إرهابي وزيراً في حكومة الوفاق الليبية.. تعرّف إليه

إرهابي وزيراً في حكومة الوفاق الليبية.. تعرّف إليه


24/06/2020

لا تشتهر بريطانيا بغسل الأموال فحسب، بل وغسل الإرهاب أيضاً؛ فكما تذهب الأموال غير الشرعية إليها لتعود نظيفة، كذلك يذهب الإرهابي إلى لندن ليعود بعد عدة أعوام نظيفاً إلى وطنه الأم، حين تأتيه فرصة للعب دور في مصيرها، تنفيذاً لأجندة غريبة تجمع مصالح التنظيم الدولي للإخوان ومن ورائه جماعات عدة مُصنفة إرهابية، وبريطانيا، وجاءت فرصة العمر في 2011.

يرى متابعون للحركات الإرهابية في ليبيا؛ أنّ تسلّم محمد عماري حقيبة وزارة التعليم، منح حركة التجمع الإسلامي (المتطرفة) زخماً جديداً

محمد عماري زايد؛ بطل إحدى قصص غسيل الإرهاب هذه، فهو جهادي من الجيل الثاني في ليبيا، تربّى على يد الجيل الأول الذي شارك في الحرب السوفيتية- الأفغانية.

شارك عماري في الأنشطة الإرهابية لـ "حركة التجمع الإسلامي الليبي"، أثناء إقامته في ليبيا، ثم في ملجئه في مانشستر، إلى أن تمّت إطاحة القذافي، عام 2011، إذ تغيّر مسار حياته، ليعود إلى بنغازي كواجهة سياسية لنشاط الجيل الثالث من الإرهابيين من أنصار الشريعة، ومجلس شورى ثوار بنغازي، ليتمكّن من تأمين مكانة لنفسه ضمن زمرة الإسلام السياسي التي تصدرت المشهد في طرابلس، وشارك في اتفاق الصخيرات، وأصبح عضواً في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، عام 2016، ثم وزيراً للتعليم عام 2018.

ربيب الجماعة الإسلامية المقاتلة

نشأ محمد عماري في مدينة بنغازي، التي كانت محطة مهمة لتجمّع الحركات الإرهابية في ليبيا، منذ ثمانينيات القرن العشرين، واختلط منذ حداثته بأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة الليبية المقاتلة، ثم انضم إلى حركة "التجمّع الإسلامي الليبي"، عقب تأسيسها عام 1990، وكان عمره آنذاك 18 عاماً.

شارك عماري في الأنشطة الإرهابية لـ "حركة التجمع الإسلامي الليبي"

شارك عماري في نشاط الحركة التي أسسها أعضاء سابقون في الإخوان والجماعة المقاتلة، وتبنوا العنف منهجاً لفرض أفكارهم على المجتمع الليبي، ونَشط في الحركة لمدة 8 أعوام في ليبيا، وعام 1998، أثناء سفره لحضور دورة تدريبية في دولة أوروبية (لم تُحدَّد في سيرته)، داهم الأمن الليبي منزل عائلته، بحثاً عنه لاعتقاله، فبقي العماري هارباً خارج ليبيا، وانتقل إلى مانشستر في بريطانيا، حيث عمل إماماً وخطيباً لمسجد الحكمة لعدة أعوام، ولم يتوقف عن نشاطه في الحركة، بل تعمّقت صلاته بأعضاء الإخوان والجماعة المقاتلة الهاربين إلى لندن، وفق سيرته المنشورة على صفحة "حزب الرسالة" على الفيسبوك.

اقرأ أيضاً: التيار الإسلامي في ليبيا

ورغم تخليه الظاهري عن العنف أثناء إقامته في بريطانيا، إلا أنّ صلاته بأفراد يتبنون العنف والإرهاب لم تنقطع، مثل أغلب أعضاء الجماعات الإرهابية الفارين إلى بريطانيا؛ حيث حافظ هؤلاء على صلات قوية ومعارف في الدوائر التي تنتهج العنف، وترتبط بتنظيم القاعدة الأم وفروعه.

ألقى تفجير مانشستر 2017 الضوء على مسؤولية إخوان ليبيا والجماعة المقاتلة في بريطانيا عن التفجير؛ إذ إنّ هؤلاء بمثابة الأساتذة الذين نقلوا التطرف إلى الجيل الثالث من الإرهابيين في ليبيا، والذي نشأ عقب 2011.

اقرأ أيضاً: العائدات بالمليارات.. كيف أخذ أردوغان حكومة طرابلس "رهينة"؟

في تقرير نشرته "نيوزويك" عن تفجير مانشستر، سلطت فيه الضوء على أعضاء الجماعة الإسلامية المقاتلة في بريطانيا، صُنِّف محمد عماري زايد ضمن أتباع الجماعة؛ بسبب اتفاقه الفكري والمنهجي مع نهجها الإرهابي، وتحدث التقرير عن علاقة الجماعة بأسامة بن لادن.

وفي التقرير؛ ذكر محمد الجارح، الزميل غير المقيم في المجلس الأطلسي (مؤسسة بحثية)؛ أنّ علاقات قوية تربط الأعضاء السابقين الذين تخلوا عن العنف بالأعضاء المتشددين الذين لهم علاقات بالتنظيمات الإرهابية مثل القاعدة، وإن لم يكن هؤلاء يؤمنون بطريق الجهاد، إلا أنّهم يحتفظون بأشخاص في دوائرهم ممن ظلوا على فكرهم المتشدد، كباب خلفي للبقاء على صلاتهم بالإرهابيين، إذ ربما يحتاجون إليهم.

اقرأ أيضاً: عبد الحكيم بلحاج.. عراب تركيا لنقل المرتزقة والمسلحين إلى ليبيا

ما ذكره الجارح ينطبق على محمد عماري؛ الذي تمكّن باحتفاظه بصلات قوية بالمتطرفين والجماعات الإرهابية في بنغازي من تأمين مكانة لنفسه عقب العودة في 2011.

ونشر موقع "المرصد" خبراً عن وثيقة صادرة عن جهاز الأمن البريطاني، موجهة إلى السلطات الليبية عام 2008، اطلعت المرصد على نسخة منها، أكّدت أنّ السلطات البريطانية لديها معلومات تشير إلى استمرار ميول حركة التجمع الليبي للعنف بغية استبدال نظام الحكم فى ليبيا، وإقامة دولة إسلامية، وأشارت إلى أنّ عدد عناصر التنظيم يبلغ حوالي 450 شخص، منهم ما بين 300 إلى 400 شخص يتواجدون فى بنغازي، كما صنفت 22 اسماً منهم في بريطانيا على أنهم أنشط عناصر الحركة، وكان من بينهم: محمد عماري زايد، ويوسف هارون، والمهدي البرغثي.

علاقة وطيدة بأنصار الشريعة

جمعت علاقة وطيدة، غير معلنة، عماري وجماعة أنصار الشريعة، المصنفة إرهابية، لكن يمكن تتبع الصلات بينهما؛ ففي تقرير نشره "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" عن الجماعات الإرهابية في ليبيا، ذكر أنّ الجيل الثاني والثالث من الجماعة الليبية المقاتلة ما يزال ينتهج العنف والإرهاب، وأنّ قادة أنصار الشريعة هم من الجيل الثاني للجهاديين الليبيين.

تجمع عماري علاقة قوية بتركيا، وتحدثت تقارير عن دوره في وصول الأموال والأسلحة إلى الجماعات المتطرفة

ولد عماري عام 1973، وعاش في بنغازي، وينتمي إلى الجيل الثاني من الإرهابيين في ليبيا، وكان عمره 39 عاماً، عقب إطاحة القذافي، وتأسيس جماعة أنصار الشريعة الإرهابية، وتكشف المكانة القوية التي حققها عماري بشكل سريع في بنغازي امتلاكه شبكة واسعة من العلاقات مع الجماعات المسلحة في المدينة، تحديداً التي تشترك معه في الفكر الجهادي، ومن هؤلاء أنصار الشريعة، وعدد من الجماعات الإسلامية المتطرفة، التي شكّلت فيما بعد مجلس شورى بنغازي مع أنصار الشريعة.

إلى جانب ذلك؛ جمعت عماري علاقة وطيدة بعدد من قادة تلك الجماعات الإرهابية، وذكرت تقارير متعدّدة تقديمه الدعم المالي لها؛ ففي 2017، حين دان المجلس الرئاسي هجوم سرايا الدفاع عن بنغازي، المصنفة إرهابية عربياً ومحلياً، على منطقة الهلال النفطي، رفض كلٌّ من عماري وعبد السلام كاجمان (عضو جماعة الإخوان)، المصنفة إرهابية في عدة دول، البيان الرئاسي، وأعلنا دعمهما للهجوم الذي قامت به الميليشيات، وفق تقرير عن مراقبة الإرهاب، نشره موقع جامعة "جيمس تاون".

اقرأ أيضاً: لن تقوم دولة للإخوان في ليبيا

فوق ذلك؛ نعى عماري الإرهابي وسام بن حميد، زعيم "مجلس شورى ثوار بنغازي" عام 2018، عقب مقتله على يد قوات الجيش الوطني الليبي، في عملية تطهير بنغازي من الإرهابيين.

ورأى عماري في بيانه الذي نشره في حسابه الرسمي على فيسبوك؛ أنّ "(بن حميد) فقيد الوطن وأحد رموز ثورة فبراير المباركة، وأنّه قاد معارك الثورة ووقف في مواجهة مشروع الثورة المضادة إلى أن لقي ربّه شهيداً، بإذن الله"، وفق ما سجّله موقع "المرصد".

إرهابي بدرجة وزير

حصل عماري على بكالوريوس الهندسة عام 1994، وحصل على الماجستير ثم الدكتوراه في الهندسة من بنغازي ثم بريطانيا.

عام ٢٠١٢؛ شارك عماري، عبر حزب "الرسالة" الذي أسسته حركة التجمع الإسلامي، في قائمة كبيرة من بنغازي في الانتخابات، ولم يحقق نجاحاً يذكر، لكنّه حصل على عضوية المؤتمر الوطني العام، وشارك في تشكيل "كتلة الوفاء" التي ضمّت عناصر من الإخوان والمتطرفين ضدّ العلمانيين والتيار المدني، كما شارك محمد عماري كعضو لجنة الحوار السياسي في اتفاق الصخيرات، الذي جرى في تونس عام 2015، وتمّ اختياره عضواً بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ثم تولى حقيبة وزارة التعليم عام 2018.

اقرأ أيضاً: ليبيا بين حسابات الشرق والغرب

تجمع عماري علاقة قوية بدولة خليجية متحالفة مع الإخوان وتركيا، وهناك تقارير تحدثت عن دوره في تنسيق وصول دعم من تلك الدولة بالأموال والأسلحة إلى الجماعات المتطرفة أثناء الثورة على القذافي، إلى جانب دوره القوي في التدخل العسكري التركي في البلاد.

يعدّ عماري حلقة وصل بين فلول الجماعات الإرهابية في ليبيا وتركيا، التي توظف الإرهابيين للإضرار بالأمن الإقليمي، خصوصاً الأمن المصري.

ويرى متابعون للحركات الإرهابية في ليبيا؛ أنّ وصول محمد عماري إلى عضوية المجلس الرئاسي، وحقيبة وزارة التعليم، منح حركة التجمع الإسلامي (المتطرفة) زخماً جديداً لاستعادة نشاطها، بما تمثّله من خطر على الأمن الليبي.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية