بعد عامين من ولاية طالبان الثانية.. أفغانستان سجن كبير فوق بقايا وطن

بعد عامين من ولاية طالبان الثانية.. أفغانستان سجن كبير فوق بقايا وطن

بعد عامين من ولاية طالبان الثانية.. أفغانستان سجن كبير فوق بقايا وطن


22/08/2023

بعد (4) عقود من الصراع وعدم الاستقرار، وبالتزامن مع عودة حركة طالبان إلى الحكم، أصبح الأفغان يشكلون ثالث أكبر عدد من النازحين في العالم، بعد اللاجئين السوريين والأوكرانيين، ويعود ارتفاع مستويات النزوح إلى الصراع السياسي، والكوارث الطبيعية، وتفاقم الفقر.

في العام 2023 كان هناك ما لا يقلّ عن (8.2) ملايين لاجئ أفغاني يعيشون في (103) دول حول العالم، وتعيش الغالبية العظمى منهم على هامش التاريخ والجغرافيا في باكستان وإيران ودول الجوار.

في الداخل الأفغاني، وفي العام الجاري، أصبح هناك (28.3) مليون شخص بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية، وقد قفز العدد من (24.4) مليون شخص في العام 2022، ومن نحو (18.4) مليوناً في أوائل العام 2021.

في العام الجاري أيضاً يواجه (20) مليون أفغاني خطر الجوع الحاد، مع وجود (6) ملايين شخص يعيشون عند مستويات الطوارئ، على بُعد خطوة واحدة من المجاعة.

وكان تأثير الصراع السياسي على النساء والأطفال مدمراً، وما تزال معدلات سوء التغذية مرتفعة للغاية، حيث يعاني حوالي (875) ألف طفل من سوء التغذية الحاد الوخيم، ويعاني (2.3) مليون طفل، و(840) ألف امرأة من سوء التغذية الحاد المعتدل.

وبحسب مفوضية اللاجئين، تعرضت 80% من الأسر في جميع أنحاء أفغانستان  لانخفاض حاد في الدخل، في ظل الصراع السياسي، واستمرار الجفاف، والتدهور الاقتصادي الحاد. وزادت معدلات الديون، حيث أصبح عدد الأشخاص المدينين يمثلون 82% من جميع الأسر، وزاد مقدار الدين حوالي 11% عن العام السابق.

محاولات الإغاثة

بالإضافة إلى الصراع المستمر، تأثرت أفغانستان بالكوارث الطبيعية المتكررة، بما في ذلك الجفاف والزلازل. ففي حزيران (يونيو) 2022 ضرب أفغانستان أسوأ زلزال خلال الـ (20) عاماً الماضية، ممّا أسفر عن مقتل ما لا يقل عن (1000) شخص، وإصابة المئات.

(4) عقود من الصراع وعدم الاستقرار

وعلى الرغم من عودة طالبان إلى الحكم، ظلّت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تعمل في البلاد، حيث تقوم بالمساعدة على تقديم المأوى الطارئ، والغذاء، والصحة، والمياه والصرف الصحي، والدعم النقدي والنفسي والاجتماعي للفئات الأكثر احتياجاً داخل أفغانستان من خلال برامج الطوارئ، بما في ذلك توفير الخيام والنقود، ومستلزمات النظافة، والمواد الأساسية الأخرى، مع تسهيل العودة الطوعية للاجئين الأفغان من إيران وباكستان ودول أخرى.

يواجه (20) مليون أفغاني خطر الجوع الحاد، مع وجود (6) ملايين شخص يعيشون عند مستويات الطوارئ

كما يتم تزويد العائدين الأفغان بمنح نقدية للمساعدة في تلبية احتياجاتهم الفورية، فضلاً عن الخدمات الصحية الأساسية مثل: فحص سوء التغذية، وتقديم اللقاحات، والتوعية بمخاطر الألغام، ومساعدتهم في إعادة الاندماج في مجتمعاتهم. على كل، فقد تمّ تمويل 52% فقط من خطة إعادة التوطين بحلول نهاية العام 2022.

من جهتها، ناشدت الـ (يونيسف) الدول المانحة من أجل الحصول على (66.2) مليون دولار أمريكي لتلبية احتياجات الأطفال الأفغان وأسرهم والمجتمعات المضيفة في العام 2023. واعتباراً من 30 حزيران (يونيو) 2023 كانت هناك فجوة في التمويل قدرها (44.4) مليون دولار أمريكي (67%).

أفغانستان سجن كبير للنساء

بعد عامين من استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان، أطلقت منظمة "التعليم لا يمكن أن ينتظر"، حملة عالمية لدعم الفتيات الأفغانيات، ضحايا الحظر الفعلي للتعليم الذي فرضته حركة طالبان عليهن بعد شهر من استيلائها على السلطة.

قامت المنظمة التابعة للأمم المتحدة بتطوير الحملة عبر عرض شهادات لفتيات أفغانيات انقلبت حياتهن فجأة بسبب الحظر، الذي يمنعهن من متابعة تعليمهن وتحقيق أحلامهن، وذلك جنباً إلى جنب مع الرسوم التوضيحية التي تصور اليأس الذي مررن به، وقد تمّ رصد زيادة في معدلات الانتحار بين الفتيات في العامين الماضيين، وأصبح التحرك الآن أكثر إلحاحاً من أيّ وقت مضى.

دعت المفوضة السامية المجتمع الدولي إلى عدم نسيان الشعب الأفغاني الذي يعيش في وضع إنساني واقتصادي مزرٍ للغاية

من جانبه، قال فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان: إنّ أفغانستان، كدولة، عليها التزام بموجب القانون الدولي باحترام ودعم وتعزيز حقوق جميع الأشخاص دون تمييز. مضيفاً: "ما زلنا نشعر بقلق بالغ إزاء حالة حقوق الإنسان، ولا سيّما القيود الصارمة المفروضة على النساء والفتيات، اللائي قوضت حقوقهن في الحصول على التعليم والعمل، وحريتهن في التنقل ومشاركتهن في الحياة اليومية والعامة؛ بسبب سلسلة من فتاوى تمييزية صدرت منذ الاستيلاء على السلطة". ودعت المفوضة السامية المجتمع الدولي إلى عدم نسيان الشعب الأفغاني الذي يعيش في وضع إنساني واقتصادي مزرٍ للغاية.

من جهتها، أشارت (سيما بحّوث) المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى أنّه من خلال أكثر من (50) مرسوماً وأمراً "لم تترك طالبان أيّ جانب من جوانب حياة المرأة كما هو، لقد أنشؤوا نظاماً قائماً على القمع الهائل للمرأة، ممّا يُعتبر تمييزاً عنصرياً بين الجنسين ".

ودعت جميع الجهات الفاعلة إلى دعم النساء الأفغانيات؛ من خلال رفع أصواتهن وأولوياتهن وتوصياتهن، وتمويل الخدمات التي يحتجن إليها بشدة، ودعم أعمالهن ومنظماتهن.

يُذكر أنّه بحلول نهاية حكم طالبان الأول في العام 2001، كان هناك أقل من مليون طفل أفغاني في المدارس، لم يكن من بينهم أيّ فتاة. وفي العام 2004 كرس دستور جديد المساواة بين الجنسين، وخصص 27% من مقاعد البرلمان للنساء. وبحلول العام 2021، حصلت الأفغانيات على (69) مقعداً من أصل (249) مقعداً في البرلمان. وتمّ سن قوانين تسمح للنساء بتضمين أسمائهن في شهادات ميلاد أطفالهن وبطاقات الهوية، وكانت هناك وزارة لشؤون المرأة، ولجنة مستقلة لحقوق الإنسان.

على مدى العامين الماضيين، أصدرت حركة طالبان (80) فتوى، (54) منها تستهدف النساء والفتيات بشكل مباشر، وبمجرد تولي السلطة في آب (أغسطس) 2021 أمرت الحركة النساء بالبقاء في المنزل؛ بداعي أنّ مقاتلي الحركة لم يعتادوا رؤية النساء خارج المنزل، ولم يتم تدريبهم بعد على احترام المرأة، وبعد مرور عام على حكم طالبان، كان من الواضح أن الفصل بين الجنسين وتقييد حركة المرأة هو حجر الزاوية في رؤية الحركة للمجتمع.

مرّ عامان على حكم طالبان، تمّ فيهما منع النساء من الذهاب إلى المدارس العليا والجامعات والمنتزهات وصالات الألعاب الرياضية والأماكن العامة

مرّ عامان على حكم طالبان، تمّ فيهما منع النساء من الذهاب إلى المدارس العليا والجامعات والمنتزهات وصالات الألعاب الرياضية والأماكن العامة. وتم منعهن من متابعة التعليم بعد الصف السادس، وأصبحت أفغانستان سجناً كبيراً للنساء.

وتبدو الصورة حالياً شديدة القتامة في ظل التحديات المستمرة، بالتزامن مع تردي الوضع الاقتصادي العام، وتبعات وباء كوفيد -19، وانعدام الأمن الغذائي، والكوارث الطبيعية، وفشل طالبان المستمر في الانفتاح على العالم، وممّا زاد الوضع تعقيداً الآثار المترتبة على التآكل المنهجي لحقوق النساء والفتيات، واستبعادهن التدريجي من الحياة العامة من قبل سلطات الأمر الواقع، وبلغ الأمر ذروته بقرار حظر عمل النساء في المنظمات غير الحكومية، الذي أُعلن عنه في كانون الأول (ديسمبر) 2022، وهو ما أدى إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي في البلاد.

مواضيع ذات صلة:

خبيران أمريكيان يقدّران حجم تهديد الدولة الإسلامية في خراسان

داعش في "ولاية خراسان": معضلة أفغانستان الجديدة

أفغانستان و"داعش خراسان"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية