بايدن يهاجم قمع أردوغان: 20 ألف معتقل من حزب الشعوب الديمقراطي

بايدن يهاجم قمع أردوغان: 20 ألف معتقل من حزب الشعوب الديمقراطي


08/02/2021

تمثل الأوضاع الحقوقية المتدنية في تركيا، أحد التعقيدات السياسية التي يواجهها نظام الرئيس، رجب طيب أردوغان، محلياً وإقليمياً؛ وذلك في ظلّ ترتيباته المحمومة والمتواصلة نحو نبذ المعارضة، وتقليص حجم نشاط خصومه السياسيين، من خلال ماكينة القوانين الاستثنائية والقمعية التي تغلق المجال العام، وتهيمن بقبضة ثقيلة على الصحافة والقضاء، مروراً بمنصات التواصل الاجتماعي، وحتى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.

أردوغان في دائرة المستحيل

ويعدّ سجل النظام التركي في الشأن الحقوقي الذي يحفل بانتهاكات عديدة، وتجاوزات قانونية جمّة، من بين الأمور التي سوف تفاقم الأزمات مع إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، والتي، على ما يبدو، ستكون بصدد مراجعة حاسمة لعدد من الملفات والقضايا الخارجية؛ ففي التصريح الأول لإدارة الرئيس الأمريكي الجديد بشأن تركيا، جرت المطالبة بإطلاق سراح المرشح الرئاسي السابق، صلاح الدين دميرطاش، والناشط المدني، عثمان كافالا.

وقال الناطق الرسمي بلسان وزارة الخارجية الأمريكية؛ إنّ الولايات المتحدة تتابع عن كثب قضايا "دميرطاش وكافالا"، وأضاف أنّهم "يشعرون ببالغ القلق إزاء استمرار اعتقالهما، وإزاء عدد من لوائح الاتهام الأخرى ضدّ المجتمع المدني والإعلام والسياسة ورجال الأعمال".

وبينما تضغط المعارضة التركية، مؤخراً، نحو إجراء انتخابات مبكرة، قبل الموعد المزمع إجراؤها فيه، عام 2023، وقد اتّهمت نظام الرئيس التركيّ بالتسّبب في تدهور الأوضاع الاقتصادية، وزيادة معدلات البطالة والفقر والتضخم.

الباحث المتخصص في الشأن التركي، محمد حسن لـ"حفريات": تركيا الأردوغانية تتحوّل، بشكل تدريجي، إلى دولة قمعية، مستندة في ديكتاتوريتها إلى الإرث العثماني

 إضافة إلى الفساد والأزمات السياسية؛ فإنّ تحالف أردوغان مع حزب الحركة القومية المتشدّد، بقيادة دولت بهشلي، لا يتوانى عن زيادة وتيرة القمع وتصفية الحراك السياسي؛ إذ قال رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، أنّه "منذ تحالفهما (يقصد حزب العدالة والتنمية والحركة القومية) ابتليت الدولة بالفساد في كلّ مكان)، وألمح إلى أنّ الحكومة التركية تستهدف إجراء تعديلات على قوانين الأحزاب السياسية، لجهة التخلص من المعارضة وزعمائها.

النظام يبطش بمعارضيه

يتفق والرأي ذاته، عضو حزب الشعوب الديمقراطي، بركات قار، الذي صرّح بأنّ "التحالف الجمهوري، المكون من حزبي العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، إنّما يسعى لحظر حزبه، وهو أمر ليس بجديد"، وأضاف في تصريحات لـ "سكاي نيوز"، النسخة العربية: "هم يريدون إغلاق حزبنا، وهذا قائم منذ زمن طويل، حيث يتحالف معهم في هذا التوجه حزب الوطن، بقيادة دوغو برينجك، الذي يدّعي أنّه يسارياً، لكن له تاريخ غير مشرف وهو معزول من جميع القوى اليسارية في تركيا، وأصبح حليفاً لحزب العدالة والتنمية ورئيسه أردوغان".

وبحسب رئيس حزب الشعوب الديمقراطي؛ فإنّه "لم يكن لبهجلي أو برينجك أن يطرح أيّا منهما الدعوة لإغلاق حزب الشعوب، من دون موافقة رئيس الجمهورية، رجب طيب أردوغان، لكن لو وافق أردوغان على قرار إغلاق الحزب فسيعرّض نفسه لخسارة الانتخابات القادمة، لأنّه هو الذي وضع قانون لعدم إغلاق الأحزاب السياسية، بعد أن تعرّض حزبه السابق إلى تضييقات عديدة مورست ضدّهم".

اقرأ أيضاً: أردوغان يمهد لدستور جديد: ثقوب في ديكتاتورية رجل تركيا المريض

مطلع الشهر الحالي، دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، استمرار اعتقال الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرطاش، في السجون التركية، على خلفية القضية المتعلقة بـ "احتجاجات كوباني"، عام 2014، بينما طالبت بالإفراج الفوري عنه؛ إذ يعد الحزب الموالي للأكراد من بين أكثر الأحزاب التي تتعرّض لبطش النظام في تركيا، وفي منتصف العام الماضي، تمّ اعتقال ثلاثة نواب من المعارضة، بعد أقل من 24 ساعة من إسقاط العضوية البرلمانية عنهم، وكان اثنان منهم نائبَين عن حزب الشعوب الديمقراطي.

جرائم من دون لائحة اتهامات

كما وثّق الحزب ذاته، مطلع العام الحالي، "اعتقال نحو 20 ألفاً من أعضائه على مدى السنوات القليلة الماضية، تحديداً منذ عام 2015؛ إذ حوكم 3695 قياديّاً وعضواً من الحزب، بينهم الرئيسان المشتركان للحزب سابقاً، صلاح الدين دميرطاش، وفيغن يوكسكداغ، بينما في هذا العام وحده اعتقل 1750 عضواً منهم، حوكم قسم لا بأس به منهم بالحبس".

دانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان استمرار اعتقال الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرطاش، على خلفية القضية المتعلقة بـ "احتجاجات كوباني"

ورأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الإثنين الماضي؛ أنّ استمرار توقيف رئيس حزب الشعوب الديمقراطي يعدّ بمثابة "انتهاك لحقوقه في الحرية والحقّ في التعبير"، كما طالبت بـ "دفع تعويضات ونفقات لصلاح الدين دميرطاش، تبلغ أكثر من 60 ألف يورو، ما يعادل نحو 74 ألف دولار أمريكي".

وشدّدت المحكمة، التي تتخذ من مدينة ستراسبورج في فرنسا مقراً لها، على الحكومة التركية بضرورة "تقديم دفاعها عن سبب بقاء دميرطاش في السجن، حتى الآن"، وقالت: "هل اعتقال دميرطاش قائم على شكّ معقول، وأسباب ووقت محدَّدين، أم إنّ الاحتجاز خلف القضبان لأسباب سياسية؟".

اقرأ أيضاً: أردوغان يواصل قمع طلبة جامعة البوسفور... تفاصيل وردود أفعال

وأوضحت المحكمة الأوروبية؛ أنّها "لا ترى أيّ دليل في قرارات اعتقال دميرطاش يربط بين أفعاله والجرائم المزعومة"، وأردفت: "خلصت المحكمة إلى أنّ الأسباب التي قدّمتها السلطات التركية للاحتجاز السابق للمحاكمة كانت مجرد غطاء لغرض سياسيّ خفيّ، وهو أمر لا جدال فيه بالنسبة إلى الديمقراطية".

وفي حديثه لـ "حفريات"؛ يشير الباحث المتخصص في الشأن التركي، محمد حسن، إلى أنّ "تركيا الأردوغانية تتحوّل، بشكل تدريجي، إلى دولة قمعية، وترتكز في قمعها وديكتاتوريتها إلى الإرث العثماني، والتحالف مع الإسلام السياسي المعاصر، المتمثل في جماعة الإخوان المسلمين، ودعم المال السياسي القطري".

الصحفي والباحث المتخصص في الشأن التركي محمد حسن

ويضيف حسن: "في ظلّ تراجع التأثيرات الأوروبية على القرار التركي، نتيجة استغلال تركيا لعدد من الملفات؛ كقضية اللاجئين والجماعة الإسلامية المتشددة، ضربت تركيا جميع مواثيق حقوق الإنسان عرض الحائط، لا سيما في قمعها للكرد، حتى وصل الأمر لصمّ آذانها أمام أيّ نداء يطالب بإطلاق سراح زعيم حزب الشعوب الديمقراطي، صلاح الدين دميرطاش، والمئات من كوادر الحزب، المعتقلين في سجون النظام، دون أيّة تهم حقيقية.

اقرأ أيضاً: لماذا يتقرّب أردوغان من إسرائيل؟

وفي هذه القضية بالذات يظهر الوجه الحقيقي لأردوغان، الذي يسعى إلى دمج التطرف القومي في الحكم وبنية النظام، المتمثل بشريكه السياسي (حزب الحركة القومية) المتشدّد، والأخير صاحب نزعات راديكالية باتجاه الكرد، كثاني قومية في البلاد، ويعمد إلى الاستغلال السياسي للإسلام، وتوظيف تنظيماتها الموجودة في تركيا، وكذا المنتشرة في الغرب وأوروبا".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية