تقرير أممي يحذر.. هكذا انعكست جائحة كورونا على الأطفال حول العالم

تقرير أممي يحذر.. هكذا انعكست جائحة كورونا على الأطفال حول العالم


19/11/2020

نشرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، اليوم الخميس، تقريراً جديداً حذّرت فيه من إمكانية ظهور ما أسمته "جيل ضائع" مع استمرار جائحة فيروس كورونا التي ألحقت ضرراً كبيراً  بتعليم الأطفال وتغذيتهم وصحتهم، مشدّدة على ضرورة تركيز الجهود خلال المرحلة المُقبلة على مواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية للوباء والتي شملت كافة شرائح المجتمع وبشكل خاص الأطفال نتيجة انعكاساته على حياتهم وصحتهم البدنية والنفسية.

تُشير البيانات الحديثة إلى أنّ الأطفال والمراهقين باتوا يمثلون 11 بالمئة من حالات الإصابة بفيروس كورونا في العالم

ويقول التقرير إنّه على الرغم من كون الفيروس التاجي المستجد أقل تأثيراً على الأطفال من أي فئة عمرية أخرى، إلّا أنّ البيانات الصحية تفيد بأنّ صحة الأطفال قد تأثرت بشكل مباشر أكثر بـ "COVID-19" ممّا كان متوقعاً في الأصل عندما بدأت الأزمة في أواخر عام 2019، مؤكداً أنّ البيانات الحديثة تشير إلى أنّ الأطفال والمراهقين باتوا يمثلون 11 بالمئة من حالات الإصابة بفيروس كورونا في العالم.

مستقبل جيل كامل في خطر

ولا تقتصر الأخطار الصحية على الإصابة بالمرض المستجد فحسب، بل تتعداه إلى صحتهم العامة والتي تأثرت بشكل كبير نتيجة الحظر والإغلاقات التي شهدتها معظم الدول؛ فقد حذّرت المنظمة في وقت سابق من انخفاض عدد الأطفال الذين أكملوا لقاحاتهم نتيجة ما فرضه الوباء من إغلاق وحجر ممّا قد يُعرّضهم لخطر الإصابة بأمراض أكثر خطورة من كورونا.

أشارت اليونيسيف في تقرير لها إلى أنّ 150 مليون طفل إضافي انزلقوا إلى الفقر متعدد الأبعاد حتى منتصف العام 2020

وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف هنريتا فور، في بيان صحفي اليوم الخميس: "خلال جائحة كوفيد – 19، كانت هناك أسطورة تقول إنّ الأطفال يتأثرون على نحو ضئيل بالمرض، وهو أمر بعيد كل البعد عن الحقيقة"، موضحة أنّ الاضطرابات في الخدمات الصحية والاجتماعية الرئيسية وارتفاع معدلات الفقر تُشكّل أكبر تهديد للصغار.

 جائحة فيروس كورونا ألحقت ضرراً كبيراً  بتعليم الأطفال وتغذيتهم وصحتهم

وأضافت فور: "كلما طالت مدة الأزمة، كان تأثيرها أعمق على تعليم الأطفال وصحتهم وتغذيتهم ورفاههم. إنّ مستقبل جيل كامل في خطر".

150  مليون طفل إضافي انزلقوا إلى الفقر

كما أنّ الآثار السلبية للجائحة تتعدى الأثر المباشر على صحة الأطفال لتُهدّد حياتهم بطرق مختلفة، مثل سوء التغذية الحاد، حيث تقول اليونيسف إنّ 265 مليون طفل على مستوى العالم لا يحصلون على الوجبات المدرسية، وسيعاني ما يتراوح بين 6 و7 ملايين طفل دون سن الخامسة من الهزال أو سوء التغذية الحاد هذا العام، معظمهم في أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى، وجنوب آسيا.

الأطفال في الدول متدنية الدخل والدول ذات الدخل المتوسط فقدوا نحو 4 أشهر من التعليم بالمقارنة مع 6 أسابيع للأطفال في الدول مرتفعة الدخل

كما أشارت المنظمة الأممية في تقريرها إلى أنّ 150 مليون طفل إضافي انزلقوا إلى الفقر متعدد الأبعاد حتى منتصف العام 2020.

وكان تحليل سابق أصدره البنك الدولي بالتعاون مع اليونيسف قد كشف أنّ هناك 356 مليون طفل على مستوى العالم (طفل من بين كل 6 أطفال تقريباً) عاشوا في فقر مدقع قبل تفشي جائحة فيروس كورونا ومن المتوقع أن يزداد هذا الوضع سوءاً بشكل كبير.

اقرأ أيضاً: الأخبار السارة حول لقاح كورونا تتوالى.. متى يصبح متاحاً للجميع؟

وحذّر التحليل، الذي بيّن أن عدد الأطفال الذين يعيشون في فقر مدقع انخفض بشكل معتدل بمقدار 29 مليوناً بين عامي 2013 و2017، حذّر من ازدياد معدل الفقر بين الأطفال في العام 2020 بسبب التأثيرات الاقتصادية السلبية الناشئة عن جائحة كورونا، ممّا يجعل من المهم أكثر من أي وقت مضى أن تدعم الحكومات الأسر الفقيرة التي لديها أطفال الآن، وتعيد بناء رأس مالها البشري خلال فترة التعافي.

اقرأ أيضاً: مساعدات الإمارات لمحاربة "كورونا"

وقدّر التحليل أنّه في العام 2017 ، كان 17.5 بالمئة من الأطفال في العالم، ممّن تقل أعمارهم عن 18 عاماً يعيشون على أقل من 1.90 دولار، مقابل 7.9 بالمئة من البالغين الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً أو أكثر.

إغلاق المدارس.. يُهدّد الصحة النفسية

ويرى العديد من الخبراء أنّ إغلاق المدارس كان الإجراء الذي ترك الأثر الأكبر على الأطفال؛ فقد أشارت الأمم المتحدة في تقارير سابقة إلى أنّ 1.6 مليار طفل؛ أي ما يعادل 80 بالمئة من عدد طلاب العالم قد تم حرمانهم من المدارس نتيجة هذه الجائحة، وكانوا موزعين على 161 دولة، وبعد عدّة أشهر ارتفع عدد هذه الدول إلى 191؛ أي أغلبية دول العالم، وترافق ذلك مع توقّف النشاطات الرياضية والفعاليات الاجتماعية والاحتفالات التي كانت تتيح للأطفال اللقاء والتعارف والتنافس في مناخ سعيد وصحّي.

يرى العديد من الخبراء أنّ إغلاق المدارس كان الإجراء الذي ترك الأثر الأكبر على الأطفال

ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك لارتفاع حالات الاكتئاب وتقلبات المزاج والقلق واضطرابات الأكل ونقص الانتباه وفرط النشاط لدى الأطفال، الأمر الذي يُهدّد صحتهم النفسية بشكلٍ كبير؛ فبدلاً من التفكير في اللعب والدراسة والأصدقاء، يفكرون اليوم بالموت والحياة والمرض، ويعيشون في خوف من الإصابة به، الأمر الذي يُشكّل ضغطاً نفسياً كبيراً وخوفاً وقلقاً من شيء غامض لا يدركونه بعقولهم الصغيرة.

اقرأ أيضاً: هل تستأثر الدول الغنية بلقاح كورونا على حساب الفقراء؟

ووفقاً لتصريحات مديرة إدارة البرامج في منظمة الصحة العالمية لإقليم الشرق المتوسط رنا الحجة؛ فإنّ "إغلاق المدارس يمكن أن يؤثر سلباً على قدرة الأطفال على التعلّم، وقدرة الآباء على العمل، وكِلا الأمرين يمكن أن يؤدي بدوره إلى مخاطر أخرى".

أدّت جائحة كورونا وما تبعها من حظر وبقاء العائلات في بيوتها في معظم دول العالم إلى ارتفاع حالات العنف بأشكاله المختلفة ضد الأطفال

كما أصدرت كل من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" والبنك الدولي تقريراً مشتركاً نهاية الشهر الماضي بعنوان "ماذا تعلّمنا"، بيّنت من خلاله أنّ الأطفال في الدول متدنية الدخل والدول ذات الدخل المتوسط فقدوا نحو 4 أشهر من التعليم بالمقارنة مع 6 أسابيع للأطفال في الدول مرتفعة الدخل".

اقرأ أيضاً: اكتشاف سلالة جديدة من كورونا مرتبطة بحيوان "المنك".. وهذه أبرز التخوفات

وقال رئيس قسم التعليم بمنظمة "يونيسف" روبرت جينكينز: "لا نحتاج أن ننظر بعيداً لنرى الدمار الذي ألحقته الجائحة بتعليم الأطفال في جميع أنحاء العالم؛ فهذا الدمار ظاهر للعيان في البلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل من الشريحة الدنيا؛ إذ أدّت محدودية إمكانية الحصول على التعليم عن بُعد وزيادة خطر اقتطاعات الميزانية وتأخير خطط إعادة فتح المدارس، إلى إحباط أي فرصة لعودة الوضع الطبيعي لطلاب المدارس. ومن الضرورة القصوى إيلاء الأولوية لإعادة فتح المدارس".

العنف ضد الأطفال يتنامى خلال الجائحة

ويرى خبراء الطفولة أنّ جائحة كورونا وما تبعها من حظر وبقاء العائلات في بيوتها في معظم دول العالم أدّت إلى ارتفاع حالات العنف بأشكاله المختلفة ضد الأطفال، فضلاً عن تسيّب الكثير من الأطفال للشوارع بسبب إغلاق المدارس والجمعيات المعنية برعاية الأطفال، سيما في الدول الفقيرة.

اقرأ أيضاً: كورونا يصيب النخب السياسية في إيران ويكشف هشاشة النّظام

كما أدّت عمليات الإغلاق الشامل وتعطيل المدارس والقيود المفروضة على الحركة إلى ترك العديد من الأطفال عالقين مع المعتدين في الشقق والمنازل، دون فرصة اللجوء إلى الحيّز الآمن الذي توفره المدرسة عادة، خاصة إذا ما كان العنف داخل الأسرة.

 الوباء حصر الأطفال في المنازل

وفي حين أصبحت المجتمعات الإلكترونية أساسية للحفاظ على تعليم الكثير من الأطفال ودعمهم وترفيههم، سيما خلال الجائحة؛ فقد لوحظت زيادة في السلوكيات الضارة عبر الإنترنت بما في ذلك التنمّر الإلكتروني والسلوك المحفوف بالمخاطر عبر الإنترنت والاستغلال الجنسي.

اقرأ أيضاً: الإرهاب وكورونا والانتخابات الأمريكية..هل تتساوى تجليات نظرية المؤامرة بين الشرق والغرب؟

وقد نبّهت نجاة معلا مجيد، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال، من أنّ الوباء حصر الأطفال في المنازل وفي المؤسسات ودور الرعاية التي تؤويهم، وهناك أيضاً الأطفال المحرومون من حضن العائلة يلفهم الفقر المدقع وهناك من الأطفال من يُرغمون على العمل أو مواجهة قسوة العيش في الشوارع والاضطرار للتسوّل، وهناك فئة أخرى، تكاد تكون منسية، من الأطفال في المناطق المنكوبة بالنزاعات والذين أصبحوا ضحايا تمزيق التهجير ومعاناة المخيمات، من لهؤلاء؟"، ، وفق ما أورد موقع "بي بي سي".

اقرأ أيضاً: هذا ما فعلته جائحة كورونا بصحة الناس النفسية

وتُشدّد معلا على أنّ هناك أطفالاً مُعنفين في ظل أسرهم قبل وباء كورونا وباتوا أكثر عرضة لمزيد من العنف، مؤكدة على ضرورة "التأهب لخطر كبير يتهدد الأطفال الذين يستخدمون شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وهم محبوسون بين جدران المنازل، وقد يصبحون - في غفلة من الآباء والأمهات - فرائس سهلة لشبكات الإجرام والإرهاب وغيرها من الأخطار".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية