هل تتوصل تركيا والعراق إلى اتفاق عادل لتقاسم المياه؟

هل تتوصل تركيا والعراق إلى اتفاق عادل لتقاسم المياه؟


24/06/2021

استبعد موقع الحرّة أن تسفر المفاوضات الجارية حالياً بين وفد عراقي يترأسه وزير الموارد المائية، مهدي رشيد الحمداني، وتركيا، خلال زيارة الوفد لأنقرة، أن تسفر عن اتفاق عادل حول المياه.

وتهدد السدود التركية على نهر الفرات كلاً من سوريا والعراق بالجفاف، وكان مسؤولون عراقيون قد صرحوا بأنّ منسوب المياه انخفض نحو النصف.

ووفق مؤشر "الإجهاد المائي" قد يصبح العراق أرضاً بلا أنهار في 2040.

في غضون ذلك، يقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني: إنّ مجموعة السدود التي أنشأتها تركيا، ومن بينها سد إليسو، أدت إلى حبس المياه عن العراق أو تقليل دخولها إليه نتيجة تحويلها لملء الخزانات.

وفي إطار مشروع جنوب شرق الأناضول، أو ما يعرف اختصاراً بـ(الغاب)، الذي بدأت العمل فيه في سبعينات القرن الماضي، تمتلك تركيا 5 سدود عملاقة على نهر الفرات، وما يزال العمل جارياً على إقامة سدّين آخرين.

ومن بين هذه السدود، سد إليسو الذي بلغ كامل طاقته في كانون الأول (ديسمبر) 2020، وظهرت ملامحه واضحة على نهر دجلة الذي تأثرت إمداداته المائية وعانى جفافاً.

ويمثل نهرا الفرات ودجلة شريان الحياة للعراق، وقد أدت المشاريع التركية إلى تراجع حصة العراق من النهرين.

المياه التي تتجمع سنوياً في خزانات السدود لا يستثمرها العراق جيداً: "طرق الزراعة الحديثة لم تنتشر بعد بشكل كافٍ ممّا يسبب الهدر"

ويربط المشهداني بين تأثير السدود التركية على حصة العراق بأزمة سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، الأمر الذي قد يقوض الحصة المصرية من مياه النيل، قائلاً لموقع "الحرة": "هي المشكلة نفسها بالضبط".

وتقدر مصر، التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة، حصتها من مياه النيل بـ55 مليار متر مكعب، وفي المقابل يبلغ إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في العراق، التي يسكنها 40 مليون نسمة، نحو 53 مليار متر مكعب سنوياً.

ويرجع مشهداني هذا الفارق إلى استخدام العراق "طرق ري متخلفة في كل مناطقه تقريباً، مما يسبب هدراً كبيراً في المياه، فضلاً عن عدم الاستفادة من المياه التي تدخل بحر العرب".

وقال: "كان من المفترض أن يقيم العراق مجموعة من الحواجز لحجز المياه وامتلاك مخزون منها، إلى جانب البحيرات والسدود الموجودة أيضاً".

وبحسب المشهداني، فإنّ المياه التي تتجمع سنوياً في خزانات السدود لا يستثمرها العراق جيداً، قائلاً: "طرق الزراعة الحديثة لم تنتشر بعد بشكل كافٍ ممّا يسبب الهدر".

وفي 2018، ذهبت نسبة 80% من مياه العراق إلى قطاع الزراعة، الذي يوفّر فرص عمل لأكثر من ثلث سكان البلاد.

ويهدّد النقص الحاد في المياه في العراق بزيادة المخاوف الأمنية من خلال إفقار المجتمعات الريفية، وزيادة النمو السكاني في الأحياء الفقيرة الحضرية، وتوفير أرضية خصبة للتجنيد في المنظمات المتشددة. 

وربطت دراسة منشورة في المجلة العلمية المتخصصة "أميتسوك" مسألة خسارة الأراضي الزراعية في الشرق الأوسط بشكل عام بالاضطرابات المتزايدة والتجنيد في الجماعات المسلحة المتمردة و/أو الإرهابية مثل تنظيم داعش

في المقابل يقول إسماعيل كايا المحلل السياسي التركي: إنّ القاعدة التي تنطلق منها أنقرة بهذا الخصوص هي عدم الإضرار بمصالح العراقية المائية، مضيفاً لموقع "الحرّة": "المشكلة ليست في الحصة التي تنبع من تركيا، وإنما إدارة العراق داخلياً لملف المياه، وإهدار العراق للمياه، وعدم وجود بنى تحتية جيدة ووسائل ري حديثة".

وأضاف: "حصة العراق لا تتأثر بالتدفق المائي من تركيا التي لا يمكن أن تفكر باتخاذ خطوة تضر العراق وتتسبب في غضب شعبي عراقي أو حتى صدام سياسي".

وعن الاتهامات الموجهة إلى تركيا بخنق نهر الفرات بوساطة سدودها، قال: "تركيا لديها بعض المصالح في مشروع شرق الأناضول فيما يتعلق ببناء السدود وتوليد المياه، وعندما يتعلق الأمر بشكوى من العراق كان دائماً هناك مفاوضات ومباحثات".

وقال: "تركيا اقترحت مشاريع الغابات والري وتطوير البنى التحتية وإقامة مركز مشترك لأبحاث المياه لمساعدة العراق في إدارة ملف المياه بشكل أفضل".

وتحدثت وسائل إعلام عراقية عن "اتفاقية جديدة" ستبرم أثناء زيارة الوفد العراقي لتركيا، لكن المشهداني يشكك في قدرة الوفد العراقي على التفاوض.

وقال: "مشكلتنا في الوفود العراقية، التي حتى وإن كانت على أعلى المستويات، لا تمتلك مهارة التفاوض مثلما يمتلكها الآخرون".

ويعتقد المشهداني أنّ ملف المياه ورقة في يد أنقرة تضغط بها على بغداد، "رغم أنّ الأتراك يبدون حسن النية دائماً، لكنّ المشكلة على أرض الواقع والأفعال لا تدل على حسن النية".

وتابع: "الدليل على ذلك أنّ المياه خاضعة لمسألة شد وجذب، ليس اليوم فقط، بل بعد عام 2003، وهذا يرجع إلى ضعف الدولة العراقية".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية