أبوظبي تسهم في رفع اسم السودان من "الدول الراعية للإرهاب"

أبوظبي تسهم في رفع اسم السودان من "الدول الراعية للإرهاب"


23/09/2020

في أعقاب الزيارة التي قام بها الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالية بالسودان إلى الإمارات، حيث ترأس وفداً رفيعاً يضم مجموعة من المسؤولين والوزراء، لإجراء مباحثات مع القيادة الإماراتية ووفد أمريكي، تتصل بملفات سياسية وإقليمية واقتصادية، تعددت الجهود الساعية نحو وضع السودان أمام انفراجة جديدة في القضايا المأزومة لديه، سواء ما يتصل بعضها بالفترة التي سبقت إطاحة حكم عمر البشير، مثل رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإعفائها من الديون الأمريكية، خاصة، في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور، أو تعزيز العلاقات الثنائية مع أبو ظبي، وبحث سبل توفير الدعم المادي والسياسي لها، لا سيما مسالة إعادة الإعمار بعد تعرضها للفيضان.

زيارة البرهان.. دلالة التوقيت

تزامنت الزيارة التي قام بها البرهان، قبل أيام قليلة، مع صدور تصريحات من وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أشار فيها إلى احتمالية رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وذلك قبل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، موضحاً أنّ "رفع السودان من اللائحة يمثل أولوية لكلا البلدين".

جانب من الزيارة

وانخرط الوفد السوداني الذي مثله أعضاء الجناحين المدني والعسكري في الحكومة، بالتعاون مع القيادات السياسية الإماراتية في عملية التفاوض مع الوفد الأمريكي؛ حيث ذكر بيان صادر عن "مجلس السيادة"، الأحد الماضي، أنّ "البرهان توجه إلى الإمارات في زيارة رسمية، يرافقه وفد وزاري رفيع المستوى، وعدد من الخبراء والمختصين في قضايا التفاوض، بهدف عمل مباحثات مشتركة مع القيادة الإماراتية تتعلق بالقضايا الإقليمية المرتبطة بالشأن السوداني كافة، فيما يقود وزير العدل، نصر الدين عبد الباري، المفاوضات مع فريق الإدارة الأمريكية".

ذكرت مصادر دبلوماسية أمريكية، أنّ واشنطن تنسق مع الحكومة الانتقالية لبحث سبل تعويض ضحايا أسر المواطنين الأمريكيين الذين قضوا في الهجمات الإرهابية، ضد السفارات الأمريكية في أفريقيا

وحول الملفات الأساسية لهذه الزيارة، يقول الصحافي السوداني، محمد جميل أحمد، إنّها تأتي في سياق حزمة سياسية تتصل برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، عن طريق التفاوض المباشر مع وفد أمريكي، في أبوظبي، كما أنها لا تخلو من ملامح إبرام صيغة لاتفاق محتمل نحو التطبيع مع إسرائيل، بعد أن بدا واضحاً أنّ دبلوماسية ترامب لا يمكن أن تفصل بين الأمرين، وذلك بالرغم من أنّ وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، حين قدم من إسرائيل ماراً بالخرطوم سمع كلاماً واضحاً من رئيس الوزراء السوداني، الدكتور عبد الله حمدوك، والذي نقل له رأي  تحالف القوى السياسية الحاضنة لحكومته، حول أنّ قضية التطبيع مع إسرائيل ليست من مهام حكومة المرحلة الانتقالية.

ومن جانبها، تواصل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، محاولاتها نحو إزالة العقبات التي تحول دون تخطي السودان العقوبات الاقتصادية المفروضة ضدها، وذلك في ظل المعارضة الشديدة من بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، والأخير حصل على رسالة من عائلات ضحايا الإرهاب، لرفض أي تسوية مع السودان، باعتبار ذلك لا يوفر العدالة لهم.

مساعي ترامب وضغوط الكونغرس

وسبق أن رفعت إدارة ترامب، في تشرين الأول (أكتوبر) العام 2017، عقوبات اقتصادية عن السودان، ووقف الحظر التجاري المفروض ضدها، منذ تسعينات القرن الماضي، لكنّ بقاء السودان في قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، منذ العام 1993، على خلفية وجود أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، وقتذاك، على أرضها، مازال يضع قيوداً على وصول العديد من المساعدات المالية والدعم الاقتصادي لها.

وذكرت مصادر دبلوماسية أمريكية، أنّ واشنطن تنسق مع الحكومة الانتقالية، برئاسة عبد الله حمدوك، هذه الخطوات، من خلال بحث إمكانية وسبل تعويض ضحايا أسر المواطنين الأمريكيين الذين قضوا في الهجمات الإرهابية، ضد السفارات الأمريكية، في أفريقيا، العام 1998، وكذا ضد المدمرة الأميركية، في العام 2000.

الصحافي السوداني، محمد جميل أحمد لـ"حفريات": الضغوط التي يرزح تحتها السودان والتحديات الاقتصادية تنبئ بانهيار الوضع الاقتصادي، إضافة إلى الخسائر الفادحة من جراء فيضان النيل، والأنهار الموسمية

وأبرزت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، أنّ هناك مشكلة تتمثل في الخلاف بين أسر ضحايا هذه العمليات الإرهابية؛ فبعضهم يدعم التسوية الأمريكية، بينما تعارض عائلات أخرى بشدة هذه الخطوة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنّ الصفقة ستمنح عائلات المواطنين الأمريكيين الذين لقوا حتفهم في الهجمات، أموالاً أكثر بكثير من المواطنين غير الأمريكيين، كما لا يزال آخرون، بمن فيهم بعض عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر، يطالبون الكونغرس بعدم منح السودان السلام القانوني، قبل رفع دعاواهم في المحاكم.

اقرأ أيضاً: هل تكفي المعالجة الأمنية لحلّ أزمة الدولار في السودان؟

ولفتت المجلة إلى أنّ بومبيو "يحث المشرعين على دعم رفع السودان من قائمة الإرهاب، فقد كتب  في رسائل منفصلة إلى كل من السناتور ميتش ماكونيل، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، وكريس كونز، العضو الديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: "لدى الولايات المتحدة فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل لضمان تقديم تعويض أخيراً لضحايا الهجمات الإرهابية، المدعومة من القاعدة، العام 1998، على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا".

وتابع: "في الوقت نفسه، لدينا أيضاً نافذة فريدة وضيقة لدعم الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون في السودان، والتي تخلصت أخيراً من الديكتاتورية الإسلامية التي قادت ذلك البلد سابقاً".

دعم الديمقراطية في السودان

وبحسب المجلة الأمريكية، فإنّ إد رويس، العضو الجمهوري السابق في الكونغرس، والذي شغل منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، دعم الاتجاه الأخير بخصوص رفع السودان من قائمة الإرهاب، وقال إنّ "الانتقال الديمقراطي في السودان معلق بخيط رفيع، بينما يجب رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب لدعم الحكومة الإنتقالية سياسياً، وفتح الاستثمار الأجنبي الذي تزداد الحاجة إليه، مشدداً على أنه "لا يوجد سبب أو مبرر لتسميتها دولة راعية للإرهاب، وعليه، يجب انتهاز فرصة محاولة السودانيين اعتناق القيم الديمقراطية".

اقرأ أيضاً: لماذا اختار إخوان السودان الانحياز إلى حزب التحرير المتطرف؟

ويرى الصحافي السوداني، محمد جميل أحمد أنّ "الضغوط التي يرزح تحتها السودان والتحديات الاقتصادية التي توشك تداعياتها أن تنبئ بانهيار الوضع الاقتصادي، إضافة إلى الخسائر الفادحة من جراء فيضان النيل، والأنهار الموسمية، في 16 ولاية سودانية من جملة 18 ولاية، فإنّ ذلك كله يضع السودان في وضع لا يحسد عليه، ومن ثم، القبول بما يعرض عليه من دعم في ظروف استثنائية ضاغطة يمر بها".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية