ماذا يلزم واشنطن كي تتأكد أنّ الحوثيين إرهابيون؟

ماذا يلزم واشنطن كي تتأكد أنّ الحوثيين إرهابيون؟


29/01/2022

الهجمات الإرهابية، التي تشنها ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران ضد الإمارات والسعودية، أثبتت للقاصي والداني أنّ هذا التنظيم أضحى خطراً يهدد المنطقة بأكملها، والمستفيد الوحيد منه هو نظام الملالي في طهران والميليشيات التابعة له.

أكثر المستهدفين من هذا المشروع الإرهابي هي واشنطن التي ما يزال الحوثيون يرفعون شعارات الموت لها، ويعتبرونها الشيطان الأكبر، في حين يعلم صناع القرار في الولايات المتحدة أنّ إفساح المجال أو التهاون في ردع الحوثيين يعني في أبسط معانيه أن يصبح من السهل على الحوثيين عرقلة مرور أكثر من 6 ملايين برميل من النفط والمنتجات النفطية يومياً عبر إحدى أهم الممرات الضيقة في العالم، وهو مضيق باب المندب.

الإدارة الأمريكية تدرك مخاطر المشروع الحوثي الإيراني، إلا أنّ رد الفعل يبقى حتى الآن بطيئاً، رغم أنّ الأيام الأخيرة حملت تصريحات لا لبس فيها تدعو إلى إعادة تقييم السياسة العسكرية الأمريكية تجاه أزمة اليمن.

وقال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية لمحطة "سكاي نيوز عربية" إنّ التقديرات بشأن الهجوم الصاروخي الثاني على الإمارات تشير إلى أنّ عملاء لـ "الحرس الثوري الإيراني" وبمشاركة لحزب الله، قد أوصلوا معدات عسكرية إلى ميليشيا الحوثي، ما مكنها من شن هجمات صاروخية على السعودية والإمارات.

مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأمريكية: الجميع يعلم

وتابع أنّ "الجميع يعلم أنّ إيران هي التي زودت الحوثيين بهذه الأسلحة وآخرها أكثر من مئة طائرة مسيّرة من نوع "شاهد"، وهي الأكثر تطوراً؛ كونها يمكن تفخيخها بالمتفجرات وإرسالها في مهمات يصل مداها إلى نحو ألفي كيلومتر، أي باستطاعتها بلوغ أراضي جنوب إسرائيل".

اقرأ أيضاً: صواريخ الحوثي ضد الإمارات... السياقات اليمنية والمآلات الإيرانية

وتزداد الأصوات التي تدعو إدارة بايدن إلى استخدام الحزم الشديد في تصنيف الحوثيين على قوائم الإرهاب، ومحاصرة تزويدهم بالسلاح الإيراني، والمساهمة في الجهود العسكرية والاستخباراتية لوضع حد لتمدّد هذا الهجوم وترويعه المدنيين والأبرياء في دول الجوار.

السفير دينس روس: يجب تزويد الإماراتيين على الفور بمعلومات استخباراتية للإنذار المبكر بشأن جميع عمليات إطلاق الصواريخ، وهو أمر سبق أن قامت به الولايات المتحدة وبإمكانها تكراره

ومن أبرز الأصوات الوازنة والمؤثرة التي تدفع باتجاه ردع الحوثيين وقطع القنوات الإيرانية لتمويلهم هو السفير الأمريكي دينس روس (المساعد الخاص السابق للرئيس أوباما) الذي لا يجاهر بهذه الدعوة مباشرة، لكنه يقر بأنّ الحوثيين هم أحد أذرع إيران. ويقول في مقال نشره معهد واشنطن للشرق الأدنى بأنه "ما لا جدال فيه هو أنهم (الحوثيون) يحصلون على صواريخهم وطائراتهم المسيرة وتدريبهم والمساعدة في إنتاج المركبات الجوية غير المأهولة (المسيّرة) وغيرها من الأسلحة من فيلق القدس الإيراني وحزب الله".

ويعتقد روس أنّ الهجومين اللذين شنتهما ميليشيات الحوثي الإرهابية على الإمارات لم يكونا ممكنين "لولا الإيرانيين". إنّ ذلك يُظهر لواشنطن أنه "بغض النظر عن نتيجة المحادثات في فيينا حول البرنامج النووي الإيراني، يجب مواجهة السلوك الإيراني في المنطقة، إذا تعذّر ردعه. وكان القادة الإيرانيون، بدءاً من المرشد الأعلى علي خامنئي، يصرّون على عدم التفاوض بشأن برنامجهم الصاروخي أو أنشطتهم في المنطقة، معتبرين أساساً أنّ المحادثات النووية تختلف تماماً عن موضوع المنطقة والصواريخ".

روس: على الحوثيين دفع الثمن

وكانت العديد من المنظمات غير الحكومية التي تُعنى بالتعامل مع الظروف الكارثية للجوع والمرض في اليمن قد عارضت قرار إدارة ترامب تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى زيادة صعوبة إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن. وبغض النظر عن واقع قيام الحوثيين بتصعيب إيصال المساعدات الإنسانية، مثل مهاجمتهم في كثير من الأحيان المستودعات أو سرقتهم الإمدادات أو ببساطة تغييرهم وجهتها، فإنّ "حركة الحوثيين هي منظمة إرهابية. وتمثل هجماتها على مطارين دوليين تذكيراً واضحاً بهذا الواقع. ومن الصعب الاعتقاد بأنه من غير الممكن فصل المشاكل الناشئة عن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية عن إيصال المساعدات الإنسانية"، كما يردف السفير الأمريكي البارز الذي يشدّد: "يجب أن يدرك الحوثيون أنهم سيدفعون ثمن هذا الهجوم وأنهم معزولون، وأنّ الولايات المتحدة ستعمل على تعزيز دفاعات أولئك الذين يهاجمونهم".

ويدعو روس إدارة بايدن أن تبدأ "بتقديم قرار إلى مجلس الأمن الدولي، يدين الحوثيين على الهجمات ويوضح أنه سيتمّ النظر في اتخاذ إجراءات عقابية في حال تنفيذ أي هجمات أخرى. تجدر الملاحظة أنّ الصينيين أو الروس لن يحجبوا مثل هذا القرار، نظراً إلى الروابط التي تجمعهم بالإماراتيين. ثانياً، يجب تزويد الإماراتيين على الفور بمعلومات استخباراتية للإنذار المبكر بشأن جميع عمليات إطلاق الصواريخ، وهو أمر سبق أن قامت به الولايات المتحدة وبإمكانها تكراره. ثالثاً، على واشنطن أن توفر بسرعة وسائل إضافية لتحديث الدفاعات الجوية والصاروخية في الإمارات؛ وقد أخبرني مسؤولون إماراتيون أنهم كانوا يسعون للحصول على مثل هذا الدعم المادي من الإدارة الأمريكية منذ بعض الوقت ولكن استجابتها كانت بطيئة؛ لقد حان الوقت للقيام بذلك. رابعاً، يجدر بالإدارة الأمريكية توفير ذخائر دقيقة التوجيه لجعل عمليات الرد الإماراتية المحتملة أكثر فاعلية وأقلّ احتمالية للتسبب بوقوع ضحايا في صفوف المدنيين، ويكتسي ذلك أهمية كبرى لأنّ الحوثيين يطلقون صواريخهم من مناطق مدنية، وهو أمر تعرفه الإدارة الأمريكية ويجب أن تنشره علناً. خامساً، على الولايات المتحدة المشاركة في تدريبات، على مستوى ثنائي وعبر القيادة المركزية على حد سواء، مع الإماراتيين وغيرهم لمحاكاة الردود على إطلاق الصواريخ، بما في ذلك القيام بضربات انتقامية تهدف إلى تدمير الصواريخ على الأرض قبل أن يتم إطلاقها".

الردع الأمريكي المطلوب

إنّ إظهار الإدارة الأمريكية أنها ستقف إلى جانب أي دولة صديقة رداً على هجوم يطالها قد يؤدي إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين، بمن فيهم أمريكيون، يكتسي اليوم أهمية قصوى أكثر من أي وقت مضى، يقول روس، مستدركاً "أصدقاء الولايات المتحدة ليسوا الوحيدين الذين يجب أن يدركوا هذا الأمر، بل أيضاً أولئك العازمين على تحدي الولايات المتحدة ورغبتها في رسم معالم نظام دولي. فمن فلاديمير بوتين مروراً بشي جين بينغ ووصولاً إلى علي خامنئي، من الضروري مواجهة تصوّرهم بأنّ واشنطن تعزف عن المخاطرة وتظهر لهم أنّ أفعالهم تجعل الولايات المتحدة أكثر استعداداً لمواجهة هذا الخطر. وهذا ما يتطلبه الردع".

وتاتي مطالبات السفير دنيس روس متزامنة مع مطالب السيناتور الجمهوري تيد كروز الذي قدَّم مشروع قانون في مجلس الشيوخ الأمريكي، يطالب بفرض عقوبات على ميليشيات الحوثي ومسؤوليها وعملائها أو المنتسبين إليها، بسبب أعمال الإرهاب الدولي.

واعتبر باحثون بالشأن الأمريكي واليمني والدولي، أنّ المشروع بمثابة "جرس إنذار" يحذر من تحول ميليشيات الحوثي الإرهابية إلى "داعش جديد" بدعم إيراني، متوقعين أن يتم "تمرير المشروع بأسرع وقت".

السيناتور الجمهوري تيد كروز الذي قدَّم مشروع قانون في مجلس الشيوخ الأمريكي، يطالب بفرض عقوبات على ميليشيات الحوثي ومسؤوليها وعملائها أو المنتسبين إليها، بسبب أعمال الإرهاب الدولي

ومشروع "قانون كروز" من شأنه إعادة إدراج ميليشيات الحوثي على لائحة المنظمات الإرهابية، بعد الهجومين الأخيرين على العاصمة الإماراتية أبوظبي الذي طال أحدهما منشآت مدنية، فيما تم التصدي للثاني وإحباطه بكفاءة عسكرية إماراتية.

ويسعى السيناتور الأمريكي تيد كروز إلى تمرير القانون الخاص بالعقوبات إلى الرئيس جو بايدن، لوضع الحوثي وجميع الهيئات التابعة له ضمن لائحة المنظمات الإرهابية في غضون 30 يوماً.

اقرأ أيضاً: مجزرة جديدة للحوثيين في مأرب... والإرياني يُعلق

ويرى المتخصص في الشأن الأمريكي والعلاقات الدولية إيهاب عباس أنّ "مشروع كروز هو خطوة على الطريق الصحيح، ومن الممكن تمريره من قبل مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين ويتم اعتماده من الرئيس جو بايدن لعقاب الحوثيين".

وقال في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "هناك لهجة غضب متصاعدة داخل أروقة السياسة الأمريكية ضد الحوثيين، بعد استهداف الحلفاء بدول الخليج سواء الإمارات أو السعودية"، مؤكداً أنه "مع تصاعد حالة الغضب هذه سيتم فرض العقوبات وإدراج الميليشيات الإيرانية في قائمة المنظمات الإرهابية".

اقرأ أيضاً: "الخماسية الدولية" تدين إرهاب الحوثيين... ما قراراتها؟

وفي السياق ذاته، وصف محمد حامد، مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية، مشروع القانون بـ"خطوة جيدة" من نواب الكونغرس للضغط على إدارة بايدن لإعادة إدراج المليشيات الحوثية ضمن قوائم الإرهاب". واعتبر حامد أنّ إدارة بايدن ارتكبت "خطأ إستراتيجياً برفع اسم الحوثيين من قوائم الإرهاب". وقال: "النائب تيد كروز جمهوري سيكون عامل ضغط على إدارة بايدن الديمقراطية التي فشلت في احتواء إيران والتعامل مع الحوثي، وتقامر بعلاقات تاريخية مع حلفاء إستراتيجيين مثل الإمارات والسعودية".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية