العراق: ما سر الهجوم السياسي على الأداء الاقتصادي لحكومة الكاظمي؟

العراق: ما سر الهجوم السياسي على الأداء الاقتصادي لحكومة الكاظمي؟


25/04/2021

يعيش العراقيون وضعاً اقتصادياً صعباً مع تفشي فيروس كورونا بنسختهِ الثانية، وفرض السلطات الأمنية حظراً شاملاً وجزئياً يتأرجح بين بداية الأسبوع ونهايته، مما يجعل حركة العمل لموظفي القطاع الاقتصادي الخاص وسائر الحرفيّين في دائرة الكساد وشبه البطالة العملية، فضلاً عن ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي، الذي أدّى إلى ارتفاع أسعار أكثر المواد الغذائية، قبيل وبعد حلول شهر رمضان المبارك.

اقرأ أيضاً: استراتيجية الكاظمي العربية بين أمريكا وإيران

معالجات الحكومة العراقية للملف الاقتصاد المحلي، ما تزال في طور الاختبار الشعبي والسياسي، رغم تعرضها بين الحين والآخر "للابتزاز السياسي" من قبل كتل نيابية تحاول استثمار نقمة الجمهور العام من تردّي الواقع الاقتصادي والخدمي في البلاد، علماً بأنّ الحكومة وعدت بتقديم دعمها لسائر القطاعات الاقتصادية في محاولة منها للسيطرة على أسعار المنتوجات المحلية. 

ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الدينار العراقي

ويذهب مراقبون إلى أنّ الآثار السلبية للحظر الجزئي والشامل، ستكون أقسى على الاقتصاد العراقي من نتائج كورونا، لجهة تضرّر 90% من العراقيين لعدم شمولهم بالرعاية الاجتماعية، وفق تصريحات وزارة التخطيط التي أكّدت أنّ الكادر الوظيفي للدولة يمثّل 10% من السكان،  وأنّ الحكومة غير قادرة على التوظيف مستقبلاً.

اقتصاديون : الحكومة لم تدعم القطاع الخاص

خسائر القطاع الاقتصادي الخاص، يرجعهُ مختصون إلى الوضع الأمني المربك وفرض حظر التجوال المستمر في عموم أيام الأسبوع، منتقدين الحكومة لعدم تقديم خطة بديلة على الرغم من وصول اللقاحات الخاصة بالوباء الكوروني.

ويقول الصحفي الاقتصادي أحمد عبد ربه، إنّ "الحظر الذي تفرضه الحكومة حالياً، أمنيّ وليس صحياً، حيث يؤثر بشكلٍ مباشر وكبير في القطاع الخاص، وبالخصوص في العاملين بالأجر اليومي، كما يسبّب خسائر فادحة لأصحاب الشركات والاستثمارات والعقارات والمحلات التجارية والمولات". 

ترجع فكرة البطاقة التموينية، التي تضمّ مفردات غذائية إلى أيام الحصار الدولي على العراق، في  تسعينيات القرن الماضي، والتي كانت تموّل وفق برنامج "النفط مقابل الغذاء"

وأضاف لـ "حفريات": "رغم ارتفاع الإصابات اليومية بالوباء، إلا أنّ الآثار السلبية جراء الحظر على الاقتصاد العراقي، ستكون أقوى من كورونا، من خلال ارتفاع معدلات الفقر والبطالة"، مبيناً أن "أكثر من 25 بالمئة من سكان البلاد متضرّرون من الحظر الجزئي".

وتابع قوله: "الحكومة العراقية لم تقدّم أيّ دعم للقطاع الخاص أو الشرائح المتضررة من إجراءات الحظر، كما أنّ ارتفاع الأسعار، زادَ من أعباء المعيشة، لا سيما على أصحاب الدخل المتوسّط والأدنى، ما قد ينذر بموجة غضب عارمة وتذمّر في حال لم تتدارك الحكومة مخاطر ذلك".

الحكومة: دعمنا بعض القطاعات للحفاظ على أسعار السوق

من جانبها، ردّت الحكومة العراقية، على الانتقادات التي طالتها نتيجة عدم السيطرة على أسعار السوق المحلي، في ظلّ ارتفاع أسعار صرف الدولار أمام العملة المحلية، وما رافقها من تعطيل جزئي وشامل للحياة العامة.

وقال مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي: إنّ "المستوى العام للأسعار في جانب مهمّ من مكوناتهِ يرتبطُ بأسعار السلع والخدمات المستوردة، فتخفيض سعر صرف الدينار إزاء الدولار  بمقدار 23% ؜ كما جرى منذ تاريخ ١٩ كانون الأول (ديسمبر) 2020، يعني أنّ أسعار السلع والخدمات والمنافع المستوردة سترتفع بمعدل ذلك الانخفاض بسعر الصرف، كون العراق مستورد صافٍ للسلع الأجنبية بالتحديد، والكثير من الخدمات، فقد حدث ارتفاع في المستوى العام لأسعار المستهلك، مما زاد على المستوى السنوي المنخفض لمستوى الأسعار، وقفز من أقل من 1% في نهاية عام 2020  ليسجل ارتفاعاً بلغ 5%؜ في نهاية الفصل الأول من عام 2021".

مظهر محمد صالح، المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي
وأكّد لـ "حفريات"؛ أنّ "انخفاض سعر الصرف لم ينعكس بالنسبة نفسها على زيادات أسعار المستهلك إلا جزئياً، ومنذ أربعة أشهر تقريباً"، مبيناً أنّ "السبب الرئيس يرجع لعوامل داخلية وسياسات الدعم الحكومي المهمة التي أدّت إلى التخفيف من تقلبات الأسعار  داخلياً بشكل معتدل داخل الاقتصاد العراقي نفسه".

اقرأ أيضاً: اتصال بين بايدن والكاظمي... ماذا بحث الطرفان؟

وأشار إلى أنّ "أسعار السلع والخدمات الحكومية ظلت ثابتة دون تغيير في معدلات أسعارها، كالوقود والكهرباء والغاز وتجهيز المياه والكثير من مواد البناء وكذلك ثبات سعر الضريبة  ورسوم المعاملات وغيرها"، مضيفاً "وعلى مستوى سوق العمل فقد ظلت الأجور ثابتة هي الأخرى دون زيادة في الغالب، فضلاً عن ثبات عقود الإيجارات عموماً". 

عملية تأهيل البطاقة التموينية

ترجع فكرة البطاقة التموينية، التي تضمّ مفردات غذائية إلى أيام الحصار الدولي على العراق، في  تسعينيات القرن الماضي، والتي كانت تموّل وفق برنامج "النفط مقابل الغذاء"، لكنّ فاعلية البطاقة لسدّ الحاجة الاجتماعية تراجعت بعد تغيير النظام وارتفاع مستوى الدخل للفرد العراقي على مستوى التوظيف العام والخاص، لكنّ مجلس الوزراء العراقي مؤخراً قرّر إعادة تأهيل مواد البطاقة مجدداً لحلّ أزمة اقتصاد الشرائح الفقيرة. 

المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي لـ"حفريات": انخفاض سعر الصرف لم ينعكس بالنسبة نفسها على زيادات أسعار المستهلك إلا جزئياً، ومنذ أربعة أشهر تقريباً

وجدّد الكاظمي خلال الجلسة الوزارية الأخيرة "توجيهاته السابقة لوزارة التجارة بمواصلة العمل على تأمين مواد البطاقة التموينية"، موجّهاً وزير التجارة "للقيام بزيارات يومية والوقوف ميدانياً على عملية التوزيع".

وعن ذلك، قال صالح: "لدى الحكومة خطة طموحة لزيادة مواد البطاقة التموينية للفقراء والمعوزين"، مؤكداً "انتظام التوزيع لمواد البطاقة التموينية وحصرها بالشرائح الأكثر فقراً".  

وسبق لوزارة التجارة، أن حدّدت، منتصف الشهر الماضي، مجموعة من الفئات التي ستشمل بقرار الحجب، وهي: أفراد الأسرة غير المتزوجين الذين يزيد مجموع دخلهم الشهري عن 1.5 مليون دينار (ألف دولار أمريكي)، والمقاولون المصنفون حتى الدرجة السادسة، وأصحاب الشركات المسجّلون في دائرة تسجيل الشركات، كما شمل القرار اتحاد رجال الأعمال، و نقابة الأطباء، وأطباء الأسنان، ونقابة الصيادلة.

وزير المالية يثير موجة انتقاد ضدّه

من جانب آخر، طالبَ أعضاءٌ في مجلس النواب العراقي، تحديداً المنتمين للكتل الموالية لإيران، رئاسة المجلس باستجواب وزير المالية، علي عبد الأمير علاوي، على خلفية مطالبتهِ للحكومة، الجمعة الماضية، بتطبيق قانون الاستقطاع الضريبي على رواتب موظفي الدولة، علماً بأنّ رئيس الوزراء رفض طلب وزيره المالي، فيما بعد. 

وزير المالية، علي عبد الأمير علاوي
وقال أحمد الكناني، النائب عن كتلة "صادقون"، التابعة لحركة "عصائب أهل الحق"، الموالية لإيران: "اليوم أصبح لزاماً على البرلمان استجواب وزير المالية للوقوف على أسباب تصرفاته والقرارات الأخيرة التي لا تصبّ في مصلحة المواطن"، مشيرا إلى أنّ "الوزير استند إلى المادة 34 من قانون الموازنة لكنّهُ في الحقيقة قام بتفسيرها بشكل خاطئ".

أما منصور البعيجي، النائب عن ائتلاف دولة القانون، بزعامة نور المالكي، فطالبَ وزير المالية بـ "ترك رواتب الموظفين وعدم المساس بها نهائياً، خاصة أنّ أسعار النفط قد تعافت وارتفعت كثيراً، ولا يوجد سبب لإعادة طلب فرض ضريبة على رواتب الموظفين، لأنهُ أمر غير مقبول ولن نسمح به نهائياً".

وأضاف: "رئاسة البرلمان عليها أن تتدخل سريعاً وتقول كلمتها الفصل بخصوص الاستقطاع من رواتب الموظفين، وألا تسمح باستقطاع دينار واحد منهم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية