ما فرص اندلاع مواجهة عسكرية بين الجيشين السوداني والإثيوبي في نزاع الحدود؟

ما فرص اندلاع مواجهة عسكرية بين الجيشين السوداني والإثيوبي في نزاع الحدود؟


13/01/2021

تصاعدت حدة التهديدات بين إثيوبيا والسودان، والتي تلوح بالدخول في مواجهة عسكرية مباشرة بين الجيشين الإثيوبي والسوداني، تنهي عقوداً من المواجهات غير المباشرة المدفوعة بميليشيات من قبل إثيوبيا ومزارعين سودانيين، قبل أن يستغل الجيش السوداني أوضاع إثيوبيا الداخلية المضطربة ويتقدّم لاستعادة أراضيه.

ويُعدّ النزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا على إقليم الفشقة نزاعاً تاريخياً، استطاعت إثيوبيا أن تفرض وجودها فيه بقوة السلاح "شبه الرسمي"؛ إذ اعتمدت في ذلك النزاع الطويل على ميليشيات موالية للحكومة، وسبق أن أطلقت السودان على مدار أعوام اتهامات مباشرة لإثيوبيا بتسليح تلك القبائل ودعم تغلغلها في السودان.

اقرأ أيضاً: تطور جديد في النزاع السوداني ـ الإثيوبي... والخرطوم تحذر من عواقبه

وبعدما فرضت إثيوبيا تواجدها بات ترسيم الحدود التاريخي الذي يعود إلى عهد الاحتلال، محل تشكيك وإعادة تقييم واتفاق من قبل لجنة مشتركة للحدود من البلدين، علماً بأنّ الفشقة منطقة شديدة الخصوبة، على خلاف أراضي إثيوبيا القريبة من السودان، ما جعلها مطمعاً.

يُعدّ النزاع الحدودي بين السودان وإثيوبيا على إقليم الفشقة نزاعاً تاريخياً

وأرسلت إثيوبيا أمس تهديداً إلى السودان، فقد حذّر المتحدث باسم وزارة الخارجية، دينا مفتي، أنّ "صبر إثيوبيا لن يستمرّ إلى الأبد".

وقال مفتي، في تصريحات للصحافيين بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم": إنّ الجانب السوداني يسبق ليشعل الموقف على الأرض"، مضيفاً: "هل ستبدأ إثيوبيا حرباً؟ حسناً، نحن نقول دعونا نعمل بالدبلوماسية".

 

دعت الإمارات السودان وإثيوبيا إلى التهدئة، معربة، عن قلقها من تطوّرات الأوضاع بين البلدين الشقيقين حول منطقة الفشقة الحدودية

 

ومن جانبها، ردّت الخارجية السودانية، في بيان، أنّ 6 مدنيين قتلوا على يد الميليشيات الإثيوبية وهم 5 نساء وطفل. وأوضحت أنّ "محلية القريشة شرقي السودان، تعرّضت ظهر الإثنين، لعدوان مسلح غادر من قبل عصابات الشفتة الإثيوبية، راح ضحيته 5 سيدات وطفل، وقد فُقدت سيدتان، وكانوا منهمكين في عمليات الحصاد".

وأضاف البيان: "وقع ذلك الحادث المؤسف بالتحديد بين قريتي ليّة وكولي الواقعتين بمنطقة الفشقة، على بعد 5 كيلومترات من الحدود مع إثيوبيا"، في وقت ناشد فيه السودان المجتمع الدولي بإدانة تلك الأعمال الإجرامية والتدخل لوقفها فوراً، بحسب ما نقله موقع "سكاي نيوز".

وفي وقت سابق، كان وزير الإعلام السوداني فيصل محمد صالح قد قال: إنّ بلاده لا تريد حرباً مع إثيوبيا، لكنّ قواتها ستردّ على أي عدوان.

اقرأ أيضاً: كيف يرى السودان مخرج أزمة سد النهضة؟ وما علاقة جنوب أفريقيا؟

ومن جانبها، دعت الإمارات الدولتين إلى التهدئة، معربة، في بيان صادر عن وزارة خارجيتها أمس، عن "تطلعها إلى تفادي التصعيد وعودة التهدئة بين جمهورية السودان وجمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية"، كما أعربت عن "قلقها من تطوّرات الأوضاع بين البلدين الشقيقين حول منطقة الفشقة الحدودية"، مؤكدة "على أهمية دورهما الرئيسي والفاعل في استقرار وازدهار أفريقيا والمنطقة".

وزير الإعلام السوداني فيصل محمد صالح

وأشارت وزارة الخارجية، بحسب "روسيا اليوم"، إلى "عمق ومتانة العلاقات التي تربط دولة الإمارات وكلا البلدين الشقيقين"، مشددة على "أهمية أن يعمل السودان وإثيوبيا معاً لتغليب الحكمة وبدء الحوار ووقف أيّ أعمال من شأنها زيادة التوتر".

فرص الحرب

على الرغم من تصاعد الموقف الميداني بالتزامن مع تصعيد لهجة التهديد من كلا البلدين، فإنّ فرص اندلاع حرب مباشرة بين الجيش السوداني والإثيوبي تتراجع، في ظل الأوضاع الداخلية في كلا البلدين، والتي ستجعل فاتورة أيّ حرب على البلدين باهظة.

اقرأ أيضاً: السودان استعاد نحو 70% من أراضيه على الحدود مع إثيوبيا... تفاصيل

ويقول المحلل السياسي السوداني إبراهيم ناصر لـ"حفريات": ليس ثمّة نزاع حدودي بين السودان والجارة إثيوبيا، كما تحاول الأخيرة أن تدّعي، كلّ ما في الأمر أنها (إثيوبيا) تشعل هذه الأزمة لتغطي على الخلاف الداخلي في إثيوبيا، وتحديداً تيغراي.

وأضاف: إنّ الأزمة الحدودية هي خلاف قديم ـ جديد، ليس حول نقاط الحدود، لكنه يكمن في عدم فاعلية اللجنة المشتركة للحدود، وإثيوبيا كعادتها تماطل وتلعب على عامل الوقت، وتتذرع بالمشاكل التي تعيشها في الداخل، بغرض تثبيت الأمر الواقع، بصورة مدبرة يقف خلفها عقل سياسي واضح.

وتابع: إنّ إثيوبيا كانت تحاول التمدّد في الأراضي السودانية الفترة الماضية، ودعمت المشاريع الزراعية في منطقة الفشقة، وهي منطقة سودانية والتاريخ يثبت ذلك، وكذلك الخرائط، غير أنّ إثيوبيا معهود عنها المكابرة.

 

محلل سياسي: رغم الأوضاع الإثيوبية المتأزمة، فالسودان ليس في مأمن هو الآخر، في ظل وضع اقتصادي متأزم وعدم استقرار سياسي

 

وحول فرص الحرب يقول ناصر: إثيوبيا كدولة تعلم خطر مواجهة السودان، فعبر التاريخ ما واجهت السودان في أيّ نوع من الحروب، سواء مخابراتية أو بالوكالة أو مباشرة، إلا كانت هي الخاسرة، فالسودان بحكم موقعه الجيوستراتيجي يمكنه إيذاء الجانب الإثيوبي، حتى دون أن يقوم بأيّ مجابهة عسكرية، فقط  لو اكتفى بإغلاق الحدود بين البلدين فإنّ إثيوبيا ستعاني من تأزمات طويلة، فضلاً عن أنّ السودان حالياً مخابراتياً قوي، ويمكن أن يلعب على التناقضات الإثيوبية الداخلية، خصوصاً أنّ المكونات ليست على قلب رجل واحد في مجابهة السودان.

اقرأ أيضاً: دليل استرشادي: ماذا يحدث بين السودان وإثيوبيا؟

وتابع: هناك مجموعة واحدة هي مجموعة الأمهرة التي تمثل العقل المدبر لأبي أحمد وتحركاته الداخلية والخارجية، والسودان يستطيع أن يضرّ بمصالح إثيوبيا إذا لم تقدّم حلولاً عقلانية وتقبل بالأمر الواقع، وتقبل بعودة منطقتي الفشقة الصغرى والكبرى إلى السودان، وهي بالأساس أرض سودانية خالصة.

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

واستطرد: ظنّي أنّ السودان بمقدوره أن يجابه إثيوبيا، فهو في موقف حق، الجيش انتشر في مناطق سودانية كانت مغتصبة من قبل الميليشيات الإثيوبية الإرهابية، وهي لا تمثل باقي الإثيوبيين، عكس إثيوبيا، فهي لا تستطيع أن يكون لها أن تدخل في حرب شاملة مع السودان.

ورغم الأوضاع الإثيوبية المتأزمة، فإنّ السودان ليس في مأمن هو الآخر، في ظل وضع اقتصادي متأزم، وعدم استقرار سياسي، وصلح مع جماعات مسلحة لم ترسخ أقدامه بعد، وخروج من قائمة الإرهاب الدولية لم تحصد السودان ثمارها، ودخول أي حرب سيشعل تلك الملفات المتراكمة.

اقرأ أيضاً: هل انقضى شهر العسل بين السودان وإثيوبيا؟

ويقرّ المحلل السياسي السوداني بوجود تناقضات في الداخل السوداني أيضاً، لكنه يضيف: "هي ليست بحجم الوضع في الداخل الإثيوبي، الذي يواجه حرباً في إقليمه الشمالي "تيغراي"، ثمّة مئات الآلاف من الأرواح فقدت، وفي الجنوبية الغربية هناك تأزمات في إقليم بني شنقول، وصراع بين العفر والصوماليين في الشرق، فإثيوبيا داخلها تأزمات خطيرة يجعلها دولة لا تستطيع أن تواجه الخارج.

وتابع: أزمة الحدود لا تنفصل أيضاً عن أزمة سدّ النهضة، والتي رفضت فيها إثيوبيا أن تقدّم أيّ حلول عقلانية للسودان، الذي تضرّر من الملء الأوّل، وتسبب في توقف عدة محطات مياه.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية