب الزنتان، وسيطرة فجر ليبيا على المطار.

اقرأ أيضاً: ليبيا.. ميليشيات الإخوان تمول نفسها بالاتجار بالبشر

وشاركت الزنتان في اتفاق الصخيرات، وحصلت على منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ومثّلهم عمر الأسود، الذي ترك منصبه، وانضم إلى الجيش الوطني.

وسبقه انقسام في قوات الزنتان، فانضمّ أغلب العسكريين النظاميين إلى الجيش الوطني في الشرق، وانضوت الميليشيات تحت قيادة اللواء أسامة الجويلي، الذي انضمّ إلى حكومة الوفاق، وشغل منصب آمر المنطقة العسكرية الغربية.

ورغم ذلك لم يحظَ الجويلي بثقة حكومة الوفاق، عدا السراج، الذي وُظّف في مواجهة خصمه العنيد، وزير الداخلية المفوض، فتحي باشاغا، وخاب أمل الجويلي من السراج بعد استثنائه من التعيينات الكبرى الأخيرة، وكان يطمع في حقيبة الدفاع أو منصب قائد الأركان، لكنّ الأول ذهب إلى النمروش من الزاوية، والثاني إلى الحداد من مصراتة، ما زاد من العداء بين الزنتان ومكوّنات الوفاق.

اقرأ أيضاً: مفاوضات بوزنيقة: فرقاء ليبيا يتفقون على توزيع المناصب.. فهل يصمد الاتفاق؟

وتشمل قائمة أعداء الزنتان ميليشيات طرابلس، التي ترفض وجود ميليشيات الدعم السريع، بقيادة عماد الطرابلسي، المُقرب من أسامة الجويلي، في أحياء بالعاصمة. وكان السراج قد عيّن الطرابلسي في منصب نائب جهاز المخابرات العامة، لكنّ نائب السراج، الإخواني عبد السلام كاجمان، أصدر قراراً بإلغاء التعيين.

ولا تنتمي ميليشيات الزنتان إلى أيديولوجيا الإسلام السياسي، إلا أنّ المنضوين تحت قيادة الجويلي متورّطون في تجارة التهريب، ونهب المال العام، وتستعين الزنتان بمرتزقة من تشاد، ولا تضمّ مرتزقة سوريين.

اقرأ أيضاً: مؤتمر برلين 2 ومفاوضات بوزنيقة... هل تنتهي أزمة ليبيا؟

وتعليقاً على ذلك؛ يقول بن صالح: "تشعر ميليشيات الزنتان بالاستغلال والتهميش من قبل حكومة الوفاق، ولم تفلح ترضيات السراج للجويلي بعدّة مناصب في طمأنتهم".

ويضيف المحلل السياسي الليبي: "هناك اتفاق بين ميليشيات الزاوية - مصراتة - طرابلس ضدّ الزنتان، وأتوقع حرباً ضدّها لإخراجها من العاصمة، وملاحقتها، ونزع سلاحها".

تهريب الوقود

ويعدّ التنافس على تهريب الوقود بين الزاوية والزنتان أهم أسباب العداء بينهما، وتحاول ميليشيات المدينتين الاستحواذ على هذه التجارة المربحة.

وبإسناد رئاسة القوة المُشكلة حديثاً (القوة المشتركة) إلى أسامة الجويلي، مالت كفّة التفوق لصالح الزنتان، ووظف الجويلي القوة المشتركة في ملاحقة تهريب الوقود عبر الزاوية - زوارة.

اقرأ أيضاً: ماذا سيقدم مؤتمر برلين 2 لليبيا؟ وما موقف الإخوان؟

وسبب الخلاف حول التهريب يعود إلى التفاف الزاوية على اتفاق سابق مع الجويلي، كان التهريب يمرّ عبره بمناطق سيطرة الزنتان، ما يضمن للمدينة حصّة من الأرباح، لكنّ الزاوية شقّت طريق شمالاً عبر زوارة، بالتعاون مع ميليشيات الأمازيغ، وهو ما أغضب الزنتان، وجعل الجويلي يستغل قيادته للقوة المشتركة في تأديبهم.

ويوضح المحلل بن صالح ما حدث: "بعد تشكيل القوة المشتركة برئاسة الجويلي، كان أول عمل قام به هو التنسيق مع الأتراك، واستعمال الطيران المسيّر لاستهداف صهاريج الوقود التي يتم تهريبها من مصفاة الزاوية، إلى زوارة، تفادياً للمرور بمناطق الجنوب؛ حيث سيطرة الزنتان".

ويردف بن صالح: "كبر الخلاف بينهما باستعمال الطيران المسيّر، واستهداف الجويلي للعربات المتجهة من الزاوية إلى زوارة، ومن زوارة إلى العجيلات ورقدالين، وبالقرب من قاعدة الوطية، ومدينة القريات التي تبعد عن مدينة الزنتان 20 كم جنوباً".

اقرأ أيضاً: تركيا في ليبيا.. إلى أين؟

ويثير تدخل الطيران التركي لمصلحة الجويلي، ضدّ الزاوية، الأقرب أيديولوجياً إلى الإخوان والجماعة المقاتلة، استغراباً كبير، وحول ذلك يقول المحلل السياسي بن صالح: "أعتقد أنّ هناك طرفاً ثالثاً يدير عملية استهداف الصهاريج المهربة، للحفاظ على التوازن بين الزنتان والزاوية، وربما يكونون الأتراك أنفسهم".

وشهدت العاصمة طرابلس اشتباكات سابقة بين ميليشيات طرابلسية وأخرى من مصراتة. وخرجت مظاهرات حاشدة في المدينة، في شهر آب (أغسطس) الماضي، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، وإنفاق عائدات النفط على جلب المرتزقة، والوجود العسكري التركي، وواجهت الميليشيات المظاهرات بإطلاق النار، ما أدّى إلى وقوع قتلى وجرحى



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية