العراق والخليج.. تقارب يبعثر حسابات إيران

العراق والخليج.. تقارب يبعثر حسابات إيران


11/11/2020

علي السويعدي

رعب يطفو إلى الواجهة في شكل مواقف إيرانية منددة ومستاءة كلما لاح في الأفق تحرك عراقي نحو الحاضنة العربية عموماً ودول الخليج بشكل خاص.

تقارب يقض مضجع إيران التي تترقب عن كثب أبعاد تصريحات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، حول بعض الجهود الرامية لتعطيل توجه بغداد نحو إقامة علاقات ومصالح مشتركة ضمن ميزان علاقاته الدولية.

مساع تتزامن مع توقيع بغداد والرياض جملة من الاتفاقيات شملت مجالات مختلفة بينها التجارة والأمن والزراعة، ما دق ناقوس الخطر لدى الفصائل الموالية لطهران بالعراق، خوفا على مصالح الأخيرة.

وتعود جذور الخلاف بين الكاظمي ومليشيات إيران بالعراق وأذرعها العسكرية إلى بدايات ترشيحه لرئاسة الوزراء، ومحاولات قطع الطريق عليه عبر توجيه اتهامات بضلوعه في تقديم معلومات إلى وزارة الدفاع الأمريكية سهلت اغتيال الإرهابي الراحل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، والإرهابي أبو مهدي المهندس، مطلع العام الحالي.

أذرع إيران تتحرك

ائتلاف دولة القانون في العراق، برئاسة نوري المالكي، ومليشيا "عصائب أهل الحق"، أعربا عن اعتراضهما الشديد بشأن شروع شركات سعودية بالاستثمار في مدن  النجف والأنبار والمثنى العراقية، ونقل التجربة الرائدة "المراعي" إلى العراق.

الأحد الماضي، وصل إلى بغداد وفد سعودي ضم مسؤولين بارزين في قطاع الصناعة والتجارة والاقتصاد والجوانب العسكرية، في إطار انعقاد جلسات المجلس التنسيقي بين البلدين، والذي أنشئ في 2018 في عهد حكومة حيدر العبادي. 

وأسفرت الاجتماعات التي عقدت طوال اليومين، على توقيع 13 اتفاقية تعاون في مجالات وقطاعات حيوية هامة.

واليوم الثلاثاء، أشار الكاظمي، خلال جلسة مجلس الوزراء العراقي، إلى وجود "حملات تشكيك بأي تقارب للعراق مع أي دولة، ترافقها شائعات تهدف لخلط الأوراق وتعطيل أي تفاهم يصب في صالح البلد".

وشدد الكاظمي على أن "العراق يجب أن يكون بيئة جاذبة للاستثمار وليس طاردة، لأننا بحاجة فعلية للاستثمارات وتوفير فرص العمل والإعمار". 

ذلك التقارب الخليجي وبوادر العودة بالرياض وبغداد إلى سابق العهود الماضية قبل ثلاثة عقود، بات يقلق بعض الأطراف الدولية، بينها إيران صاحبة النفوذ الشاسع في العراق بحسب مراقبين.

نحو المحيط الإقليمي

المحلل السياسي العراقي نشوان العيسى، يرى أن خطوات الكاظمي تدل، منذ تسلمه منصبه، على رغبة في التوجه نحو المحيط الإقليمي والدولي، وفق مصالح البلاد.

ولفت العيسى، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن ما تقدم "اتضح من خلال ضرب القوى المسلحة غير الشرعية، والنظر إلى إيران من زاوية التوازن العلاقاتي وليس وفق حسابات الاصطفاف الطائفي والمذهبي".

واستدرك أن العراق يحاول اليوم نفض غبار الأحزاب والقوى السياسية التي وضعت مصير البلاد وسيادة قراره تحت تصرف القوى المتنازعة في المنطقة.

واعتبر أنه لا خيار لبغداد، في ظل التحديات القائمة وتشابك المواقف والظروف المعقدة، سوى الإفلات من واجهة الحروب بالنيابة.

واتخذ الكاظمي منذ تسلمه رئاسة الوزراء إجراءات وسياسات وصفت بـ"الجريئة"، استهدفت موارد مالية للمليشيات المسلحة منذ سنوات ما بعد 2003، من خلال التحرك العسكري نحو المنافذ الحدودية، واستردادها من قبضة تلك الفصائل في عمليات عرفت بـ"مطاردة الأشباح".

تحركات تلتها سياسات إدارية مماثلة، وضعت رئيس الوزراء في لائحة أعداء طهران التي حاولت جاهدة إحراج حكومته في أكثر من موقف على المستويين الداخلي والخارجي، عبر مهاجمة البعثات الدبلوماسية ومصالح الولايات المتحدة في العراق، باستخدام أذرعها العسكرية.

تصحيح المسار

من جانبه،قال المحلل السياسي علي الكاتب، إن طهران أصابها القلق من حكومة الكاظمي، وذلك منذ أول جولة أجراها رئيس الوزراء بعد نحو شهرين من وصوله إلى سدة الحكم، وشملت الرياض وطهران.

ورغم تعطل الشق الأول للجولة، يتابع الكاتب لـ"العين الإخبارية "، إلا أن نظام ولاية الفقيه في إيران أدرك أن العراق يبحث عن تصحيح المسار الوطني، واتباع حلول برغماتية وليست ولائية.

وأوضح أن الأعوام الأخيرة، وخصوصا في حكومة العبادي، شهدت تكسراً لجليد القطيعة بين الرياض وبغداد بعد نحو عقدين ونيف.

غير أن تلك الخطوات لم تشكل قلقاً وهاجساً ثقيلاً على ساسة طهران بقدر ما جاء به الكاظمي، وفق الخبير، الذي أشار إلى أن المرحلة الآنية تفرض على العراق تقارباً خليجيا.

ولفت إلى أن التقارب تفرضه عوامل اقتصادية ومستويات التهديد المالي لخزينة البلاد، وهو ما لا حيلة لنظام إيران، غير الاعتراض عليه.

أما الأكاديمي والخبير الاقتصادي ميثم المشهداني، فاعتبر أن تقارب بغداد من الرياض يشكل "إشعارا بحالة خطر لإيران والدول والقوى التي تقف على خط الاستواء منها، بعد أن تجاوز الأمر مجرد كونه قضية وشائج وعلاقات تقارب دبلوماسية بين بلدين، لينسحب على مشاريع كبيرة ومهمة في مجال الاستثمار داخل الأراضي العراقية".

ولفت المشهداني، لـ"العين الإخبارية"، إلى أن حجم الإيرادات المالية التي تحققها إيران في العراق خلال السنوات الماضية بدأت بالتراجع، مع تعدد مرجعيات بغداد الدولية على مستوى تمثيل المصالح.

ورجح الخبير أن تتوسع تلك الفروقات سلباً كلما قاربت بغداد على تدشين مشاريع الطاقة والتجارة.

عن "العين" الإخبارية

الصفحة الرئيسية