الإدانات لا تكفي لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان في تركيا

الإدانات لا تكفي لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان في تركيا


24/11/2021

يحيل عدم تراجع السلطات التركية عن الانتهاكات التي تدينها العديد من الأطراف إلى فشل تلك الأطراف التي تقتصر تحركاتها على بيانات الإدانة فقط بينما لا تولي الحكومة التركية أي اهتمام لتلك البيانات.

ولا تزال حملة التطهير التي تقوم بها الحكومة التركية في الأوساط الفكرية والإدارة والجيش منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي عرفتها قبل خمسة أعوام محل انتقادات واسعة.

وأدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الثلاثاء أنقرة لاحتجازها احتياطيًا بشكل “تعسّفي” 427 من القضاة والمدعين الأتراك.

وفي قضية إضافية أمام هذه المحكمة منذ إطلاق حملة التطهير أجمع القضاة الأوروبيون السبعة المكلّفون بالحكم في هذا الملف على أن أنقرة انتهكت “الحقّ في الحرية” لـ427 قاضيًا ومدّعيًا، وهو الحق الذي تضمنه الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

وقالوا إنه لم يتمّ اتخاذ قرار الاحتجاز المؤقت لهؤلاء القضاة “وفقًا لإجراء منصوص عليه في القانون” ولم يكن ذلك “مطلوبًا حصرًا حسب متطلّبات الوضع”.

وذكّرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن “مقتضيات الأمن القانوني" لا تزال “أكثر أهميّة” إذ إنها تتعلّق بانتهاكات لاستقلالية القضاة “نظرًا إلى أهمية السلطة القضائية في دولة ديمقراطية".

وأوقف هؤلاء القضاة والمدعون العامون الذين كانوا يمارسون مهنتهم على مستويات عدة -منها محكمة التمييز والمحكمة الإدارية العليا- وحُبسوا “بشبهة الانتماء إلى فيتو”، وهي الكلمة التي تعني في مصطلحات السلطات التركية "المنظمة الإرهابية لأنصار فتح الله" غولن الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط لمحاولة الانقلاب.

وفرضت المحكمة الأوروبية على أنقرة دفع غرامة بقيمة خمسة آلاف يورو لكل من القضاة والمدعين العامين كتعويض معنوي.

وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في الخامس عشر من يوليو 2016 نفذت السلطات التركية عمليات تطهير واسعة غير مسبوقة، شملت أشخاصًا تشتبه بأنهم من أنصار فتح الله غولن -العدو اللدود للرئيس التركي رجب طيب أردوغان- فضلًا عن معارضين أكراد وعسكريين ومثقفين وصحافيين، موقفة عشرات الآلاف من الأشخاص.

وأصدرت مرسوما أقالت فيه 2847 قاضيا ومدعيا عاما للاشتباه بانتمائهم إلى منظمة غولن؛ إذ إن السلطة التركية تعتبر أن ذلك “لا يتماشى مع مبدأ عدم الانحياز” وفق ما أشارت إليه المحكمة الأوروبية.

ومن بين القضايا العديدة التي نظرت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكم القضاء التركي على الصحافي والكاتب الشهير أحمد ألتان الذي أسس صحيفة “طرف” المعارضة، في قضية أثارت موجة غضب في الخارج.

وأوقف أحمد ألتان في سبتمبر 2016 وحُكم عليه بالسجن عام 2018 بتهمة “محاولة قلب النظام الدستوري”.

وأُفرج عن ألتان في الرابع عشر من أبريل 2021، بعد قرار محكمة النقض التركية الذي يلغي عقوبة السجن بحقه، وقد جاء بعد يوم من إدانة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا بسبب احتجازها الصحافي.

وفي المقابل أبقيت شخصيات أخرى من المجتمع التركي قيد الاعتقال، ويُشتبه أيضًا في أنها دعمت محاولة الانقلاب، على غرار رجل الأعمال والناشط الخيري عثمان كافالا الذي طالبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بـ”الإفراج الفوري" عنه عام 2019 لكن دون جدوى.

وهدّد مجلس أوروبا أنقرة بفرض عقوبات عليها، وقد يتمّ تبنيها أثناء جلسته المقبلة التي ستنعقد من الثلاثين من نوفمبر حتى الثاني من ديسمبر ما لم يتمّ الإفراج عنه بحلول ذلك التاريخ.

والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هيئة مكلفة بتوفير استجابة قضائية لانتهاكات الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الدول السبع والأربعون الأعضاء في مجلس أوروبا.

عن "العرب" اللندنية

الصفحة الرئيسية