تنظيم القاعدة في اليمن: تصاعد الخلافات الداخلية بعد أكبر عملية نصب

تنظيم القاعدة في اليمن: تصاعد الخلافات الداخلية بعد أكبر عملية نصب

تنظيم القاعدة في اليمن: تصاعد الخلافات الداخلية بعد أكبر عملية نصب


18/09/2023

في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعصف بتنظيم (القاعدة) في اليمن، ثمة خلافات داخلية أشبه بالقنبلة الموقوتة، ومع روايات الإعلام العديدة والمتعددة في توصيف الخلافات الداخلية، إلّا أنّ بعضها يُعتبر من خيال الكاتب الدرامي، وفي المقابل يحاول أن يُظهِر إعلامُ تنظيم (القاعدة) الرسمي والمناصر خلاف الحقيقة، مستغلاً هذه الروايات الدرامية في تكذيب كل ما ورد في هذا الصدد.

 والحقيقة أنّه خلال الأعوام الماضية عموماً مرّ التنظيم بالعديد من الخلافات الداخلية التي سببت زعزعة في التنظيم، مروراً بأحداث قتل أبي مريم الأزدي والدكتور اليوسفي، تحت تهمة الجاسوسية، والتي سببت انشقاقاً واعتزالاً واسعاً داخل التنظيم، كان من أبرزها أبو عمر النهدي، وطالب هؤلاء المنشقون والمعتزلون بمحكمة شرعيّة محايدة، والتي قُوبلت بالرفض من قيادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وهكذا حدثت خلافات هنا وهناك مع قيادة التنظيم، كان النهاية فيها الانشقاق، كما فعل سند الوحيشي شقيق زعيم تنظيم القاعدة السابق في جزيرة العرب أبي بصير ناصر الوحيشي، والذي اختتم الخلاف بكتابة بيان يتبرأ فيه من قيادة تنظيم القاعدة، ويتهم فيه قيادة التنظيم بالفساد والتلاعب والغش والمكر، وتغيير مسار التنظيم.

 مع كل هذه الأحداث والخلافات والانشقاقات، حافظ باطرفي عموماً على تماسك التنظيم، معتمداً على استراتيجية وُصِفت داخل التنظيم - بحسب مصادر منشقة ـ بالاستراتيجية (العنصرية والمناطقية)، فقد قام باطرفي بإزاحة كل من لا يُقدِّم له الولاء المُطلق، وقام بتولية كلّ المقربين منه والمطلقين الولاء له،  معتمداً على أبي علي الديسي، وريان الحضرمي، وأبي أسامة الدياني، وشاكر الحضرمي، وآخرين.

 ومع مخاوف باطرفي من سعد بن عاطف العولقي التي تزداد يوماً بعد يوم، قام بإبعاد كلّ المحسوبين عليه والمقربين منه، وتعطيلهم تماماً عن العمل، كما قام بقطع أيّ نفقة تصرف لهم، ومع محاولات سعد بن عاطف المتكررة في معالجة ذلك، إلّا أنّه قُوبل بالتهرب والتلاعب، بحسب توصيف أحد المصادر المقربة من سعد بن عاطف.

أزمة مالية خانقة تعصف بتنظيم (القاعدة) في اليمن

 فبات الوضع مُحتداً ومحتدماً وأكثر تعقيداً، وتتجه الأمور إلى التمزق، أو إن صحّ التوصيف تَكتل التنظيم في طرفين؛ ما يُعرف بزمرة باطرفي، وجماعة سعد بن عاطف.

عاصم الصبري: ما حصل مؤخراً في قضية إطلاق المختطفين الأمميين من تكتم وسرّية وغموض يزيد من احتدام الوضع في داخل التنظيم

 

 ومع أنّ من يُعرفون بالتبعية لسعد بن عاطف هم الأكثر تأثيراً في مناطق نشاط تنظيم القاعدة وتحديداً شبوة وأبين، وهم الأكثر عملاً ميدانياً، إلّا أنّ شخصية سعد بن عاطف العولقي تُوصف بالضعيفة والمهزوزة، فيما يعتبره آخرون أنّه صاحب ولاء مطلق لقيادة التنظيم، وقد اعتبره الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عاصم الصبري بأنّه ضعيف الإمكانيات، بعد أن جرّده باطرفي من السلطة والموارد تماماً، فبات عاجزاً عن أيّ مواجهة أو منافسة لباطرفي.

 وهذا ممّا أدى إلى انشقاق واعتزال العديد ممّن يعرفون بالتبعية أو القرب من سعد بن عاطف، بعد أن شعروا بالخذلان، بسبب ما يلقونه داخل التنظيم من عنصرية وتهميش.

 خلافات مالية أم عقدية فكرية؟

مع أنّ أغلب الخلافات الماضية خلال الأعوام التي مضت، كان الدافع لها الخلاف المنهجي والعقدي والفكري، يتهم كل أولئك قيادة التنظيم بتغيير مسار التنظيم، واستخدام التنظيم كبندقية مأجورة لصالح دول ضد مصالح دول أخرى في اليمن، وتهم أُخرى ساهمت في تحول السياسة الشرعية لتنظيم القاعدة، وفقدانه البوصلة والاتجاه الذي كان عليه.

 ومع أنّ سعد بن عاطف يتحفظ كثيراً على بعض ما يقوم به باطرفي، ولا يوافقه - بحسب مصدر مقرب منه- إلّا أنّ ما يزيد الوضع تعقيداً الأزمة المالية، وينتهج باطرفي سياسة تجويع عناصر التنظيم، وتحديداً المحسوبين على سعد بن عاطف، بينما يرى هؤلاء أنّهم الأكثر تأثيراً في الميدان، والأكثر مواجهة لخصوم التنظيم، فبات الوضع أكثر حدّة.

أغلب الخلافات خلال الأعوام التي مضت، كان الدافع لها الخلاف المنهجي والعقدي والفكري

 وفي حادثة صعَّدت من الاحتدام الداخلي، هي صفقة إطلاق المختطفين الأمميين مؤخراً، التي وصفت بالأكثر غموضاً وسرّية داخل التنظيم، حيث انصدم بها قيادات الصف الأول، فقد تجاهل باطرفي الجميع متمماً الصفقة التي تعرّضت لأكبر عملية نصب في تاريخ التنظيم، ففي تصريح خاص لـ  (حفريات) يروي الصحفي والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عاصم الصبري تفاصيل صفقة إطلاق المختطفين الأمميين، قائلاً: إنّ ما حصل مؤخراً في قضية إطلاق المختطفين الأمميين من تكتم وسرّية وغموض، يزيد من احتدام الوضع في داخل التنظيم، وبحسب مصادر قبيلة، فإنّ الوسيط القبلي الذي كلفه أمير التنظيم بإجراء الصفقة، تسلَّم المبلغ كاملاً، والذي قدّر بـ (3) ملايين دولار أمريكي،  ورفض الوسيط إعطاءه للتنظيم، بعد إطلاق المختطفين، وهذا ما دفع باطرفي لاختطاف شقيق الوسيط القبلي، إلّا أنّ التنظيم عاد وأفرج عنه بعد أنّ قوبل بغضب قبلي، في حين قالت مصادر أخرى: إنّ شقيق الوسيط هرب من قبضة التنظيم، ولم يُفرج عنه.

 وما تزال حتى اللحظة محاولات باطرفي في استرجاع المبلغ المالي بأقلّ الخسائر دون جدوى أو فائدة، وتأتي هذه العملية التي وصفت بأكبر عملية نصب تعرّض لها تنظيم القاعدة في اليمن، مع احتدام الوضع داخل التنظيم ماليّاً.

مواضيع ذات صلة:

ارتباك الحوثي وتراجع نفوذ الإخوان

اليمن بين تلغيم الأرض وتفخيخ العقل... ونيران الحوثي تمتد إلى المساجد

مجلس القيادة الرئاسي اليمني.. مهام ثقيلة في لحظة فارقة



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية