"انتهى عصر الحصانة": الموساد يعيث اغتيالاً في إيران

"انتهى عصر الحصانة": الموساد يعيث اغتيالاً في إيران


05/06/2022

تطورات لافتة شهدتها إيران، في ظل درجة توتر قصوى مع القوى الخارجية، تحديداً الولايات المتحدة وإسرائيل، وذلك على خلفية الوضع المأزوم، سياسياً وإقليمياً.

ومن بين أسباب التوتر، الملف النووي الإيراني، وكذا التحركات الميدانية للذّراع الخارجية للحرس الثوري الإيراني بالمنطقة، الأمر الذي يثير تخوفات إسرائيلية تجاه السلوك الإقليمي لطهران، خاصة مع نشاطها المحموم في صناعة المسيّرات وتطوير الصواريخ، ناهيك عن الخرق المتواصل لبنود الاتفاق النووي ورفع معدلات التخصيب.

مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل

حوادث مثيرة جرت في الداخل الإيراني، على مدار الأيام القليلة الماضية، بدأت باغتيال قيادي في فيلق القدس، ثم سقوط طائرة تدريب في وسط جزيرة قشم الإيرانية، وقصف غامض بواسطة طائرة مسيّرة لقاعدة بارشين العسكرية، المسؤولة عن تطوير قدرات طهران في تكنولوجيا الصواريخ النووية والطائرات المسيّرة.

وكشفت قناة إيران أنترناشيونال عن مقتل القيادي في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل زادة في كرج يوم الاثنين الماضي.

وأضاف المصدر، وفق قناة "العربية" أنّ القيادي بالوحدة 840 في فيلق القدس توفي إثر سقوطه من فوق سطح منزله، بينما أبلغت عائلة أنه انتحر بسبب مشاكل نفسية رافقت انفصاله عن زوجته.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أنّ إسماعيل زادة مقرب من صياد خدائي الذي قتل في هجوم أمام منزله الشهر الماضي.

المعارض الإيراني مسعود محمد: اغتيال في وضح النهار

وتزامنت هذه الحوادث مع القصف الذي تعرّضت له القاعدة العسكرية الإيرانية لحظة الإعلان عن قاعدة طائرات مسيّرة في عمق الأرض، حيث قال التلفزيون الرسمي الإيراني إنّه "مع تشغيل هذه القاعدة السرّية، التي تمّ تصميمها وبناؤها على عمق مئات الأمتار، أصبحت إيـران القوة الأولى في مجال المسيّرات والطائرات بدون طيار في المنطقة، وتفوقت على سائر الدول المنتجة للمسيّرات".

وأكّد رئيس الأركان، محمد باقري؛ أنّ "الجيش يطوّر سريعاً قوته وقدراته في مجال الطائرات المسيّرة"، لافتاً إلى أنّ إيران تنتج "طائرات مسيّرة جديدة لمهمات عدة ومتنوعة". وقال قائد الجيش، الميجور جنرال عبد الرحيم موسوي: "لا شكّ في أنّ الطائرات المسيّرة الخاصة بالقوات المسلحة الإيرانية هي الأقوى في المنطقة، قدرتنا على تحديث الطائرات المسيّرة لا يمكن إيقافها".

الموساد الإسرائيلي أصبح يعمل، بشكل مباشر، في إيران، كما هو واضح من خلال عمليات الاغتيال التي تتميز بالسرعة ودقة التنفيذ والقدرة على الاختراق والمناورة والانسحاب بلا أي أثر

وفيما يبدو أنّ إسرائيل، التي أبلغت واشنطن مسؤوليتها عن اغتيال الضابط في الحرس الثوري الإيراني، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تبعث بتحذيرات خشنة لطهران. وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، مطلع الأسبوع الماضي، إنّ عهد "الحصانة" الذي تتمتع به إيران قد انتهى.

وتابع: بينيت "على مدى عقود، مارس النظام الإيراني الإرهاب ضدّ إسرائيل والمنطقة عن طريق الوكلاء والمبعوثين، لكنّ رأس الأخطبوط، إيران نفسها، يتمتع بالحصانة. كما قلنا من قبل، انتهى عصر حصانة النظام الإيراني، وهؤلاء الذين يموّلون الإرهابيين ويسلّحون الإرهابيين ويرسلون الإرهابيين، سيدفعون الثمن بالكامل".

خرق للأجهزة الأمنية الإيرانية

وفي حديثه لـ "حفريات"، يقول المعارض الإيراني، مسعود محمد؛ إنّه لم تمضِ أيام على اغتيال العقيد في الحرس الثوري الإيراني، حسن صياد خدائي، حتى أعلنت إيران مقتل مسؤول آخر في إحدى المنشآت التابعة لوزارة الدفاع في منطقة بارشين العسكرية، شرق طهران. وذكرت الوزارة في بيان، أنّ المهندس إحسان قدبايكي قُتل خلال حادثة في إحدى المنشآت التحقيقية بـ "بارشین"، شرق العاصمة الإيرانية طهران.

كما جُرح موظّف آخر في المنشأة العسكرية التي تضمّ مراكز للتصنيع العسكري، وقد سبق أن خضعت أجزاء منها للتفتيش من قبل وكالة الطاقة الذرية، حسبما يوضح المعارض الإيراني، وذلك بعد تسريب أنباء عن قيام إيران بأنشطة محظورة فيها. ويردف: "في وضح النهار، تمّ اغتيال حسن صياد خدائي، العقيد في الحرس الثوري الإيراني، على أيدي مسلَّحَين اثنين، وذلك أثناء وجوده (خدائي) في سيارته أمام منزله في العاصمة الإيرانية طهران. وعلى الرغم من أنّ العقيد بالحرس الثوري لم يكن معروفاً للعامة، ولم تكن لديه حراسة شخصية ترافقه، إلا أنّ عملية اغتياله قد أحدثت ضجة كبيرة، وسرعان ما وجِّهت طهران أصابع الاتّهام إلى إسرائيل متوعّدة بالثأر له".

المعارض الإيراني عبد الله مهتدي: ضلوع الموساد لم يعد سراً

ويشير سكرتير عام حزب كومله الكردستاني الإيراني المعارض، عبد الله مهتدي، إلى "خرق كبير في الأجهزة الأمنية الإيرانية، والخرق يطاول الأجهزة السيادية العليا، وعلى أكثر من مستوى، وتواصل عدة أجهزة أمنية خارجية مهتمة بالوضع الإيراني، هذا النشاط المحموم لتحقيق عدة أهداف منها جمع المعلومات، ومن بين تلك الأجهزة الموساد الإسرائيلي، والذي يعدّ حاضراً بقوة.

 وثمّة تطور مهم في هذا الشأن؛ هو أنّ الموساد أصبح يعمل، بشكل مباشر، في إيران، كما هو واضح من خلال عمليات الاغتيال التي تتميز بالسرعة ودقة التنفيذ والقدرة على الاختراق والمناورة والانسحاب دون ترك أي أثر".

سكرتير حزب كومله الكردستاني الإيراني المعارض عبد الله مهتدي لـ "حفريات": ثمة خرق كبير في الأجهزة الأمنية الإيرانية، والخرق يطاول الأجهزة السيادية العليا، وعلى أكثر من مستوى

ووفق سكرتير الحزب الكردي المعارض في إيران، في حديثه لـ "حفريات"؛ فإنّه "لم يعد سراً ضلوع الموساد بالاغتيال، كما أنّ اغتيال خدائي يبرز متغيراً له دلالاته، يتصل بتناقض الأجندات حيال إيران؛ إذ لم يعد خافياً على أحد أنّ الولايات المتحدة تبحث عن إتفاق نووي مع إيران بأيّ ثمن، بينما إسرائيل لا ترى أيّة قدرة للاتفاق النووي على منع عدائية إيران في الإقليم والمنطقة، بل ترى في إحياء الاتفاق مصدر قوة لإيران، يزودها بالمال بعد فكّ الحصار عنها، كما يساعد في إنعاش أذرعها الإرهابية، ووكلائها، بداية من حزب الله اللبناني، ومروراً بالحوثي باليمن، وحتى الحشد بالعراق ثم حماس والجهاد بغزة".

ما الجديد في عملية اغتيال خدائي؟

وبينما لا تعدّ عملية اغتيال القيادي بالحرس الثوري الإيراني من قبل إسرائيل أو الولايات المتحدة أمراً مباغتاً، خاصة مع طبيعة العلاقة المشحونة بالعدائية بين طهران وواشنطن وتل أبيب، ووجود سوابق عديدة لحوادث مماثلة ومتبادلة بين تلك الأطراف وبعضها، لكنّ اللافت أنّ طهران كانت "هذه المرة أكثر شفافية في الحديث عن العملية ونشر صور الضحية مقتولاً في سيارته، والإشارة إلى مهامه ومآثره، فيما سارعت صحافة إسرائيل إلى الإسهاب في نشر تفاصيل العملية وظروفها، فضلاً عن دور الرجل في أنشطة تمثل خطراً إستراتيجياً على إسرائيل"، حسبما يوضح الكاتب السياسي اللبناني محمد قواص.

ويرجح قواص، في مقاله المنشور بموقع "سكاي نيوز عربية"، أنّ الاعتراف المتبادل بموقع ومسؤوليات خدائي وأدواره "يوحي بأنّ الحرب بين الطرفين باتت مباشرة وذاهبة إلى مزيد من التصعيد، على هامش المفاوضات الجارية في فيينا".

وإلى ذلك، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي؛ إنّ الثأر من اغتيال القيادي بالحرس الثوري الإيراني "أمر حتمي"، فيما اتّهم الحرس الثوري قوى "الاستكبار العالمي"، في إشارة للولايات المتحدة وإسرائيل، بالوقوف وراء تنفيذ الجريمة "الإرهابية"، ونقلت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، عن القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، قوله إنّ العقيد خدائي جرى اغتياله على يد "إسرائيل بعد سنوات من التعقب". وتابع سلامي: "العدو، من قلب البيت الأبيض وتل أبيب، تعقّب الشهيد، لأشهر وسنوات، من بيت إلى بيت، ومن زقاق إلى زقاق، حتى تمكّن من قتله، والعدو يعدّ استشهاده نصراً، وهذا يدلّ على عظمة الشهيد".

مواضيع ذات صلة:

عودة الاغتيالات إلى لبنان لا تبشر بحلحلة قريبة للوضع المتأزم

هل تورطت الحكومة العراقية السابقة في اغتيال سليماني؟

محللون لـ"حفريات": اغتيال زاده يعني أن إيران مخترقة أمنياً



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية