هل يُسقط الإسرائيليون نتنياهو في المعركة الانتخابية الرابعة؟

هل يُسقط الإسرائيليون نتنياهو في المعركة الانتخابية الرابعة؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
22/03/2021

يستعدّ الإسرائيليون لخوض جولة رابعة من انتخابات الكنيست، المقرّرة في 23 آذار (مارس) المقبل، وسط شكوك بعدم جدّية الجولة القادمة في حسم المعركة الانتخابية، وفتح الطريق نحو انتخابات خامسة بين أحزاب لا تجمعها أيديولوجية، أو حتى مواقف سياسية محلية وإقليمية؛ حيث تظهر استطلاعات الرأي في وسائل الإعلام الإسرائيلية، أنّ لا أحد من رؤساء الأحزاب الإسرائيلية سيتمكّن من تشكيل حكومة، حتى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لا يبدو أنّه سينجح بعد الانشقاق الكبير في حزبه "الليكود".

خلال الانتخابات المقبلة سيقرر الإسرائيليون ما إذا كانوا سيستمرّون بالعيش في ظلّ نظام فاشل وفاسد أخلاقياً، أو إنهاء الأزمة السياسية الطويلة، وإسقاط نتنياهو

وتشكّل انتخابات "الكنيست الـ 24" التي تعاد للمرة الرابعة في غضون عامين، أهمية كبيرة في ظلّ الوضع الداخلي الإسرائيلي والظروف الإقليمية والدولية، التي تتطلب سياسة ودبلوماسية تقود شؤون البلاد بعيداً عن تغليب المصالح الشخصية على العامة، خاصة في ظلّ حالة الجمود السياسي في البلاد، وفشل ثلاث جولات في حسم المعركة الانتخابية.

وقال الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين؛ إنّ "إجراء انتخابات رابعة في أقل من عامين، هو دليل على أنّ الأزمة في إسرائيل ستبقى قائمة، مضيفاً أنّ "الإسرائيليين سيذهبون إلى صناديق الاقتراع، وهذه المرة لن يأتوا إلى هناك بوجه سعيد وهم يريدون ديمقراطية فاعلة".

نتنياهو سيفشل مجدداً

وتظهر استطلاعات الرأي الإسرائيلية؛ أنّ "رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لا يبدو أنّه سينجح في تشكيل الحكومة وفق اصطفافات الحزبية الحالية، في حين أنّ الأحزاب المتنافسة قد لا تتجاوز نسبة الحسم، وهذا سيترك تأثيره على الخريطة السياسية الإسرائيلية بأكملها، خاصة إذا لم يكن لدى نتنياهو 61 مقعداً بعد إعلان نتائج الانتخابات المقبلة".

اقرأ أيضاً: أول اتصال هاتفي بين بايدن ونتنياهو... هذا ما جاء فيه

ووفق القناة العبرية "الثانية عشر"؛ فإنّ قادة كبرى الأحزاب الإسرائيلية الأربعة انتهوا من حملاتهم الانتخابية، فيما يواجه قادة هذه الأحزاب معضلات صعبة في الأيام الأخيرة قبل توجّه الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع؛ حيث يتصدر رؤساء كبرى الأحزاب الإسرائيلية، وهم؛ بنيامين نتنياهو، وجدعون ساعر، ونفتالي بينت، ويائير لابيد، اهتمام الشارع الإسرائيلي.

اقرأ أيضاً: محلّلون فلسطينيون لـ "حفريات": بقاء نتنياهو سيزيد الفوضى في إسرائيل

وقال الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، موشيه كولغافت؛ إنّ "استطلاعات الرأي الإسرائيلية الفوضوية، كشفت أنّ مصير شعب إسرائيل يبدو في هذه الأثناء بين يدّي، نفتالي بينيت، فهو يملك فرصة ذهبية لإنقاذ البلاد من حفرة كورونا والهاوية الاقتصادية، لكنّه في حاجة إلى صفات من الشجاعة ومحبة الدولة أكثر من حبّه لنفسه".

نفتالي مرشّح للفوز

وأضاف الكاتب الإسرائيلي: "الوقت حان لتقسيم النظام السياسي الإسرائيلي إلى معسكرات جديدة بين من له مصلحة في انتخابات خامسة ومن ليس لديه مصلحة، لا سيما جدعون ساعر، الذي أسس حزبه "أمل جديد" كحزب بديل لليكود، في حين أنّ نفتالي بينيت، زعيم حزب "يمينا"، لا يهتم بإجراء انتخابات خامسة؛ لأنّ أزمة كورونا حوّلته من حزب صغير إلى حزب يمتلك القدرة على ترجيح كفة الحزب الفائز في الانتخابات المقبلة".

د. أحمد رفيق عوض لـ"حفريات": نتنياهو يعرف أنّ التهديد الأكبر لحزب اليمين هو أصوات العرب، فهو يتطلع للتقرب من الجمهور العربي في إسرائيل

ولا توحي الأوضاع الحزبية في إسرائيل التي أظهرت حالة من الفوضى والانقسامات منذ الإعلان عن حلّ الكنيست، قبل أكثر من شهرين، ببارقة أمل نحو تغييرات ملموسة، فالواضح اليوم أنّ المنافسة ستكون بين اليمين واليمين الأكثر تطرفاً، أي بين نتنياهو وأحزاب اليمين التي ستدعمه، وجدعون ساعر، الذي انشقّ عن الليكود وشكّل حزباً جديداً، ونجح في ضمّ عدّة شخصيات يمينية بارزة.

ووصف رئيس القائمة العربية المشتركة، أيمن عودة، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في أعقاب زيارته لمدينة أم الفحم، بالرجل الكاذب والمستخف بالذكاء العاطفي لدى الجمهور العربي، مضيفاً أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي حرّض ضدّ المواطنين العرب، ويرى أنّهم رعايا يمكن منحهم لقاحات ومزايا اقتصادية، مستذكراً قيام نتنياهو بدفع قانون القومية قدماً.

الانتخابات مهدّدة بالفشل

في سياق ذلك، قال المختص في الشأن الإسرائيلي، ورئيس مركز القدس للدراسات السياسية، الدكتور أحمد رفيق عوض؛ إنّ "جولة انتخابات الكنيست الرابعة مهددة بالفشل أكثر من إمكانية نجاحها، بسبب الانقسام الأيديولوجي السياسي القائم بين المعسكرات السياسية، ووجود عدد كبير من الزعامات داخل الأحزاب السياسية".

الدكتور أحمد رفيق عوض

وأشار عوض، في حديثه لـ "حفريات"، إلى أنّ "توجّه إسرائيل إلى جولة رابعة من الانتخابات في أقل من عامين جاء نتيجة أسباب، ومنها اعتبارات نتنياهو الشخصية فهو يسعى إلى حكومة يمينية قوية لا يبدي الشركاء فيها أيّة تحفظات على محاولته للتحصن من تهم الفساد، ثانياً الخلافات القائمة بين الأحزاب على مضمون الدولة وطبيعة نظام الحكم فيها، وكلّ هذه الأسباب أفشلت ثلاث جولات سابقة من الانتخابات". 

اقرأ أيضاً: كيف أسقطت جائحة كورونا القناع الشفاف عن وجه نتنياهو؟

وبيّن أنّ "حزب الليكود لديه فرصة كبيرة فى الفوز في هذه الجولة، فهذا الحزب استطاع أن يقدّم الكثير للدولة، لكنّ الانشقاقات الكبيرة داخل الليكود من قبل نفتالي بينت وجدعون ساعر، تهدّد بخسارة نتنياهو، والذي يرفض بكلّ الأحوال خسارته، وسيجرّ البلاد إلى الفوضى".

نجح بتفكيك الأحزاب

وأضاف عوض: "نتنياهو خاض معركة شرسة في أعقاب التحضير لانتخابات "الكنيست الـ 24"، فقد نجح في تفكيك عدد من الأحزاب السياسية، وأبرزها حزب أزرق _ أبيض حليفه الأكبر في الائتلاف الحكومي الذي قد يكون بديلاً له في الحكم، كما نجح في زرع الفتنة داخل القائمة العربية المشتركة، ودفع بذلك منصور عباس للانشقاق عن القائمة وتشكيل القائمة الموحّدة".

وتابع: انشقاق الحركة الإسلامية عن القائمة العربية شكّل حالة من الجمود لدى المجتمع العربي في إسرائيل، وهو ما قد يهدّد بفاعلية المشاركة العربية في الانتخابات المقبلة، إلى جانب أنّ هذا الانشقاق قلل من عدد مقاعد القائمة العربية، من 15 مقعداً إلى 10 مقاعد، وهذا دفع رئيس القائمة العربية، أيمن عودة، لأن يطلب من منصور عباس للاجتماع معاً، وذلك لكسب أصوات العرب وعدم إهدارها".

وأبلغ عوض "حفريات"؛ بأنّ "نتنياهو يعرف أنّ التهديد الأكبر لحزب اليمين هو أصوات العرب، فهو يتطلع، حتى اللحظات الأخيرة التي تسبق الانتخابات، للتقرب من الجمهور العربي في إسرائيل، والذي يشكّل نسبة 20 في المئة، فهو يحاول استمالة العرب ويعدهم بتقديم التسهيلات لهم ويطالبهم بالتصويت لليكود، وذلك من خلال زيارته لبدو النقب وشرب القهوة معهم، ولمدينة أم الفحم، إلى جانب محاولة إقناع منصور عباس بالتحالف معه".

اقرأ أيضاً: %75 من الإسرائيليين غير راضين عن نتنياهو

ووفق تحليلات إسرائيلية؛ فإنّ نتنياهو تمكّن من الفوز في انتخابات عام 2015 لأنّ معظم الإسرائيليين يمينيون، وهذا جعل قطاعات واسعة منهم تتقبل الخط الدعائي الذي عكف عليه، لكن بعد تهم الفساد وسوء إدارة أزمة كورونا، يبدو أنّ الأزمة السياسية في إسرائيل تتجه لاستنساخ ذاتها، في حين أنّ معسكر بنيامين نتنياهو، والمعسكر المناهض له، عاجزان عن تشكيل حكومة، مما يفتح الباب لانتخابات خامسة في الخريف المقبل.

إفشال الانتخابات

في إطار ذلك؛ أوضح الكاتب والمحلل السياسي، نظير مجلي، أنّ "بنيامين نتنياهو يخوض حرباً شرقية شرسة، والنهج الذي يتبعه في الخطة هو الهروب من المحكمة وإفشال جولة الانتخابات، والعمل على تشكيل حكومة ضيقة كى ينفرد في تشريع "القانون الفرنسي"، الذي يهدف إلى منع توجيه لوائح اتهام ضدّه، والامتناع عن محاكمة رئيس الوزراء ما دام في منصبه".

الكاتب والمحلل السياسي، نظير مجلي

وأضاف مجلي، في حديثه لـ "حفريات": "ما يميز انتخابات "الكنيست الـ 24"، هو التنافس بين أحزاب وقيادات اليمين التي ترى في نفسها بديلاً عن نتنياهو، في حين أنّ اليسار الذي كان يشكّل خطراً على نتنياهو خلال الجولات السابقة، بات ضعيفاً، وليس له دور في الانتخابات المقبلة، بسبب قياداته الضعيفة وتبنّي أحزاب عديدة برامجه ومبادئه".

وأشار مجلي إلى أنّ "الانتخابات الرابعة تضع نتنياهو أمام تحديات غير مسبوقة، خاصّة في معسكر اليمين الذي بات يضجر منه، في حين أنّ المشكلة الرئيسة في الانتخابات المقبلة، هي أنّ الأحزاب الإسرائيلية التي تنتحل شخصية اليمين، تذهب إلى الائتلاف اليساري، بشرط ضمان التناوب في منصب رئيس الوزراء".

الانتخابات مكلفة للدولة

ويرى المحلل السياسي؛ أنّ "الانتخابات في إسرائيل مكلفة، وتكرارها يكشف عيوب الدولة ويضعف القرار السياسي والأمني، لذلك يتوقّع أن تكون للإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي كلمة فاصلة في حال فشلت الانتخابات المقبلة في الوصول إلى تشكيل حكومة تقود شؤون البلاد، وذلك لوقف المهزلة الحاصلة، والتي تعدّ الأولى في تاريخ إسرائيل".  

 ويعيش الإسرائيليون في ظلّ الأزمة السياسية والاقتصادية القائمة أمام مفترق طرق حرج، وخلال الانتخابات المقبلة سيقررون ما إذا كانوا سيستمرّون بالعيش في ظلّ نظام فاشل وفاسد أخلاقياً، أو إنهاء الأزمة السياسية الطويلة، وإسقاط حكومة نتنياهو المتواصلة منذ عام 2009.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية