مراقبون دوليون في ليبيا.. هل تكون فرصة السلام الأخيرة؟

مراقبون دوليون في ليبيا.. هل تكون فرصة السلام الأخيرة؟


10/01/2021

تثبت الوقائع كل يوم أنّ التدخل التركي في ليبيا لم يكن أبداً لصالح الليبيين، ولا داعماً بأي حال من الأحوال للدولة الليبية ولا لمؤسساتها، وأنّ أنقرة وحكومة الوفاق الموالية لها يسعيان بشتى الطرق لشق الصف وخرق الاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش الوطني وميليشيات الوفاق المسلحة.

اقرأ أيضاً: مسرحية أردوغان الجديدة في ليبيا: الميليشيات تحارب الإرهاب!

هذه المناوشات ستؤدي بشكل أو آخر إلى تقسيم الوطن الليبي أو تعميق الأزمة الحالية، لذا لم يكن أمام المجتمع الدولي، الذي أدرك متأخراً خطورة ومغبة التدخل التركي، إلا أن يتدخل لمراقبة وقف إطلاق النار، فقد جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، رغبته في نشر مراقبين دوليين في ليبيا، لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقد سبق أن كشف مرتين في تصريحات له، خلال الأشهر الماضية، عن وقوع تجاوزات عدة، أدت إلى تعثر تنفيذه، ويتوقع الأمين العام أنّ في حال تكرار حالات التصعيد العسكري بين الجانبين أن ينهار الاتفاق.

وحرصاً على الأمن والسلام في ليبيا، دعا غوتيريش إلى نشر مراقبين دوليين، بموافقة أطراف النزاع في ليبيا، فحسب الخبر الذي نشره موقع العربية وجه الأمين العام رسالة إلى مجلس الأمن الدولي اطلعت عليها وكالة الأنباء الألمانية، جاء فيها "إن الأطراف المتحاربة في ليبيا طلبت مساعدة الأمم المتحدة في تنفيذ آلية مراقبة وقف إطلاق النار بقيادة ليبيا بعد أن توصلوا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي".

اقرأ أيضاً: هل تسلك أمريكا بايدن طريق ترامب في ليبيا؟

يذكر أنّ البعثة الأممية أعلنت في الثالث والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) 2020، توقيع وفدي حكومة الوفاق والقيادة العامة للجيش الليبي المشاركين في محادثات اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» في جنيف اتفاق وقف إطلاق نار دائماً في جميع أنحاء ليبيا. ووصفت البعثة الاتفاق بأنه "إنجاز تاريخي ونقطة تحول مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار".

حرصاً على الأمن والسلام في ليبيا دعا غوتيريش إلى نشر مراقبين دوليين بموافقة أطراف النزاع

وتضمن الاتفاق 12 بنداً، أبرزها اتفاق طرفي اللجنة العسكرية المشتركة على إخلاء خطوط التماس من الوحدات العسكرية، ومغادرة المرتزقة في غضون ثلاثة أشهر، إضافة إلى تشكيل قوة عسكرية مشتركة، وإيقاف "خطاب الكراهية"، وفتح الطرق في جميع مناطق البلاد، وأعلن مجلس الأمن الدولي ترحيبه بالاتفاق، داعياً الأطراف الليبية إلى الالتزام بتعهداتهم وتنفيذ البنود بالكامل، مع "إبداء التصميم نفسه في التوصل إلى حل سياسي من خلال ملتقى الحوار الليبي".

من جانبه صرح اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بـ"الجيش الوطني"،  للشرق الأوسط، تعليقاً على مقترح الأمين العام للأمم المتحدة "بموافقة الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر على نشر مراقبين أممين في ليبيا" قائلاً: "إنّ اتفاق جنيف المبرم بين الجيش وقوات الوفاق في إطار لجنة «5+5»، يقضي بوجود مراقبين واختيارهم من دول يرضى عنها الطرفان وبمواصفات محددة".

رضا شعبان: المراقبة الدولية ستكون في صالح الطرف الملتزم منذ بداية الأزمة وهو الجيش الليبي

يقول الكاتب والباحث في الشأن الليبي، رضا شعبان، إنّ "إرسال مراقبين دوليين إلى ليبيا خطوة مهمة، ونجاحها معيار لقدرة الأمم المتحدة على إنفاذ قراراتها"، مضيفاً في حديثه لـ"حفريات": "مع اقتراب مواعيد تنفيذ الخطوات والقرارات الدولية الساعية للحل في ليبيا، تزداد حمى خلط الأوراق التي تنتهجها تركيا والقوى الداعمة لها، ففي الفترة المقبلة المجتمع الدولي على موعد يعد محكّاً ومعياراً لقدرته على إنفاذ قراراته، وتحجيم الانفلات التركي، وإلزام أردوغان باحترام الإرادة الدولية الساعية لحل الأزمة الليبية، ففي 23 من الشهر الجاري تنتهي مهلة الـ90 يوماً المتفق عليها في اجتماع العسكريين بجنيف في 23 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، والذي على رأس أولوياته خروج القوات الأجنبية من ليبيا، وسحب المرتزقة، تمهيداً للبدء في باقي الخطوات نحو الحل وفتح الطرق بين المدن الليبية".

الكاتب والباحث في الشأن الليبي رضا شعبان

وأكد شعبان أنّ "المراقبة الدولية، إن صحت، ستكون في صالح الطرف الملتزم منذ بداية الأزمة وهو الجيش الليبي، وبالتالي الشعب الليبي؛ فالجيش الليبي ومنذ انطلاق المبادرات الدولية الساعية للحل، يثبت التزامه بقرارات المجتمع الدولي، في مقابل عدم التزام ما تسمى حكومة الوفاق ومن خلفها تركيا، وإن لم تقم هذه المراقبة بفرض احترام القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن على تركيا، فالأمر سيكون ضد المصالح الليبية بشكل عام".

اقرأ أيضاً: لماذا تبقي تركيا مرتزقتها في ليبيا؟

وحذر شعبان من "استمرار تركيا ومرتزقتها والميليشيات الموالية لها بالتواجد غرب ليبيا، والتحرش بقرار وقف إطلاق النار، وتهديد الجيش الوطني الليبي، وتهديد أمن الجنوب بتحريك خلية إرهابية في سبها، والدفع بأحد العناصر الإرهابية الليبية وهو المعاقب دولياً "صلاح بادي"، الذي خرج معلناً عدم اعترافه باللجنة العسكرية الليبية ولا قراراتها، ولا قرارات مجلس الأمن، ورافضاً أيضاً تنفيذ بند فتح الطريق بين مصراتة وسرت، كأحد إجراءات تعزيز الثقة، وإعادة الأواصر المقطوعة بين الليبيين، مما يعني تعثر مهمة المراقبين وتعمد افشالها من قبل تركيا وحكومة الوفاق".

تثبت الوقائع كل يوم أنّ التدخل التركي في ليبيا لم يكن أبداً لصالح الليبيين

ونبّه شعبان إلى أنّ "خلط الأوراق بعد التهديد الإرهابي باستبدال قرار اللجنة العسكرية الليبية، التي وافقت على وجود رقابة من البعثة الأممية لمتابعة الالتزام بقرار وقف إطلاق النار وإحلال (قوات دولية) محلها، هو أمر في غاية الخطورة، وهو ما يرفضه الجيش الوطني الليبي باعتبارها خطوة أخرى نحو تأزيم المشهد"، موضحاً أنّ "هناك فارقاً كبيراً بين الرقابة الدولية عبر البعثة الأممية لوقف إطلاق النار، وبين ما تحاول تركيا تمريره وهو إحلال قوات دولية عسكرية ما يشبه قوات حفظ السلام، وهو أمر يرفضه الجيش والشعب الليبي شكلاً وموضوعاً، وهو إن حدث سيلقي بظلال سوداء على مستقبل الحل السلمي في البلاد، فنزول قوات من أي بلد سواء من الجوار أو أوروبياً سيدفع إلى مزيد من التأزيم".

اقرأ أيضاً: نُذر الخطر في ليبيا

من جهته، يرى الخبير في الشأن الليبي، عبد الهادي ربيع، أنّ "النتائج المتوقعة من وجود مراقبين دوليين ليست كثيرة؛ نظراً لحرص حكومة السراج على تفسير مقترح الأمين العام بشكل مغلوط"، موضحاً في تصريحه لـ"حفريات": "في البداية يجب أن نحدد ماهية البعثة المقترح إرسالها إلى ليبيا، فهذه البعثة هي في واقع الأمر (لجنة مراقبة) تتضمن خبراء عسكريين وأمنيين وخبراء مدنيين متخصصين في القانون الدولي، وليسوا من أصحاب القبعات الزرقاء، أي ليسوا (قوات عسكرية) بأي حال من الأحوال، ومن المقترح أن تكون هذه اللجنة مشكلة من منظمات عالمية وأممية مثل الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية، ومن الواضح أنّ الاتجاه العام يرفض تشكيلها من دول الجوار المتهمين بالانحياز لطرف ضد طرف، وسيتم نشر فريق المراقبين مبدئياً في المنطقة المحيطة بمدينة سرت الساحلية ويمكن توسيع نطاقه".

الكاتب والباحث في الشأن الليبي عبد الهادي ربيع

وأوضح ربيع، أنّ "الجانب التركي ومعه تابعوه في حكومة الوفاق، يفسرون اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة بأنّها قوات عسكرية للحصول على شرعية تواجدهم في ليبيا"، مؤكداً أنّ "مهمة هذه اللجنة هي مراقبة تطبيق اتفاق جنيف لوقف إطلاق النار، وللأسف اللجنة المقترحة لا تملك صلاحية معاقبة من يخرق الاتفاق، وهذا يذكرنا بالعملية "إيريني" التابعة للأمم المتحدة التي كانت معنية بوقف توريد السلاح لليبيا التي خرقتها تركيا عشرات المرات، ولم تتمكن من وقف مد تركيا لحكومة الوفق سواء السلاح أو بالميليشيات".

عبدالهادي ربيع: لست متفائلاً بالنتائج لحرص حكومة السراج على تفسير مقترح الأمين العام بشكل مغلوط

ويرى ربيع أنّه من غير المتوقع أن تلتزم حكومة الوفاق بالاتفاقية، فـ"المكونات الداعمة لحكومة السراج تتكون في الغالب من ميليشيات مصراته، التي أعلنت في وقت قريب رفضها لوقف إطلاق النار، وإصرارها على عدم فتح الطرق"، موضحا أنّ "ما أعلنته كتيبة حطين من فتحها محور البحر مناورة لتبييض وجه فتحي باشاغا المسيطر على الكتيبة، التي ليس لها وجود يذكر في محور البحر، والمسيطر هناك هي كتيبة "الصمود" بقيادة الإرهابي صلاح بادي"، مبدياً عدم تفاؤله بـ"توقع مكاسب كثيرة من نشر المراقبين الدوليين في ظل عدم معاقبة المجتمع الدولي لتركيا على خرقها لكل الاتفاقيات الاممية  الخاصة بليبيا".

السفير طارق الأدب رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي

وعلى الصعيد ذاته نشر موقع الأمم المتحدة تصريح السفير طارق الأدب، الممثل الدائم لتونس لدى الأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، الذي يؤكد فيه أنّ المجلس متحد، وسيواصل تقديم دعمه الكامل للتسوية السياسية للأزمة، والحفاظ على البعد الإيجابي والزخم الحالي، وسيسعى لوضع آلية وقف لإطلاق النار بحلول انعقاد جلسة مجلس الأمن حول ليبيا، وأن تتغلب الأطراف الليبية على خلافاتها بشأن تسمية ممثل السلطات الانتقالية التنفيذية تماشياً مع تشكيل اللجنة الاستشارية المنبثقة عن الحوار السياسي الليبي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية