المغرب والإمارات.. والوعي المشترك

المغرب والإمارات.. والوعي المشترك


10/11/2020

عبد الحق عزوزي

يحمل قرار افتتاح دولة الإمارات العربية المتحدة لقنصلية عامة في مدينة العيون المغربية كأول دولة عربية غير أفريقية تبادر إلى القيام به، دلالات سياسية ودبلوماسية وقانونية، ويجب أن تفهم لا محالة في سياق العلاقات الثنائية القوية التي تجمعهما. 
فقد اعتبر السيد ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، خلال افتتاح القنصلية في العيون بمشاركة سفير دولة الإمارات في الرباط سعادة العصري سعيد أحمد الظاهري، هذه الخطوة الدبلوماسية تأكيداً على حق المغرب في سيادته في الصحراء ودعماً من الإمارات، مشدداً على أن العلاقات بين البلدين قوية وتاريخية. ‬وفي ‬كلمة ‬بالفيديو، ‬أعلن ‬سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، ‬أن ‬موقف ‬الإمارات ‬ثابت ‬في ‬الوقوف ‬مع ‬المغرب ‬الشقيق ‬في ‬قضاياه ‬العادلة ‬في ‬المحافل ‬الإقليمية ‬والدولية. ‬وأشار ‬سموه ‬إلى ‬أن ‬افتتاح ‬القنصلية ‬الإماراتية ‬في ‬مدينة ‬العيون ‬المغربية «ترجمة ‬لعلاقات ‬إماراتية ‬مغربية ‬تاريخية ‬راسخة ‬ولشراكة ‬استراتيجية ‬تقوم ‬على ‬أعلى ‬المستويات».
وعلى ضوء الروابط بين البلدين الشقيقين، نفهم الخطوة الإماراتية التي تتزامن مع تخليد المغرب للذكرى الـ45 للمسيرة الخضراء، وهو تاريخ يذكرنا بالمشاركة الفريدة للإمارات في تلك المسيرة، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في ذلك اليوم العزيز إلى قلوب المغاربة.
ولا جرم أن المسيرة الخضراء، كما أكد جلالة الملك محمد السادس، في خطابه بمناسبة الذكرى الـ45 للمسيرة، ليست مجرد حدث وطني بارز، في مسار استكمال الوحدة الترابية للمملكة، وإنما هي مسيرة متجددة ومتواصلة. فعلى مستوى الأمم المتحدة مثلاً، أقبرت القرارات الأخيرة لمجلس الأمن، المقاربات والأطروحات المتجاوزة وغير الواقعية، وهذا ينسجم طبعاً مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي تحظى بدعم مجلس الأمن والقوى الكبرى، باعتبارها الخيار الطبيعي الوحيد لتسوية هذا النزاع.

كما أنه على المستويين القانوني والدبلوماسي، نجد أن الأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي، ترفض الانسياق وراء نزوعات الأطراف الأخرى. فقد بلغ عدد الدول التي لا تعترف بالكيان الوهمي 163 دولة، أي 85% ‬من ‬الدول ‬الأعضاء ‬في ‬منظمة ‬الأمم ‬المتحدة.
كما أن خطاب المسيرة الخضراء للسنة الجارية حمل معه الوجه الجديد للمسيرة الخضراء المتواصلة والمتجددة من خلال ترسيم المغرب لمجاله البحري في إطار القانون الدولي، أي معاهدة جامايكا في دجنبر 1982، وفي إطار سيادة المغرب على حدوده البحرية التي تمتد من طنجة إلى أقصى الكويرة بجنوب الصحراء المغربية، وهذا يعني تقوية المجالات الاقتصادية والاجتماعية بجنوب المملكة وقبالة الواجهة الأطلسية، والرفع من وتيرة التكامل الاقتصادي المغربي، حيث سيصبح للمغرب ميناء طنجة المتوسطي في الشمال وميناء الداخلة الأطلسي في الجنوب، وهذا مما سيساهم في الإشعاع القاري والدولي.
وأنا أتحدث عن العلاقات المغربية الإماراتية، أستحضر هنا ما كان قد كتبه المرحوم عبدالهادي التازي عندما اختاره المرحوم جلالة الملك الحسن الثاني لحمل رسالة منه إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ليدعوه لزيارة المملكة المغربية، وذلك بمجرد قيام دولة الاتحاد في الإمارات. ويحكي التازي عن هذا اللقاء: «سألني الشيخ زايد، وأنا أتحدث إليه عن المغرب وتقاليده وعاداته ومذهبه في الفقه الإسلامي: هل يهوى المغاربة القنص بالصقور؟ ولشد ما كان استغرابه حين أجبته بأن القنص بالصقور معروف في التاريخ المغربي حتى قبل بلوغ الإسلام المغرب. وأنه في إقليم الجديدة بالمغرب قبيلة تدعى القواسم اشتهرت بهواية القنص بالصقور، فابتسم وقال: سيكون لنا اتصال بهم، فعرفت أنه من كبار هواة الصقور. وأراد أن يعرف أيضاً هل يعيش طائر الحبارى في المغرب، وضحك حينما أخبرته أن نساءنا القديمات كن يوقظن همم بناتهن بوصفهن بالحبارى حين يتكاسلن عن العمل ولا يتحركن». ثم يقول: «الذي أسجله باعتزاز كبير أن الشيخ زايد، رحمه الله، على الرغم من الدعوات الموجهة إليه حينئذٍ من دول أخرى، قرر أن تكون وجهته الخارجية الأولى بعد ترؤسه الاتحاد هي المملكة المغربية. لقد عكست هذه الالتفاتة، التي خص بها المملكة المغربية، رؤيته لها كدولة أساسية. وبالرغم من أن زيارته الأولى كانت قصيرة، فإنها عبّرت عن تلاحم قوي، وإعجاب متبادل بينه وبين الملك، كما أسست لمستقبل لم نكن نتصوره آنذاك».

عن "الاتحاد" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية