عقد من الإرهاب والتخريب... كيف أدارت جماعة الإخوان معركتها ضد الدولة المصرية؟

عقد من الإرهاب والتخريب... كيف أدارت جماعة الإخوان معركتها ضد الدولة المصرية؟

عقد من الإرهاب والتخريب... كيف أدارت جماعة الإخوان معركتها ضد الدولة المصرية؟


27/03/2024

خاضت مصر، وما تزال، حرباً شرسة ضدّ التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها جماعة الإخوان، التي استهدفت المؤسسات المصرية على مدار (10) أعوام بالعنف والإرهاب والتخريب ومحاولات صناعة الفوضى. وقد فندت دراسة حديثة صادرة عن المرصد التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية خارطة تحرك التنظيم ضدّ الدولة المصرية خلال الأعوام الماضية وأهدافه المستقبلية.

معركة وجود 

بحسب الدراسة التي أعدتها الباحثة منى قشطة، شنت الجماعة ما اعتبرته "معركة وجود" ضدّ مؤسسات الدولة، بعد الإطاحة بحكمها عام 2013؛ فقد شهدت مرحلة ما بعد ثورة 30 حزيران (يونيو) الدخول في مرحلة "الإخوانية الجهادية"، التي تم التنظير لها في كتاب صادر عام 2015، حمل اسم "فقه المقاومة الشعبية للانقلاب"، وكذلك بيان نداء أرض الكنانة. 

هذه الكتابات شجعت أنصار جماعة الإخوان الإرهابية، والخلايا والجماعات النوعية التي تولدت من رحمها، على استهداف الدولة المصرية ورجال القوات المسلحة والشرطة والقضاء والإعلام، بموجة إرهابية ضخمة تكبدت مصر على إثرها كلفة بشرية ومادية باهظة لهزيمة الإرهاب، واستعادة حالة الأمن والاستقرار اللازمة لتثبيت أركان الدولة المصرية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إذ بلغت على الصعيد البشري (3277) شهيداً، إضافة إلى (12) ألفاً و(280) مصاباً، بحسب الدراسة. 

الباحثة منى قشطة

ومن الناحية المادية بلغت تكلفة الإرهاب نحو (84) مليار جنيه حتى عام 2017، بتكلفة شهرية قدرها مليار جنيه، حسبما أفاد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في نيسان (إبريل) عام 2022. 

محطات جرائم الإخوان

 توضح الدراسة (3) محطات لجرائم جماعة الإخوان الإرهابية خلال الأعوام الأخيرة؛ المحطة الأولى بين أحداث 25 كانون الثاني (يناير)، حتى وصول الجماعة إلى الحكم في 24 حزيران (يونيو) 2012، وشملت اقتحام السجون، حيث قام عناصر من جماعة الإخوان الإرهابية خلال يومي 28 و29 كانون الثاني (يناير) 2011 بمعاونة بعض العناصر الخارجة على القانون، باقتحام عدة سجون وتحديداً التي تضم عناصر الإخوان، وفي مقدمتهم محمد مرسي وخيرت الشاطر وسعد الكتاتني وغيرهم، وجميعهم سجنوا على خلفية قضايا تتعلق بزعزعة الاستقرار داخل الأراضي المصرية.

 

 شنت الجماعة ما اعتبرته "معركة وجود" ضد مؤسسات الدولة بعد الإطاحة بحكمها عام 2013؛ وشهدت مرحلة ما بعد ثورة 30 حزيران (يونيو) الدخول في مرحلة "الإخوانية الجهادية".

 

كما استهدفت الجماعة في هذه المرحلة مقار جهاز الأمن الوطني في مصر، في محاولة لمحو ذاكرة الأمن المصري، الذي كان عقبة أمام الجماعة في تنفيذ مخططاتها في مصر، ورصد ووثق جرائمهم، وأحبط الكثير منها.

كذلك احتشدت عناصر جماعة الإخوان في مختلف المحافظات المصرية عقب صلاة الجمعة يوم 28 كانون الثاني (يناير) 2011 للتظاهر فيما سمّته "جمعة الغضب"، وتمّت محاصرة أغلب أقسام الشرطة والتظاهر في محيطها، وفي توقيت متزامن هوجمت جميع أقسام الشرطة بقنابل المولوتوف في كافة أنحاء الجمهورية، وتم نهب الأسلحة من داخلها وتهريب السجناء منها.

 كما عمدت جماعة الإخوان الإرهابية إلى الحفاظ على اشتعال الميدان وتحفيز الاحتجاجات وخلق مظلوميات بين الشباب المتظاهرين؛ عن طريق التسبب في حوادث قتل للمحتجين، بما يضمن استمرار سخونة الأحداث وخلق بيئة مواتية للسيطرة على حركة الشارع والتغلغل بين قطاعات المتظاهرين ومن ثم توظيفهم للاستيلاء على السلطة. 

حكم الإخوان... العام الأسود 

جاءت المرحلة الثانية من مخطط الإخوان التخريبي بمصر عام 2012، بالتزامن مع تولي الجماعة حكم البلاد، وفي تلك الأثناء شهدت مؤسسة القضاء محاولات مستميتة من جانب الجماعة للسيطرة عليها، فيما عُرف بـ "أخونة القضاء"، ومن ذلك عزل المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام آنذاك، وتعيين نائب عام آخر هو المستشار طلعت عبد الله، نائب رئيس محكمة النقض، صاحب الميول الإخوانية. 

بلغت تكلفة الإرهاب نحو (84) مليار جنيه حتى عام 2017

وحاولت جماعة الإخوان استثمار وصول أحد عناصرها إلى رئاسة الدولة للسيطرة على المؤسسات الأمنية بشكل عام، وقطاع الأمن الوطني بشكل خاص، وهو ما بدأته الجماعة باستصدار قرارات رئاسية بالعفو عن المدانين من عناصرها، وغيرهم من المنتمين للتيارات والتنظيمات الإرهابية الأخرى، لمُضاعفة العبء واستنزاف القطاع وضباطه. ثم اتجه الإخوان إلى استبعاد المخضرمين من قيادات وضباط القطاع عن ملفاتهم الرئيسة، خاصة المسؤولين عن نشاط الجماعات الدينية والإرهابية.

 ولم تفلت المؤسسات الإعلامية من أيدي الجماعة التي حاولت أخونة الإعلام وتشويه الرسالة الإعلامية، من خلال إنشاء العديد من القنوات الدينية المتشددة لبث أفكارها المتطرفة والإرهابية تحت ستار الدين، وقد فرضت الجماعة الخناق على النوافذ الإعلامية التي تعارض الجماعة وأنصارها. 

دعم الإرهاب 

 خلال حكم البلاد كثفت جماعة الإخوان التواصل مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، في مقابل تقديم هذه الجماعات خدمات لجماعة الإخوان لمساعدتها في تمكينها من السلطة في مصر، وأصدر الرئيس المعزول مرسي قراراً بالعفو عن المئات من أعضاء تلك الجماعات والتنظيمات وجميعهم تم اتهامهم في قضايا (ارتكاب وتنفيذ عمليات إرهابية، وحيازة أسلحة وذخيرة والتجارة فيها والسرقة بالإكراه)، وصدرت أحكام بإدانتهم، كما رصدت قوات الأمن دخول ما يقرب من (3) آلاف جهادي إلى الأراضي المصرية، وبالتحديد في سيناء من العائدين من أفغانستان، وفق الدراسة. 

 

ما تزال جماعة الإخوان تحاول النيل من الدولة المصرية، عن طريق ضرب الثوابت الوطنية وتشويش الذاكرة والوعي المصري عبر التشكيك في المنجزات العسكرية وعلى رأسها نصر تشرين الأول (أكتوبر) 1973. 

 

وقد ظهر التنسيق والتعاون مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية خلال البيان الذي أصدره مرسي في أعقاب حادث اختطاف (7) جنود من القوات المسلحة والشرطة في العريش خلال أيّار (مايو) 2013، وطالب مرسي في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية قوات الجيش بضرورة الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين خلال القيام بتنفيذ عمليات البحث عن المختطفين وتحريرهم، وهو الأمر الذي أكد وجود علاقة بين الجماعة وتلك التنظيمات الإرهابية.

إرهاب ما بعد السقوط

شهدت مرحلة ما بعد سقوط حكم جماعة الإخوان الإرهابية في عام 2013 موجة إرهابية ضخمة، قادتها خلايا عنقودية تضمنت كيانات وجماعات مسلحة تولدت من رحم الجماعة، وضمت في صفوفها عناصر الإخوان والمتعاطفين معها، ومنها على سبيل المثال: "حركة سواعد مصر"، التي تُعرف اختصاراً باسم "حسم"، و"العقاب الثوري"، و"المقاومة الشعبية"، و"لواء الثورة"، و"كتيبة الإعدام"، و"كتائب حلوان". 

 وقد اضطلعت هذه الخلايا، بحسب الدراسة، بتنفيذ عدد من الهجمات الدامية في محافظات الوادي.

وما تزال جماعة الإخوان تحاول النيل من الدولة المصرية، عن طريق ضرب الثوابت الوطنية وتشويش الذاكرة والوعي المصري عبر التشكيك في المنجزات العسكرية وعلى رأسها نصر تشرين الأول (أكتوبر) 1973، حيث تعمد الجماعة إلى نشر تقارير غربية صادرة عن بعض مراكز الأبحاث الأمريكية والبريطانية تدّعى أنّ إسرائيل لم تهزم.

 

تحاول الجماعة عبر منصاتها الإعلامية المُختلفة الترويج للسردية الإخوانية بشأن الأحداث في مصر، والتشكيك في المشروعات الكُبرى التي تنفذها الدولة، وبث الإحباط في نفوس المصريين.

 

 كما تحاول الجماعة عبر منصاتها الإعلامية المُختلفة الترويج للسردية الإخوانية بشأن الأحداث في مصر، والتشكيك في المشروعات الكُبرى التي تنفذها الدولة، وبث الإحباط في نفوس المصريين.

وكذا بث الشائعات والأكاذيب المُتعددة بغرض إثارة وتأليب الرأي العام، والترويج لوجود فساد وانتهاكات ضد حقوق الإنسان، ومهاجمة مؤسسات الدولة المصرية والتشكيك في قدراتها على أداء مهامها، أو الادعاء بأنّها تمارس انتهاكات غير قانونية، وغيرها من أساليب تزييف الوعي.

مواضيع ذات صلة:

هكذا وظف الإخوان الإعلام الرقمي لتنفيذ أجندة الجماعة

ما مدى تأثير الإعلام الرقمي في نشر ثقافة التسامح والتعايش؟

لماذا فشل رهان تنظيم الإخوان على الإعلام؟ وما بدائله المستقبلية؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية