إخوان ليبيا يجرون مناورة جديدة.. ما أبرز مخططاتهم؟

إخوان ليبيا يجرون مناورة جديدة.. ما أبرز مخططاتهم؟


03/05/2021

تستعد جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجرى في 24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، محاولةً جمع شتات الجماعة الشعبي، والعودة إلى الواجهة بعد هبوطها المدوّي بسبب ممارسات قادتها، وتوظيف الميليشيات المسلحة لتحقيق أهدافها، والدفع في اتجاه تحويل ليبيا قاعدة عسكرية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

 

جماعة الإخوان المسلمين الليبية تعلن انتقالها إلى جمعية "الإحياء والتجديد" استعداداً للانتخابات

 

وقد أعلنت جماعة الإخوان المسلمين الليبية، أمس، انتقالها إلى جمعية "الإحياء والتجديد"، بزعم أنّ المدخل الحضاري للتغيير والنهضة هو العمل المجتمعي، للإسهام في قيام مجتمع مدني لا يضيق بالتنوع والاختلاف".

وقالت الجماعة، في بيان نشر اطلعت عليه "حفريات": "نعلن لكل الليبيين أنّ الجماعة قد انتقلت بتوفيق الله وعونه إلى جمعية تحمل اسم (الإحياء والتجديد)، إحياءً بالدعوة إلى التمسك بمنهج الإسلام الوسطي وتعاليمه".

وأفادت بأنّ هذا التطور جاء عقب مؤتمري الجماعة الـ10 والـ11، وبعد جولات من الحوار والبحث انتظم فيها أعضاء الجماعة في ورش عمل متعددة.

ودعت جمعية "الإحياء والتجديد"، في بيانها، "أبناء وبنات الوطن إلى التعاون والعمل معنا لتحقيق ما نصبو إليه جميعاً لرفعة الوطن، وترسيخ هويته الجامعة".

وزعم العضو السابق بجماعة الإخوان المسلمين الليبية، عضو حزب "العدالة والبناء"، عبد الرزاق سرقن، في تصريح نقلته وكالة الأناضول، أنّ "الجماعة رأت أن يكون عملها داخل ليبيا فقط، لهذا انتقلت إلى جمعية الإحياء والتجديد".

وأضاف سرقن: "هكذا أصبحت الجماعة لا تتبع أي جهة خارج ليبيا، ولا تتبع جماعة الإخوان المسلمين عالمياً، وإنما صارت جمعية تعمل داخل الوطن فقط".

 

سرقن: هكذا أصبحت الجماعة لا تتبع لأي جهة خارج ليبيا وتعمل داخل الوطن فقط، ولا تتبع جماعة الإخوان المسلمين عالمياً

 

بالمقابل، أجمع مراقبون ومحللون ليبيون على أنّ إعلان تنظيم الإخوان في بلادهم عن تغيير اسمه وهويته وانتقاله إلى جمعية تحت اسم "الإحياء والتجديد" هو "مناورة إخوانية" الهدف منها تجديد نفسه وإعادة تنظيم صفوفه للوصول إلى السلطة عبر الانتخابات القادمة، خاصة بعد تراجع شعبية هذه الجماعة داخل ليبيا، وتلقيها عدة ضربات وخسائر أدت إلى انقسامها، إضافة إلى انكشاف خططها وارتباطاتها بالتنظيمات المتطرفة والإرهابية.

واعتبر المحلل السياسي فرج الفركاش في تصريح لـ"العربية" أنّ الغرض من تغيير الاسم، كما هو معلن، هو نفض عباءة جماعة "الإخوان" المعروفة بارتباطاتها الخارجية، خاصة مع الجماعة الأم في مصر، ومحاولة التموضع داخلياً، مضيفاً أنه اعتراف منهم بأنّ اسم "جماعة الإخوان المسلمين" أصبح عبئاً بعد أن تم تصنيفه في بعض الدول العربية جماعة إرهابية.

وأضاف فركاش: إنّ انخراط هذه الجماعة تحت اسمها الجديد "الإحياء والتجديد" في العمل السياسي ما يزال أمراً غير معلوم، لافتاً إلى أنّه سيكون من الصعب التخلي عن إرث الماضي بوجود القيادات الحالية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بـ"جماعة الإخوان" التقليدية، والتي ستكون أمام مهمة صعبة لاستعادة ثقة الشارع الليبي، خاصة بعدما لطخت الحقبة الماضية، من استحواذ على بعض المؤسسات وتمكينها فيها وحرب "فجر ليبيا"، وتغاضيها عن بعض الجماعات المصنفة إرهابياً، وأحياناً دعمها لها سياسياً ومادياً، وعدم اعترافها المبكر بوجود الإرهاب، قد لطخت من سمعتها أكثر، وجعلت منها مادة إعلامية ثرية، وقلّلت من حظوظها في كسب أي مقاعد في انتخابات برلمانية سابقة أو قادمة.

 

الفركاش: الغرض من تغيير الاسم هو نفض عباءة جماعة الإخوان المعروفة بارتباطاتها الخارجية ومحاولة التموضع داخلياً

 

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي سامي عاشور: إنّ تغيير الإخوان لهويتهم في ليبيا جاء للهروب من الضغوط المسلطة عليهم داخلياً وخارجياً، خاصة بعد تضييق الخناق عليهم في تركيا وتحسن علاقات أنقرة ومصر، مشيراً إلى أنها عوامل أساسية دفعتهم إلى التجهيز لعملية استباقية لتفادي أي تضييق أو "خناقات" قادمة، وكذلك لتغيير ديناميكية العمل لديهم إلى العمل الجمعياتي، الذي يعتبر أكثر مرونة وأكثر اتساعاً، لأنّ الغطاء الجمعياتي يغطي على كافة الأنشطة، ومن أهمها التمويل الوارد والصادر لتحقيق مآربهم.

وتابع عاشور: إنّ هذه الخطوة هي مناورة من تنظيم الإخوان لإثبات وجوده، متوقعاً أن ينجح مرّة أخرى في التلاعب بعقول الناس والوصول إلى أهدافه بدعم دولي.

أمّا المدوّن خالد درنة، فقد أكد أنّ تغيير تنظيم الإخوان "لجلده ولونه وأسلوبه" وانتقاله إلى جمعية "الإحياء والتجديد"، دلالة على أنّ هذه الجماعة أصبحت تشعر بالخطر على مستقبلها، بعد أن أدركت أنها باتت منبوذة سياسياً واجتماعياً في ليبيا، وسقوطها وخسارتها حتمية إذا تمّ تنظيم انتخابات.

من جهته، قال المحلل السياسي الليبي محمد العبيدي: إنّ بيان تنظيم الإخوان ما هو إلا محاولة سياسية لتعويض الخسائر التي تلقاها مؤخراً بانحصار دوره في العملية السياسية.

وأضاف العبيدي في تصريح نقلته "سكاي نيوز": إنّ التنظيم تلقى مؤخراً ضربات عدة، بعضها كان من داخله، وآخر تلك الضربات كانت تقديم عدد من أعضائها في ليبيا استقالات جماعية، وإعلانهم إغلاق مكتب الجماعة بمنطقة الزاوية اعتراضاً على ما تتعرض له البلاد.

وتابع العبيدي: إنّ الجماعة فقدت سلطتها في ليبيا، واصطدمت بالعديد من الاستقالات والانشقاقات وحالات تمرد متعددة، أشهرها انسحاب خالد المشري من الجماعة مطلع عام 2019.

عاشور: تغيير الإخوان لهويتهم جاء للهروب من الضغوط الداخلية والخارجية، وبعد تضييق الخناق عليهم في تركيا

 

وأشار إلى أنّ انسحاب المشري كان هزة كبيرة داخل أروقة الجماعة، وجاءت بعدها تهديدات من عناصر الإخوان في مصراته بالانسحاب أيضاً اعتراضاً على سياسة قادة الجماعة، التي وصفت من قبل الكثير بالجنونية.

وأوضح أنّ ما فعله التنظيم وما ورد في البيان كان متوقعاً، وخاصة أنّه في الفترة الأخيرة عقدت الجماعة اجتماعات على أعلى مستوى شارك فيها قياديوها من تنظيم الإخوان الدولي بتركيا في محاولة لتعويض خسائر الجماعة والتخطيط للظهور بشكل يتقبله الليبيون.

أمّا المحلل السياسي محمد جبريل اللافي، فقد قال للمصدر نفسه: "إنّ الليبيين اعتادوا على مثل هذه المناورات الفاشلة من جماعة أساس فكرها متطرف، مشيراً إلى أنّ هذا الفكر لم يستطع إقناع أحد بمنهجيته وعقيدته.

وأوضح اللافي أنّ هذه الجماعة قد ثبت فشلها في الوصول إلى السلطة من خلال صناديق الاقتراع، والآن تحاول أن تسوّق نفسها على أنها الوكيل الوحيد للدعوة الإسلامية، وهي الوحيدة التي تتحكم في الدعوة الإسلامية، كنوع من الضغط على الليبيين بأنّ من يخالفهم قد يقع في خطأ مخالفة الشرع.

وتابع اللافي أنّ هذا البيان يحاول أن يسوّق بشكل مضلل ومزوّر بأنهم تعرضوا لتشويه، إلا أنّ الحقيقة عكس ذلك تماماً، فالكل شاهد تصريحات مباشرة من عناصر تنظيم الإخوان اعترفوا بأنهم كانوا داعمين لنمو جماعات متطرفة في ليبيا، كما أنّ قنواتهم التلفزيونية تعج بتصريحات لقيادات الإخوان التي تثني على مجالس إرهابية متحالفة مع أنصار الشريعة وأنصار القاعدة.

 

العبيدي: الجماعة فقدت سلطتها، وتغيير الاسم محاولة لتعويض خسائر الجماعة، والتخطيط للظهور بشكل يتقبله الليبيون

 

أمّا الباحث السياسي إبراهيم الفيتوري، فقد قال، بحسب "سكاي نيوز": إنّ جماعة الإخوان عندما أعلنت عن نفسها في ليبيا عام 2011 كانت تدّعي أنها ستمارس عملاً دعوياً وإرشادياً فقط، وأنّ هدفها في الأساس نشر الدين وقيم الإسلام، في محاولة منها لكسب قطاع كبير من الشعب الليبي في صفوف الجماعة.

وأضاف: إنّ جماعة الإخوان فعلياً لم تعمل وفق ما أعلنته من مبادئ، وكانت تمارس عملاً سياسياً واضحاً، وخالفت القوانين واللوائح، ورأينا أعضاء من هذه الجماعة يتولون مناصب في الدولة، ورأينا أحزاباً موالية لهذه الجماعة.

وتابع: إنّ تنظيم الإخوان مرّ بمراحل عديدة في ليبيا، هيمن فيها في بعض الأوقات على القرار السياسي، واحتل أعضاء الجماعة وقادتها مؤسسات الدولة، ولكننا وصلنا إلى هذا اليوم الذي صارت فيه الجماعة منبوذة عند الشعب الليبي، حيث إنّ الليبيين تيقنوا من أنّ وضع جماعة الإخوان غير مرحب به، لأنها تجاوزت الأعراف والعقد المبرم بين الكيانات السياسية والليبيين بعد أن أغرقتهم في الفوضى.

وأشار إلى أنّ جماعة الإخوان وصلت إلى حائط مسدود، بعد أن فقدت القاعدة الشعبية والتمثيل السياسي داخل الحكومة الجديدة، ولهذا فإنه من الطبيعي أن يدخلوا في عملية إعادة تموضع بأسماء أخرى.

واستشهد الباحث السياسي بحالة الانشقاقات التي ضربت الجماعة مؤخراً، قائلاً: "حتى قيادات الجماعة انسحبت وخرجت من التنظيم، وهي مناورة مكشوفة منهم لإعادة طرح نفسهم بشكل جديد بعيد عن الجماعة".

وقد أطلق عدد من الناشطين حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، تعبّر عن رفضهم لفرض آلية انتخابات تحرم الشعب الليبي من الاقتراع بشكل مباشر في الانتخابات الرئاسية.

هذا، وبدأ تنظيم الإخوان في ليبيا مؤخراً في افتعال أزمة سياسية جديدة، بعد خلافات حول الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي يأمل كثيرون أن تخرج البلاد إلى برّ الأمان.

ويصرّ الإخوان على اختيار الرئيس الجديد لليبيا عبر اقتراع النواب، وليس عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر.

ويرى خبراء سياسيون في ليبيا أنّ تنظيم الإخوان أدرك أنّ شعبيته باتت معدومة تقريباً، وأنّ الاقتراع المباشر من الشعب سيساهم بشكل كبير في إسقاط مرشحهم، أو أي شخص يدعمونه في هذه الانتخابات.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية