التعليم في اليمن.. استهداف حوثي ممنهج لصالح الغزو الثقافي الفارسي

التعليم في اليمن.. استهداف حوثي ممنهج لصالح الغزو الثقافي الفارسي


17/12/2020

منذ انقلابها على الشرعية في اليمن، تُمعن ميليشيا الحوثي في استهداف الهوية اليمنية، وانتزاع المجتمع اليمني من امتداده العربي، لصالح توطين الثقافة والفكر الإيراني وتطبيق نظام ولاية الفقيه، في إطار المخطط الإيراني التخريبي في المنطقة ووهم استعادة الإمبراطورية الفارسية.

اقرأ أيضاً: هل تمهّد واشنطن لفرض عقوبات على جماعة الحوثي؟

ويتضح الغزو الثقافي الفارسي المُمنهج لليمن في مساعي نظام الفقيه وأداته المتمثلة في ميليشيا الحوثي لبسط هيمنتها على القطاع التعليمي عبر استحداث أقسام للغة الفارسية في الجامعات وإلغاء أقسام أخرى لتدريس اللغة العربية، والعبث بالمناهج التعليمية وصبغها بالأفكار الطائفية، فضلاً عن إطلاق أسماء إيرانية على المؤسسات التعليمية.

استهداف اللغة العربية لصالح الفارسية

واستنكر وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، عبر سلسلة من التغريدات على صفحته الشخصية في موقع تويتر، "الغزو الإيراني والحرب الثقافية على اليمن"، متهماً إيران والحوثيين باستهداف اللغة العربية لصالح الفارسية في مناطق سيطرة الجماعة باليمن.

وقال الإرياني في إحدى التغريدات إنّ "إغلاق قسم اللغة العربية وتأسيس قسم اللغة الفارسية في جامعة صنعاء، جزء من الغزو الإيراني والحرب الثقافية على اليمن، وسعي لتفريس الأجيال وتمجيد رموز الإرهاب الإيراني، وأحد أوجه محاولات مسخ الهوية العربية التي تسعى لها إيران وأداتها الحوثية منذ وقت مبكر".

وأضاف الإرياني أنّ "مساعي النظام الإيراني وأداته - ميليشيا الحوثي - لاستهداف اللغة العربية وإحلال اللغة الفارسية جزء من مخطط استهداف هوية اليمن وعروبته وإرثه الحضاري، وتوطين الثقافة والفكر الإيراني المنحرف، ضمن المخطط التخريبي في المنطقة ووهم استعادة الإمبراطورية الفارسية".

معمر الإرياني: إغلاق قسم اللغة العربية وتأسيس قسم اللغة الفارسية في جامعة صنعاء، جزء من الغزو الإيراني والحرب الثقافية على اليمن

وكانت وسائل إعلام يمينة، قد أفادت بأنّ ميليشيات الحوثي أقرّت خلال حفل تخرّج أول دفعة من قسم اللغة الفارسية المستحدث بالجامعة، تعليق الدراسة في كل من قسم اللغة الفرنسية وآدابها، وقسم اللغة العربية، وقسم التاريخ والعلاقات الدولية، وقسم الجغرافيا، وقسم الفلسفة، وقسم الآثار والسياحة، وقسم المكتبات وعلم المعلومات.

وذكرت أنّ الجماعة تعتزم بصورة نهائية إغلاق كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وهي خطوة خطيرة تستهدف، بحسب أكاديميين، المنظومة التعليمية في اليمن.

اقرأ أيضاً: أطفال اليمن... بين سندان المجاعة ومطرقة الانتهاكات الحوثية

واعتبر الإرياني، في تغريدة أخرى، أنّ إطلاق اسم قاسم سليماني على إحدى دفعات التخرّج من كلية اللغات بجامعة صنعاء، ارتهان واضح لميليشيا الحوثي في وجه عدو اليمن التاريخي، ومحاولة لتوطين اللغة الفارسية في مناطق سيطرتها وصناعة حالة من التبعية اللغوية والفكرية في أوساط الشباب اليمني.

وختم الإرياني محذراً من الغزو الثقافي وحروب اللغات، التي لا تقل خطراً عن الحروب العسكرية، مطالباً الشعب اليمني مواجهتها بحزم والتصدي لمثل هذه الخطوات التدميرية وحماية هوية الشعب والحفاظ على الهوية التاريخية للبلد، وفرض حالة من التحصين للمجتمع من الانحلال والتبعية المطلقة للمشروع الفارسي.

عبث ممنهج بالمناهج التعليمية

وليست هذه المرة الأولى التي يُحذّر فيها الإرياني من العبث الحوثي في المؤسسات التعليمية اليمنية؛ فقد حذّر في وقتٍ سابق من عبث الجماعة بالمناهج اليمنية ومحاولة فرض الأفكار الطائفية المستوردة من إيران على الطلبة، داعياً المجتمع الدولي والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، إلى القيام بدورهم إزاء عبث جماعة الحوثي الإرهابية بالمناهج التعليمية في مناطق سيطرتها.

اقرأ أيضاً: العقوبات الغربية على الحوثيين في اليمن.. جماعة إرهابية وشعب يعاني

وقال الإرياني إنّ "الحوثيين يواصلون العبث بالمناهج التعليمية في مختلف الصفوف الدراسية وتسميم عقول الآلاف من أطفالنا في مناطق سيطرتهم بالمعلومات المضللة التي لا تمتّ للواقع بصلة، والأفكار الإرهابية المتطرفة المستوردة من إيران والبعيدة عن ثقافة اليمنيين وهويتهم التاريخية والحضارية"، وفق ما نقلت وكالة سبأ اليمنية.

يواصل الحوثيون العبث بالمناهج التعليمية وتسميم عقول الطلاب في مناطق سيطرتهم بالأفكار الإرهابية البعيدة عن ثقافة اليمنيين وهويتهم التاريخية والحضارية

ويحذّر خبراء التربية من خطورة هذه الممارسات التي تحرف العملية التعليمية عن مسارها ودورها البناء ورسالتها النبيلة، وتوظيفها لصالح فئة دخيلة على ثقافة وهوية المجتمع، وانعكاساتها الكارثية على سلامة النسيج الاجتماعي وقيم العيش المشترك بين اليمنيين ومكانتهم المستقبلية بين شعوب ودول المنطقة والعالم.

في سياق متصل، عمدت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران إلى تغيير أسماء المدارس في المناطق الخاضعة لسيطرتها، بالإضافة إلى إحلال المنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة في شتى المناصب الإدارية في المؤسسات التعليمية اليمنية.

وقالت مصادر يمنية، بحسب ما أورده موقع "ميديا مونيتور": إنّ "الميليشيات الحوثية أقدمت مؤخراً على تغيير اسم مدرسة علي عبد المغني رئيس تنظيم الضباط الأحرار لثورة 26 أيلول (سبتمبر)، في منطقة بلاد الروس جنوب العاصمة صنعاء، إلى مُسمّى مدرسة (الإمام الحسن بن علي)".

وسبق أن غيّرت الميليشيات أسماء العشرات من المدارس الحكومية في صنعاء ومحافظات أخرى خاضعة لسيطرتها، خاصة تلك التي تحمل أسماء ثورية ونضالية وتاريخية.

يحذّر خبراء التربية من خطورة ممارسات الميليشيا التي تحرف العملية التعليمية عن مسارها ودورها البناء ورسالتها النبيلة

وقد حذّرت مصادر حقوقية في صنعاء من استمرار الميليشيات الحوثية في تجريف الهوية الوطنية لمؤسسات الدولة، وإحلال مسميات تتوافق مع النزعة الطائفية لدى الجماعة، بما في ذلك تغيير أسماء المدارس والمؤسسات وإحلال المنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة في شتى المناصب الحكومية عوضاً عن بقية الفئات اليمنية.

ويرى متابعون للأزمة اليمنية أنّ الحوثيين يدركون استحالة مواصلة فرض سيطرتهم العسكرية على الجزء الكبير الذي يحتلونه من اليمن، ولذلك يعملون جاهدين على غزو العقول الناشئة بهدف تخريج جيل جديد يؤمن بأفكارهم الرجعية التي لا يمكن أن تُشكّل منظومة فكرية متماسكة يمكن أن تكون أرضية لتجربة سياسية صالحة لحكم اليمن وإدارة شؤونها، كما يحاولون تغييب الانتماء العربي لبرمجة ناشئة موالية لإيران فترفع رايتها وتحمل أيديولوجيتها.

عسكرة المدارس

وفي وقت سابق، كشف تقرير لفريق من الخبراء الدوليين المعني بحقوق الإنسان في اليمن، عن قيام ميليشيا الحوثي باستخدام التعليم والتلاعب به بطريقة استراتيجية واسعة النطاق كجزء من تجنيدها للأطفال، وذلك من الفترة أيار (مايو) 2015 حتى حزيران (يونيو) 2020.

اقرأ أيضاً: إرهاب الحوثي واستثمار ارتباك المجتمع الدولي

وأوضح فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين لرصد حالة حقوق الإنسان في اليمن أنّ ميليشيا الحوثي عسكرت المدارس في المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وأجبرت المدرسين على تلقين الطلاب شعاراتها، وتحريضهم على الالتحاق بجبهات القتال .

وأكّد التقرير أنّه في 34 مدرسة بمحافظات خاضعة للميليشيا، وهي "صعدة، صنعاء، تعز، ذمار، عمران، ريمة، حجة، إب"، أسفرت الاستراتيجية الحوثية عن تجنيد مئات الأطفال.

كما ويعمل الحوثيون على تجنيد طالبات المدارس وإلحاقهن في تشكيلات الجماعة المُسلّحة المعروفة باسم "الزينبيات"، بغية استخدامهن في مهام التجسّس على الجلسات النسائية ومداهمة المنازل وقمع الاحتجاجات بعد إلحاقهن في دورات تعبوية وإخضاعهن لبرامج تدريبية.

وتندرج هذه الخطوة ضمن محاولات الميليشيات الحوثية استخدام النساء في عملياتها الإرهابية، والتدمير الممنهج للقيم والأعراف والعادات والتقاليد اليمنية التي تُكرّم المرأة وتمنحها مكانة خاصة، وتُجرّم استخدامها في أعمال العنف والزج بها في الصراعات السياسية.

يوجد 2 مليون طفل خارج المدارس بما في ذلك ما يقرب من نصف مليون تسربوا من الدراسة منذ تصاعد النزاع في اليمن منذ 6 أعوام

يشار إلى أنّ تقريراً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) كشف في العام 2019 أنّه في ظل العنف المتواصل باليمن، يوجد 2 مليون طفل خارج المدارس بما في ذلك ما يقرب من نصف مليون تسربوا من الدراسة منذ تصاعد النزاع قبل أعوام، فيما بات تعليم 3.7 مليون طفل آخر على المحك، حيث لم يتم دفع رواتب المعلمين منذ أكثر من عامين.

كما أشار التقرير إلى أنّ الكثير من الآباء يخشون من تجنيد أولادهم من قبل الميليشيات؛ ما جعلهم يخشون من ذهابهم إلى المدارس، كي لا تستقطبهم الميليشيات وتزجّ بهم في جبهات القتال.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية