"البريد الإلكتروني" نقمة هيلاري كلينتون

"البريد الإلكتروني" نقمة هيلاري كلينتون


12/10/2020

بشرى ربيعة

استمر الرئيس الأميركي دونالد ترمب طيلة أربعة أعوام يتوعد هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية السابقة للانتخابات الرئاسية 2016، برفع السرية عن بريدها الإلكتروني المشبوه، الذي يبلغ عدد رسائله أكثر من 30 ألف بريد، أُرسِلت عبر خادم خاص، إبان توليها منصب وزيرة الخارجية في عهد رئاسة باراك أوباما.

ترمب مستاء وبومبيو يعالج الأمر

 عبّر ترمب عن استيائه، بغضبه على مايك بومبيو وزير الخارجية، وبيل بار المدعي العام وزير العدل، إزاء تأخرهما في نشر بريد هيلاري كلينتون الإلكتروني الشهير، في لقاء مع "فوكس بزنس" يوم الجمعة الماضي.

وفي سياق متصل، أكد بومبيو لقناة "فوكس نيوز"، يوم السبت، أنه سينشر هذه الرسائل قريباً "حتى يتمكن الأميركيون من رؤيتها. وسنقوم بذلك بأسرع ما يمكن، وأعتقد تماماً أننا سنرى مزيداً قبل الانتخابات".

سباقات رئاسية بسيناريوهات متشابهة

يتكرر سيناريو الانتخابات الرئاسية السابقة مرة أخرى، عبر المطالبة  بنشر عدد من رسائل البريد الإلكتروني التي استمر الرئيس ترمب بالإشارة لها في كل فرصة سانحة.

ويرجح المحلل السياسي أحمد الحنطي لـ"اندبندنت عربية"، أن موعد نشر الرسائل قد يفسر بطريقتين "الأولى هي رغبة الإدارة في إحداث أكبر تأثير ممكن في الانتخابات، فالموعد ليس مبكراً جداً بحيث يُنسى الأثر تماماً في ظل دورة الأخبار السريعة، التي جعلت الوقت يتمدد كثيراً، والأخبار مهما كانت الضجة التي تحدثها تُنسى بسرعة، وليس متأخراً بحيث لا يوجد وقت كاف له لإحداث تأثير ملموس في توجهات الرأي العام نحو الانتخابات الرئاسية".

أما التفسير الثاني، فيرى الحنطي، أنه يتمثل في توقيت النشر، "فإدارة ترمب بدأت تشعر باليأس من قدرتها على تحسين حظوظها في الانتخابات، ولم يعد لديها ما تستطيع تقديمه للناخبين لإقناعهم بالتصويت للرئيس فبدأت في فتح ملفاتها القديمة. قضية رسائل كلينتون كانت عاملاً مؤثراً في انتخابات 2016، حسب رأي كثير من النقاد السياسيين، لذا فقد تكون حملة الرئيس ترمب رأت أنه من المفيد لحظوظها الانتخابية أن تحاول استثمارها مجدداً لربط مشاعر عدم الثقة التي عززتها هذه القضية نحو كلينتون لدى قطاع لا بأس به من الناخبين بمرشح الحزب الديمقراطي الحالي جو بايدن".

هل ستخضع كلينتون للتحقيق مجدداً؟

خاضت كلينتون سباقاً رئاسياً شرساً في انتخابات عام 2016، إذ واجهت تحقيقاً فيدرالياً في قضية البريد الإلكتروني أغلق في يوليو (تموز)، دون توجيه أي تهم جنائية عوضاً عن اتهامها بالإهمال البالغ فقط، ولكنه فتح مجدداً التحقيق قبل أيام من موعد الاقتراع المحدد في نوفمبر آنذاك.

وتعود أسباب فتح التحقيق مجدداً إلى تطورات في ملف تحقيق أنتوني وينر، عضو الكونغرس السابق، وزوج هوما عابدين مساعدة هيلاري كلينتون، الذي كان يواجه فضيحة جنسية إثر تبادل رسائل مع قاصر في سن الخامسة عشرة.

ويرى الحنطي أن كلينتون قد لا تواجه أي تهم، قائلاً، "لا يوجد تهم يمكن توجيهها لهيلاري بناء على محتوى الرسائل المنشورة، التهم تدور حول طريقة التعامل مع المعلومات والوثائق السرية، بالتالي المحتوى لا يقود لهذه الإدانة، لأنه ليس مهماً في هذا السياق ماذا كتبت أو قرأت كلينتون، المهم أين كتبت أو أعادت إرسال هذا المحتوى فقط".

وبالنظر إلى نتائج التحقيقات التي أجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي، إبان الانتخابات الرئاسية السابقة في عام 2016، لا يتوقع أن تواجه هيلاري كلينتون أي تهم جنائية، سوى تهمة الإهمال السابقة.

هل لا يزال البيت الأبيض "أبيض"؟

تلطخت سمعة البيت الأبيض بالعديد من الفضائح السياسية والجنسية على مر السنين، التي كان آخرها رفع النقاب عن بريد كلينتون، ما قد يؤكد تهديدات ترمب المستمرة بمحاكمة وسجن كلينتون، وسط تصريحاته بأن الفضيحة الجديدة هي الأكبر في تاريخ السياسية الأميركية.

ويعلق الحنطي، "لا يوجد إجماع على وجود فضيحة سياسية في الأساس، ليمكن الحكم بأنها الأكبر في العقود الأخيرة، لذا يتجاهل الديمقراطيون الأمر بدرجة كبيرة، على اعتبار أن تأثيرة محدود في فئة مؤيدة للرئيس بدرجة كبيرة وأصواتها مضمونة لصالحه،  بالتالي لا توجد حاجه لمحاولة مقاومته لأن هذا لن يؤدي إلا إلى إعطائه حجماً أكبر فقط".

توقيت نشر التفاصيل ألقت بظلالها على الحزب الديمقراطي، الذي قد يغير رأيه بحسب وصف الحنطي، الذي قال، "من الجهة الأخرى بالرغم من وجود قناعة في دوائر الديمقراطيين ومؤيديهم بأنه لا شيء في محتوى هذه الرسائل يمس الإدارة السابقة بدرجة كبيرة يمكن أن تمتد لتؤثر في حظوظ بايدن بالفوز، إلا أن الرسائل لم تكشف إلا حديثاً جداً، وبالتالي لم يمر وقت كاف للمدققين للاطلاع عليها بالكامل، لذا فهذا قد يتغير سريعاً في حالة وجد المدققون أموراً غير متوقعة قد تجبر حملة بايدن والديمقراطيين معها على تناول الأمر بطريقة مختلفة".

وفي ذات السياق، يتذكر المتابعون للشأن الأميركي أشهر فضائح البيت الأبيض "ووترغيت" التي وقعت في عام 1972، عندما ألقي القبض على خمسة أشخاص كان قد كلفهم الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون زرع أجهزة تسجيل بهدف التنصت على الحزب الديمقراطي.

وضجت وسائل الإعلام في ذلك الوقت بالأسباب التي دفعت نيكسون لهذا الفعل، إذ إنه خاض سباقاً رئاسياً شرساً في عام 1968 قبيل تنصيبة لرئاسة أميركا، ما دفعه لأخذ احتياطات إضافية لخوض سباق التجديد الرئاسي في عام 1972.

وأحدثت الفضيحة سابقة في التاريخ الأميركي، إذ سجل أغسطس (أب) 1974 أول استقالة لرئيس أميركي من منصبة، بعدما حوكم بالتهمة ذاتها. وعُفي عنه بأمر رئاسي من جيرالد فورد لاحقاً في سبتمبر (أيلول) من العام ذاته.

عن "اندبندنت عربية"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية