هل نجحت إيران بحصر مفاوضاتها مع الغرب بالملف النووي؟

هل نجحت إيران بحصر مفاوضاتها مع الغرب بالملف النووي؟


09/12/2021

بالرغم من أنّ مخرجات التصريحات الإعلامية الصادرة من قبل إيران من جهة، والدول الأوروبية والولايات المتحدة من جهة أخرى، والتي تؤكد انتهاء الجولة السابعة من المفاوضات "الأولى بعد إقصاء تيار الرئيس السابق بقيادة حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف" دون التوصل لاتفاق اطار للمفاوضات، إلا أنّ المؤكد أنّ جولة جديدة ستعقد بين الجانبين، وهو ما يعني استمرارها، وأنّها ما زالت تسير وفق مقاربة عض الأصابع والصبر الاستراتيجي بالرهان على عامل الوقت من كلا الجانبين، لانتزاع تنازلات وتقليل الكلف المترتبة على أية التزامات.

اقرأ أيضاً: إيران تعود للتفاوض النووي وإسرائيل ترفع جاهزيتها العسكرية

الجولة السابعة شهدت تصعيداً إيرانياً مدروساً من خلال إضافة مقترحات جديدة تتضمن تعديلات على الاتفاق الذي تم إنجازه العام 2015، وبما يفضي لإعادة المفاوضات خطوات الى الوراء، لا سيما بعد تجاوز إيران نسبة تخصيب "60%" في برنامجها النووي، والتأكيد على مطالبها برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية، وتقديم ضمانات بألا تلغي أي إدارة أمريكية مقبلة الاتفاق النووي الجديد في حال التوصل إليه، وتعتبر المسوّدتين الأخيرتين بمثابة كلٍّ مُتكامل، أي إمّا التوصل إلى اتفاق على كل شيء، وإمّا لا اتفاق.

 الجولة السابعة شهدت تصعيداً إيرانياً مدروساً بإضافة مقترحات جديدة بتعديلات على اتفاق 2015

من جانبها أمريكا ومعها الدول الأوروبية تتهم إيران بعدم الجدية في المفاوضات، وأنّها ما زالت تمضي في رهانات لكسب الوقت لرفع نسب تخصيب اليورانيوم، وبالتزامن تصعد إسرائيل من مواقفها الضاغطة على أمريكا وأوروبا لإيقاف المفاوضات وإحباطها، والتلويح جدياً بتشديد العقوبات والخطة "ب" التي تعني أنّ الخيار العسكري ضد طهران ما يزال قائماً بصورة منفردة يمكن أن تنفذه إسرائيل وحدها، أو بغطاءات وشراكة أمريكية وأوروبية، وهو ما يؤكد استمرار الفجوة في الموقف بين إسرائيل وأمريكا في التعامل مع "التهديد" الإيراني، ويفسر الزيارات المتكررة والمكثفة لمسؤولين إسرائيليين "عسكريين وأمنيين" إلى واشنطن.

اقرأ أيضاً: النووي الإيراني: كم مرة على المفاوضات أن تُستأنف حتى يحدث انفراج؟

إيران تركز على التأكيد على مطالبها المتضمنة: رفع كل العقوبات وعودة أمريكا إلى الاتفاق النووي وعدم الحديث عن أمور "غير نووية"، فيما المطالب الأمريكية تتضمن: عودة إيران لكل التزاماتها بموجب الاتفاق النووي "والبحث في برنامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة"، والدور الاقليمي لإيران، وأن تكون نتيجة المفاوضات عقد اتفاق مؤقت يكون لمدة 6 أشهر، تتخللها عودة الجميع للاتفاق مع رفع بعض العقوبات حتى عقد "اتفاق جديد"، وضرورة إشراك أحد الأطراف الإقليمية كمراقب في أعمال المفاوضات.

لا يتوقع خلال الجولة الثامنة إنجاز تقدم حقيقي باستثناء احتمالات تخفيف حدة اللغة الدبلوماسية الإيرانية

وفي تقديرنا، فإنّ إيران نجحت في هذه الجولة في تنفيذ خطتها التفاوضية التي يرجح أنّها تسير وفق خطوط عريضة أبرزها حصر المفاوضات في "الملف النووي"، ويبدو ذلك واضحاً من خلال ردود الفعل الأوروبية والإسرائيلية على نتائج الجولة السابعة؛ إذ يكاد يقتصر الحديث على البرنامج النووي، والمخاوف من وصول إيران في وقت قريب لا يتجاوز عاماً بالإعلان عن امتلاكها سلاحاً نووياً، وقد عززت إيران عبر أشهر قُبيل المفاوضات هذا الانطباع، من خلال إعلاناتها المتكررة عن زيادة نسب التخصيب والتي تجاوزت نسبة الـ "60%".

اقرأ أيضاً: ضوء في نفق المفاوضات النووية مع إيران: عودة أم مماطلة؟

كما تتضمن الخطة الإيرانية تحقيق هدف التوصل لاتفاق دائم وليس مؤقتاً يخضع لتقييمات جديدة، لقطع الطريق على أي مطالب جديدة، ومن المؤكد ستطرح أمريكا خلالها اتهامات لإيران بالبرنامج الصاروخي والتدخلات الاقليمية، بالإضافة إلى الاستمرار بفتح أبواب الدبلوماسية، وهو ما عكسته التصريحات الإيرانية بعد تصريحات الخارجية الألمانية الرافضة للمقترحات الإيرانية، حيث أعلنت إيران أن مقترحاتها امتداد لجولات المفاوضات السابقة، كما أنّها "قابلة للتفاوض" وهو ما يعني إمكانية التراجع عنها.

 إيران نجحت بهذه الجولة في تنفيذ خطتها التفاوضية المتضمنة حصر المفاوضات في "الملف النووي"

من غير المتوقع أن يتم خلال الجولة الثامنة إنجاز تقدم حقيقي باستثناء احتمالات تخفيف حدة اللغة الدبلوماسية الإيرانية، والظهور بمظهر الراغب بالوصول إلى اتفاق جديد، يتضمن  المطالبة برفع العقوبات الأمريكية، وهو ما تدركه أمريكا التي ربما تذهب لتخفيف لهجتها تجاه إيران، رغم استمرار الضغوطات الإسرائيلية على واشنطن والتحذيرات من مغبة أي اتفاق لا يأخذ بعين الاعتبار مطالبها المتعلقة بأمنها القومي.

اقرأ أيضاً: ماذا يعني اعتراف بايدن بأنّ إيران جادّة في المفاوضات حول برنامجها النووي؟

ورغم ذلك، تبقى الإشارة إلى أنّ المفاوضات الحقيقية بين إيران وأمريكا ليست تلك التي تجري عبر بوابة جنيف، وهو ما تدركه إسرائيل وتدركه دول عربية معنية بأية صفقة جديدة مع إيران، وهو ما يفسر، وفقاً لهذه المقاربة، الاتصالات الجارية بين إيران وكل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، في ظل قناعات تتوسع بالمنطقة بأنّ أمريكا توصلت، أو تكاد لصفقة نووية جديدة مع إيران، وأنّ كل ما يظهر من تصعيد إيراني إنّما هدفه كسب وقت مناسب للتمهيد للإعلان عن الصفقة الجديدة، وتقديم مسوغات توقيعها لجماهير "الممانعة"، على غرار موافقة إيران على قرار وقف الحرب العراقية- الإيرانية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية