إخوان الجزائر من التناقض السياسي إلى التهديد باستخدام العنف

إخوان الجزائر من التناقض السياسي إلى التهديد باستخدام العنف


31/03/2021

اعتاد عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم (حمس)، الذراع السياسي للإخوان المسلمين في الجزائر، إثارة الجدل، في كل مرة يستشعر فيها هبوط أسهم الجماعة، ففي مؤتمر صحفي في أوخر شباط (فبراير) الماضي، هدد مقري، باستخدام العنف، إذا قام المتضاهرون بطرد قيادات حمس، من التجمعات الناظمة للمسيرات الاحتجاجية، التي تجددت مرة أخرى، مستعرضاً في أسلوب فج عضلاته، قائلاً في تحريض واضح :"شيش.. جرب تقرب من حركة مجتمع السلم"، ملوحاً باستخدام من سمّاهم "المهابيل" أو "المطروشين" أو "المجانين"!

يبدو أنّ الصراع السياسي في الجزائر، بات مفتوحاً على عدة احتمالات، فالدولة في مواجهة حاسمة مع التيار الإسلاموي، وفي نفس الوقت تحاول استيعاب مطالب الحراك الشعبي

وعاد مقري، ليهاجم التيار المدني، والذي وصفه بالمتطرف، قائلاً: "أحمل المسؤولية للتيار العلماني المتطرف، الذي أراد احتكار الحراك"، قبل أنّ يمارس الاتهامات الإخوانية التقليدية والمعلبة، حيث قال إنّ "التيار العلماني في الجزائر مخترق من عملاء فرنسا، والحركة الماسونية، ويريد السيطرة على الحراك". واصفاً التيار المدني بالخطر على البلاد.

توظيف الدين في خدمة الأيديولوجيا الإخوانية

من جهتها، وجهت زبيدة عسول، رئيس حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي، المعارض، نقداً لاذعاً لرئيس حمس، مؤكدة "كساد بضاعة الإخوان، وبأنّه لا مستقبل لهم في بلادها". لافتة إلى أنّ "كل المؤشرات الحالية تؤكد أنّه لا حاضر ولا مستقبل للإسلام السياسي في الجزائر"، كما نوهت إلى فشل التيارات الإخوانية في استقطاب الجزائريين، وانتقدت إصرار أذرع الجماعة على المتاجرة بالدين في السياسة، بوصفه أصبح "سجلاً تجارياً مربحاً لهم، لتحقيق مكاسب سياسية"، مطالبة بضرورة وضع حد لما وصفته بــ "المهازل غير الأخلاقية، والمنافية للشرع في حد ذاته"، وكذلك شددت عسول، على أنّ الإخوان "يريدون أن يضعوا أنفسهم وسطاء بين الله والشعب، من خلال سجل الدين، الذي يستعملونه غطاء لأطماعهم السياسية".

عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم (حمس)، الذراع السياسي للإخوان المسلمين في الجزائر

وكشفت عسول عن التناقض الحاد في آليات ومخرجات الخطاب السياسي، الذي تسخدمه حركة مجتمع السلم، بقولها: "هم يعترفون بأنّ الانتخابات مزورة، لكنهم يقولون إنّنا قوة سياسية، لكن ما هو الميزان الذي قاسوا به هذه القوة؟ هل وجودهم في البرلمان في كل التشريعيات؟"، قبل أنّ تؤكّد أنّ "حركة مجتمع السلم، كانت في الائتلاف الداعم لبوتفليقة، في عهداته الثلاثة". ما يكشف الطابع الانتهازي للحركة، وقدرتها على التلون السياسي، بحسب المصالح التي تستهدف الوصول إليها.

الرئيس يحذر والجيش يتضامن

من جهته، حذر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، مروجي الشائعات التي استهدفت علاقته بالجيش، في إشارة إلى الإخوان الذين تداولت منابرهم، مؤخراً، وكذا صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أنباء كاذبة، عن تدهور العلاقات بين الرئيس وقيادات الجيش، كما تداولت أيضاً جملة من الشائعات، التي وصفها الرئيس بالمغرضة، حول محاولة فاشلة لاغتياله، في سياق حملة الأكاذيب، التي صاحبت رحلته العلاجية إلى ألمانيا، في أعقاب إصابته بفيروس كوفيد-19.

اقرأ أيضاً: الجزائر تواصل محاصرة الإخوان... وتحبط مخططاً إرهابياً

يذكر أنّ عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، مارس ضغوطاً هائلة، متسائلاً أكثر من مرة عن صحة الرئيس، وبأسلوب دعائي يحمل تشكيكاً في الرواية الرسمية، طالب بإظهار الرئيس عبر الفيديو، للتأكد من وجوده على قيد الحياة، وذلك في الوقت الذي كان فيه تبون، يتلقى العلاج.

الرئيس الجزائري أكّد في ظهوره الأول، بعد شفائه أنّ "الجيش الجزائري وصل إلى درجة من الاحتراف والمهنية، بشكل بعيد عن السياسة تماماً"، لافتاً في حزم إلى أنّ "الجيش منضبط ووطني، ويساير تعليمات الرئيس بشكل تام".

حذر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، مروجي الشائعات التي استهدفت علاقته بالجيش

واتهم الرئيس تبون، التيار الإسلامي بشكل صريح، وخاصّة إخوان الخارج، بالبلبة وإثارة الشائعات، قائلاً في نبرة تحمل الكثير من المرارة الساخرة: "دعاة الدين والأخلاق، وهم لا يملكون ذرة أخلاق"، مؤكّداً وجود أدلة تؤكّد أنّ "دعاة الدين والأخلاق، وراء شائعات وفاته أو اغتياله أو تفجيره"، وأنّ الأجهزة الأمنية رصدت عدة تحركات واجتماعات لخلايا، تأتمر بأمر التنظيم في الخارج"، واصفاً إياهم  بـ"الخبارجية"، في إشارة إلى المصطلح الذي استخدم للدلالة على عملاء فرنسا، إبان ثورة التحرير الجزائرية.

ماهر فرغلي: الفشل الشعبي، دفع عبد الرزاق مقري، تجاه التفاوض مع السلطة، والبحث عن نوع من المحاصصة، وهو الأمر الذي لن يفلح، لضعف الوزن النسبي للجماعة

كانت مصادر أمنية جزائرية، قد كشفت النقاب عن رصدها اجتماعاً سرياً، ضم عناصر من جماعة الإخوان المسلمين، وجبهة الإنقاذ المصنفة على قوائم الإرهاب في الجزائر، بهدف رفع شعارات معادية لدولة عربية، يتهمها الإخوان بالتآمر عليهم، وكذلك إشاعة الفوضى أثناء الحراك الشعبي.

من جهته، يؤكد ماهر فرغلي، الباحث المصري في الحركات الإسلامية، أنّ المجتمع الجزائري بات يفهم الإخوان جيداً، بعد أن مر بتجربة مريرة أثناء ما يعرف بالعشرية السوداء، لافتاً إلى أنّ محاولات الإخوان، وشتى أطياف الحركة الإسلامية، التموضع داخل الحراك الشعبي، سوف تبوء بالفشل، بسبب عوامل التفكك والتفرق التي أصبحت تنتاب مكونات التيار الإسلامي، ورغم ذلك فإنّ عبد الرزاق مقري، يحاول بشتى الطرق، إيجاد موضع قدم في الداخل، بصفته الإخوانية المعلنة، بوصفه عضواً في التنظيم الدولي للجماعة، ومجلس الشورى الإخواني العالمي.

الباحث المصري في الحركات الإسلامية ماهر فرغلي

وبحسب تصريحات فرغلي التي خصّ بها "حفريات"، فإنّ جهود مقري، لم تحقق المرجو منها، وهو الأمر الذي تجلى في الاستفتاء الأخير حول الدستور، حيث فشل في تحريك الشارع تجاه التصويت بالرفض، وهو ما دفعه تجاه الدخول في مفاوضات مع السلطة، حيث اجتمع مؤخراً بالرئيس، في محاولة لاستغلال الديموقراطية، للتمدد السياسي، بعد أن فشل في اختراق الحراك الشعبي، وعجز عن امتلاك ورقة تمكنه من الضغط، للحصول على مقاعد في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ما يعني أنّ الفشل الشعبي، دفع مقري تجاه التفاوض مع السلطة، والبحث عن نوع من المحاصصة، وهو الأمر الذي لن يفلح أيضاً، لضعف الوزن النسبي للجماعة، سواء في الساحة السياسية، أو في المجتمع الجزائري.

اقرأ أيضاً: الانتخابات المبكرة تشق صفوف إخوان الجزائر

وعليه، يبدو أنّ الصراع السياسي في الجزائر، بات مفتوحاً على عدة احتمالات، فالدولة في مواجهة حاسمة مع التيار الإسلاموي، وفي نفس الوقت تحاول استيعاب مطالب الحراك الشعبي، من خلال سلسلة من الإصلاحات، بينما يسعى الإخوان إلى استغلال الموقف، وإشاعة أكبر قدر ممكن من الفوضى، ومحاولة ركوب موجة الحراك الشعبي كعادتهم، لتحقيق أجندتهم الخاصّة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية