انتخابات حماس القادمة: ولاءات لأنقرة وطهران.. متى تلتفت الحركة لوطنيتها؟

انتخابات حماس القادمة: ولاءات لأنقرة وطهران.. متى تلتفت الحركة لوطنيتها؟


21/09/2020

لا أحد على وجه التحديد يعلم كيفية اتخاذ القرارات المركزية داخل حركة حماس، لكن المرجح أنّها لا تبتعد كثيراً عن الكيفيات التي تتخذ فيها جماعة الإخوان المسلمين قراراتها، خاصة أنه رغم إعلانات حماس الانفكاك عن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، إلّا أنها بقيت في هياكلها ومراتبها التنظيمية تنظيماً إخوانياً، وفي الأدبيات والوثائق الإخوانية فإنّ من يدير تنظيمات الإخوان السرّية ويسيطر على مراكز التمويل فيها يسيطر على التنظيم، ولا قيمة حقيقية لما يتّم الإعلان عنه من إجراء انتخابات داخلية لمراتبها القيادية ومجالس الشورى والمكاتب التنفيذية وقيادات الفروع وغيرها؛ إذ لا أحد يعرف كيف ومتى تجري تلك الانتخابات إلّا بعد الإعلان عن نتائجها، والتي تكون عادة محسومة ومقرّرة سلفاً قبل إجرائها.

 

الأشهر القليلة القادمة حاسمة بالنسبة إلى حركة حماس في ظلّ تحوّلات عميقة يشهدها الإقليم وباتجاهات ليست بصالح القضية الفلسطينية

 

تتركز قيادة حماس اليوم في 4 من وجوهها القيادية، يتوقع أن يخوضوا انتخابات مكتبها السياسي التي ستجري قبل نهاية هذا العام، ومن غير الواضح حجم موازين القوى لكل منهم، رغم أنّه منذ الانتخابات السابقة بدأت عملية نقل قيادة حماس إلى غزة، وهو ما يعزّز فرص فوز قيادات الداخل، رغم دور ما يُعرف بـ "المكاتب" الخارجية "الفروع" في ترجيح كفة أيّ مرشح، بما في ذلك دورها في الدعم المالي المقدّم للتنظيم في قطاع غزة، والمرشحون الأربعة هم: إسماعيل هنية ونائبه في رئاسة المكتب السياسي صالح العاروري، والأوّل مقيم في غزة، بينما الثاني يتنقل بين إيران ولبنان بعد إبعاده من تركيا، وبالتزامن فهناك خالد مشعل رئيس المكتب السياسي السابق المقيم في قطر، بعد مغادرته سوريا مع اندلاع الثورة السورية واتخاذه موقفاً مؤيداً لها، بالإضافة ليحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحماس في قطاع غزة.

مرجعيات حماس تتنازعها 4 عواصم، وهي: أنقرة والدوحة وطهران والقاهرة، ورغم أنّ لكلّ عاصمة رجالاتها داخل حماس، إلّا أنّ هناك إدراكاً بحكم الجغرافيا السياسية والارتباط التاريخي لدى كافة قيادات حماس بأنّ مصر هي العمق الاستراتيجي والمرجعية لحركة حماس وأهالي قطاع غزة.

اقرأ أيضاً: ما تداعيات العلاقة بين حماس وحزب الله على القضية الفلسطينية؟

ويمثل خالد مشعل الخط التركي ـ القطري داخل حركة حماس؛ إذ تتيح له الدوحة وأنقرة هامشاً واسعاً من الحركة، بما في ذلك أموال الدعم التي تقدّمها الدوحة عبر إسرائيل والبالغة "30 مليون دولار شهرياً"، بالإضافة إلى زيارات متكررة لمشعل إلى أنقرة ولقاءاته مع القيادة التركية، وتقديم الولاء والتأييد لها، بما في ذلك احتلال تركيا لمناطق كردية شمال سوريا "عفرين"، وهو ما اعتُبر مأخذاً على مشعل الذي يرفض احتلال إسرائيل لأراضٍ فلسطينية، فيما هناك شكوك عميقة بتعاونه مع الدوحة، التي تنسّق مع إسرائيل بما يتجاوز مقاربة تقديم الدعم المالي للقطاع.

 

تتركز قيادة حماس اليوم في 4 من وجوهها القيادية يتوقع أن يخوضوا انتخابات مكتبها السياسي التي ستجري قبل نهاية هذا العام

 

بالتوازي، فإنّ إسماعيل هنية ذهب بعيداً في إعلان ولائه للقيادة الإيرانية والتنسيق معها، من خلال زياراته لإيران وقيادة تيار حماس الذي اعتذر عن موقفها من النظام السوري، وربما لعب نائبه العاروري دوراً في تقريب وجهات النظر مع القيادة الإيرانية التي تعمل بكلّ جهد للإمساك بورقة حماس بوصفها إحدى أبرز أوراقها التفاوضية، غير أنّ أبرز المحطات التي أكد فيها هنية ولاءه للقيادة الإيرانية هي: موقفه من تصفية قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني على يد القوات الأمريكية مطلع العام الجاري؛ إذ وصفه بأنه شهيد فلسطين والقدس، وهو ما قوبل بانتقادات واسعة على خلفية قيادة إيران لصراع مذهبي بين "السنة والشيعة"، وزيارته إلى بيروت مؤخراً للمشاركة في مؤتمر للفصائل الفلسطينية عقد بالتزامن بين بيروت ورام الله، أظهر خلاله هنية ولاءً للقيادة الإيرانية بزيارة الضاحية الجنوبية في بيروت، حيث مقرّ إقامة حسن نصر الله زعيم حزب الله، وقد أطلق هنية تصريحات أثارت قطاعات من اللبنانيين حينما قال: إنّ صواريخ حزب الله التي ستدكّ المدن الإسرائيلية ستنطلق من بيروت، في وقت تدرك فيه قيادات وقواعد حماس أنّ صواريخ نصر الله لم ولن تنطلق من أجل فلسطين وغزة؛ لأنها رهن توقيتات واستراتيجيات القيادة الإيرانية، فيما كانت زيارته لمخيمات الفلسطينيين في لبنان في إطار دعاية انتخابية وبخطاب ثوري يخدم تطلعاته لمخاطبة الفروع الخارجية لحماس.

وإذا كان مشعل وهنية يتحرّكان في فضاءات خارجية ترسل رسائل بولاءات لإيران وتركيا، وهناك شكوك في مصادر دخليهما وأسلوب معيشتيهما وأسرتيهما، فإنه يبرز يحيى السنوار الذي يتمتع بميزات قد تدفع به لقيادة حماس، فهو ابن قطاع غزة القادم من أحياء الفقر فيه، وبخلفية أمنية وعسكرية داخل حماس وعلاقات وثيقة مع الجناح العسكري وبقية قطاعات الحركة، وهو الأكثر إدراكاً لأهمية العلاقة الاستراتيجية بين حماس ومصر، وقد حقق نجاحات في إنهاء العلاقة بين أوساط من حركة حماس والجماعات الجهادية في سيناء، كانت تخدم أجندات قوى تناكف القيادة المصرية، بالإضافة إلى ذلك فإنّ السنوار يتميز بالمرونة والقدرة على طرح مبادرات تستجيب لتطلعات أهالي قطاع غزة، "مبادرة إفراج إسرائيل عن كبار السنّ والمرضى من المعتقلين، مقابل إفراج حماس عن جنود إسرائيليين لديها".

اقرأ أيضاً: هل تغير قطر سياستها مع حماس؟ تقرير استخباراتي يجيب

الأشهر القليلة القادمة حاسمة بالنسبة إلى حركة حماس، في ظلّ تحوّلات عميقة يشهدها الإقليم وباتجاهات ليست بصالح القضية الفلسطينية، وربما تذهب بعيداً في استمرار ربط القطاع بأنقرة وطهران، اللتين لا تتجاوز نظرتهما لحماس خارج إطار كونها ورقة تفاوض مع الأمريكان. فإذا كانت "صفقة القرن"، وقانون الضمّ الإسرائيلي، وإلغاء قضية اللاجئين، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، والتطبيع العربي مع إسرائيل، كلها قضايا لم تحرّك حماس، فمتى تلتفت حماس لوطنيتها وفلسطينيتها؟

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية