كيف يتعاطى أردوغان مع حرب غزة وإسرائيل؟

كيف يتعاطى أردوغان مع حرب غزة وإسرائيل؟

كيف يتعاطى أردوغان مع حرب غزة وإسرائيل؟


24/10/2023

محمد طارق

عقب الهجمات التي نفذتها حماس في إسرائيل وأسفرت عن مقتل أكثر من 1200 مواطن إسرئيليّ، اتصل الرئيس التركيّ رجب طيب أردوغان بنظيره الإيراني إبراهيم رئيسي لمناقشة "الخطوات المحتملة التي يمكن أن تخطوها الدولتان لإنهاء القتال بين القوات الإسرائيلية والفلسطينية".

وفي هذا الإطار، قال سنان سيدي، باحث أول غير مقيم في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات،لا ينبغي أن يكون رئيسي أول شخص على قائمة اتصالات أردوغان، "بل يجوز لنا أن نرفض أن يكون على قائمة اتصالاته أصلاً".

ورغم ذلك، فهذه ليست بالخطوة الغريبة على أردوغان. ويقول سيدي: "لا تعترف تركيا بأن حماس منظمة إرهابية، إذ يصفها أردوغان بـ "حركة المقاومة". فضلاً عن ذلك، منذ عام 2011، ساعد أردوغان حماس على إنشاء مقر لها في تركيا، واستقبل عناصرها وقيادتها العليا. وتنسيق أردوغان رده مع إيران وسيلة أخرى لتقويض المصالح الأمنية لاسرائيل.

ويتجلى ذلك، حسب الباحث في تحليله بموقع مجلة "ناشونال إنترست"، في النحو الذي تدعم به أنقرة حماس علناً. فمنذ الهجمات، رحَّبَت الحكومة التركية بالتجمعات المؤيدة لحماس. وكانت القنصلية الإسرائيلية محاطة بحشدٍ غاضب من المتظاهرين ممن أطلقوا وابلاً من الألعاب النارية دون أدنى تدخل من مسؤولي إنفاذ القانون الأتراك.

فضلاً عن ذلك، نظّمَ حزب "هدى بار" الإسلامي المتطرف مسيرة احتفالية خارج القنصلية الإسرائيلية في اسطنبول، هتف المتظاهرون فيها "إسرائيل ملعونة"!. وبعد يومٍ واحدٍ، نظمت هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات المشهورة بدعم القضايا الجهادية مسيرة تعهدَ المشاركون فيها بقتل القوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة، ونددوا جميعاً بالولايات المتحدة بوصفها "الشيطان الأعظم" لدعمها لإسرائيل.

 العلاقات بين أنقرة والقدس

ورجّح الباحث أن تقوِّض هذه الخطوات محاولات أنقرة والقدس "تطبيع العلاقات" ، مشيراً إلى تدهور علاقة تركيا الأساسية بإسرائيل إلى حدٍ كبير بعد واقعة سفينة مرمرة في سنة 2010.

وقال سنان: لم تكن محاولات إردوغان إعادة إقامة علاقة قوية مع إسرائيل صادقة أساساً. ورغم استضافته للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في أنقرة وإشرافه على إعادة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء عام 2022، لم يخطُ أردوغان أي خطوات صادقة لتصنيف حماس بالمنظمة الإرهابية، وذلك لأنه تلقى تعليمه زعيماً في كنف الحركة الإسلامية في تركيا، وهو في قرارة نفسه معادٍ للسامية ولا يؤمن بحق إسرائيل في الوجود. وبدلاً من أن يقف إلى جوار إسرائيل في أحلك ظروفها، قرر التحالف مع أعضاء العالم الإسلامي الذي يريدون لإسرائيل الهلاك.

ويضيف الكاتب أن "موقف أنقرة المناهض لإسرائيل يحظى بدعم الرأي العام التركي. إن تبني أردوغان مسلكاً مناهضاً لحماس سيعزل تركيا عن العالم الإسلامي، وسيغضب شريحة كبيرة من المجتمع التركي الذي يبدو ناقماً بالفعل على إسرائيل والولايات المتحدة".

خلال الأيام القليلة الماضية، احتجت مجموعات من المواطنين الأتراك الغاضبين خارج قاعدة إنجرليك الجوية (التابعة للناتو)، وكذلك في محطة رادار تابعة لحلف شمال الأطلسي في مقاطعة ملاطية يديرها جنود أمريكيون. وخرجت المظاهرات في الحالتين عن السيطرة. ورداً على ذلك، أغلقت الولايات المتحدة قنصليتها مؤقتاً في أضنة، وقررت إسرائيل سحب دبلوماسيها من تركيا.


التحايل على العقوبات الأمريكية

وهذا كله جزء من خطة أردوغان المستمرة لنزع الشرعية عن إسرائيل، حسب الباحث. ففي أعقاب اندلاع أعمال العنف في المسجد الأقصى في أبريل (نيسان)، قال الرئيس التركي في مكالمة هاتفية للرئيس الإيراني: "يجب أن يتحد العالم الإسلامي ضد الهجمات الإسرائيلية في فلسطين". وأعقب ذلك مداهمات في اسطنبول يزعم أنها كشفت عن خلية للموساد في تركيا كانت تراقب العملاء الإيرانيين.

وتابع الباحث أن "موقف أردوغان المزدوج من إسرائيل ليس مفاجئاً"، مشيراً إلى تمتع أنقرة بسجل حافل من العمل عن كثب مع إيران. وقبل ثلاث سنوات، اتهم المدعون العامون الأمريكيون للمنطقة الجنوبية في نيويورك "بنك خلق" التركي بالاحتيال وغسل الأموال وانتهاكات أخرى للعقوبات تتعلق بمشاركة البنك في مخطط الغرض منه تهريب نحو 20 مليار دولار من الأموال المحظورة.

وقد ساعدت هذه الأموال طهران على التحايل على العقوبات الأمريكية قبل الاتفاق النووي (2011-2012) من خلال مشتريات الذهب التي يُزعم أنها تمت نيابةً عن حكومة إيران بالإيرادات التي حققتها مبيعات الطاقة الإيرانية المودعة في حسابات تركية.

وتورطت أنقرة مؤخراً في مخطط آخر للالتفاف على العقوبات الأمريكية على إيران. فبعد تقرير حصري صدر في ديسمبر (كانون الأول) 2022 عن مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على رجل الأعمال التركي سيتكي أيان لتسهيله "بيع نفط بقيمة مئات الملايين من الدولارات لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني".

خطوة انتهازية

في هذا المنعطف، يرى الكاتب أنه من الضروري التأكيد على خيار أردوغان عدم التحيز إلى حليفته إسرائيل. فهو لا يستطيع أن يرى ما يتجاوز قناعات الأيديولوجيا الإسلاموية. ولذلك دمَّرَ علاقة تركيا المتينة بإسرائيل.

علاقة أنقرة المتشابكة مع حماس

ولكن، من المرجح، برأي الكاتب، أن تسلط مجموعة كبيرة من المشرعين الأمريكيين الضوء على علاقة أنقرة المتشابكة بحماس. وسيمثل ذلك ضغوطاً على إدارة بايدن لدعوة تركيا إلى إنهاء دعمها لحماس. وعلى نطاق أوسع، سيثير ذلك تساؤلاً عن المكان الذي ترى فيه تركيا نفسها في العالم بإعادة النظر في القضايا الملحة كالتصديق على طلب السويد المعلق بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية