اللاجئون في اليونان: أطفال يعانون صدمة نفسية وينامون في العراء

اللاجئون في اليونان: أطفال يعانون صدمة نفسية وينامون في العراء


05/10/2020

بعد حريق مخيم موريا للاجئين في 9 أيلول (سبتمبر)  من الشهر الماضي، اضطرّ الناس للهرب والنوم في الشوارع، ونتيجة هذا الحريق الهائل، فقدت العائلات جميع ممتلكاتها، حتى البسيطة منها التي كانت موجودة في خيامهم، من ثياب وأحذية، كذلك فقدَ أشخاص أوراقهم الرسمية كي ينجوا من الحريق.

اضطرت الشرطة اليونانية أن توقف دخول الناس إلى المخيم أكثر من مرة، ومن لم يستطيعوا الدخول، اضطروا للنوم على الأرصفة المجاورة للمخيم مع أطفال تحت سنّ الخامسة

ويتواجد في اليونان أكثر من 12 ألف لاجئ ولاجئة، نسبة كبيرة منهم سوريون وسوريات، كما يقول الصحفي والناشط السوري، غياث الجندي، لـ "حفريات" عن تبعات الحريق في المخيم الذي يقع على جزيرة "ليسبوس" في اليونان، ويعدّ ضمن عدة مخيمات أقيمت على جزر يونانية أخرى، مثل: كوس، وليريسوس، وتشيوس، وساموس، بموجب اتفاق أوروبي مع تركيا، في آذار(مارس) 2016، يقضي باستضافة اللاجئين فيها لحين دراسة أوضاعهم.

ليست المرة الأولى

وليست هذه المرة الأولى التي يندلع فيها حريق في مخيم موريا؛ إذ شهد المخيم حريقاً سابقاً، بتاريخ 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، نتيجة انفجار، رجِّح أنّه ناتج عن أسطوانة غاز في ذلك الوقت، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة آخرين بجروح.

يتواجد في اليونان أكثر من 12 ألف لاجئ ولاجئة

كما شهد المخيم، أواخر أيلول (سبتمبر) 2019، حريقاً (لم تذكر أسبابه الواضحة)، تبعته احتجاجات لاجئين بسبب تأخر عملية الإطفاء 20 دقيقة، وواجهت الشرطة اليونانية الاحتجاجات وقتها بقنابل الغاز المسيلة للدموع.

اقرأ أيضاً: هل تنقل واشنطن قاعدة "إنجرليك" من تركيا إلى اليونان؟

كان الصحفي الجندي قد زار مخيم موريا لمدة أسبوع، بتاريخ 28 شباط (فبراير) من العام الحالي، وقال: "في ذلك الوقت كان المخيم مهيَّأ لاستيعاب 3000 شخص، إلا أنّ عدد اللاجئين فيه تجاوز الـ 22000 ألف شخص، والمخيم صغير ومتسخ، وتتواجد في كلّ خيمة عائلتان، ولا يوجد غذاء جيد، والدواء والخدمات الصحية مفقودة، وحتى الماء النظيف مفقود، والناس هناك مريضة ولا يوجد أيّ علاج". وبخصوص المنظمات المدنية والمجتمع المدني والإنسانية، أفاد أنّ أغلبها "غادروا المنطقة بعد الهجوم الأخير على المخيم من قبل الفاشيين في اليونان، والمتطوعون والمتطوعات غادروا أيضاً، بقيت هناك منظمتان صغيرتان؛ إحداهما منظمة هولندية تعمل على رشّ الحصى الصغير على الأرض من أجل الوحل، وتحاول أيضاً إيصال الكهرباء للمخيمات".

عنف الفاشيين والمتطرفين في اليونان

ويبعد المخيم 10 كلم عن المدينة تقريباً، وكان اللاجئون لا يتجرأون على النزول إلى المدينة للتسوّق، كما شهد المخيم حالات عنف من قبل اللاجئين بين بعضهم؛ بسبب الضغوطات التي يعيشون تحت وطأتها، لأنّ حياتهم داخل المخيم أشبه بالسجن، "لكنّ العنف الأكبر كان من قبل الفاشيين والمتطرفين في اليونان".

اقرأ أيضاً: مخيم موريا: اللاجئون الهاربون من كورونا إلى المحرقة

عاد غياث الجندي مرة أخرى إلى ليسبوس، للقاء اللاجئين بعد الحريق الأخير، ومعاينة أوضاعهم عن قرب، وأبلغ "حفريات": "دمَّر الحريق 95% من المخيم، بما فيها المكتب الذي كان تجري من خلاله مقابلات مع اللاجئين من أجل حصولهم على اللجوء، لذا هناك أناس لم يعرفوا مصير ملف اللجوء الخاص بهم، وكان لذلك أثر بالغ على اللاجئين".

شهد المخيم حالات عنف من قبل اللاجئين بين بعضهم؛ بسبب الضغوطات التي يعيشون تحت وطأتها

وأضاف: "خلال الأيام الخمسة الأولى بعد حريق المخيم، نام الناس في الشوارع فعلياً، وكانوا يعتمدون على المساعدات التي يـأتي بها المتطوعون والمتطوعات أو المواطنون، أو تلك التي تقدمها المطاعم، وعدد كبير من الأطفال اضطروا للنوم في العراء لعدة أيام، رغم الرياح القوية والغبار والطقس الحار جداً، كان الوضع برمّته عبارة عن مأساة كبيرة".

مخيم جديد فوق حقل ألغام

وتابع غياث حديثه: "بعد مرور أسبوع على الحريق، بدأت السلطات اليونانية في نقل اللاجئين إلى مخيم تمّ تشييده بشكل سريع في منطقة عسكرية، مخصصة لتدريب الجنود اليونانيين على إطلاق النار، ويطلّ المخيم على البحر مباشرة، ولا يوجد في محيطه أية منشآت، حتى الحمامات المخصصة لـ "قضاء الحاجة" بُنيت على عجل، لكن لا توجد حمامات مخصصة للاغتسال والاستحمام، ولا توجد أيّة منشآت صحية، أو محلات مخصصة لتقديم الأطعمة والأغذية، والأكل الذي يقدَّم للاجئين عبارة عن ساندويشات أو حمص مسلوق، يقدمه الجيش مع ثلاثة أرغفة لكلّ شخص مرة واحدة في اليوم".

الصحفي غياث الجندي لـ"حفريات": تواصلت مع سيدة داخل المخيم، فأخبرتني بأنّه قد مضى عليهم 15 يوماً دون أن تأخذ الأسرة حماماً واحداً، وما يزال هناك نقص بالمواد الغذائية والصحية

يذكر أنّ صحيفة "عنب بلدي" السورية، نشرت تقريراً بتاريخ 22 أيلول (سبتمبر)، تحت عنوان "اليونان تشيد مخيماً للاجئين على حقل ألغام" جاء فيه: "لا تبدو الظروف التي هيأتها السلطات اليونانية في المخيم الجديد للاجئين على جزيرة ليسبوس بأفضل حالاً مما كانت عليه في مخيم "موريا"، لا سيما أنّ السلطات شيّدت المخيم فوق ألغام أرضية".

واستند التقرير على عدة مصادر داخل المخيم الجديد، المسمى "كارا تيبي"، بأنّ فرقاً متخصصة "تجري عمليات تمشيط، بحثاً عن ألغام قد تكون موجودة بين الخيام أو في جوار المخيم".

وروى الصحفي الجندي من خلال تواصله مع الناس والعائلات التي هربت من المخيم أثناء الحريق، أنّ الحريق سبَّب صدمة نفسية كبيرة لهم، تحديداً الأطفال، ولا يوجد حالياً أيّ علاج نفسي لهؤلاء الأطفال، كما لا يحظى الجانب النفسي بأيّ انتباه، بحسب تعبيره.

كما يرى أنّ هناك أزمة أخرى فيما يخص إدخال الناس إلى المخيمات؛ إذ لا توجد خيم كافية لحوالي 10 آلاف شخص؛ لذلك ينام الناس اليوم في العراء داخل حدود المخيم، وهؤلاء أيضاً لا نعرف مصيرهم، هل سيحصلون على خيم أم لا؟

ويقرّ بأنّ هناك فوضى عارمة في المكان؛ "إذ اضطرت الشرطة اليونانية أن توقف دخول الناس إلى المخيم أكثر من مرة، ومن لم يستطيعوا الدخول، اضطروا للنوم على الأرصفة المجاورة للمخيم، وقد التقيتُ بعائلة، فيها ثلاثة أطفال، جميعهم تحت سنّ الخمس سنوات، ينامون على الرصيف، وهناك أشخاص تبرعوا لهم ببعض الأغطية، لكن ليس لديهم أيّ شيء يأكلونه أو يشربونه".

الناس لا يعرفون مصيرهم

المشكلة الأكبر، في نظر الجندي، أنّ "الناس لا يعرفون ما هو مصيرهم اليوم، على سبيل المثال؛ تمّ نقل الشباب الذين تحت السنّ القانوني، وممن يبلغون من العمر 16 عاماً، وقدّموا من دون عائلاتهم، إلى الأراضي البرية في اليونان، وكان هذا جيداً، لكنّ الآخرين الذين دخلوا المخيم الجديد، ما يزال مصيرهم مجهولاً، هناك أخبار تقول إنّه سيجري نقلهم، ومنذ أيام تمّ نقل حوالي 700 شخص عبر البحر، تعدّ حالاتهم طارئة، من بينهم نساء حوامل، وأطفال صغار يعانون من أمراض، وقد تواصلت مع بعض الأشخاص الذين ما يزالون على ظهر الباخرة، وأخبروني بأنّهم ليس لديهم أيّة فكرة إلى أين يأخذونهم، أو إلى أيّ مرفأ أو مدينة".

اقرأ أيضاً: كيف يتلاعب أردوغان بورقة اللاجئين؟

وتابع الصحفي السوري: "كما تواصلت منذ أيام مع سيدة داخل المخيم، فأخبرتني بأنّه قد مضى عليهم 15 يوماً دون أن يأخذوا حماماً واحداً، وما يزال هناك نقص بالمواد الغذائية والصحية، وحفاضات الأطفال والأدوية".

منذ أيام، يردف الجندي، "ذهبنا وأحضرنا كمية كبيرة من الأدوية، فكثيرون من الناس يعانون من أمراض مزمنة من مرض القلب والسكري، وقد فقدوا أدويتهم حين احترق مخيم موريا، الفوضى واليأس كبيران داخل المخيم".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية