الذعر يرفع أسعار مستلزمات الوقاية من كورونا في الضفة الغربية

فلسطين

الذعر يرفع أسعار مستلزمات الوقاية من كورونا في الضفة الغربية


07/03/2020

ما إن أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية زيارة وفد سياحي من كوريا الجنوبية لعدد من المدن الفلسطينية في الضفة الغربية، والإقامة في فنادق وارتياد مطاعم، واحتكاكهم بالمواطنين، حتى ارتفعت أسعار الكمامات وبعض المستلزمات الطبية التي شهدت إقبالاً غير مسبوق، استعداداً للوقاية من فيروس كورونا؛ ما أثار الغضب بين المواطنين الذين يتخوفون من حدوث أزمة صحية كبيرة.

وزارة الصحة أجرت 83 فحصاً لعيّنات مشتبه بإصابتها بالفيروس في مختبر الصحة المركزي، وأثبتت جميعها أنّها غير مصابة بالفيروس

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية؛ أنّ الوفد الكوري الجنوبي قام بزيارة الأراضي الفلسطينية، في الفترة بين 8 إلى 15 شباط (فبراير) الماضي؛ حيث زار القدس ونابلس وأريحا وبيت لحم والخليل، واتّضحت إصابة بعض أعضائه بفيروس كورونا لدى عودتهم إلى بلادهم.

وفي مناطق واسعة من الضفة الغربية، عجّت الصيدليات بالمواطنين لشراء الكمامات ومعقمات الأيدي، كإجراء احترازي وخشية نفادها من الأسواق، وذلك بعد أن كشفت وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة أنّ الكمامات الموجودة في السوق الفلسطينية حجز عليها التجار للتلاعب في أسعارها عند زيادة الطلب.

عجّت الصيدليات بالمواطنين لشراء الكمامات ومعقمات الأيدي

وأصدرت الكيلة، في 25 شباط (فبراير) الماضي، تعميماً لجميع الصيدليات العاملة في فلسطين بالالتزام بأسعار الكمامات والمستلزمات الصحية وعدم احتكارها. وأكد بيان للوزارة؛ أنّ من يخالف هذا التعميم سيكون تحت طائلة المساءلة القانونية بما في ذلك إغلاق الصيدليات المخالفة.

اقرأ أيضاً: أزمة اللاجئين.. هل سيّست تركيا فيروس كورونا؟

وأوضحت الوزارة، في تقرير لها، أنّه لم يتم تشخيص أيّة حالة إصابة بفيروس كورونا (كوفيد 19) في الأراضي الفلسطينية، وقالت الوزارة إنّه تمّ إجراء 83 فحصاً لعيّنات مشتبه بإصابتها بالفيروس في مختبر الصحة المركزي، منذ 20 كانون الثاني (يناير) الماضي، وأثبتت جميعها أنّها غير مصابة بالفيروس.

ومنعت الوزارة دخول مواطني 15 دولة، هي: الصين، وهونغ كونغ، وكوريا الجنوبية، ومكاو، وسنغافورة، والعراق، وإيران، وسوريا، إضافة إلى ماليزيا واليابان، وتايوان، وتايلاند، والفلبين، وإيطاليا، ولبنان، إلى الأراضي الفلسطينية، على خلفية المخاوف من انتشار فيروس كورونا.

اقرأ أيضاً: هل سيقضي الصيف على فيروس كورونا؟ علماء يجيبون

وشرعت مديرية الصحة في محافظة أريحا، في 20 شباط (فبراير)، بتجهيز منطقة عازلة قرب مستشفى أريحا الحكومي؛ وذلك للحجر الصحي للقادمين من الصين ودول شرق آسيا تحسباً من إصابتهم بفيروس "كورونا"، وتمّ إنشاء "كرفانات" للحجر الصحي، تعمل على فحص المشتبه بإصابتهم والتعامل معهم، فضلاً عن تخصيص مبنى خاص في أريحا مقسم لثلاثة أقسام يتسع لما يقارب الـ 300 سرير.

لم يتم تشخيص أيّة حالة إصابة بفيروس كورونا (كوفيد 19) في الأراضي الفلسطينية

أسعار خيالية
من جهته، يقول المواطن خليل حوراني (37 عاماً) من قرية ترمسعيا قضاء رام الله، في حديثه لـ "حفريات" إنّ "غياب الرقابة من قبل وزارة الصحة الفلسطينية على المستلزمات الصحية، خصوصاً كمامات الحماية من فيروس كورونا، أدّى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير واختفائها من الصيدليات، وبيعها بأسعار جنونية وخيالية داخل السوق السوداء، ليصل ثمن بعض الكمامات الطبية إلى 250 شيكل (70 دولاراً أمريكياً) بعد أن كان سعرها سابقاً لا يتجاوز 25 شيكل".

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا ينتصر على الإسلام السياسي

ولفت إلى أنّه "عند محاولته شراء كمامة طبية ومواد للتطهير وتعقيم اليدين من أكثر من صيدلية في رام الله، وجد أنّ سعر الكمامة الواحدة ارتفع من شيكل واحد إلى أكثر من 25 شيكل (7 دولارات أمريكية)، وتجاوز ثمن علب مواد التطهير من 5 شواكل إلى 30 شيكل (9 دولارات أمريكية)، ومع هذا الارتفاع الجنوني في أسعارها إلا أنّها ليست متوفرة بداخل الصيدليات".

وبيّن حوراني؛ أنّ "الصيدليات تقوم بالتعامل مع الكمامات الطبية كسلعة، ليتمّ استغلال المواطنين مع انتشار فيروس كورونا في بعض الدول المجاورة، وذلك لتحقيق مكاسب مالية ضخمة على حساب صحة السكان في الضفة الغربية".

اقرأ أيضاً: إيران تواصل تضليل مواطنيها حول الكورونا..

وطالب حوراني بضرورة إنشاء قائمة سوداء بالصيدليات التي تستغل المستلزمات الصحية وخصوصاً الكمامات الطبية، داعياً وزارة الصحة للتعامل بحزم مع كلّ من يحاول الإضرار بالصحة العامة للمواطنين، وإغلاق الصيدليات المخالفة التي تحاول استغلال الأزمة لمآرب خاصة".

غياب الرقابة
وتفاجأ المواطن رائد بدران (46 عاماً)، من بلدة سنجل قرب رام الله، "بارتفاع أسعار الكمامات الطبية بشكل جنوني عند قيامه بالذهاب إلى عدة صيدليات بمحافظة رام الله لشراء كمامات له ولعائلته، كتدبير وقائي تحسباً لوصول فيروس كورونا للأراضي الفلسطينية"، مبيناً أنّ "سعر العلبة الواحدة التي تضمّ 50 كمامة ارتفع من 23 شيكل إلى أكثر من 85 شيكلاً (23 دولاراً أمريكياً)، وهي من أقل أنواع الكمامات الطبية جودة، ولا تلقى رواجاً وقبولاً لشرائها من قبل بعض المواطنين".

اقرأ أيضاً: فيديو.. وصول طائرة العائدين من "معقل كورونا" إلى الإمارات

وتابع بدران، في حديثه لـ "حفريات": "بفعل جشع التجار وأصحاب الصيدليات وغياب رقابة الجهات المختصة، تمّ استغلال حاجة الناس من الكمامات الطبية والتلاعب بأسعارها، وهو أمر يتطلب المحاسبة القانونية العاجلة لهم، وضرورة زجّ المخالفين داخل السجن، ومصادرة الكمامات والمستلزمات الطبية، وبيعها بسعرها الطبيعي للمواطنين".

ودعا بدران وزارة الصحة الفلسطينية بالعمل على توزيع وتوفير الكمامات الطبية بشكل مجاني للمواطنين، وأن تقف الوزارة عند مسؤولياتها لحمايتهم من خطر تفشي فيروس كورونا داخل الأراضي الفلسطينية.

ارتفاع الطلب على الكمامات
من جانبه، يقول الصيدلي أحمد خفش، مدير صيدلية ببلدة المعصرة، قضاء بيت لحم، لـ "حفريات": "الأزمة الحاصلة بفعل الكمامات الطبية ناتجة عن وقف استيرادها من الصين وإسرائيل نتيجة زيادة الطلب عليها في تلك الدول، التي ينتشر بها فيروس كورونا، وهو ما دفع بعض التجار والموردين لرفع أسعارها، والبعض الآخر بات يفاوض مندوبي المبيعات الصينيين والإسرائيليين لإعادة بيعهم الكمامات الموجودة طرفهم، في ظلّ احتياج إسرائيل والصين إلى كميات متزايدة منها بفعل انتشار وباء كورونا"، مبيناً أنّ "نصف الإنتاج العالمي من الكمامات يأتي من الصين، مصدر الوباء".

اقرأ أيضاً: هل يتسبب "كورونا" بتعليق موسم الحج هذا العام؟

ولفت إلى أنّه "بعد زيارة الوفد الكوري لمناطق بالضفة ارتفع الطلب على شراء الكمامات الطبية ومواد التعقيم، التي اختفت من الأسواق المحلية"، مؤكداً أنّ "استغلال التجار رفع أسعار الكمامات ذات الجودة البسيطة من 21 شيكل إلى ما يقارب 80 و90 شيكل للعلبة الواحدة، وهي نوعيات رديئة لا تقوم بحماية الشخص السليم من انتقال الفيروس إليه".

وتابع خفش: "هناك طلب متزايد من قبل المواطنين على الكمامات الطبية من نوع (n95K) وهي من أفضل أنواع الكمامات، التي يتمّ استيرادها من الصين والولايات المتحدة وإيطاليا، وتتضمّن فلاتر داخلية تمنع دخول الفيروسات والميكروبات، ولا يتعدى سعرها عالمياً 5 دولارات أمريكية، أما الآن فيصل سعرها، إن وجدت، إلى 100 دولار في الضفة الغربية". 

اقرأ أيضاً: أعراض سياسية لداء "كورونا"

ونوّه خفش إلى تجاوز معضلة اختفاء الكمامات الطبية من معظم الصيدليات بالضفة الغربية، ويتوجب على المواطنين المحافظة على النظافة الشخصية، وتجنّب التواجد في الأماكن المكتظة والتزام منازلهم، وعدم الخروج إلّا في الحالات الطارئة فقط، وتغطية الأنف والفم عند السعال والعطس".

الكمامات الطبية لا توجد لها تسعيرة محددة من قبل وزارة الصحة

نقص كبير
بدوره، يرى نقيب الصحفيين الفلسطينيين، أيمن خماش، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "هناك نقصاً كبيراً في كمية الكمامات الطبية داخل الصيدليات بالضفة الغربية، بسبب احتكارها من قبل التجار، ورفع أسعارها من قبل الموردين"، مبيناً أنّ "الصيدليات لا تتحمل مسؤولية ارتفاع أسعارها، وهناك عدة صيدليات تبيع الكمامات بسعرها الطبيعي حتى انتهاء الكمية الموجودة لديها، وبعض الصيدليات قامت بتوزيعها للمواطنين بشكل مجاني".

لا يتعدى سعر الكمامة عالمياً 5 دولارات أمريكية، أما الآن فيصل سعرها إلى 100 دولار في الضفة الغربية

ولفت إلى أنّ "الكمامات الطبية لا توجد لها تسعيرة محددة من قبل وزارة الصحة، أو من أية جهة حكومية؛ لعدم وجود مصدر محدد للكمامات الطبية، وبيعها من قبل التجار لا المؤسسات الصيدلانية، إضافة إلى بيعها في أكثر من مكان لدى محلات الدهانات والنجارة وغيرها"، موضحاً أنّ "التسعيرة تقتصر فقط على الأدوية؛ حيث يتم وضع لاصق يحمل مسمّى نقابة الصيادلة والمصدر والسعر عليها".

وأكد خماش أنّه "لا توجد صناعة محلية للكمامات الطبية"، مشيراً إلى قيام مجلس النقابة بإصدار تعليمات واضحة لجميع الصيدليات ببيع الكمامات بسعرها الطبيعي، وتبليغ المجلس عن أيّ مورّد أو تاجر يقوم ببيع وعرض الكمامات الطبية بأسعار مرتفعة".

اقرأ أيضاً: العالم وفوبيا "كورونا"

وبسؤاله عن جدوى ارتداء الكمامات الطبية للوقاية من فيروس كورونا، يقول خماش: "فائدة ارتداء الكمامات الطبية تكمن في منع انتقال العدوى من الشخص المصاب بالفيروس إلى الشخص السليم"، مؤكداً أنّ الكمامة وحدها غير ناجعة للوقاية من الفيروس، وفي حاجة إلى قيام المواطنين باتباع عدة أساليب؛ كاستخدام المعقمات والمطهرات، والابتعاد عن الأشخاص المصابين، وغسل اليدين جيداً بالماء والصابون، لتجنّب انتقال العدوى إلى الأشخاص الأصحاء".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية