بعد إحراق بارين كوباني: الأحقاد التركية تتفجر عنفاً وتوحشاً

سوريا وتركيا

بعد إحراق بارين كوباني: الأحقاد التركية تتفجر عنفاً وتوحشاً


12/02/2018

قتلوها وعروها من ثيابها، ومثلوا بجثتها، ثم وقفوا يتأملون جسدها المشوه، وهو مسجى على الأرض، غارقاً في الدم، بينما شرعوا في ركله وتصويره، باشتهاء شيطاني، لا يقل في قساوته ووحشيته، عن شهوة القتل والفتك بالبشر، التي وثقتها تلك اللحظة، في عفرين، مع جثة المقاتلة الكردية "بارين كوباني"، وتحول جسدها إلى خرقة ممزقة، لم يتورعوا عن قطع ثدييها وممارسة صنوف السادية عليها.

ذلك الحادث يفتح فصلاً شديد الانحطاط، في مآلات المشهد السوري الدموي، ومأساته، التي يؤلفها تلك المرة، الجيش التركي، بحجة القضاء على الوجود الكردي المسلح، الممثل في قوات حماية الشعب، التي تعتبرها تركيا تنظيماً "إرهابياً"، وامتداداً لحزب العمال الكردستاني، والموجود في عفرين، شمال غربي سوريا، تحت مسمى عملية "غصن الزيتون"، التي أطلقها أردوغان، في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي.

أمينة عمر، هو اسم المقاتلة الكردية الحقيقي، التي تبلغ من العمر 25 ربيعاً

بارين كوباني.. سيرة الموت

أمينة عمر، هو اسم المقاتلة الكردية الحقيقي، التي تبلغ من العمر 25 ربيعاً، والذي توارى تحت وطأة الحرب السورية، فاتخذت اسماً حركياً، عرفت به، واشتقت من خلاله حياتها الجديدة، بتفاصيلها المؤلمة والصعبة، حيث اختبرت الموت داخلها أكثر من مرة، ومشقة التدريبات العسكرية والعمليات المسلحة، وتقاسمت حياتها صورة شبيهة من اسمها الجديد، الذي حصرت نفسها فيه؛ فـ"بارين"، بالكردية، تعني "الصرخة والعويل"، وكوباني، هي مدينة عين العرب السورية، التي تنتسب إليها.

وتنتمي كوباني إلى قرية "قيركلبين"، في منطقة الشهباء، بريف حلب الشمالي، لم تكمل دراستها الاعدادية، وانضمت إلى وحدات حماية المرأة، في عام 2015، فيما تكشف سيرتها التي تتقاطع مع أحداث بلادها، تحولها إلى مجرد ضحية للثأر وسيرة عامة "للموت".

جثة المقاتلة الكردية بارين كوباني  دليل على نار القومية التركية المستعرة والتي تخوضها تركيا على أسس هوياتية وطائفية

وهو ما ظهر في شريط مصور لها، قبل العملية التي قتلت فيها، قالت فيه: "لم أكن أعرف شيئاً عن عالم السياسة أو النضال العسكري، قبل انضمامي إلى وحدات حماية المرأة، لكنني أدركت، لاحقاً، بأن حريتي تبدأ بدفاعي جنباً إلى جنب، مع أبناء بلدي، عن أرضي وشعبي، ومفاهيم الحرية الديمقراطية، التي نسعى إلى تحقيقها في سوريا".

امتلأت منصات التواصل الاجتماعي، بالتعليقات المتعاطفة مع المقاتلة الكردية، وإدانة العدوان التركي على عفرين، وذلك، بعد نشر مقطعي فيديو، يظهر فيهما تمثيل مقاتلين بجسدها، بعد أن فارقت الحياة؛ حيث تم أسرها من قبل جنود أتراك، في قرية قورنة، في ريف عفرين الشمالي.

المسلحون الأتراك.. اشتهاء الذبيحة                        

يظهر الجنود المسلحون في شريط الفيديو، يضعون أقدامهم على صدرها، وقطع ثدييها، والتقاط صور "السيلفي"، بهواتفهم المحمولة، مع جسدها العاري، بينما تظهر أصواتهم المنفعلة يتحرشون بها بألفاظ واضحة؛ فيقول أحد المسلحين: "حلوة يا زلمى"، ليرد مسلح آخر: "في واحدة تانية".

وفي أحد الشرائط التي تم تصويرها، تبدو المقاتلة الكردية، وهي ما تزال بثيابها، قبل تمزيقها وتعذيب جسدها عارياً، يحوطها المسلحون الذين يصفونها بـ "خنزيرة حزب العمال الكردستاني".

بينما في الفيديو الثاني، يظهر جسد كوباني عارياً في نصفه الأعلى، مضرجاً في دمائه، حيث يدهسه أحد المسلحين، في منطقة الصدر، ويبدو معه "غصن شجرة زيتون"، ملقى على جثتها، يفضح المضمون الحقيقي، لذلك الغصن وثمنه، الذي يستوي مع جثة مشوهة، بعدوانية بالغة، لم تترك أثراً للوحشية واللاإنسانية، إلا وعبرت عنه.

حذر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تركيا من أن عملياتها ضد الفصائل الكردية، يجب ألا تتحول إلى هدف لغزو سورية

وبعد أكثر من أسبوعين من القصف المدفعي والهجوم المتواصل في عفرين، حيث تتركز الاشتباكات العنيفة، على المحاور الشمالية والغربية لعفرين، من ناحية راجو وبلبلة، بلغت حصيلة الضحايا الذين وصلوا إلى مشفى عفرين، منذ اليوم الأول، إثر العدوان التركي المتواصل على المدينة، نحو142 شهيداً و345 جريحاً، من بينهم ثمانية وستون مدنياً، فضلاً عن واحد وعشرين طفلاً واثنتي عشرة إمرأة، طالتهم عمليات القصف المكثف، من الطائرات الحربية والصواريخ والقذائف.

وإلى ذلك، يشير تقرير الأمم المتحدة أن العمليات العنيفة في عفرين من الجيش التركي ضد قوات الحماية الكردية، تسببت في نزوح نحو 15 ألف شخص.

فيما يرى خبراء ومراقبين، أن ثمة استهدافاً ممنهجاً، تتبعه قوات النظام التركي، في نحو المدنيين والمباني والبنى التحتية للمدينة.

يظهر جسد كوباني عارياً في نصفه الأعلى مضرجاً بدمائه (تعبيرية)

الجيش التركي في عفرين.. صناعة الخوف وممارسة الإرهاب

ومنذ بدء المعركة تتبنى الحكومة التركية، موقفاً صارماً تجاه كل الانتقادات، التي تتوجه لعملياتها في سوريا، سواء على مستوى محلي أو دولي؛ حيث جرى قمع المظاهرات، في العاصمة التركية، أنقرة، واعتقال المحتجين، ناهيك عن توقيف، نحو 600 شخصاً، متهمين بـ "نشر الدعاية الإرهابية وتمجيد ودعم الإرهاب"، لمجرد كتابتهم آراء معارضة على منصات التواصل الاجتماعي.

ولئن حذر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تركيا من أن عملياتها ضد الفصائل الكردية، يجب ألا تتحول إلى هدف لغزو سورية، فقد اعتبر وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن كل من يعارض العملية التركية، في عفرين، يأخذ جانب الإرهابيين.

يصف الباحث في الشؤون التركية، محمد حامد في تصريح لـ"حفريات"، الممارسات التركية، في عفرين، بأنها بمثابة حرب بلا غطاء دولي، والأكراد يواجهون مصيرهم بشكل منفرد ويتعرض المدنيين لاستهداف متواصل تحت وطأة القصف والقتل، لكن الأكراد أبدوا، كذلك، صموداً لابأس به في مواجهة القوات التركية، وسقط من الجيش التركي، نحو ١٩ مسلحاً، حتي الآن.

وبسؤاله عن حقيقة وصف مراقبين للعملية العسكرية من جانب تركيا، بأنها تتبع سياسة ممنهجة لاستهداف المدنيين الأكراد، قال:" نعم، هي حرب تدميرية هدفها إبعاد الأكراد عن حدود تركيا، والضحايا الأكراد من المدنيين كثر. وهناك حرب صور واحصائيات بين الطرفين. لكن، تركيا، تصبغ الحرب، بدعاية دينية تروجها وسائلها الإعلامية، منذ بدء الهجوم في عفرين، فيما يعتبرون أنفسهم يدافعون عما يتعرضون له تهديدات عسكرية، على حدودهم، لكنها حرب بلا شك، تهبط من أسهم تركيا دولياً وأوروبياً.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية