هل تستطيع إيران تدمير الاقتصاد العالمي؟

هل تستطيع إيران تدمير الاقتصاد العالمي؟

هل تستطيع إيران تدمير الاقتصاد العالمي؟


04/01/2024

طارق العليان

عندما اندلعت حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كان التناقض بينها وبين حرب يوم الغفران عام 1973 صارخاً. ففي حين أنَّ الصراع السابق أفضى إلى ارتفاع التضخم بشدة في الغرب، وتسبَّبَ بركودٍ عالمي، وبشَّرَ بنهاية العصر الكينزيّ (نسبةً إلى الخبير الاقتصادي جون مينارد كينز)، لم يكن للقتال الذي اندلع مؤخراً أي أثر يُذكر على الأسواق العالمية.

من المحتمل أن تتسع رقعة الهجمات على السفن إلى ما وراء البحر الأحمر

والآن، بالتزامن مع دخول الصراع شهره الثالث، بدأت الشكوك تحوم حول فكرة أنه ليس له أثر يُذكر على الأسواق العالمية. فرغم الجهود الدبلوماسية المستمرة الرامية لمنع إيران أو وكلائها الإقليميين المختلفين من المشاركة في الصراع، تصاعدت وتيرة نشاطهم مؤخراً.

ففي الآونة الأخيرة، قرر المتمردون الحوثيون المتحالفون مع إيران تنفيذ تكتيك جديد لمهاجمة سفن الحاويات في البحر الأحمر، التي تُعدُّ على صلة بإسرائيل أو المُتجهة إليها. وبما أنَّ 12% من تجارة العالم تمر عبر البحر الأحمر، سيبدأ مسار السفن يتحول إلى طريق رأس الرجاء الصالح الأطول، ومن ثمَّ ستشرع بعض شركات الشحن في رفع تكاليف الشحن. وفي الوقت ذاته، ومع تفاقم التقلبات في المنطقة، استأنفَ سعر النفط – الذي ظلَّ ينخفض طيلة الأسابيع الأولى من الحرب – ارتفاعه مؤخراً.

تأثير التضخم على أسعار التجزئة

وفي هذا الإطار، قال الكاتب والمحلل الاقتصادي البريطاني جون رادلي في تحليل نشره موقع "Unherd": "إذا استمرَّ هذا الوضع، فستبدأ الضغوط التضخميَّة في التراكم مجدداً، حتى لو بدت معقولة في الوقت الراهن. وفي حين أنَّ الارتفاع من شأنه تعقيد مهمة البنوك المركزية التي لا تزال تحاول خفض التضخم، بشرط ألا تتفاقم الأمور، فإن تأثير هذا التضخم على أسعار التجزئة سيظل محدوداً".

وأُعلِنَ عن إعادة توجيه القوات البحرية المشتركة، التي تقودها الولايات المتحدة، وتشكلت أصلاً لحماية حركة المرور في البحر الأحمر ضد القراصنة الصوماليين، بهدف مواجهة هجمات الحوثيين. ولا يزال سعر النفط أقل بكثير من أعلى مستوياتٍ له خلال السنوات الأخيرة.

ولكن، ماذا لو ساءت الأمور، وتم جرّ إيران والولايات المتحدة بشكلٍ غير مباشر إلى الحرب؟ يتساءل الكاتب، ويقول: في الوقت الحاضر، يبدو أن إيران لا تزال تفضل تجنُّب التدخل المباشِر. ومع ذلك، تدعي واشنطن أن طهران  كانت تمدُّ يد المساعدة في هجمات الحوثيين، واستغلت إسرائيل ذاك الدعم ذريعةً لاغتيال جنرال في الحرس الثوري الإيراني. ويبدو من المرجح أن إيران ستصدر رداً في الوقت المناسب.

ومن الممكن بالقدر ذاته أن تكون لدى إسرائيل أسبابها الخاصة لتوجيه ضربة استباقية، على الأرجح لحزب الله. ولأن حزب الله حليف أقرب إلى إيران من حماس، فمن غير المرجح أن تقف طهران مكتوفة الأيدي، إذا أمسى شريكها اللبناني متورطاً في القتال. وانتشرت القوات الأمريكية من جانبها بشكلٍ متزايد في شتى أرجاء المنطقة، الأمر الذي قد يشجع إيران وحلفاءها ويُجرئهم على التحرك.

وإذا شاركت إيران في الصراع مباشرةً، فمن المحتمل أن تتسع رقعة الهجمات على السفن إلى ما وراء البحر الأحمر وصولاً إلى مضيق هرمز، مما قد يؤثر بشكلٍ كبير على أسعار النفط. ونظراً لمدى تغير الاقتصاد العالمي خلال الخمسين عاماً الماضية، فإن التضخم لن يزداد كما حدث آنذاك.

توقف موجة الاحتفالات

غير أن موجة الاحتفال الحالية بقهر التضخم الذي أفضى إلى ارتفاعات في أسواق الأسهم والسندات قد تتوقف تماماً. وستحدُّ البنوك المركزية من أي تفاؤل مفاده أننا على وشك أن نشهد تخفيضات في أسعار الفائدة.

واختتم الكاتب تحليله بالقول: تتصاعد حدة التوترات. وأثبتت الجهود الدبلوماسية الأمريكية عجزها عن وقف هذه الدوامة. وربما تكون المبادرات الدبلوماسية الأخيرة من داخل المنطقة كافية لتهدئة التوترات، لأنه إذا آلت الأمور إلى مواجهة بين إيران والولايات المتحدة، فمن الممكن أن يخسر المراهنون جميعاً على استقرار الاقتصاد العالمي رهاناتهم.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية