هل تضحّي تركيا بالإخوان وحماس للتقرّب من إسرائيل؟

هل تضحّي تركيا بالإخوان وحماس للتقرّب من إسرائيل؟


29/12/2020

تحاول تركيا إعادة ترميم علاقاتها المتصدّعة مع إسرائيل، وتسعى إلى تذليل الصعوبات التي تحول دون ذلك، كما تعمل على تهدئة التوتّرات معها، ومراعاة حساسيّتها تجاه الجماعات الإسلامية التي تصفها بالإرهابية، وبخاصة منظمة حماس الفلسطينية، وذلك بحسب ما يؤكّد محللون.

وبحسب المراقبين فإنّ هناك عقبة رئيسة تؤخّر تقارب أنقرة وتل أبيب، ألا وهي الدعم التركي المتواصل لجماعة الإخوان المسلمين ودعمها لمنظمة حماس التي تعتبرها إسرائيل "إرهابية"، ومن أجل ذلك تحاول تركيا التباعد عن الإخوان، وتقديم الوعود والتعهّدات والتنازلات بتخفيف دعم هذه الجماعة، بحيث يكون ذلك نقطة تفاوض ومساومة، تحصل من خلاله على مزيد من الامتيازات من حليفتها السابقة إسرائيل.

وفي هذا السياق يقول أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشرق الأوسط التقنية حسين باغجي إن أنقرة مستعدة لتقديم تنازلات. ويضيف إنّ تركيا تقول إنها ستقلل من دعمها للجماعات الإسلامية، ويذكر أنّ المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قال بشكل علني في بروكسل إن تركيا مستعدة لتقديم تعهّد بعدم دعم جماعة الإخوان المسلمين -"حماس"، ويرى أنّ ذلك يشير إلى أن أنقرة تضع توقعات كبيرة بشأن إصلاح العلاقات مع تل أبيب.

لكن في إشارة إلى العلاقة السيئة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس رجب طيب أردوغان في المرحلة الأخيرة، يقول باغجي إن هذه مشكلة يجب التغلب عليها.

ويعلق الخبراء على أن اللغة المشتركة التي يستخدمها كلا الزعيمين موجهة نحو الأعمال والسياسة، لذلك لا يُتوقع أن يحدث تغيير في العلاقات مع تركيا حتى نتيجة الانتخابات في إسرائيل.

كما يقول عطالله يشيل أدا، من شركة غلوبال سورس بارتنر، إن تركيا يجب أن تتوقّف عن التحريض في القدس، وأن إسرائيل تطالب تركيا بوجوب الامتناع عن دعم الجماعة الإسلامية، التي تصفها بالإرهابية. ويلفت أدا أنّه في هذه المرحلة التي تحتاج فيها تركيا إلى ترميم علاقاتها مع إسرائيل وتسعى لذلك، فإنّها يجب أن تضع حدّاً لعلاقاتها مع حماس والإخوان المسلمين وتولي أهمّية لمصالحها وتقطع مع الجماعات التي توصف بالإرهابية.

وفي مقال له في موقع صوت أميركا، يلفت المحلل دوريان جونز إلى أنّ العلاقات التركية الإسرائيلية قد تكون على وشك أن تشهد انطلاقة جديدة. ويشير إلى أنّ بعض المصادر الرئاسية التركية يؤكّد أنه يمكن استئناف العلاقات الثنائية والدبلوماسية بين البلدين بحلول مارس المقبل.

ويذكر الباحث والأكاديمي التركي مسعود حقي جاشين أنّه إذا كانت إسرائيل تبادر بالاقتراب بخطوة من تركيا فإنّ تركيا يمكن أن تسارع بالمبادرة باتخاذ خطوتين تجاهها. وذلك في إشارة إلى الرغبة التركية المتنامية في استعادة علاقاتها مع إسرائيل، واستماتتها في تعزيزها وتقويتها بشكل يعيد الدفء إليها.

ويشير جاشين إلى صدور تقارير ومواقف إيجابية تقول إنه سيكون من الممكن أيضًا تعيين سفير لتركيا في إسرائيل في مارس. ويضيف أنّ تركيا لا تريد اختبار إسرائيل مرة أخرى بعد حادثة سفينة مرمرة، لأنّها ترى في العلاقات والتنسيق الأمني معها أولويات بغاية الأهمية لها.

وكانت سفينة مرمرة أكبر سفينة في القافلة التي نقلت المساعدات إلى غزة في عام 2010. وبينما كانت السفينة تهدف إلى كسر الحظر المفروض على غزة، داهمت القوات الإسرائيلية السفينة وقتلت تسعة مواطنين أتراك على متنها. ولم تتعافَ تماما العلاقات بين تركيا وإسرائيل تماماً بعد ذاك الحادث، كما لم تسفر مبادرات الولايات المتحدة والدول المجاورة عن نتائج من شأنها إعادة الدفء للعلاقات بين البلدين.

وحين اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، قامت تركيا بتحشيد الاحتجاجات ضدّ نقل السفارة الأميركية إلى إسرائيل، وتوتّرت العلاقات بشكل كبير بينها وبين تل أبيب.

وكانت تركيا طلبت رحيل السفير الإسرائيلي في أنقرة واستدعت سفيرها لدى تل أبيب في مايو 2018 بسبب الهجمات الإسرائيلية على غزة وقرار الولايات المتحدة نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس. كما التقى أردوغان في أغسطس الماضي وفداً من حماس برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، الأمر الذي أثار استياء إسرائيل التي انتقدت ذلك بشدّة.

ويقول مسعود حقي جاشين إنه مع استلام جو بايدن مهامه كرئيس للولايات المتحدة في الشهر المقبل، سيكون هناك منظور جديد موضع تساؤل، وستتغير الكثير من الأشياء، وينوّه إلى أنّه على الرغم من أن الرئيس رجب طيب أردوغان قد أقام علاقة جيدة مع دونالد ترامب، إلّا أنّ المتوقع أن تصبح مهمّة أنقرة أكثر صعوبة مع تنصيب بايدن.

كما يذكر أحد الخبراء أنّ العلاقات التركية الإسرائيلية لن تتعافى بشكل كامل، على الأقلّ، على المدى القصير، ذلك أنّ لدى الرئيس المنتخب جو بايدن حساسية تجاه الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن شأن ذلك أن يزيد من صعوبة ردم الجسور بينه وبين أردوغان، وهو الذي هدّد أردوغان قبل أشهر بأنّه سيجعله يدفع ثمناً باهظاً نتيجة سياساته ومواقفه.  

ويشار إلى أنّه من جانب التعاون الأمني والعسكري بين إسرائيل وتركيا، فإنّه كانت هناك مشاركة تركية إسرائيلية ومساندة لأذربيجان في حربها ضد أرمينيا في ناغورني قره باغ. ولعبت الطائرات المسيّرة الإسرائيلية والتركية دورًا مهمًا في انتصار أذربيجان على أرمينيا، كما قدمت تركيا وإسرائيل معلومات استخباراتية مهمة وحيوية لأذربيجان.

وينوّه محللون إلى أنّه على الرغم من أنّه ليس من الواضح تماماً الدافع المباشر لإصلاح العلاقات بين إسرائيل وتركيا، إلّا أنّ المصالح المشتركة للبلدين في الشرق الأوسط، والتهديدات المحتملة من تصاعد النفوذ الإيراني قد تكون أحد نقاط الالتقاء والتفاهم بينهما.

وبدأت إسرائيل بإقامة علاقات دبلوماسية مع دول إسلامية في المنطقة، وتركيا كدولة إسلامية ذات علاقات تاريخية وطيدة مع إسرائيل هي إحدى الدول التي ستعود إلى مسار التطبيع من أجل تحسين صورة إسرائيل في المنطقة والعالم.

وبهذا الخصوص يصرح مسعود حقي جاشين، أن إسرائيل لديها الكثير لتكسبه من التطبيع المحتمل. ويذكّر بأن تركيا قامت بعدد كبير من عمليات شراء الأسلحة من إسرائيل، وقد تكرّر هذه العمليات كي تؤكّد أنّها تستطيع التقدم في تطبيع العلاقات على مختلف الأصعدة، وبخاصة في مجال الصناعات الدفاعية والتسلح.

ويلفت الباحث جاشين إلى أنّ هناك أيضاً مسألة أنابيب الغاز في المتوسط، حيث أن هناك قضايا مهمة أخرى تربط بينها تل أبيب وأنقرة، وأنّ أنقرة تعرب عم أملها في أنّ يمتدّ خطّ النفط والغاز الإسرائيلي عبر أراضيها ومياهها، وأنّ إسرائيل لن تحتاج إلى كل الغاز الذي تستخرجه، حيث يبلغ عدد سكانها 8 ملايين نسمة، وبالتالي فإن خطّ الغاز الذي قد يمر عبر تركيا قد يصل إلى الاتحاد الأوروبي، ويعود بالنفع على إسرائيل وتركيا معاً.

وتعتبر العلاقة المتوترة بين إسرائيل وتركيا أيضًا انعكاسًا مهمًا للعلاقات المتوترة في منطقة المتوسط، حيث كان من المقرر أن تدفع التوتّرات في المنطقة إلى تشكيل تحالف إسرائيلي يوناني مع مصر، لتعمل الدول الثلاثة على تطوير التعاون في مجالي الطاقة والدفاع، وتحاول معاً مواجهة النفوذ التركي المتزايد في المنطقة، وفي هذا السياق يوصي خبراء بضرورة حرص إسرائيل على عدم الإضرار بعلاقاتها مع مصر واليونان التي طورتها مؤخرًا.

وكانت مصادر إعلامية وسياسية تركية كشفت، في بداية ديسمبر الجاري، أن رئيس جهاز المخابرات الوطنية التركي هاكان فيدان أجرى اتصالات مع المسؤولين الإسرائيليين في الأسابيع الأخيرة كجزء من الجهود التي بدأتها تركيا لتطبيع العلاقات، وذلك مع اقتراب تسلّم الرئيس الأميركي المُنتخب جو بايدن مهام رئاسة الولايات المتحدة يناير القادم، حيث يرغب أردوغان بتقديم بادرة حسن نية للرئيس الأميركي القادم الذي لطاما طالب بدعم المعارضة التركية. وقالت المصادر إن الجولة الأخيرة من المحادثات السرية كانت تهدف على وجه التحديد إلى إعادة رفع العلاقات التركية الإسرائيلية إلى مستوى السفراء

عن "أحوال" تركية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية