هل هناك مقاربات جديدة لحل الأزمة في ليبيا؟

هل هناك مقاربات جديدة لحل الأزمة في ليبيا؟


05/11/2020

 3 تطورات بارزة شهدها الملف الليبي، ترسل رسائل بإمكانية التوصل إلى حلول سياسية للأزمة المتفاقمة: أولها هذه الكثافة في عقد المؤتمرات في المغرب وليبيا ومصر، إضافة إلى الاتصالات التي تشهدها عواصم أوروبية، وقد عكست هذه الاجتماعات المباشرة بين الفرقاء الليبيين بشكل مباشر تطوراً جديداً، قياساً باجتماعات ومؤتمرات سابقة كانت تُعقد عبر وسطاء ودون أحاديث مباشرة بين الفرقاء، والتطور الثاني يتمثل بوقف الأعمال القتالية منذ عدة أشهر في مناطق طرابلس وما حولها ومناطق أخرى في ليبيا، بما فيها سرت والجفرة، أمّا التطور الثالث، فيتمثل بالزيارة المفاجئة إلى مصر التي يقوم بها وزير الداخلية في حكومة الوفاق بغرب ليبيا "فتحي باشاغا" المحسوب على بعض الفصائل الجهادية في غرب ليبيا وحليف تركيا المنافس في هذا التحالف لرئيس الحكومة الليبية "فايز السراج".

 

تعكس زيارة باشاغا للقاهرة تحولات في أدوار الفاعلين الدوليين والإقليميين بالملف الليبي، وتحديداً الدور والتواجد التركي الذي شكّل عنواناً للأزمة الليبية

 

 زيارة باشاغا المفاجئة للقاهرة تأتي مباشرة بعد انتهاء جولة مفاوضات غدامس التي عقدت بإشراف الأمم المتحدة وتمّ التوصل خلالها إلى اتفاق على عقد اجتماع لاحق في سرت، وتشكيل لجنة مشتركة للإشراف على عودة جميع القوات الليبية إلى ثكناتها، تنفيذاً لمقررات مؤتمر جنيف، لكنّ المحور الأهم في اتفاق غدامس كان باتفاق الجانبين على "خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا في غضون 3 أشهر، وتجميد اتفاقات تدريب القوات داخل ليبيا ومغادرة المدربين الأجانب الأراضي الليبية"، كما تسبق زيارة باشاغا للقاهرة المؤتمر الموسع المقرر عقده في تونس الأسبوع القادم بين الفرقاء الليبيين، وبحضور أكثر من 75 شخصية يمثلون الأطياف الليبية.

اقرأ أيضاً: زيارات مُريبة للدوحة تكشف عن الدور القطري في ليبيا

 من المؤكد أنّ الزيارة تعكس تحولات في أدوار الفاعلين الدوليين والإقليميين بالملف الليبي، وتحديداً الدور والتواجد التركي الذي شكّل عنواناً للأزمة الليبية، فاتفاق غدامس يجري بإشراف أممي وتأييد من الولايات المتحدة وروسيا وبضغوط ودعم من الدول الأوروبية بما فيها فرنسا، وتضمّنت قرارته إشارات مباشرة لتركيا والاتفاق على إخراج قواتها "من المرتزقة والمدربين والمستشارين"، دون أن يسمّيها بالاسم.

اقرأ أيضاً: كيف سيرحل "المرتزقة" عن خطوط النار في ليبيا؟

 ومع ذلك، فإنّ زيارة باشاغا للقاهرة تأتي بعد زيارته تركيا وقطر مباشرة، وقبل مؤتمر تونس الأسبوع القادم الذي يتوقع خلاله أن يتم الإعلان عن تسميته "باشاغا" رئيساً للحكومة الليبية بديلاً للسراج، في إطار حكومة توافقية انتقالية تشرف على انتخابات عامّة في ليبيا، ومن الواضح أنه تمّ تغييب المشير حفتر والسراج عنها، فيما يبقى "باشاغا" ممثلاً للغرب الليبي، يقابله "عقيلة صالح" من الشرق الليبي، وقد أظهر "الغزل" غير المسبوق من باشاغا للقاهرة "حكومة وشعباً" حجم رغبته في تسوية الأمور مع القاهرة، لضمان تأييدها لترشيحه للحكومة الليبية، باعتراف صريح بالدور الإقليمي للقاهرة ودورها بالملف الليبي.

 

المؤشرات تدل على أنّ القاهرة تدرك جيداً هدف الزيارة والمرجح أنها لن تقدّم وعوداً بالدعم لحكومة يقودها باشاغا ما لم تحقق مطالب لها مرتبطة بأمنها القومي

 

 المؤشرات تدل على أنّ القاهرة تدرك جيداً هدف الزيارة، والمرجح أنها لن تقدّم وعوداً بالدعم لحكومة يقودها باشاغا ما لم تحقق مطالب لها مرتبطة بأمنها القومي، وتحديداً العلاقة الوثيقة بين تنظيمات جهادية مصرية وميليشيات ليبية إسلاموية توفر للتنظيمات الجهادية المصرية الدعم والملاذ، وهو ما يتطلب وقوف القاهرة على خطط باشاغا لتفكيك الميليشيات والاطلاع على الاتفاقات السياسية التي تجري مناقشتها برعاية الأمم المتحدة، وشكل المرحلة المقبلة في ليبيا، والتي تشير تسريبات شبه مؤكدة إلى أنها ستذهب باتجاه محاصصة مناطقية، بين شرق ليبيا وغربها وجنوبها، بحيث تؤول رئاسة الحكومة للغرب، والمجلس الرئاسي للشرق، فيما تؤول رئاسة مجلس النواب للجنوب.

اقرأ أيضاً: "إخوان ليبيا" واستقالات بالمجان

 وبمعزل عن حجم الوعود التي سيقدمها باشاغا للقاهرة، والتساؤلات حول قدرته على الالتزام بتنفيذها، وتحديداً "تفكيك الميليشيات في الغرب الليبي، وعلى رأسها ميليشيات مصراته"، وإذا ما كانت تتعارض مع وعود قدّمها خلال زيارته لتركيا وقطر، فإنّ مجرّد قيام باشاغا بزيارة القاهرة تشكّل تطوراً جديداً في الملف الليبي، وباتجاهات تؤشر لتوافقات دولية وإقليمية للإسهام في الوصول إلى حلٍّ للأزمة الليبية عنوانه: "لا نصر ولا هزيمة لأيّ طرف"، إلّا أنّ عنوانه الأبرز هو: بدايات تراجع الدور التركي العسكري والأمني في ليبيا.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية