ليبيا والعبث التركي

ليبيا والعبث التركي


28/12/2020

يونس السيد

على عكس كل الجهود الدولية الرامية لإيجاد حل سلمي للأزمة الليبية، وإنهاء الصراع المتواصل منذ نحو عقد من الزمان، تسعى تركيا بكل ما أوتيت من قوة، إلى عرقلة كل هذه الجهود وإغراق البلاد في مستنقع الاقتتال الداخلي وإذكاء نيران الفتنة بين أبناء الشعب الواحد خدمة لمصالحها وأهدافها المبيّتة في استمرار نهب خيرات ومقدرات الشعب الليبي.

ومع مطلع كل يوم، تثبت تركيا أنها ليست معنية لا بالجهود الدولية لحل الأزمة، ولا بالاتفاقات ومؤتمرات الحوار الليبي، ولا بنتائج ومخرجات هذا الحوار؛ لأن من شأن ذلك أن يُفقدها كل أوراقها المسمومة، في ملء خزائنها من ثروات الشعب الليبي الذي تدعي مساعدته، والأهم هو حرمانها من إخضاع ليبيا لنفوذها في إطار مشروعها لإعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية البائدة، ذلك أن أي اتفاق ليبي  ليبي سيعري الوجود العسكري التركي ويُظهره كقوة احتلال مكشوفة، مطالبة بالرحيل من الليبيين والمجتمع الدولي، بدلاً من «التلطي» خلف ميليشيات حكومة الوفاق التي تدعمها، واتفاقات الأمر الواقع التي تفرضها على هذه الحكومة.

ومن هذا المنطلق، تصر تركيا على انتهاك حظر السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا منذ عام 2011، علاوة على تجاهلها مخرجات مؤتمر برلين التي تتضمن من بين بنودها، تعزيز المراقبة على حظر السلاح، وعلى اتفاق جنيف الذي ينص على إخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة، وخروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ التوقيع على وقف إطلاق النار؛ إذ إنها بدلاً من ذلك، تواصل إغراق البلاد بالسلاح والمرتزقة لمواجهة الجيش الوطني الليبي، وآخر هذه المحاولات، هبوط طائرتي شحن عسكريتين محملتين بالسلاح والعتاد في قاعدتي مصراتة والوطية، قبل أيام قليلة، مُرسلتين من أنقرة لميليشيات حكومة الوفاق، فيما تشير بيانات المرصد السوري إلى أن تركيا نقلت إلى ليبيا ما مجموعة نحو 20 ألف مرتزق من شمالي سوريا، إضافة إلى نحو 10 آلاف متطرف من جنسيات أخرى. 

ويوم الجمعة الماضي، أعلنت وزارة الدفاع التركية، في بيان، أن قواتها نظمت تدريبات لعناصر ميليشيات حكومة الوفاق على إطلاق النار بالأسلحة الثقيلة، كالمدفعية وراجمات الصواريخ، ومدفعية الهاون. وهي المرة الأولى التي يعلن عنها منذ تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي، وخروج أطقم التدريب إلى حين تسلم الحكومة الجديدة الموحدة المنبثقة عن الحوار الليبي لأعمالها، وهو ما لم تلتزم به تركيا ولا الميليشيات المسلحة التابعة لها.

بات من الواضح أن تركيا تتمادى في عبثها بالداخل الليبي، ضاربة عرض الحائط بكل القوانين الدولية، والجهود المبذولة لحل الأزمة، وبالتالي، فمن حق الجيش الوطني الليبي أن يخير القوات التركية ومرتزقتها بين الرحيل أو الحرب؛ إذ شتان بين من يدافع عن حقه ووطنه، وبين من يريد تكريس احتلاله البغيض. 

وبالتالي، فإن نُذر المواجهة باتت تلوح في الأفق، إذا لم يتوقف هذا العبث التركي وتُنهي أنقرة جميع أشكال تدخلاتها في ليبيا.

عن "الخليج" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية