ماذا تعرف عن قادة "حراس الدين" الأردنيين في سوريا؟

الإرهاب

ماذا تعرف عن قادة "حراس الدين" الأردنيين في سوريا؟


06/02/2020

لا يستطيع المتابع لتجربة أو لسيرة المقاتلين الأردنيين في تنظيم "حراس الدين"، الممثل الشرعي لتنظيم القاعدة الأم في سوريا، إلّا أن يصفها بالمأساة، كما لا يمكن للباحث الوقوف على فصول هذه المأساة دون المرور على مراحل تطورها، والعودة إلى الوراء في مسيرة كل فرد من هؤلاء منذ بداياتهم في الأردن، مروراً بانتقالهم إلى ساحات القتال من أفغانستان إلى العراق، ثمّ هروبهم من الملاحقة إلى إيران، وصولاً إلى نشاطهم في جماعة "خراسان"، وما عايشوه من خلافات وانشقاقات وتصفيات، وتكوين "فتح الشام"، ثم هيئة "تحرير الشام" ثم "حراس الدين"، وانتهاءً بفصول محرقتهم الأخيرة في سوريا، التي لا تزال مستمرة، وقد لا تنتهي إلا بنهاية آخر واحد منهم.

اقرأ أيضاً: بعد تصنيف "حراس الدين" تنظيماً إرهابياً: سقوط آخر جناح للقاعدة بسوريا
وكان هناك عدد كبير جداً من المقاتلين الأردنيين الذين انضمّوا إلى "الجماعات الجهادية المقاتلة" في وقتٍ مبكرٍ للغاية، يعود إلى فترة ما يسمى "الجهاد ضد السوفييت" في سبعينيات القرن الماضي، كيف لا وقد كان الأردني، الدكتور عبد الله عزام، الأب الروحي لمسيرة هذا الجهاد العالمي؟

 تنظيم "حراس الدين" هو الممثل الشرعي لتنظيم القاعدة الأم في سوريا
وقتل الكثير من الأردنيين في ساحات القتال خلال العقود الأربعة الماضية (1979 - 2020)؛ امتداداً من أفغانستان إلى البوسنة والهرسك، على يدِ أعدائهم المفترضين؛ وأشهرهم أبو مصعب الزرقاوي الذي قتل في العراق.

تأسس تنظيم حراس الدين كفصيل مستقل بعد إعلان هيئة تحرير الشام فكّ ارتباطها مع تنظيم القاعدة

وقد يكون هذا الأمر مفهوماً وعادياً جداً عند هؤلاء باعتبارهم "مشاريع شهادة"، لكنّ المأساة المقصودة هنا، تتجلى في أنّ الشباب والقادة الأردنيين الذين قتلوا في الصراعات والخلافات الداخلية للجماعات الإرهابية، كانوا أكثر ممّن قتلوا في ساحات القتال؛ حيث إنّ عدداً من الأسماء المشهورة في الحركة الجهادية العالمية اليوم، من الأردنيين القادة في تنظيم "حراس الدين"، تم تصفيتهم واغتيالهم في سوريا من قبل تنظيمات وجماعات جهادية أخرى في معركة المنافسة الأيديولوجية على تمثيل الجهادية العالمية في الحقبة الحالية من عولمة الإرهاب بين تنظيم القاعدة الأم، وداعش، وهيئة تحرير الشام "جبهة النصرة"، المتهم الأول بتصفية القادة الأردنيين في تنظيم "حراس الدين" في سوريا.
وتعد هذه الظاهرة، بهذا الشكل الكبير والمُمنهج والواضح؛ غير مسبوقة في تاريخ الحركة الجهادية المعولمة، منذ انفلاتها بعد هزيمة السوفييت وانسحابهم من أفغانستان بين عامي 1979 - 1989، حيث كانت هناك بعض الحوادث الفردية السابقة؛ كعملية اغتيال الدكتور عبدالله عزام، المُلقب بـ "رائد الجهاد الأفغاني"، في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 1989، والتي اتُّهم فيها عدة أطراف على رأسهم؛ أيمن الظواهري.
وإن كان التاريخ يعيد نفسه كل مرة، وعلى شكل مأساة في أحيان كثيرة؛ فقد جرت عملية اغتيال عبد الله عزام والتخلص منه في ظروف سياسية وجيوسياسية تشبه، إلى حدٍ كبير، ما يجري حالياً في الساحة السورية من حيث تنافس الأطراف الدولية على سوريا، والهزيمة والانشقاقات، وصراعات الجماعات الإرهابية، خاصة بين "داعش" و"القاعدة" وفروعها، مثل تنظيم حراس الدين.
تأسيس تنظيم حراس الدين
من المعروف اليوم لدى المتابعين وخبراء الإرهاب والجماعات السلفية المقاتلة؛ بأنّ "جماعة حراس الدين" هي الممثل الوحيد لتنظيم القاعدة في سوريا، بعد أن كانت "جبهة النصرة" الوريث الوحيد له في الحرب السورية، قبل أن تعلن الأخيرة عن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة وتشكيل "جبهة فتح الشام"، عقب إلغاء العمل باسم جبهة النصرة، بتاريخ 29 تموز (يوليو) 2016، من خلال تسجيل فيديو بثته قناة "الجزيرة" لأبي محمد الجولاني، لتعلن "جبهة فتح الشام" عن حل نفسها، والاندماج مع فصائل أخرى تحت اسم "هيئة تحرير الشام"، في 28 كانون الثاني (يناير) 2017.

كان هناك عدد كبير جداً من المقاتلين الأردنيين الذين انضمّوا إلى "الجماعات الجهادية المقاتلة" في وقتٍ مبكرٍ للغاية
ولكن، رغم كل هذه التغيرات في المسميات فإنّ الهيئة لا تزال تعتبر جماعة إرهابية تتبع تنظيم القاعدة، من قبل أمريكا وكندا وتركيا، التي تضعها على لائحة الجماعات الإرهابية منذ تأسيسها، الأمر الذي خلف أول بذور الانشقاق والخلافات بين الهيئة وتنظيم القاعدة، وأدى لاحقاً إلى ظهور تنظيم حراس الدين. 

ضم تنظيم حراس الدين داخل تشكيلاته تيارين متباينين ومختلفين في الرؤية والمرجعية الفكرية والمنهجية

وكان "تنظيم حراس الدين" قد تأسّس كفصيل مستقل بتاريخ 27 شباط (فبراير) 2018، بعد إعلان هيئة تحرير الشام فكّ ارتباطها مع تنظيم القاعدة، حيث كان معظم أفراد التنظيم في صفوف "هيئة تحرير الشام" قبل أن ينشقوا عنها، ويعلن "حراس الدين" استمرار بيعته للظواهري. ويضم التنظيم نحو 1800 مقاتل، بينهم جنسيات غير سورية، وفق "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، كما يتخذ من محافظة إدلب السورية معقلاً وقاعدة لنشاطاته.
ووفق الحسابات الجهادية، والمواقع السورية والعربية مثل؛ "مزمجر الشام"، وهو قيادي جهادي بارز في النصرة، والشبكة السورية لحقوق الإنسان وموقع عنب بلدي، وأخبار الآن، فقد تم تأسيس تنظيم حراس الدين بعد أن تزعّم القادة الأردنيون الانشقاق في هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)؛ وهو الفرع الأصلي للقاعدة في سوريا، وفشل وساطات الإصلاح التي تزعمها أهم منظري السلفية الجهادية المعاصرين، وهما الأردنيان؛ أبو محمد المقدسي، وأبو قتادة الفلسطيني، من خلال مبادرة "الصلح خير" بتاريخ 25 تشرين الأول (أكتوبر) 2017.

اقرأ أيضاً: "حراس الدين".. القاعدة إذ ترتدي ثوباً جديداً
وتبع ذلك قيام الجولاني بالتصعيد؛ حيث اعتقل القادة الأردنيين؛ العريدي، العاروري، الطوباسي، الخريسات، وساري محمد حسن شهاب، بالإضافة إلى السوري سمير حجازي، المُلقب بـ "أبو همام الشامي"، مما دفع زعيم القاعدة الأم؛ أيمن الظواهري، إلى إصدار رسالة صوتية بتاريخ 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017، دان فيها تصرفات الجولاني وانحاز إلى القادة الأردنيين، ليتولى قيادة التنظيم مجلس شورى برئاسة سمير حجازي، بالإضافة إلى عدد من الأردنيين المعروفين في الجهادية العالمية وعلى رأسهم:
1- خالد مصطفى العاروري، الملقب بـ "أبو القسام الأردني"؛ القائد العسكري للتنظيم، والذي كان رفيقاً لأبي مصعب الزرقاوي وساعده الأيمن في الأردن وفي أفغانستان وإيران، وزوجاً لشقيقته، وأحد أعضاء جماعة "خراسان".
2-  الدكتور سامي محمود محمد العريدي، الملقب بـ "أبو محمود الشامي"، أردني الجنسية؛ القائد الشرعي للتنظيم، وهو قيادي سابق في جبهة النصرة، وصديق عمر محمود أبو عمر، الشهير بـ "أبو قتادة الفلسطيني"، وكانت السلطات الأردنية قد اعتقلته عام 2006، لدوره في قضية إرهابية تُعرف بتنظيم "الطائفة المنصورة".
3- بلال خريسات، الملقب بـ "أبو خديجة الأردني".
4- إياد الطوباسي، الملقب بـ "أبو جلِيبيب الأردني"؛ والي دمشق ودرعا السابق لدى جبهة النصرة.
5- ساري محمد حسن شهاب، الملقب بـ "أبو خلاد المهندس و"أبو سفر الحزين وصهيب"، أردني الجنسية وأحد أعضاء جماعة "خراسان".
6- فرج أحمد النعنع آل سلمان، الملقب بـ "خطاب الغدفة"، نسبة إلى بلدة الغدفة، والذي أصدرت عائلة آل سلمان بياناً أعلنت فيه تبرأها منه، وقُتل إثر الاشتباكات بين هيئة تحرير الشام، والجبهة الوطنية للتحرير، قرب مدينة سراقب بريف إدلب الجنوبي الشرقي في شهر كانون الثاني (يناير) 2019.
7- أبو عبد الكريم المصري؛ كان يتولى الوساطة مع جبهة النصرة.
8- أبو عبد الرحمن المكي؛ عضو مجلس شورى التنظيم، سعودي الجنسية، سبق أن انشق عن جبهة تحرير الشام، وقام مؤخراً بنشر مقال باسمه في "مؤسسة شام الرباط للإنتاج الإعلامي"، رحب فيه بمقتل الجنرال قاسم سليماني.

سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إدراج تنظيم "حراس الدين" في قائمتها للإرهاب، في 13أيلول (سبتمبر) 2019

وكان البيان التأسيسي للتنظيم قد حث الفصائل المتناحرة في سوريا على وقف القتال بين بعضها البعض وإنقاذ أمّة المسلمين"، حيث انضمّ 32 فصيلاً إلى التنظيم، رداً على هذه المناشدة التوحيدية، بحسب الباحث الأمريكي؛ هارون ي. زيلين، (24 كانون الأول/ ديسمبر 2019).

وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إدراج تنظيم "حراس الدين" في قائمتها للإرهاب، في 13أيلول (سبتمبر) 2019، كما خصصت الخارجية الأمريكية، في بيان لها، 5 ملايين دولار لمن يساعد في القبض على 3 قادة من التنظيم؛ سمير حجازي، زعيم التنظيم، وأعضاء مجلس الشورى؛ أبو عبد الكريم المصري، وسامي العريدي.
وذكر بيان الخارجية الأمريكية تفاصيل عن الأشخاص المستهدفين قائلاً؛ "إنّ أبو عبد الكريم المصري، المعروف أيضاً باسم كريم، هو مواطن مصري، كان عضواً في مجلس شورى تنظيم حراس الدين عام 2018، أما فاروق السوري، المعروف باسم سمير حجازي وأبو همام الشامي، فهو مواطن سوري قاتل في أفغانستان في التسعينيات، وقام بتدريب مقاتلي القاعدة في العراق، أمّا سامي العريدي، الملقب بأبي محمود الشامي، فهو مواطن أردني وكبير مسؤولي الشريعة في حراس الدين، وسبق أن شارك في "مخططات" إرهابية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل"، ومن هذه اللحظة بدأ مأزق التنظيم الذي أصبح تحت دائرة الرادار الأمريكي. 
جماعة خراسان
يربط كثير من الخبراء والمتابعين لأدبيات الإرهاب والجماعات الإرهابية بين الإعلان عن تنظيم حراس الدين، وجماعة إرهابية غامضة تُدعى "جماعة خراسان"، كان قد تردد اسمها عام 2014، من خلال تصريحات متكررة لوزارة الدفاع الأمريكية، كتشكيل جهادي مرتبط بتنظيم "القاعدة" الأم في سوريا، والتي تعرضت لضربات بصواريخ "كروز" من بارجات أمريكية في الخليج والبحر الأحمر في شهر أيلول (سبتمبر) 2014، في منطقتين بريف حلب الغربي.
وقال مسؤولون أمريكيون، إنّ جماعة خراسان كانت تضم حوالي 20 عضواً متمرساً من عناصر تنظيم القاعدة القدامى في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشمال أفريقيا، أرسلهم أيمن الظواهري، زعيم القاعدة الأم إلى سوريا بحجج مختلفة، منها التوسط بين "داعش" و"جبهة النصرة"؛ حيث نلاحظ بأنّ أهم هؤلاء القادة حضروا من إيران بتوجيه مباشر من الظواهري، بمهمة تصحيح مسار "جبهة النصرة".

اقرأ أيضاً: "حراس الدين" وريث "القاعدة"... صداع جديد في العراق
وبينّت صحيفة "نيويورك تايمز"، اعتماداً على معلومات يبدو أنّها استخبارية مُسرّبة، أنّ ناشطي "مجموعة خراسان"، وكجزء لا يتجزأ من "جبهة النصرة" التي تمثل جناح القاعدة في سوريا، عملوا على تجنيد الأوروبيين والأمريكيين عبر تأمين سفرهم على متن طائرات أمريكية، وبإجراءات أمنية مخففة على جوازات سفرهم داخل المطارات.
ووفقاً لتقديرات الاستخبارات الأمريكية، فإنّ مسلّحين ينتمون إلى "مجموعة خراسان"، كانوا يعملون مع صانعي متفجرات من تنظيم القاعدة في اليمن، لاختبار طرق جديدة حول تهريب المتفجرات غير المعدنية عبر المطارات في العالم.
ومنذ ذلك الحين، لم تتوفر سوى معلومات قليلة عن هذه المجموعة الغامضة، لكنّ دبلوماسيين أمريكيين ادعوا معرفتهم بالتنظيم وحذروا من خطورته، ثم توالت التصريحات التي تتحدث عن اغتيال قادة هذه المجموعة واحداً تلو الآخر من قبل الولايات المتحدة.

أبو محمد الجولاني
وفي أول إشارة إلى قيادة التنظيم ونشاطه في سوريا، وبداية تصفية قياداته المهمة؛ أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية، النقيب "جيف ديفيز" بتاريخ 21 تموز (يوليو) 2015، مقتل أمير جماعة خراسان، الذي يُدعى "محسن فضلي"، بغارة جوية أمريكية استهدفت سيارته قرب بلدة سرمدا في سوريا، بتاريخ 8 تموز (يوليو) 2015، معتبراً ذلك "انتكاسة حقيقية للتنظيم".
وتشير سيرة فضلي الذاتية، الذي يحمل الجنسية الكويتية، إلى أنه حمل أسماء مستعارة كثيرة، من بينها؛ محسن فاضل عيد عاشور الفاضلي، ومحسن فاضل عاشور الفاضلي، وأبو ماجد، وأبو سامية، وداود الأسدي، وإلى أنه كان حارساً شخصياً لأسامة بن لادن عام 2000، وأحد قادة تنظيم القاعدة القلائل الذين أبلغوا مسبقاً بشأن هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، حسب المتحدث باسم البنتاغون، كما أدين فضلي في الكويت عام 2002 بالعملية الإرهابية الانتحارية التي استهدفت السفينة الأمريكية "يو أس أس كول"، في خليج عدن، بتاريخ 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 2000، فضلاً عن مشاركته في هجمات على مشاة البحرية الأمريكية في جزيرة فيلكا بالكويت، بتاريخ 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2002، وعلى ناقلة النفط الفرنسية "أم في ليمبرج" بتاريخ 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2002.

اقرأ أيضاً: سوريا... من "داعش" إلى "حراس الدين"
وقبضت السلطات الإيرانية على فضلي أثناء تواجده في إيران، قبل أن تُفرج عنه في صفقة تبادل أسرى عام 2011، ليصبح بعدها زعيم القاعدة في إيران.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد ذكرت عام 2012، بأنّ فضلي هو زعيم شبكة القاعدة في إيران، بعد أن هرب من الكويت بواسطة جواز سفر مزور، وحددت مكافأة قدرها 7 ملايين دولار أمريكي لمن يدلي بمعلومات تؤدي للقبض عليه.
وغادر فضلي إيران بعد أن عيّنه زعيم القاعدة أيمن الظواهري ممثلاً له في بسوريا، بدلاً من "أبو خالد السوري"، الذي قتله تنظيم داعش.
وبعد إعلان مقتل الفضلي، في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2015، صرح متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، بأنّ هناك زعيماً آخر لهذه المجموعة الغامضة يُدعى "سنافي النصر"، وقد تبين أنّ "سنافي النصر"، أو "عباد النجدي"، أو "أبو ياسر الجزراوي"، هي كلها ألقاب تعود للسعودي "عبد المحسن عبدالله إبراهيم الشارخ"، البالغ من العمر 30 عاماً، وأحد أبرز القادة السعوديين في تنظيم القاعدة بأفغانستان، قبل أن يلتحق بصفوف "جبهة النصرة"، ويصبح أميراً لها على اللاذقية، كما كان عبد المحسن على لائحة أخطر المطلوبين في السعودية.


وتقلد المحسن الكثير من المهام، منها رئيس المالية في تنظيم القاعدة عام 2012، وكان يتواجد بإيران، مثل فضلي وغيره من قادة "جماعة خراسان"، قبل أن ينتقل إلى سوريا عام 2013 بتوجيه من الظواهري، بحجة التوسط في الخلافات الدامية بين "جبهة النصرة" وتنظيم داعش.
وقد تم اغتيال المذكور أيضاً، بتاريخ 15 تشرين الأول (أكتوبر) عام 2015، بغارة للطيران الأمريكي في منطقة الدانا بريف حلب، وبحسب الوزارة فإنّ النصر نظّم رحلات المجندين الجدد للسفر من باكستان إلى سوريا عبر تركيا، ولعب دوراً مهماً في تمويل الجماعة، وفي عام 2014، صنفت وزارة الخزانة الأمريكية المذكور كإرهابي عالمي كما تبنى مجلس الأمن قراراً يقضي بإدراج أسماء 6 جهاديين على لائحة العقوبات الدولية الخاصة بتنظيم القاعدة، في آب (أغسطس) 2014، كان المذكور من بينهم.
تكوين جماعة خراسان
تتكون جماعة خراسان، إضافة إلى فضلي والشارخ، من 5 أعضاء معروفين في تنظيم القاعدة الأم، الذين أرسلهم الظواهري من إيران إلى سوريا؛ وهم:
1- خالد مصطفى خليفة العاروري، الملقب بـ "أبو القسام الأردني"؛ القائد العسكري الحالي لتنظيم حراس الدين، والذي انتقل من إيران إلى سوريا عام 2015، وقد تعرض لمحاولتي اغتيال خلال الفترة الماضية، اتهم فيها جماعات منافسة مثل هيئة تحرير الشام.
2- محمد صلاح الدين زيدان الملقب بـ "سيف العدل"؛ قائد الجناح العسكري في القاعدة، والذي يشاع أنه انتقل من إيران إلى سوريا عام 2015، لكن المرجح أنّه لم يغادر الأولى.
وفي ظل رفض "سيف العدل" و"أبو محمد المصري" إعادة تسمية "جبهة النصرة" باسم "جبهة فتح الشام"، أوائل عام 2017، تم إطلاق جبهة فتح الشام مرة أخرى باسم هيئة تحرير الشام، وكان كل من العدل والمصري في إيران، عندما رفضا القرارات التي اتخذها أبو محمد الجولاني، حيث رفض الأخير رأيهما بحجة أنّهما في إيران وليس في سوريا.
ولذلك، يُرجح أنّ سيف العدل لا يزال في إيران تحت الإقامة الجبرية وفق الاتفاق بين تنظيم القاعدة وإيران، بحسب الباحث المصري في الجماعات الإرهابية ماهر فرغلي.
3- عبد الله عبد الرحمن، الملقب بـ "أبو الخير المصري"؛ مسؤول العلاقات الخارجية في تنظيم القاعدة، انتقل من إيران إلى سوريا عام 2015، حيث بارك انفصال جبهة النصرة العلني عن تنظيم القاعدة في تموز (يوليو) 2016، وقد رفض بعض قدامى القاعدة هذه الخطوة وشكّلوا في نهاية المطاف فصائلهم، ومع ذلك، لم يتمكن أبو الخير المصري، وهو نائب لأيمن الظواهري، من حلّ هذه النزاعات، إذ سرعان ما تم اغتياله في غارة لطائرة أمريكية من دون طيار بالقرب من إدلب في الأول من آذار (مارس) من العام 2017.


4- ساري محمد حسن شهاب، الملقب بـ "أبو سفر الحزين وصهيب و"أبو خلاد المهندس"؛ ولا تتوفر الكثير من التفاصيل حوله، غير أنّه سبق لقاضي محكمة أمن الدولة الأردنية في حزيران (يونيو) 2004، أن طالب بتجريمه بتهمة المؤامرة بقصد القيام بأعمال إرهابية غيابياً، إلى جانب 15 شخصاً آخر، أهمهم زميله في التنظيم خالد مصطفى خليفة العاروري، وذلك في قضية عرفت بـ "تنظيم القاعدة وحركة أنصار الإسلام"، الذي كان يتزعمه نجم الدين فرج "الملا كريكار"؛ مؤسس حزب جماعة أنصار الإسلام، وهو من أصل عراقي.
5- أبو محمد المصري، ويلقب بـ "أبو محمد الزيات"؛ ضابط سابق بالجيش المصري، ارتبط اسمه بهجمات الرياض عام 2003، والتي جاءت أوامر تنفيذها، بحسب تقارير استخباراتية أمريكية، من جنوب إيران، من قبل قيادات القاعدة الهاربة من أفغانستان، على رأسهم "سيف العدل"؛ المسؤول العسكري للقاعدة والقيادي "أبو محمد المصري"، وارتباطهم بالوسيط علي عبد الرحمن الغامدي الملقب "بأبي بكر الأزدي"، أحد المطلوبين في قائمة الـ 19 في تفجيرات الرياض، وكان حلقة الوصل بين قيادات القاعدة في إيران والخلية المنفذة.
أما عن حقيقة لغز قدوم هؤلاء جميعهم من إيران، فقد كشفت تقارير استخباراتية أمريكية بتاريخ 19 أيلول (سبتمبر) 2015، أنَّ طهران أبرمت صفقة سرية مع تنظيم القاعدة، لإطلاق سراح 5 من قادة التنظيم، حيث كانت قد وضعتهم تحت الإقامة الجبرية عقب سيطرة القوات الأمريكية على معظم الأراضي الأفغانية، وذلك مقابل إطلاق تنظيم القاعدة سراح الدبلوماسي الإيراني "نور أحمد نكبخت"، الذي اختطفه التنظيم من صنعاء عام 2013.
خلافات تنظيم حراس الدين
كغيره من الجماعات الإسلامية والجهادية في سوريا، ضم تنظيم "حراس الدين" داخل تشكيلاته تيارين متباينين ومختلفين في الرؤية والمرجعية الفكرية والمنهجية، هما:
- التيار المعتدل؛ يتزعمه سمير حجازي المُلقب بـ "أبو الهمام السوري"، والدكتور سامي العريدي "أبو محمود الشامي"، المسؤول الشرعي، ويعتبر جمال إبراهيم اشتيوي المصراتي، المعروف باسم "عطية الله الليبي"، منظر هذا التيار.
- التيار المتشدد؛ يتزعمه عدة قادة جهاديين، على رأسهم "أبو يحيى الجزائري"، و"أبو ذر المصري" و"أبو عمر التونسي"، ويعتبر منظر السلفية الجهادية الشهير؛ الأردني عصام طاهر البرقاوي الملقب بـ "أبو محمد المقدسي"، منظر التيار المتشدد.

أدرجت أمريكا حراس الدين في قائمتها للإرهاب في 2019، وخصصت 5 ملايين دولار لمن يساعد بالقبض على 3 قادة من التنظيم

ورفض تنظيم "حراس الدين"، اتّفاق سوتشي الذي توصّلت إليه روسيا وتركيا في أيلول (سبتمبر) 2018، كما ينظر مقاتلوه بريبة إلى علاقة "هيئة تحرير الشام" بالدولة التركية، حتى أنّ التنظيم دخل في خلاف داخليّ حول الحرب في حماه؛ لأنّ قسماً من مقاتليه لم يقبل بالتعاون مع فصائل من الجيش الحرّ التابعة لتركيا، وتمّ فصل رافضي القتال في حماة عن التنظيم.
وبحسب مزمجر الشام، بدأ الخلاف الداخلي برفض كل من القياديين "أبو ذر المصري" و"أبو يحيى الجزائري" من التيار المتشدد، وبتوجيه من "أبو محمد المقدسي"، قرار المشاركة في معارك ريف حماة وريف حلب إلى جانب فصائل "الجيش الحر" المدعومة من تركيا، الأمر الذي دفع "أبو همام الشامي" إلى إصدار قرار بفصلهما، إلا أنّهما رفضا قرار الفصل بوصفه قراراً غير صادر عن القضاء الداخلي.
وأيّد موقف القياديين أكثر من 300 شخصية في "حراس الدين"، الذين طالبوا بدورهم بالرجوع إلى القضاء، لتسوية النزاع القائم على حل اللجنة الشرعية في الفصيل وفصل شرعيين منه.
بناء على ذلك؛ دعا قاضي الحدود والتعزيزات في الجماعة؛ "أبو عمر التونسي"، إلى جلسة بين الجانبين لحل النزاع، إلا أنّ زعيم التنظيم؛ سمير حجازي، المُلقب بـ "أبو همام الشامي"، والأردني سامي العريدي رفضا الأمر، وأصدر حجازي قراراً بفصل التونسي من التنظيم.


وكان "أبو عمر التونسي" قد نشر تسجيلاً صوتياً عبر "تلغرام"، اعتبر فيه عدم امتثال قياديي التنظيم "أبو همام الشامي"، و"سامي العريدي" للقضاء عين الظلم والمحاباة.
ورفض الشرعيون في التيار المتشدد القتال بجبهة جنوب حلب إلى جانب فصيل "أحرار الشرقية"، المنضوي في صفوف "الجيش الوطني"، معتبرين أنّ المعارك في ريف حماة وإدلب معارك تركية، وكفروا المشاركين فيها، وقد كان "أبو محمد المقدسي" المحرك الرئيس للوقوف في وجه المشاركة بمعارك ريف حماة بحجة أنها "معارك تركية".
لم يستمر نشاط التيار المتشدد في التنظيم كثيراً قبل أن يتم اغتيال وتصفية أهم رموزه في عملية مثيرة للشكوك؛ ذلك أن القيادة المركزية الأمريكية أفادت في بيان لها في 30 حزيران (يونيو) 2019، بأنّ التحالف الدولي قصف مقر "تنظيم حراس الدين"، ما أسفر عن مقتل معظم قادة التيار المتشدد، وعلى رأسهم  قاضي الحدود والتعزيزات؛ "أبو عمر التونسي"، إلى جانب القيادي "أبو ذر المصري"، والقيادي "أبو يحيى الجزائري"، و"أبو دجانة التونسي"، الأمر الذي أدى إلى فقدان التيار المتشدد أبرز شخصياته المؤثرة ورموزه التي كانت تنافس التيار المعتدل، ولم يكن من المقدر أن يقتل في هذه العملية أي من القادة الأردنيين الذين تم تصفيتهم في عمليات منفصلة أخرى.
إنّ الخلافات الداخلية بين التيار المتشدد، والتيار المعتدل انعكست سلباً على القادة الأردنيين في التنظيم، وأدت في النهاية  إلى اغتيالهم واحداً تلو الآخر .
رفض تنظيم "حراس الدين"، اتّفاق سوتشي الذي توصّلت إليه روسيا وتركيا في أيلول (سبتمبر) 2018

القادة الأردنيون الذين تم اغتيالهم
1- ساري محمد حسن شهاب، الملقب بـ "أبو خالد المهندس"؛ تم اغتياله بتاريخ 22 آب (أغسطس) 2019، بانفجار عبوة ناسفة مزروعة بسيارته، في حي الجامعة في إدلب، وقد نعاه أبو محمد المقدسي، ورجح الخبير المصري في التنظيمات الإرهابية ماهر فرغلي، أن تكون هيئة تحرير الشام ممثلة بقائدها أبو محمد الجولاني، هي من خطط ونفذ عملية الاغتيال.
2- إياد الطوباسي، الملقب بـ "أبو جليبيب الأردني"؛ تم اغتياله في أواخر كانون الأول (ديسمبر) 2018، في شمال مدينة السويداء من قبل المهربين أثناء عملية تهريبه إلى جنوب سوريا.
وتمتع الطوباسي بنفوذ قوي في الجنوب السوري، خاصة مع انتشار "الجهاديين" الأردنيين في المنطقة، لذلك كان يشكل خطراً على نفوذ الجماعات والمنظمات المنافسة مثل؛ "هيئة تحرير الشام".
وخلال وجوده في العراق، كان مقرباً من "أبي مصعب الزرقاوي"، ومن المؤسسين لجبهة النصرة عام 2011، وكان أمير جبهة النصرة في محافظة درعا ودمشق قبل أن تعلن الجبهة انفصالها عن تنظيم القاعدة عام 2016، وكان من أبرز معارضي الجولاني في موضوع فك الارتباط مع القاعدة.

بين 8 من قادة حراس الدين الرئيسين المعروفين على نطاق واسع والذين ساهموا بتأسيس التنظيم كان هناك 5 من الجنسية الأردنية

3- طلحة منصور، الملقب بأبي طلحة أو أبي زكريا الأردني، ولا تتوفر عنه الكثير من التفاصيل غير أنّه اغتيل برفقة إياد الطوباسي.
3- بلال الخريسات، الملقب بـ "أبو خديجة الأردني"، تم اغتياله في بلدة ترمانين في ريف إدلب بغارة نفذتها طائرة مسيرة تابعة للتحالف الدولي، استهدفت سيارته يوم 22 كان الأول (ديسمبر) 2019.
وسبق لخريسات أن شغل منصب القاضي الشرعي لـ"جبهة النصرة" في الغوطة الشرقية، وهو أحد مؤسسي تنظيم "حراس الدين"، وهناك معلومات غير مؤكدة عن استقالته من قيادة "حراس الدين" قبل شهرين من مقتله، بسبب خلافات مع "أبو همام السوري" و"سامي العريدي".
إنّه ومن بين 8 من قادة "حراس الدين" الرئيسيين، المعروفين على نطاق واسع، والذين ساهموا بتأسيس التنظيم، كان هناك 5 من الجنسية الأردنية، كما أنّ الغالبية العظمى من مقاتلي التنظيم هم من الجهاديين الأردنيين؛ بحوالي 500 مقاتل أردني، ما دفع البعض إلى تسمية التنظيم بالتنظيم الجهادي الأردني في سوريا، ولعل هذه الحقيقة هي التي أدت إلى التخلص منهم.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية