مخطط إسرائيلي لتحويل مقبرة إسلامية في القدس إلى حديقة توراتية

مخطط إسرائيلي لتحويل مقبرة إسلامية في القدس إلى حديقة توراتية


20/11/2021

تسابق السلطات الاسرائيلية الزمن لتهويد البلدة القديمة بالقدس المحتلة، عبر تنفيذ العديد من مشاريعها الاستيطانية، لقلب الحقائق في المدينة المقدسة، وطمس معالمها العربية والإسلامية والمسيحية، والتي لا يسلم منها الأحياء وحتى الأموات، والتي كان آخرها لجوء قيام جرافات الاحتلال على إزالة وطمر أجزاء من مقبرة اليوسفية، لإقامة حديقة توراتية صهيونية على أنقاضها.

اقرأ أيضاً: فجّره المجاهدون الفلسطينيون والجيش الأردني: ما قصة "كنيس فخر إسرائيل"

ورفضت محكمة للاحتلال الإسرائيلي، في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، طلب لجنة رعاية المقابر الإسلامية بالأوقاف الإسلامية في القدس، بوقف أعمال التجريف في مقبرة اليوسفية أو ما يعرف بـ"صرح الشهيد" في المدينة، وهو ما منح الضوء الأخضر للبلدية وما يعرف بسلطة الطبيعة الإسرائيلية في الاستمرار بالعمل في أرض المقبرة، لتحويلها إلى حديقة توراتية.

وتعد المقبرة اليوسفية أو مقبرة باب الأسباط، والتي تضم نصباً تذكارياً لشهداء أردنيين سقطوا خلال حرب عام 1967 ونصباً تذكارياً لشهداء مذبحة الأقصى الأولى عام 1990 من أبرز المعالم الإسلامية العريقة في القدس، والتي تم إنشاؤها في عهد الدولة الأيوبية، وسُميت باليوسفية نسبة إلى صلاح الدين الأيوبي، إذ إنّ اسمه يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُّويني التكريتي.

كما تضم المقبرة التي تبلغ مساحتها 4 دونمات و450 دونم، عدداً كبيراً من قبور الشهداء والأعيان والصالحين والفقهاء والعلماء، وكذلك لمجموعة من العائلات المقدسية العريقة، التي تمتعت بمكانة سياسية واجتماعية، ويعود تاريخها إلى قرابة قرن من الزمن.

وتعمل بلدية الاحتلال منذ فترة طويلة على محاصرة المقبرة وإحاطتها بالمشاريع التهويدية والمسارات والحدائق التلمودية على امتداد السور الشرقي لمدينة القدس وبمحاذاة المقبرة، بهدف إخفاء معالم الممرات والمواقع التاريخية الأصيلة المحيطة بالمقبرة.

وكانت قوات الاحتلال هدمت سور المقبرة والدرج في المدخل المؤدي إليها مطلع شهر كانون الأول (ديسمبر) 2020، وواصلت بعدها أعمال الحفر والتجريف في مقبرة الشهداء، لصالح "مسار الحديقة التوراتية".

تعد المقبرة اليوسفية التي تضم نصباً تذكارياً لشهداء أردنيين سقطوا خلال حرب عام 1967 ونصباً تذكارياً لشهداء مذبحة الأقصى الأولى عام 1990 من أبرز المعالم الإسلامية العريقة

وفي عام 2014، منع الاحتلال الدفن في جزئها الشمالي، وأقدم على إزالة 20 قبراً تعود إلى جنود أردنيين وعراقيين استشهدوا عام 1967 فيما يعرف بمقبرة الشهداء ونصب الجندي المجهول.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) قد تبنت في 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2016 -خلال اجتماع في العاصمة الفرنسية باريس– قراراً نفى وجود ارتباط ديني لليهود بـالمسجد الأقصى وحائط البراق، وشدد على كونهما تراثاً إسلامياً خالصاً.

 

اقرأ أيضاً: المدن الفلسطينية المختلطة: كيف صار أصحاب الأرض غرباء ومنبوذين؟

وتتناقض هذه الممارسات مع المادة (53) من بروتوكول جنيف الأول لسنة 1977، التي حظرت الأعمال العدائية الموجهة ضد أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب، وقد اعتبرت المادة (8) فقرة (ب) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لسنة 1998 تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية من قبيل جرائم الحرب.

عمل اجرامي

بدوره، أكد رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية بالقدس مصطفى أبو زهرة لـ "حفريات" أنّ "الاحتلال الإسرائيلي أقدم على انتهاك حرمة الموتى والمقابر، بعد قيامه بغمر مقبرة الشهداء التي تعتبر امتداداً للمقبرة اليوسفية، بكميات كبيرة من التراب الأحمر، بالإضافة إلى تسييجها بجدار حديدي لمنع دخول المقدسيين إليها، تمهيداً للانتهاء من إقامة حديقة توراتية على أرضها".

أكد رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية بالقدس مصطفى أبو زهرة لـ "حفريات" أنّ "الاحتلال الإسرائيلي أقدم على انتهاك حرمة الموتى والمقابر

وأشار أبو زهرة إلى أن "عمليات التجريف التي تعرضت لها المقبرة من قبل جرافات الاحتلال، أظهرت جماجم وعظام الموتى التي كانت بداخل تلك الأضرحة التي تم تدميرها، حيث لجأت الجرافات والآليات الصهيونية إلى تحطيم هذه العظام والجماجم، في محاولة لإخفاء الجريمة التي ترتكبها، والتي تعتبر عملاً اجرامياً يتنافى مع سائر القيم والمواثيق الدولية والإنسانية".

 

اقرأ أيضاً: إسرائيل تغيّر أسماء الشوارع في القدس: الباب والحرّاس والأجراس لي

وتابع أنّ "البلدة القديمة بالقدس تضم عدة مقابر منها مقبرة باب الرحمة، وباب الأسباط واليوسفية، والشهداء، والتي يمنع الاحتلال دفن الموتى المقدسيين بداخلها، وكذلك مقبرة مأمن الله التي يحظر الاحتلال بعد العام 1948م من الدفن بداخلها، وهي تعد من أكبر المقابر في فلسطين، وتبلغ مساحتها 200 دونم، حيث سيطر الاحتلال الإسرائيلي على 70% منها، لإقامة ما يسمى بحديقة الاستقلال، ومتحف التسامح، ومدرسة وفندق وكافتيريا وغيرها، فيما لم يتبق منها سوى 19 دونماً فقط".

زرع قبور وهمية

 أبو زهرة أوضح أنّ "التنظيم الهيكلي الذي وضعته أمانة القدس خلال العام 1964، وضعت هذه المقابر التي تبدأ من جنوبي باب الرحمة، وباب الأسباط، وصولاً إلى السور الشرقي للمسجد الأقصى، كحوض مقابر إسلامية، حيث لا يبعد هذا الحوض سوى 150 متراً عن المسجد، في الزاوية الشمالية الشرقية لسور المدينة المقدسة، وعلى مقربة من برج اللقلق الذي يعد من أشهر معالم القدس والمؤدي إلى كنيسة مريم العذراء، ومن هنا تأتي أهمية سلطات الاحتلال بتهويد هذه المقبرة، والتي تقع على تلة مرتفعة محاذية لسور المسجد الأقصى".

رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي لـ "حفريات": الانفجار بمدينة القدس أصبح قاب قوسين أو أدنى، وأنّ كرة الثلج باتت تكبر يوماً بعد يوم، وأمست المواجهة المباشرة محتومة

وأفاد رئيس لجنة رعاية المقابر الاسلامية أنّ "السلطات الصهيونية عمدت على زرع عدد من القبور الوهمية التي لا تضم أي رفات بداخلها، في منطقة المرتفعات الغربية لبلدة سلوان، وعلى سفح جبل الزيتون، وكذلك إقامة عدد من القبور الوهمية في منطقة "سلودحة" جنوبي المسجد الأقصى، بهدف ممارسة المزيد من عمليات التهويد بحق المدينة المقدسة، وتحكيرها لعائلات يهودية من خلال تأجيرها لمدة 99 عاماً، على الرغم من كونها أراض وقف إسلامي".

حديقة توراتية

من جهته، بين رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي خلال حديثه لـ "حفريات" أنّ "عمليات التجريف التي شهدتها مقبرة اليوسفية منذ أسابيع انتهت، حيث نجحت سلطات الاحتلال في تحويلها إلى حديقة توراتية تلموديه، كما حدث سابقاً من تهويد ممنهج لمقبرة "مأمن الله"، لإقامة ما يسمي بمتحف التسامح الصهيوني، وذلك لتنفيذ مخططاتها الاستيطانية لضمان منع المسلمين من القيام بدفن موتاهم أو استحداث أي مقابر جديدة، لتغيير الوقائع على الأرض جغرافياً وتاريخياً".

بين رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي خلال حديثه لـ "حفريات" أنّ عمليات التجريف التي شهدتها مقبرة اليوسفية منذ أسابيع انتهت

ولفت إلى أنّ "الاحتلال يريد أن يؤكد للمقدسيين والعالم بأنه ليست هناك حرمة لأي مكان في القدس يمكن استثنائه من عمليات المصادرة والتهويد، سواء كان ذلك مسجداً أو مقبرة أو حتى كنيساً، وأن المدينة بكاملها معرضة للاستباحة الصهيونية"، موضحاً إلى أن "مقابر القدس جميعها تحمل جذوراً وتاريخاً عريقاً كمقبرة باب الرحمة، والتي تعود لعهد الصحابة قبل 1400 عام".

 

اقرأ أيضاً: المجتمع العربي في إسرائيل يغرق في الدماء والجرائم. مَن المسؤول؟

وتابع الهدمي أنّ "السلطات الإسرائيلية لا تريد أن تذكرها تلك المقابر بالتاريخ والوجود الإسلامي، وهي تبذل كل ما في وسعها لمحو وجودها، وذلك من خلال عمليات التجريف والتهويد الذي تتعرض له، وهي بذلك ترتكب جريمة خطيرة بانتهاكها حرمات الموتى، في ظل صمت دولي وعربي لمساءلة الاحتلال عن تلك الجرائم التي ترتكب ليل نهار في مدينة القدس".

انفجار مقدسي قريب

وأوضح أنه "بات لدى سكان مدينة القدس أزمة في دفن شهدائهم وموتاهم، إلا أنّ ذلك لن يصل إلى أن يلجأوا لدفنهم في مناطق عشوائية، في ظل وجود مقابر أخرى كمقبرة باب الرحمة، ومقبرة المجاهدين، واللتان تقعان بالقرب من باب الساهرة، وهي تستخدم بشكل دائم ودوري من قبل سكان البلدة القديمة، بعد منع الاحتلال الإسرائيلي منذ فترة طويلة قيام المقدسيين بدفن موتاهم في مقبرة اليوسفية التي تتعرض حالياً لحملة ممنهجة وشرسة لتغيير معالمها".                                                     

الهدمي أشار إلى أنّ "الانفجار بمدينة القدس أصبح قاب قوسين أو أدنى، وأنّ كرة الثلج باتت تكبر يوماً بعد يوم، وأمست المواج

اقرأ أيضاً: أكاديميون يكشفون لـ "حفريات" أسباب حجب إسرائيل بيانات النكبة الفلسطينية

هة المباشرة مع الجيش الاسرائيلي مرتبطة بحجم الانتهاكات الصهيونية، وما تفرضه الوقائع على الأرض خلال الفترة المقبلة".

وبسؤاله حول ما إذا كان منطق القوة الغاشمة الذي تتبعه سلطات الاحتلال بحق سكان القدس سيجلب الهدوء للاحتلال ومستوطنيه بيّن الهدمي أنّ "دولة الاحتلال تعتقد أنها باستخدام المزيد من القوة تجاه سكان القدس سيحقق لها المزيد من الهدوء، وهو أمر غير صحيح، حيث ستدفع الإجراءات التعسفية الصهيونية للاحتلال ومستوطنيه، لتوليد المزيد من التوتر والضغط، وسيخلق حالة من التحدي لدى المقدسيين لمواجهة الاحتلال والرد على جرائمه المستمرة".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية