الإخوان المسلمون: كربلائية معتادة وتخبط سياسي واختراقات وانحياز للتطرف

رفع الإخوان المسلمون هذا الأسبوع شعارات المظلومية، بحلول ذكرى فضّ اعتصام رابعة المسلح، وطالبت الجماعة عبر منابرها حول العالم بالتدخل الدولي في مصر، وكانت وفاة القيادي الإخواني عصام العريان مناسبة لكشف مدى التنسيق بين الأذرع السياسية للجماعة في العالم العربي.

في الذكرى السابعة لفضّ اعتصام رابعة المسلح مارست جماعة الإخوان مظلوميتها المعتادة

وفي تونس تحاول الجماعة الخروج من النفق الضيق الذي وضعها فيه رئيس الحكومة المكلف، هشام المشيشي، بإعلان نيته عن تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة، وفي المغرب واصلت المنظومة الصحية في ظل حكم "العدالة والتنمية" تدهورها، وسط عجز كبير عن التصدي لوباء كورونا، وفي ليبيا استمر حزب "العدالة والبناء" الإخواني بنهج تمكين تركيا من مقدّرات بلاده، في حين كشف الإخوان المسلمون في السودان عن وجههم المتشدّد، وتحالفهم مع حزب التحرير المتطرّف.

كربلائية رابعة وتزييف الحقائق

في الذكرى السابعة لفضّ اعتصام رابعة المسلح، مارست جماعة الإخوان مظلوميتها المعتادة، في سياق من الأكاذيب المتعمدة، بتضخيم وتزييف الأرقام، وتجاهل ترسانة الأسلحة التي انكشفت بالصوت والصورة، إبّان صدور حكم قضائي بفضّ الاعتصام، الذي حاول أصحابه إقامة دولة موازية، مع التحريض على التدخل الخارجي، والدفع بالأطفال والنساء والعجائز، وشراء الفقراء بالمال، لتضخيم صورة اعتصام، مهما بلغ عدد المشاركين فيه، فهو محدود بمكان ضيق في ميدان رابعة العدوية.

خرجت جماعة الإخوان كعادتها ببيان كاذب جملة وتفصيلاً، وصفت فيه الاعتصام المسلح بـ"السلمي"، وادّعت أنّ المدرّعات والمجنزرات "اقتحمت الميدان، واعتلى القناصة أسطح المنازل، وحلّقت الطائرات الحربية في سماء الميدان، فقتلوا وجرحوا الآلاف بدم بارد، وأزالوا الجثث بالجرّافات، وألقوا بها في مقابر جماعية غير معلومة!".

ولا تتعرض الجماعة بطبيعة الحال لحقيقة مقتل 43 من رجال الشرطة أثناء فضّ اعتصام "سلمي"، ومن قتلهم!

اقرأ أيضاً: الإخوان في الميزان: كيف سقط التنظيم بعد عشرين عاماً من تأسيسه؟

كما وصفت جماعة الإخوان المسلمين، المعارضة التي أزاحت الرئيس الإخواني الراحل محمّد مرسي، بــ"الخوارج الخارجين على "ولي الأمر""، ما يعني أنّ التنظيم "الربّاني"، كان ينوي الاستمرار إلى الأبد، مانحاً وجوده في السلطة صبغة دينية، يجري من خلالها تكفير المعارضة، باعتبار الرئيس ولي أمر تجب طاعته.

وفي إطار سعيه الدائم إلى تدويل الخلافات السياسية، واستدعاء التدخل الخارجي، كثف المركز الإعلامي للإخوان المسلمين في لندن دعايته بمناسبة حلول ذكرى فضّ اعتصامي رابعة والنهضة، داعياً إلى التدخل الدولي. وفي إسطنبول نظّم فلول الإخوان وقفة احتجاجية للتنديد بالنظام المصري، شارك فيها العشرات، كما نظّم التنظيم الدولي عدة وقفات محدودة العدد في بريطانيا وفرنسا وهولندا، وتحت شعار "رابعة لن ننساك ما حيينا"، دعا المجلس التنسيقي للجالية المصرية الذي يسيطر عليه الإخوان المسلمون في النمسا، للمشاركة في تظاهرة السبت ١٥ آب (أغسطس) الجاري بوسط فيينا.

وفاة العريان تكشف تنسيق الإخوان

تعاطت الأذرع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين مع وفاة القيادي الإخواني عصام العريان، إثر أزمة قلبية داهمته في محبسه، بنوع من التكاتف الجماعي، ما يكشف ادعاءات الاستقلال عن التنظيم الدولي، ويكشف مدى التنسيق بينها، ففي الوقت الذي خرجت فيه الجماعة ببيان يحمّل الحكومة المصرية المسؤولية، ويتهمها بقتل القيادي الإخواني، ادّعى الرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي، عرّاب الجماعة في تونس، إخفاء الحكومة المصرية لجثمان العريان، حتى لا تنكشف الجريمة، وهو الأمر الذي أثبتت تصريحات أسرة العريان عدم صحته، حيث سمح لها بتسلم الجثمان وتشييعه وسط إجراءات أمنية.

ومن تونس أيضاً، خرج بيان عن حركة النهضة، يفتقد إلى أبسط قواعد الدبلوماسية، من طرف يُعتبر شريكاً في الحكم، مدّعياً وفاة العريان في "سجن ظالم ودون محاكمة عادلة وبإهمال متعمّد"، وتجاوز بيان حركة النهضة حدود التعاطي السياسي مع الحدث، ليكشف عن عمق الروابط الإيديولوجية مع جماعة الإخوان، حيث دعت الحركة "المنظمات الإنسانية والجمعيات الحقوقية في أنحاء العالم، وكذلك البرلمانيين الأحرار، إلى التدخل والضغط من أجل إطلاق سراح المساجين السياسيين في مصر".

اقرأ أيضاً: "الإخوان" وأحلام حكم العالم باسم "الخلافة"

وبصيغة هذا التدخل السافر نفسها في الشأن الداخلي المصري، خرج حزب التجمّع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في موريتانيا، ببيان فج، جاء فيه: "اغتالت يد الطغيان والظلم القائد البارز في جماعة الإخوان المسلمين في مصر الدكتور عصام العريان"!

بالمغرب انتقد نشطاء ضعف إجراءات حكومة حكم العدالة والبناء وعدم قدرتها على التصدّي للجائحة

وفي الجزائر، نشرت "حركة مجتمع السلم" الإخوانية، بياناً ذكرت فيه أنّ العريان "ارتقى شهيداً في محبسه داخل سجون الظلم والاستبداد والطغيان".

وفي المغرب، اتّهم عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة السابق، والأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذراع السياسي للإخوان، "النظام المصري بتتبع كل صغيرة وكبيرة لمواطنيه، واعتقال الجميع ووضعهم في ظروف بائسة تؤدّي بهم في نهاية المطاف إلى ما انتهى إليه العريان".

تشكيل حكومة تونس يصدم حركة النهضة

بعد إطاحتها بإلياس الفخفاخ، تعيش حركة النهضة أسوأ فصولها السياسية، وذلك عقب إعلان رئيس الحكومة المكلف، هشام المشيشي، نيته تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة، وقد رفضت حركة النهضة خيار الحكومة المستقلة، والذي يخرجها من الباب الكبير، حيث ادّعى القيادي، علي العريض، أنّ خيار حكومة مستقلة لا يتماشى مع حجم التحديات التي تواجه البلاد، متناسياً أنّ حركته ساهمت بشكل كبير في وجود مثل هذه التحديات.

من جانبه قال القيادي في النهضة، رفيق عبد السلام، صهر الغنوشي: إنّ "أضعف الحكومات هي حكومة التكنوقراط".

بينما قال محمّد الفوراتي، المكلف بالإعلام في مجلس شورى النهضة: إنّ "الوضع يتطلب حكومة وحدة وطنية والتوافق بين جميع الأحزاب والكتل السياسية"، ولأنّ الحركة باتت مهدّدة بالاستبعاد، لفت الفوراتي إلى أنّ "ما يجمع الأحزاب أكثر ممّا يفرّقها"!

من جانبه ألمح عماد الخميري، الناطق باسم النهضة، إلى احتمالية لجوء الحركة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، قائلاً: "إذا رأينا المصلحة في إعادة الانتخابات والرجوع إلى الشعب، فليس لنا الخشية، وموقف النهضة سيكون مبنياً على مصلحة التونسيين"، ما يعني العودة بالمشهد السياسي إلى نقطة الصفر، طالما لم تتحقق مصالح النهضة.

اقرأ أيضاً: هل تآمر أردوغان على شعبه لصالح "مشروع الإخوان"؟

وأكد نور الدين البحيري، رئيس شورى النهضة، أنّه أبلغ المشيشي بقرار مجلس شورى الحركة، الداعي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية سياسية ذات حزام سياسي وبرلماني واسع.

ويبدو أنّ الحركة ذاهبة نحو التصعيد، في حال تمّ استبعادها من تشكيل الحكومة المرتقبة، بعدما اتضح للجميع الدور التخريبي الذي مارسته، ومحاولتها توريط الدولة في قضايا خارجية خلافية، تبنّت فيها أجندات مشبوهة.

إخوان المغرب وتدهور الحالة الوبائية

اعترف رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، بأنّ المعركة مع فيروس كوفيد 19 طويلة، في ظلّ التفشي المتسارع للوباء، وكان بلاغ لجنة اليقظة قد أكد أنّه بعد تقييم الحالة الوبائية، خلصت النتائج إلى تسجيل تطوّر كبير في عدد حالات الإصابة خلال الأسبوع الفائت، ما دفع البروفيسور محمد أمين برحو، أستاذ التعليم العالي المتخصّص بعلم الأوبئة، بكلية الطب بفاس، إلى التصريح بأنّ "المغرب بات يسير نحو انتشار واسع لجائحة "كورونا، وأنّ الأمور تنذر بفقدان التحكم في الوضع الوبائي".

وانتقد نشطاء ضعف الإجراءات الحكومية، وعدم قدرتها على التصدّي للجائحة، التي أظهرت ضعف الهياكل الاقتصادية، وتدهور المنظومة الصحية، تحت حكم "العدالة والبناء"، وسخر آخرون من تدوينة نُشرت على صفحة العثماني، بحسابه على "فيسبوك"، مساء الجمعة 14 آب (أغسطس) الجاري، حيث قال: "أدوات الوقاية هي غسل اليدين بالماء والصابون، وتجنّب الازدحام وارتداء الكمامة، واحترام التباعد الجسدي، وتعقيم اليدين والأدوات التي نستعملها باستمرار". وكأنّه يحمّل المواطنين المسؤولية، ويخلي مسؤوليته بخطاب سطحي، يتجاهل دور الحكومة في تعميم الإجراءات الوقائية، وضبط الشارع، وفرض العزل الصحي على الأماكن الموبوءة، مع تعويض المتضرّرين.

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون: فوضى وتخبط ومحاولات لاستعادة التوازن

على جانب آخر، انتزع حزب "العدالة والتنمية" رئاسة جماعة البروج بإقليم سطات، بشقّ الأنفس، بعدما صوّت لصالح مرشحه 12 مستشاراً، مقابل11 صوتاً لمنافسه المنتمي لحزب الاتحاد الدستوري، جدير بالذكر أنّه بعد عزل رئيس الجماعة السابق، تولى حزب "العدالة والتنمية" التدبير خلال مرحلة انتقالية دامت 5 أشهر، حاول خلالها التمهيد لمرشحه، وإقصاء المعارضة، وعقد عدّة صفقات سياسية، حقق من خلالها هذا النجاح الهزيل.

اختراق المجال الرياضي بليبيا وانحياز للتطرّف بالسودان

في ليبيا، وقّع حزب "العدالة والبناء" الليبي، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، 5 مشاريع تطويرية وتنموية مع نادي السويحلي الرياضي، ومن بين هذه المشاريع؛ مشروع إنشاء بوّابة إلكترونية لمدخل النادي، وإنشاء ملعبين من العشب الصناعي، بالإضافة إلى صيانة الواجهة الأمامية للمبنى الإداري للنادي، كذلك تمّ توقيع عقد مشروع توريد وتركيب معدّات رياضية وتوريد وتركيب ألعاب ترفيهية للأطفال، بالإضافة إلى صالة بناء أجسام، تمّ توقيع اتفاقيتها مع القنصلية التركية بمصراتة، ما يكشف عن الدور الذي يلعبه الإخوان المسلمون لفتح أبواب المجتمع الليبي أمام الاختراق التركي، ومنح أنقرة مساحات نفوذ جديدة، باستغلال الظروف الاقتصادية، وحاجة الشباب إلى متنفس.

وفي السودان، التقى وفد من الإخوان المسلمين (جناح عوض الله حسن) بقيادة حزب التحرير ولاية السودان، يوم السبت 8 آب (أغسطس) الجاري، وأوضح الأمين السياسي للإخوان المسلمين أنّ اللقاء أكّد على التواصل، وأنّ القضايا تبحث على أساس العقيدة وليس على أساس الوطنية، وأوضح موقف الإخوان بالسودان الداعي إلى تنسيق جهود العمل الاسلامي، وصولاً إلى الغايات المتفق عليها بين التيارات الإسلامية.

يُذكر أنّ حزب التحرير معروف بتطرفه الفكري، وينتهج إيديولوجيا تُحرّم الديموقراطية، باعتبارها نظام كفر، ويطالب بتسليمه السلطة لإقامة الخلافة الإسلامية.