تفكيك شيفرة "داعش": هكذا اشترى التنظيم أسلحته من دول تحاربه

تفكيك شيفرة "داعش": هكذا اشترى التنظيم أسلحته من دول تحاربه


09/12/2020

شركات وهمية وأخرى عائلية وتحويلات مالية سرية، عبر هذا الثالوث كشفت دراسة كيف تمكّن "داعش" من شراء الأسلحة من جميع أنحاء العالم، على الرغم من حربه مع التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

كيانات وهمية

وفي التفاصيل، أصدرت منظمة "كونفليكت آرممنت ريسيرتش"، غير الحكومية المتخصصة في أبحاث التسلح خلال النزاعات، اليوم الثلاثاء، تقريراً يوضح كيف اشترى التنظيم خلال سيطرته على مساحات شاسعة من سوريا والعراق بين عامي 2014 - 2019 أطناناً من المواد المتفجرة والمعدات الإلكترونية والطائرات الدرون، من دون لفت الانتباه.

ويسرد التقرير أمثلة، منها: اشترى متجر هواتف صغير ستة أطنان من عجينة الألمنيوم، بينما دفع موزع صغير للمنتجات الزراعية التركية نحو 200 ألف دولار (165 ألف يورو) للحصول على 78 طناً من الوقود الدافع الذي يستخدم في صنع القذائف. وبين عامي 2015 و2017، عثر على نحو مئة صفيحة تحتوي على عجينة الألمنيوم المنتجة في الصين بجميع أنحاء المناطق التي سيطر عليها التنظيم.

وتقول المنظمة إن "داعش" اعتمد بشكل خاص على الأفراد والشركات العائلية التي كانت تعمل كوسطاء بالقرب من مناطق انتشاره، لا سيما في جنوب تركيا، مشيرة في تقريرها إلى أنها ليست في وضع يمكّنها من إثبات أن هؤلاء الوسطاء تصرفوا عن دراية، "لكنهم شكّلوا نقاط اتصال أساسية في سلسلة التوريد".

ويكشف التقرير عن شراء أسمدة النيترات وعجينة الألمنيوم المستخدمة في إنتاج المتفجرات، إضافة إلى وقود الصواريخ والطائرات من دون طيار، لافتاً إلى أن "داعش" حاول إنتاج نظام آلي مضاد للطائرات، على الرغم من عدم وجود دليل على نجاحه في ذلك.

50 شركة حول العالم

كما وثّقت المنظمة وجود 28 طائرة من دون طيار عُدّلت لتكون مسلحة، وقد حاول "داعش" الحصول على نظام تتبّع بصري، وهو عنصر محتمل لنظام آلي مضاد للطائرات في المستقبل، والشبكة التي كُشفت تشير إلى أنها شكّلت كياناً يتاجر بحرية في أرجاء العالم الأربعة. وحدد التقرير "أكثر من 50 شركة في ما يزيد على 20 دولة، صنّعت ووزّعت منتجات استخدمتها قوات داعش".

واستند النظام إلى إدارة شركات مسجّلة قانونياً، وخدمات لوجيستية فعّالة داخل الدول التي يسيطر عليها ومواقع إلكترونية وهمية وشبكة اتصالات آمنة، وتحويلات مصرفية وعمليات دفع عبر الإنترنت. ويوضح التقرير أن "تحقيقات سابقة أشارت إلى أن قوات (داعش) استخدمت أفراداً وشركات متمركزة في الدنمارك وإسبانيا وسوريا وتركيا والمملكة المتحدة".

إشارات حمراء

وأنهى بعض الموردين الذين اشتبهوا في الصفقات عقودهم، بينما لم يرَ آخرون شيئاً أو غضّوا الطرف. ومن ثمّ، فقد ازدهرت تلك العمليات التي كانت فعّالة على الرغم من هشاشتها في آن، وتؤكد المنظمة غير الحكومية، ومقرها المملكة المتحدة، أهمية الكشف عن الإشارات المثيرة للشبهة بصفتها "إشارات حمراء".

وإذا لم يظهر أن أيّاً منها يمارس نشاطاً غير قانوني في حد ذاته إذا نُظر إليه بمفرده، فإن الكشف عن مجموعة من الحزم كان كافياً لتنبيه الشركات وسلطات التدقيق إلى الخطر المتمثل في تصرف أصحاب الطلبيات "خارج مجال نشاطهم المعتاد".

ومنذ نهاية "داعش" في مارس (آذار) 2019، يحاول التنظيم إعادة بناء نفسه في الشام، وتوجيه ما يمكن اعتباره ضربات محدودة، لكن ثابتة. وما تبقّى من شبكة إمداده اليوم يبدو أكثر غموضاً. ويصفه المحلل المستقل لشؤون سوريا ومستشار مجموعة الأزمات "كرايسز غروب" سام هيلر، بأنه نشاط "منخفض الموارد".

غنائم الحرب

ويقول هيلر في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية، وهو يراقب مقطع فيديو للتنظيم عرض فيه معدات مقاتليه، "كل هذا يبدو رخيصاً ويسهل الحصول عليه نسبياً. هذا هو الأساس لتحقيق استدامة، مثل هذا النوع من النشاط".

ويعتقد متخصص أسلحة معروف، يطلق على نفسه اسم كاليبر أوبسكورا على موقع "تويتر"، أن "داعش" يشتري اليوم القليل من المعدات في الخارج، باستثناء المتطور منها. وبالنسبة إليه، فإن التنظيم يعتمد على ما تبقّى لديه من غنائم الحرب المحتملة، وكذلك على السوق السوداء والميليشيات التي لا حصر لها والجماعات المسلحة وعناصر في القوات الرسمية ميّالة إلى الفساد.

ولأن المال لا يتوقف عن الدوران، فما زال بوسعهم الاستفادة من تجربتهم، وفق هيلر. وإذا وجد التنظيم نفسه يوماً ما في وضع استراتيجي جيد، فإنه "سيكون من الأسهل عليهم إعادة الكرّة".

عن " أ ف ب"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية