هل توظف حماس مخرجات الحرب الأخيرة في سياقات الصراع الأمريكي الإيراني؟

هل توظف حماس مخرجات الحرب الأخيرة في سياقات الصراع الأمريكي الإيراني؟


07/07/2021

حسمت حركة حماس، منذ الأيام الأولى للحرب التي شنّها نتنياهو على غزة الشهر الماضي، أمرها بوضع "الانتصار/الصمود" الذي حققته بمواجهة غطرسة نتنياهو وحساباته الخاطئة، في سياقات الصراع الإيراني - الأمريكي، حيث أصبح هذا الانتصار محكوماً بمخرجات مفاوضات الصفقة القادمة المتوقعة بين واشنطن وطهران، فقد أعلن قادة الحركة خلال العدوان وبعده أنّ صواريخ حماس والجهاد الإسلامي إيرانية، أو تم تطويرها بخبرات مرتبطة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالحرس الثوري الإيراني وأذرعه في الإقليم، وأنّ حماس تضع هذا الانتصار بخدمة الجمهورية الإسلامية.

توظيف مخرجات حرب غزة تجري على قدم وساق من قبل إسرائيل والقيادة الفلسطينية بشقيها في رام الله وغزة، فإذا كانت هذه الحرب سرّعت بالإطاحة بنتنياهو ونجاح تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة أقلّ تطرفاً من الحكومة السابقة مع ظهور مؤشرات على إمكانية تعاطيها مع عملية السلام بصورة مختلفة نسبياً، فإنّ المشهد الفلسطيني يشهد تحولات عنوانها مطالبة حركة حماس بالقيادة الفلسطينية أو بحصة توازي حضور الحركة وصمودها، في ظل تراجع دور قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله، رغم أنّها ما تزال الجهة المعترف بها دولياً، بوصفها الممثل للشعب الفلسطيني.

المشهد الفلسطيني يشهد تحولات عنوانها مطالبة حركة حماس بالقيادة الفلسطينية أو بحصة توازي حضور الحركة وصمودها، في ظل تراجع دور قيادة السلطة الفلسطينية في رام الله

وتبدو تجليات الخلافات بين حماس وفتح أكثر وضوحاً في قضايا إعمار غزة، والمصالحة الفلسطينية وإعادة تشكيل منظمة التحرير، وهي قضايا وملفات يبدو أنّها لم تحقق تقدماً، رغم البيانات الدبلوماسية التي أعقبت حوارات القاهرة بين الفصائل الفلسطينية.

تدرك حماس اليوم أنّها تمكنت من تحويل الصراع مع إسرائيل إلى قضية مرتبطة بالقدس والمسجد الأقصى، وأنّها في الحرب الأخيرة حققت صموداً ومفاجآت في ترسانتها الصاروخية أسقطت نتنياهو وحلفاءه، وأبرزت الحضور الفاعل لحماس، ليس في غزة فقط، بل في الضفة الغربية، وبما أظهر السلطة الفلسطينية بأجهزتها بأنها بمهمة واحدة هي تنفيذ متطلبات التنسيق الأمني مع إسرائيل، وقد استثمرت حماس قضية مقتل الناشط الفلسطيني "نزار بنات" على أيدي الأجهزة الأمنية الفلسطينية بصورة عززت مقاربة السلطة والاحتلال أنهما وجهان لعملة واحدة.

اقرأ أيضاً: أخطار تعويم حماس عربياً!

وبالتزامن، فإنّ الحراك السياسي لقادة حماس في الإقليم يظهر وبوضوح رغبة جامحة لدى قادتها لتقديم أنفسهم قيادة بديلة لقيادة عباس، استناداً لموازين القوى على الأرض، تعزز مع إشارات أوروبية وأخرى أمريكية حول الاعتراف بحماس بعد حرب غزة، وهذا الأمر ليس جديداً، فقد شهدت الأعوام الماضية مفاوضات سرّية بين حماس وإسرائيل عبر وساطات قادتها القاهرة والدوحة وعواصم أوروبية، توصلت فيها حماس إلى تفاهمات مع إسرائيل حول العديد من القضايا، بما فيها صواريخ حماس.

اقرأ أيضاً: "التطبيع الحلال"... ماذا كشفت زيارة حماس للمغرب؟

مخرجات حراك حماس السياسي بعد حرب غزة تشير إلى أنّ خطة حماس تتحرك ضمن فضاءات، وهي: تأكيد الانتماء والبقاء في محور المقاومة الذي تقوده إيران، والحفاظ على علاقة متوازنة مع القاهرة لضمان بقاء عمق استراتيجي ميداني لقطاع غزة المحاصر استناداً للأدوار التي يمكن لمصر القيام بها، تجاه تخفيف الحصار والمصالحة والمفاوضات مع إسرائيل، وإنجاز اتفاقات وقف إطلاق النار كلما تجدد الصدام مع إسرائيل، بالإضافة إلى علاقة مع القيادة التركية في إطار علاقة أشمل لحماس مع جماعة الإخوان المسلمين.

استثمرت حماس قضية مقتل الناشط الفلسطيني "نزار بنات" على أيدي الأجهزة الأمنية الفلسطينية بصورة عززت مقاربة السلطة والاحتلال أنهما وجهان لعملة واحدة

وبالتزامن، فقد جاءت جولات إسماعيل هنية، رغم ما حملته من تناقضات بين زيارة المملكة المغربية التي وقعت اتفاق تطبيع مع إسرائيل انتقدته حماس بشدة، ثم بيروت، لتؤكد حقيقة أنّ جوهر استراتيجية حماس ما يزال العمل على أن تكون قائداً للشعب الفلسطيني، وبديلاً للسلطة الفلسطينية.

صحيح أنّ نتائج الحراك الفلسطيني الداخلي بين حماس وفتح مرتبطة بموازين القوى الداخلية الفلسطينية، إلا أنها أصبحت بحكم انخراط حماس وفتح في المحاور الإقليمية مرتبطة أكثر بمدى توافق هذه المحاور، وفي مقدمة ذلك نتائج الصفقة الأمريكية-الإيرانية، التي ستكون حماس إحدى أوراق التفاوض فيها بين الجانبين، بوصفها أحد وكلاء الحرس الثوري الإيراني في المنطقة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية