هل تشكل الاحتجاجات الطلابية تهديداً لنظام أردوغان؟.. صحيفة فرنسية تجيب

هل تشكل الاحتجاجات الطلابية تهديداً لنظام أردوغان؟.. صحيفة فرنسية تجيب


18/02/2021

بات تصاعد الاحتجاجات في الجامعات التركية يؤرق نظام الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يعتمد أساليب قمعية بالتعامل معها.

واعتبرت صحيفة "لوفيغارو الفرنسية"، في تقرير لها نُشر أمس تحت عنوان "سلطان من ورق"، أنّ سلطة أردوغان التي حاول التباهي بها، وفرضها في سياسته الخارجية في العديد من الملفات، باتت مهددة على وقع ضجيج الداخل وتظاهرات طلاب الجامعات.

وشدّدت على أهمية هذا الحراك الشبابي، معتبرة أنه "صرخة تحت شعار "لن نغمض أعيننا"، وأنه تأكيد من قبل طلاب الجامعات الذين ما زالوا يتظاهرون منذ شهر ونصف الشهر على رفض السلطة الخانقة والقبضة التي يحاول النظام فرضها.

إلى ذلك، نقلت الصحيفة عن المحلل السياسي أحمد إنسيل قوله: إنّ أساتذة الجامعات حققوا بعض الاختراقات المهمّة، لافتاً إلى تمكنهم، منذ موجة التطهير والاعتقالات التي أعقبت محاولة الانقلاب عام 2016، من الطعن بفصل مئات من زملائهم في جميع أنحاء البلاد وتعيين العشرات من العمداء الجدد بمرسوم رئاسي.

وأثنى على تمكّن جامعة البوسفور حتى الآن من الحفاظ على وضعها الاستثنائي والاحتفاظ بحقها في اختيار عميدها، ولعلّ هذا ما أدى إلى مهاجمتها، وانتقد مساعي الرئيس التركي ومحاولاته تعزيز قبضته على الأوساط الأكاديمية، وفرض هيمنته الثقافية.

 

صحيفة "لوفيغارو الفرنسية": سلطة أردوغان باتت مهددة على وقع ضجيج الداخل وتظاهرات طلاب الجامعات

 

وعلى شبكات التواصل الاجتماعي قال المتظاهرون: إنهم اعتقلوا من منازلهم في منتصف الليل من قبل الشرطة المسلحة "كما في الحرب"، واستنكر شباب من عائلات موالية تقليدياً للسلطة ما اعتبروه إذلالاً.

من جهته، وصف رجب طيب أردوغان المتظاهرين في الجامعات بـ"الإرهابيين"   و"المخربين"، ووصفهم وزير الداخلية سليمان صويلو بـ"المنحرفين المثليين"، أمّا دولت بهجلي زعيم حزب الحركة القومية والحليف السياسي للرئيس التركي، فقد شبّه المتظاهرين بـ"الأفاعي السامة التي يجب سحق رؤوسها".

اقرأ أيضاً: الانتفاضة الطلابية تتوسع في تركيا... فهل يرضخ أردوغان لمطالبهم؟

وقال مكتب المدعي العام في أحد أحياء إسطنبول الأسبوع الماضي: إنّ 4 أشخاص اعتقلوا رسمياً في إطار تحقيق في الاحتجاجات على تعيين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لرئيس جديد لواحدة من أكبر وأقدم الجامعات التركية، ووُجّهت لهم تهم مختلفة، منها الإضرار بالممتلكات العامة والدعاية للإرهاب.

 

أردوغان يصف الطلبة بـ"الإرهابيين" ووزير داخليته يصفهم بـ"المنحرفين المثليين"، وبهجلي يشبههم بـ"الأفاعي السامة"

 

واحتشد المئات في حي كاديكوي الأسبوع الماضي، وفق ما نقلت صحيفة "أحوال تركية"، تأييداً لاحتجاج طلاب الجامعة، واعتقلت السلطات نحو 165 شخصاً في يومين منفصلين، وجرى احتجاز اثنين منهم انتظاراً لمحاكمتهما.

وذكرت السلطات أنه تمّ اعتقال نحو 600 منذ الرابع من كانون الثاني (يناير) الماضي، بعدما اتّسع نطاق الاحتجاجات في إسطنبول وأنقرة، وتمّ إطلاق سراح معظم المحتجزين لكنّ الحكومة رفضت انتقادات المحتجين، قائلة إنّ المظاهرات لها دوافع سياسية.

وانتقد مسؤولون من الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي طريقة تعامل تركيا مع الاحتجاجات.

في المقابل، أكد رئيس الجامعة المعيّن حديثاً مليح بولو أنه لن يتنحى بعد احتجاجات طلاب الجامعة والأكاديميين. وفي حديثه للصحفيين الأسبوع الماضي أوضح بولو أنه لا ينوي الاستقالة من منصبه، وأنه يفترض أنّ الأزمة التي بدأت مع تعيينه ستنتهي في غضون 6 أشهر.

وفي خطوة لم تكن متوقّعة عيّن أردوغان، في 8 شباط (فبراير) 11 رئيساً جديداً لبعض جامعات البلاد بموجب مرسوم رئاسي، وذلك في وقت يواصل فيه طلاب جامعة البوسفور احتجاجاتهم المعارضة لطريقة اختيار رؤساء الجامعات، والتي لم تعد تتمّ عبر الانتخابات منذ محاولة الانقلاب الفاشلة على حكم أردوغان منتصف عام 2016.

 

كنطال: أردوغان لا يرغب في إظهار علامات توحي بضعفه، ولذلك عيّن عدداً من رؤساء الجامعات للتأكيد على سلطته

 

وأثارت تعيينات الرئيس التركي الجديدة الغضب مرّةً أخرى، لا سيّما أنها جاءت بالتزامن مع احتجاجات طلبة جامعة البوسفور الذين يرفضون تعيين مليح بولو رئيساً لجامعتهم، باعتباره عضواً سابقاً في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم الذي يقوده أردوغان، ويحظى بدعمه أيضاً.

وقال الأكاديمي فرهات كنطال، أستاذ علم الاجتماع في جامعتي "بيلجي" و"إسطنبول شهير"، وعضو الهيئة التدريسية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة إسطنبول: إنّ "الرئيس التركي لا يرغب في إظهار علامات توحي بضعفه، ولذلك عيّن عدداً من رؤساء الجامعات حديثاً للتأكيد على سلطته".

وأضاف في تصريح صحفي نقلته "العربية": إنّ "أردوغان أصدر مرسوماً رئاسياً عيّن من خلاله 11 رئيساً لبعض جامعات البلاد، ليوحي لأنصاره أنّ كل الأمور تحت السيطرة، وأنه الوحيد الذي يتحكم بكلّ شيء كمرشد أعلى".

وتابع: إنّ "هذه التعيينات أغضبت الطلبة بالفعل، وهم سيواصلون تظاهراتهم، لكنني أخشى من قمعهم واستخدام العنف ضدهم لإنهاء تحركهم الطلابي بشكل جذري، خاصة إذا لم تتلقَّ تحركاتهم دعماً من أكبر الشرائح المعارضة للرئيس التركي".

وأشار فرهات كنطال إلى أنّ "السلطات الأمنية ستبذل قصارى جهدها لإنهاء احتجاجات الطلبة دون تلبية مطالبهم".

اقرأ أيضاً: بعد الاحتجاجات الطلابية.. هكذا رد رئيس جامعة بوجازيتشي الذي عينه أردوغان

وكشف الأستاذ الجامعي أنّ "حزب الرئيس التركي يسيطر على معظم المؤسسات التعليمية، باستثناء الكبرى منها كجامعة البوسفور التي تُعدّ من أعرق جامعات البلاد"، لافتاً إلى أنّ "هذا الأمر يثير غضب الطلبة والأساتذة على حدٍّ سواء، ولذلك يخرجون في احتجاجات يطالبون من خلالها بالحرّية الفكرية والأكاديمية".

وكانت الجامعات التركية تنتخب رؤساءها، لكنّ هذا الأمر لم يعد يحصل؛ إذ تولى أردوغان مهمّة تعيين رؤساء الجامعات بموجب مراسيم يصدرها، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة على حكمه قبل أكثر من 4 أعوام.

 

استطلاع رأي يؤكد أنّ 69% من المشاركين يرفضون تعيين أشخاص من الأحزاب السياسية أو سياسيين رؤساء للجامعات

 

وتعمل الحكومة باستمرار منذ ذلك الحين على تعيين المقرّبين من الحزب الحاكم في المؤسسات القضائية والإعلامية والاقتصادية وغيرها.

وفي أحدث استطلاع أجرته شركةMetropoll Research ، وسألت فيه المشاركين إن كانوا يوافقون على تعيين أشخاص من الأحزاب السياسية أو سياسيين مثل النواب السابقين أو المرشحين البرلمانيين السابقين رؤساء جامعات؟ وقد أجاب 69% من المشاركين بـ"لا"، وأجاب 20.2% بـ"نعم"، و10.8% "ليس لديهم فكرة أو إجابة"، حسبما نقلت صحيفة زمان.

وبالنظر إلى توزيع الرافضين حسب انتماءاتهم الحزبية، أكدت الشركة أنّ 50.6% من ناخبي حزب العدالة والتنمية الحاكم، و63.8% من ناخبي حزب الحركة القومية (حليف حزب أردوغان)، و90.2% من ناخبي حزب الشعب الجمهوري المعارض، و85.1% من ناخبي حزب الخير المعارض، و85.1% من ناخبي حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، أجابوا عن هذا السؤال بـ"لا".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية