ملاحقات المتورطين باغتيال الناشطين العراقيين. ماذا في وسع الكاظمي؟

ملاحقات المتورطين باغتيال الناشطين العراقيين. ماذا في وسع الكاظمي؟


30/05/2021

تتصاعد وتيرة الأحداث في العراق، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية؛ حيث يتسيّد مشهد قاتم وثقيل على خلفية حالة العنف القصوى التي تفرضها الميليشيات المدعومة من طهران، وحوادث الاغتيالات الدموية التي يتعرض لها الناشطون في ساحة التحرير بالعاصمة بغداد، إضافة إلى التهديدات المتكررة والتقليدية بحقّ الصحفيين والمعارضين السياسيين، وقد كشف النائب البرلماني المستقيل، فائق الشيخ علي، عن مقاطعة الاستحقاق الانتخابي.

مقاطعة الانتخابات في ظلّ السيولة الأمنية

وشدّد النائب المستقيل، وأحد أبرز الناشطين في حراك تشرين الأول (أكتوبر) 2019، على ضرورة أن تنسحب "القوى المدنية وثوار تشرين أيضاً (من الانتخابات النيابية) والتهيؤ لإكمال الثورة في الشهور المقبلة ضدّ إيران وميليشياتها"، كما اصطفّ مؤسس "الحركة الوطنية للبيت العراقي"، حسين الغرابي، مع الأمر ذاته، بالتالي، تصبح حصيلة القوى والتيارات السياسية الرافضة للانتخابات نحو 17 تياراً ومنظمة، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس".

اقرأ أيضاً: هل توافق إدارة بايدن على استخدام القوة العسكرية ضد الميليشيات الإيرانية في العراق؟

وفي بيان مشترك؛ أعلنت تلك التيارات عن نبذ ما وصفته بـ "السلطة القمعية"، ورفض "إجراء انتخابات ما دام السلاح منفلتاً والاغتيالات مستمرة"، كما اتهمت الميليشيات الطائفية والمجموعات الولائية المسلحة التي تتغلغل سياسياً وميدانياً بالوقوف وراء كلّ ذلك.

النائب البرلماني المستقيل، فائق الشيخ علي

الثلاثاء الماضي، طالبت جنين بلاسخارت، مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، بضرورة وقف عمليات الاغتيال، بشكل عاجل وفوري، في العراق، فضلاً عن وقف قمع المتظاهرين، كما دانت بلاسخارت، أثناء جلسة لمجلس الأمن حول التطورات في العراق، الهجوم الذي استهدف أربيل؛ إذ أكدت على أهمية التعاون الوثيق بين بغداد وأربيل بهدف "تقديم الجناة إلى العدالة، وحماية العراق من التناحرات الخارجية".

قامت حكومة الكاظمي بعدة ملاحقات للمتورطين باغتيال الناشطين، آخرها اعتقال قاسم مصلح، القيادي في الحشد الشعبي، والمتورط بقتل الناشطين والأكاديميين، ومن بينهم الدكتور علاء مشذوب

من جهته، قال وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن؛ إنّ الولايات المتحدة "غاضبة" بسبب الهجوم الصاروخي الذي استهدف أربيل، والذي أعلنه الناطق الرسمي بلسان قوات التحالف الدولي، بينما نجم عنه مقتل مقاول أجنبي مدني، وإصابة 5 مدنيين، وجندي أميركي.

التعاون بين بغداد وأربيل لوقف نشاط المجموعات المسلحة

وأضاف وزير الخارجية الأمريكي، في بيان رسمي: "تواصلت مع رئيس وزراء إقليم كردستان، مسرور برزاني، لمناقشة الواقعة والتعهد بدعمنا لجميع الجهود المبذولة للتحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها".

نتائج الصدامات والاشتباكات

وبحسب المفوضية العليا لحقوق الإنسان، التابعة للحكومة العراقية، فقد أعلنت رسمياً نتائج الصدامات والاشتباكات التي شهدتها الحركة الاحتجاجية في ساحة التحرير، بين المحتجين والقوات الأمنية، في وسط بغداد وعدد من المحافظات العراقية؛ إذ قالت المفوضية إنّ فرق الرصد الميداني للمظاهرات وثّقت سقوط قتيلين و150 جريحاً، بينهم 20 متظاهراً، إصابة بعضهم خطرة، و130 من القوات الأمنية، وذلك في أحداث الثلاثاء الماضي، كما كشفت اعتقال نسبة كبيرة من المحتجين، بينما تمّ إطلاق سراح غالبيتهم، ولم يتبقَّ سوى 11 شخص محتجز.

ووفق إحصاء الحكومة، فإنّ قرابة الـ 565 من المتظاهرين وأفراد الأمن قتلوا خلال احتجاجات 2019، بينهم عشرات النشطاء الذين تعرضوا للاغتيال على أيدي "مجهولين".

اقرأ أيضاً: مياه العراق.. تناقص رهيب ينذر بكارثة تصل المدن

إذاً، يسعى شباب تشرين إلى الضغط على الحكومة والطبقة السياسية لترتيب الاوضاع المناسبة لإجراء الانتخابات النيابية، حسبما يوضح الأكاديمي والباحث العراقي، الدكتور محمد نعناع، ويضيف لـ "حفريات": "وفي هذا الإطار يقومون بفعاليات ويخطون خطوات متعددة، أهمّها فضح الجماعات التي تغتال الناشطين، والمطالبة المستمرة بملاحقتهم واعتقالهم وتقديمهم للقضاء، مما يؤدي إلى تفكيك المجموعات والخلايا الاجرامية التي عادة ما تغطي نفسها بالحشد الشعبي، لجهة تنظيف سمعتها، وكذلك تغطي نفسها بالفصائل المسلحة لتقوي قبضتها وترهب الحكومة والناشطين، بل وحتى الجهات المرتبطة بالمرجعية الدينية، كالعتبات والمؤسسات الدينية".

الكاظمي في مواجهة السلاح المتفلت

ولذلك؛ قامت حكومة الكاظمي بعدة ملاحقات للمتورطين باغتيال الناشطين، آخرها اعتقال قاسم مصلح، القيادي في الحشد الشعبي، والمتورط بقتل الناشطين والـأكاديميين، من بينهم: الدكتور علاء مشذوب، وفاهم الطائي، وإيهاب الوزني في محافظة كربلاء.

الأكاديمي والباحث العراقي الدكتور محمد نعناع

ويرى الأكاديمي والباحث العراقي؛ أنّه "من دون الاستمرار بملاحقة القتلة وتحضير البيئة السياسية والاجتماعية الآمنة للانتخابات سوف يستمر الحراك الاحتجاجي، ويستمر التصعيد بخصوص سلسلة الاغتيالات التي تطاول الناشطين".

اقرأ أيضاً: تظاهرات تندد بفشل السلطات العراقية في الكشف عن قتَلة الناشطين

وعليه، دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان القائد العام للقوات المسلحة رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، إلى تحمّل المسؤولية وتنفيذ مجموعة من الإجراءات ضدّ من استخدم "الرصاص الحي والعنف المفرط، ومن ثم، إحالتهم للقضاء"، ويضاف لذلك، إطلاق سراح كافة المعتقلين، وقال علي البياتي، عضو المفوضية، في بيان رسمي؛ إنّ "أيّ تحقيق يدار من قبل القوات الأمنية، وهي متهمة بالعنف أو مقصرة في واجباتها، لن يكون ذا نتيجة".

وتابع البياتي: "المسؤول الأمني الذي يقع الانتهاك في مساحة مسؤوليته يجب أن يعزل من الوظيفة، ويحال إلى القضاء، والأخير بإمكانه أن يستعين بالمؤسسات الأمنية وبياناتها وبخبراء أمنيين مستقلين من أجل التحقيق".

الأكاديمي العراقي محمد نعناع لـ"حفريات": من دون الاستمرار بملاحقة القتلة وتحضير البيئة السياسية والاجتماعية الآمنة للانتخابات سوف يستمر الحراك الاحتجاجي، ويستمر التصعيد

بيد أنّ مفوضية حقوق الإنسان العراقية، تشير إلى أنّ العراق شهد نحو "89 اغتيالاً، ومحاولة اغتيال، لنشطاء منذ تظاهرات أكتوبر"، كما وثقت جمعية الأمل الحقوقية المستقلة وقوع "أكثر من 44 عملية خطف، و74 محاولة قتل، العام الماضي فقط، معظمها في بغداد وجنوب العراق".

وإلى ذلك، قال الرئيس العراقي، برهم صالح؛ إنّ "الكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين حقّ لا يسقط، واستخدام الرصاص في التظاهرات يجب ألّا يمرّ دون تحقيق ومحاسبة، كما أنّ حماية الأمن والممتلكات العامة واجب وطني"، مؤكداً على أنّ "التظاهر السلمي حقّ دستوري وتجسيد لإصرار العراقيين على دولة مقتدرة ذات سيادة. وتحقيق تطلعات شبابنا يستدعي ضمان انتخابات نزيهة".

صدامات واشتباكات شهدتها الحركة الاحتجاجية في ساحة التحرير بين المحتجين والقوات الأمنية

وغرّد رئيس الوزراء العراقي، على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "دعمنا حرية التظاهر السلمي في العراق، وأصدرنا أوامر مشددة بحماية التظاهرات وضبط النفس ومنع استخدام الرصاص الحي لأيّ سبب كان"، وأردف: "اليوم سنفتح تحقيقا شفافاً حول حقيقة ما حدث في اللحظات الأخيرة من تظاهرة ساحة التحرير لكشف الملابسات.. الأمن مسؤولية الجميع ويجب أن نتشارك جميعاً في حفظه".

ومن بين الخطوات التي يقوم بها الناشطون والأحزاب التشرينية للدخول في الموسم الانتخابي، بحسب الباحث والأكاديمي العراقي، الدكتور محمد نعناع؛ "التركيز على صياغة مشروع متكامل يتضمن مكافحة الفساد والمحاصصة والطائفية؛ إذ إنّ هذه المفردات تبقي الطبقة السياسية الحالية متصالحة وبراغماتية مع بعضها، لضمان بقائها في السلطة وعدم محاسبة رموزها وقادتها الفاسدين والمتورطين بعمليات اغتيال وتهديد للناشطين والخصوم السياسيين".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية