إجراءات عقابية بعد تصنيف حزب الله منظمة إرهابية في بريطانيا.. ما هي؟

حزب الله

إجراءات عقابية بعد تصنيف حزب الله منظمة إرهابية في بريطانيا.. ما هي؟


10/02/2020

"ليس عندنا جناح عسكري وجناح سياسي، وليس عندنا حزب الله وحزب المقاومة، فـحزب الله هو حزب السياسة وحزب المقاومة وحزب العمل في سبيل الله تعالى"؛ لم تكن تلك الجمل المقتضبة التي صرّح بها نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، قبل أعوام، وتحمل من الوضوح والتصريح ما يكفي لفضّ أيّ التباس حول هوية حزب الله، حاسمة حتى وقت قريب اتجاهات الرأي العام الرسمي في بريطانيا، على وجه التحديد، والتي تردّدت في تصنيف الحزب باعتباره منظمة إرهابية.

يعاقب القانون البريطاني بمدة قد تصل إلى السجن 10 أعوام في حال الانتماء إلى حزب الله أو الترويج له

موقف المملكة المتحدة ظلّ يتبنى سردية خاصة، عمدت فيها إلى تقسيم الحزب إلى عدة كيانات وأجنحة، بعضها يؤدي أدواراً سياسية محضة، والبعض الآخر يمارس العنف والإرهاب بواسطة كياناته الإرهابية وأجنحته المسلحة.
لكنّ الوقت استغرق عدة أعوام حتى تكون لتلك الكلمات التي أدلى بها نائب الأمين العام لحزب الله دلالتها، ويترتب عليها موقف مغاير، وعلى النقيض تماماً من سابقه، خاصة في ظلّ الوضع الإقليمي غير المستقر؛ حيث صرّح وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، إثر تصنيف حكومته لحزب الله ضمن المنظمات الإرهابية، بجناحيه؛ السياسي والعسكري، بأنّه: "من الواضح أنّه لا يوجد فرق بين الجناحين؛ العسكري والسياسي لحزب الله، وأنّ الحكومة تحظر حزب الله بكافة أشكاله، كي تبعث إشارة واضحة بأنّ أنشطته المزعزعة للاستقرار في المنطقة غير مقبولة على الإطلاق، وتضرّ بالأمن القومي للمملكة المتحدة".

محطات في طريق تصنيف حزب الله منظمة إرهابية
في النصف الثاني من شهر كانون الثاني (يناير) العام الحالي، خطت المملكة المتحدة خطوة نهائية وحاسمة، في سبيل تصنيف حزب الله باعتباره منظمة إرهابية، ويشمل القرار جناحيه؛ العسكري والسياسي، دونما فصل أو تمييز؛ إذ إنّ لندن، التي شهدت نشاطاً هائلاً للحزب في ضواحيها وشوارعها؛ حيث كانت ترفع الأعلام الخاصة به في مسيرات وتظاهرات عدة، مثل "مسيرة القدس"، عرجت في مواقفها تجاه حزب الله على محطات متباينة.
ففي عام 2001؛ سجلت بريطانيا أول موقف رسمي تجاه حزب الله، حيث صنفت "الجناح الإرهابي" للحزب باعتباره كياناً إرهابياً، وذلك في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) بنيويورك، وألحقت الجناح المسلح والعسكري على قوائم الإرهاب، بعدما قامت بحظره، عام 2008، بعد استهداف جنود بريطانيين بالعراق. 

اقرأ أيضاً: باحث أمريكي يكشف خفايا لأنشطة إيران وحزب الله بالغرب
وظلّ الحظر الجزئي الذي تفرضه لندن على حزب الله، محلّ انتقاد من جانب عدد من الباحثين والمختصين في الشأن الإيراني، وقضايا الأمن والإرهاب بالغرب؛ حيث سبق أن أشار الباحث الأمريكي، ماثيو ليفيت، في زاويته بـ "منتدى فكرة" إلى أنّ موقف لندن القانوني من حزب الله لم يمنعه من الانخراط في سلوك إجرامي على الأراضي البريطانية، كما أنّه لم يردع الحزب من الانخراط في أنشطة مخالفة لمصالح المملكة المتحدة، فضلاً عن القيام بأنشطة إجرامية وإرهابية مختلفة في أوروبا، وإرسال نحو 7000 مقاتل لدعم نظام الأسد في سوريا، وتهريب مكونات صواريخ إلى اليمن؛ حيث قام الحزب بعد ذلك بتركيب بعضها وإطلاقها على السعودية، نيابة عن المتمردين الحوثيين اليمنيين.

ما الذي تغيّر؟
ثمة حملة قوية وتصعيد هائل في أوساط رسمية، سياسية ودبلوماسية، في أوروبا ومؤسساته الأممية والبرلمانية، تكثف من جهودها بهدف التضييق على أنشطة حزب الله وممارساته، كما تسعى لإنهاء الازدواجية التي يتم التعامل بها مع الحزب، لجهة وقف الدعم الذي يحظى به في عواصم أوروبية عديدة، وتجميد أرصدته وأمواله وممتلكاته، خاصة في ظلّ سياسة الضغط القصوى التي تلحق بإيران، من جانب الولايات المتحدة.

ظلّ الحظر الجزئي الذي تفرضه لندن على حزب الله محلّ انتقاد من جانب عدد من المختصين في الشأن الإيراني

فقد سبق قرار الحكومة البريطانية نشاط محموم من جانب مجموعة "تنسيق إنفاذ القانون المشتركة" بين الولايات المتحدة ودول أخرى، نهاية العام الماضي، التي تبحث في قضية مكافحة أنشطة حزب الله الإرهابية وغير المشروعة، بحسب وصفها، كما تزامن قرار المملكة المتحدة مع موافقة البرلمان الألماني، قبل أسابيع، على اقتراح يحضّ الحكومة في برلين على حظر جميع أنشطة حزب الله، المدعوم من إيران على الأراضي الألمانية، موضحاً أنشطته الإرهابية في سوريا.
ويقود السفير الأمريكي في برلين، ريتشارد غرينل، حملة في مقرات الاتحاد الأوروبي ببروكسل، بغية حظر ميليشيا حزب الله اللبناني بالكامل، وتصنيفها منظمة إرهابية، حيث صرّح السفير الأمريكي، بأنّ حظر حزب الله سوف "يحرمه من شبكات التمويل والتجنيد ويحدّ من انتقال العنف لأوروبا".

اقرأ أيضاً: الحوثيون وحزب الله: الطريق إلى فلسطين يمر من إيران!
وتُصنف ما يقرب من 57 دولة في الغرب حزب الله كمنظمة إرهابية، بصورة كاملة، وتضع ميلشياته، التي تراها مدعومة من إيران، على قوائم الإرهاب، بيد أنّ قرار الخزانة البريطانية ستترتب عليه عدة أمور، تتصل بما يفرضه القانون البريطاني من قواعد قانونية ملزمة تختص بأمور الإرهاب، وهو القانون المعروف بـ "قواعد الإرهاب والتمويل الإرهابي"، الصادر عام 2010.

ماهي تبعات القرار؟
القرار سيعني تجميد أرصدة الحزب وأصوله في المملكة المتحدة، ومنع أيّ شخص من التعامل مع أيّة جهات مالية أو اقتصادية يملكها حزب الله، وكذا، المشاركة في تمويل أيّ جهة تابعة له أو خدمتها، كما أوضحت وزارة الخزانة البريطانية في قرارها؛ أنّ الحزب قد "نفى علانية وبنفسه التفرقة بين جناحيه؛ العسكري والسياسي".
ويضاف إلى ذلك مجموعة من الاعتبارات القانونية التي أوضحتها الحكومة البريطانية، في بيان عام أصدرته بعد قرار الخزانة البريطانية؛ حيث سيعاقب القانون، بمدة قد تصل إلى السجن 10 أعوام، كلّ من تثبت عليه تهمة الانتماء إلى حزب الله أو في حال الترويج له.

اقرأ أيضاً: حزب الله في أوروبا: "التشيّع" أداة طهران للتمدّد الناعم في الغرب
وألمح البيان الصادر عن الحكومة البريطانية إلى الخطوات التي ستُجرى تجاه المؤسسات المالية والأفراد المنتسبين للحزب؛ حيث سيتمّ التحقق مما إذا كانت هناك حسابات أو أموال أو موارد اقتصادية للحزب، أو توفير أيّة خدمات مالية له، يعقبه تجميد هذه الحسابات، وغيرها من الموارد المالية، وتعليق تقديم أيّة خدمات مالية للحزب، ثم الامتناع عن التعامل مع هذه الأموال أو إتاحتها لهذا الكيان المنصوص عليه في القرار، ما لم يكن مرخصاً من قبل مكتب تنفيذ العقوبات المالية (أوفسي). وعليه؛ يتم إبلاغ "أوفسي" بأيّة نتائج ومعلومات إضافية من شأنها تسهيل الامتثال للقرار، وتقديم أيّة معلومات تتعلق بالأصول المجمدة للأشخاص المدرجين في القرار.


ومن جهته، يشير الدكتور محمد الجبوري، الكاتب والمحلل السياسي، إلى أنّ "ما تفعله بريطانيا هو خطوة في الاتجاه العام نفسه الذي تشكله الإدارة الأمريكية الحالية، في مواجهة إيران وأذرعها المتعددة بالمنطقة، وكذا في مواجهة الجماعات الردايكالية الشيعية المرتبطة بالحرس الثوري؛ إذ إنّ هناك عمليات تحجيم ومواجهة قصوى لتجفيف كلّ منابع القوى المرتبطة بطهران".
ويضيف لـ "حفريات": "المواجهة التي دارت بين إيران وأمريكا على أرض العراق، كشفت حجم الانتقام الذي يبطنه الطرفان لبعضهما، كما أنّ ثمة رغبة عارمة في تقليم أظافر إيران حتى النهاية، وعلى ما يبدو؛ فإنّ الخناق الدولي الذي يضيق على الإيرانيين، بشكل واسع، يتطلب من جمهورية الولي الفقيه في إيران ضرورة التفكير بمراجعة حقيقية لسياسة بلاده في العالم والإقليم، وإلا ستكون محاصرته الاقتصادية والميدانية والسياسية أشدّ، كما لن تنفع الحيل التقليدية التي يقوم بها، حيث سيكون أمام خطر وجودي يهدّد نظامه بالفعل".


انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية