جزائر 2020: الرئيس الجديد في مواجهة 8 خطوات لإنعاش البلاد

بانوراما 2019

جزائر 2020: الرئيس الجديد في مواجهة 8 خطوات لإنعاش البلاد


01/01/2020

يؤكد 5 محللين جزائريين، التصاق أفق بلادهم على أهبة العام 2020، بحزمة توجسات وتطلعات تتصل بتموقع الرئيس الجديد، عبد المجيد تبون، وفي تصريحات خاصة لـ "حفريات"، جرى إبراز مواجهة الرئيس المنتخب لثماني خطوات كفيلة بـ"إنعاش" الجزائر، في مشهد مرهون بتجسيد تعهدات الرئيس والجيش.

اقرأ أيضاً: إسلاميو الجزائر يغازلون السلطة الجديدة

يذهب نسيم لكحل، المحلل للشأن السياسي المحلي، إلى أنّه من السابق لأوانه الحكم على نجاح أو فشل محتمل للرئيس الجديد، في تحقيق الاستقرار المنشود من طرف الجزائريين، وهو لم يشرع بعد في عمله؛ لأن مثل هذا الاستشرافات تحكمها عدة ظروف ومتغيرات على مستوى الجبهة الداخلية، أو على مستوى المحيطين، الدولي والإقليمي، واشتعالهما في الغالب حول الجزائر.

محلل سياسي: مهمة تبون لن تكون سهلة في ظلّ حراك شعبي قائم، وفي مواجهة إرث كبير من الفساد

ويردف لكحل: "الاستقرار هو الهدف الأول الذي اختاره عدد لا بأس به من الجزائريين، وسعوا إليه من خلال المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بهدف إنهاء حالة شبه الفراغ المؤسساتي الذي كان يهدد بإدخال البلاد في مرحلة من التأزيم والصدام، وحالة من "الفراغ" الحقيقي لو أجهضت الانتخابات الأخيرة وتمّ تأجيلها أو إلغاؤها، وهو الذي أسكن الخوف لدى هؤلاء (قرابة 10 ملايين) غالبيتهم كانوا مدفوعين بهاجس الخوف من المجهول واللا استقرار كما حدث في عشرية الدم خلال تسعينيات القرن الماضي".

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

ويتوقع لكحل أنّ مهمة تبون "لن تكون سهلة أبدا، في ظلّ حراك شعبي ما يزال قائماً على الأرض، وفي مواجهة إرث كبير من الفساد أفرزته عشريتا الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، وأيضاً في ظل حالة ولو بسيطة من الانقسام داخل دوائر صنع القرار، وفي مواجهة مد شعبي تحرّر منذ 22 شباط (فبراير) الماضي، وأصبح شارعاً رقابياً ومطلبياً بامتياز".

اقرأ أيضاً: لماذا اعتذرت الجزائر عن زيارة أردوغان؟

ويقحم محدثنا، الصراع الدولي المشتعل في حدود الجزائر الجنوبية والشرقية، ما يمثّل تحديات أمنية كبيرة، تبعاً لحرص المستعمر القديم على محاولة استعمال كل الأوراق المتاحة لمنع أي فك ارتباط، يُقال إنّه جارٍ اليوم على قدم وساق في الجزائر، التي تريد في فلسفتها الجديدة، التخلّص تماماً من الوصاية الفرنسية بكل تشعباتها وخصوصاً السياسية والاقتصادية.

اقرأ أيضاً: متى تبتسم الجزائر؟!

وبناءً على ما تقدّم، يؤكد لكحل: "مهمة الرئيس الجديد ستغدو صعبة جداً، لكن ليست مستحيلة، مع أنّه في تقديرنا الخاص لن يكون في مواجهة كل هذه التحديات وحده؛ بل سوف يكون شريكاً للمؤسسة العسكرية الماسكة بزمام المبادرة منذ أشهر طويلة، ومن المؤكد أنّها سترافق الرئيس الجديد في مهمته إلى غاية تحقيق الوعود التي جرى إطلاقها من طرف تبون والجيش طوال الفترة الماضية، والمتضمنة أنّ جزائر ما بعد القضاء على "العصابة" ستكون أفضل، وشعبها سوف يعيش أحسن".

 

 

3 تحديات سياسية و5 خطوات اقتصادية

في منظور الباحث الاستراتيجي، زكرياء بورزق، فإنّ انتخابات 12 كانون الأول (ديسمبر) 2019 أفرزت رئيساً بشرعية شعبية نظراً لنزاهة العملية الانتخابية، حيث حاز على 58%  من أصوات الناخبين الذين شكّلوا 40%  من مجموع الهيئة الناخبة، وهي نسبة مقبولة تقارب نسب المشاركة في دول تمتلك ديمقراطيات عريقة، لكن المشهد العام ونسبة المشاركة تأثرا بوجود رافضين للانتخابات في الشارع ووجود مشكّكين افترضوا "عدم النزاهة"، فقرروا المقاطعة.

خبير استراتيجي: ولاية تبون ستكون فترة انتقالية تضع البلاد على مسار الإصلاح وتحقيق تطلعات الشعب التي خرج من أجلها

وبشأن القادم، يشير بورزق: "الانتخابات تمثّل محطة أولى في مسار تجاوز الأزمة السياسية التي استمرت لعشرة أشهر؛ إذ يواجه الرئيس المنتخب أول تحدٍّ وهو تهدئة الشارع بتقديم ضمانات تعبّد العهد الجديد، ومؤشرات ذلك ستكون من خلال الوجوه التي ستتولى حقائب الحكومة القادمة".

ويركّز أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، على أنّ تبون مدعوّ لتعزيز باب الحريات في مجال الإعلام، ورفع القيود عن تأسيس أحزاب جديدة من رحم الحراك، لاستخلاف الأحزاب التقليدية، وافتكاك السلطة التشريعية والجماعات المحلية من جهازي السلطة (حزبا جبهة التحرير والتجمع الديمقراطي) في الاستحقاقات القادمة.

ويسجّل بورزق أنّ ظهور مثل هذه المؤشرات تباعاً، سيدفع نحو تهدئة من تبقوا في الشارع للاندماج في الوضع الجديد، وممارسة السياسة وفق آلياتها المعروفة والتخلي عن "الفعل التعطيلي السلبي"؛ فنزاهة الانتخابات أثبتت خطأ موقفهم، وبأنّهم ضيّعوا فرصة المشاركة في تحديد هوية الرئيس الذي سيحكم البلاد إلى العام 2024.

اقرأ أيضاً: الحراك... صحوة البركان الجزائري

ويقف الرئيس، في نظر بورزق، أمام مسؤولية الوفاء بتعهداته، وإن كان الواقع يقول بأنّ الشارع لا يحتاج سوى أن يرى تحسناً في المؤشرات الاقتصادية، بداية من رفع الحد الأدنى للأجور، الذي بقي مجمّداً منذ مدة طويلة رغم ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة الدينار، ومواصلة محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، وتنفيذ برنامج اقتصادي قائم على التنمية المحلية يضع الأسس لتجاوز الإرث الكارثي، الذي خلّفه الرئيس السابق والذي كان قائماً على شراء السلم الاجتماعي بتوزيع الريع النفطي، وجذب الاستثمارات الخارجية بمراجعة التنظيمات والقوانين، التي تقف حاجزاً دون تدفق تلك الاستثمارات، خاصة وأنّ الجزائر تعرف استقراراً أمنياً مقارنة بدول الجوار، وتمتلك احتياطياً مالياً مشجعاً.

اقرأ أيضاً: لماذا ألغى الرئيس الجزائري أول نشاط رسمي له؟‎

ويتوقع بورزق تحسّناً في سياسة الجزائر الخارجية التي ظلت مرتبطة بالرئيس السابق، ما غيّب البلد عن ساحة الأحداث الإقليمية في الأعوام الماضية، وأدخل سياستها الخارجية في حالة سبات بسبب غياب الرئيس، ما جعل الجزائر عاجزة عن التعاطي مع ملفات إقليمية لها تأثير مباشر على أمنها القومي، أو حتى إبداء الرأي، خاصة الملف الليبي الذي تعدّد فيه اللاعبون الدوليون والإقليميون المؤثرون.

 

 

فترة انتقالية

يقدّر بورزق أنّ ولاية الرئيس الحالي لن تكون سوى فترة انتقالية تضع البلاد على مسار الإصلاح وتحقيق تطلعات الشعب التي خرج من أجلها في حراك 22 شباط (فبراير) الماضي، على أن يتّم تسليم المسؤولية لجيلي الاستقلال الثاني والثالث، ويبرز محدثنا: "ليس من المعقول توقّع انقلاب في مختلف المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال فترة وجيزة، وتجاوز الإرث الكارثي للرئيس السابق وأسلافه بتلك السرعة".
من جهته، يلفت البرلماني السابق، عدة فلاحي، إلى أنّ "التحديات ثقيلة وصعبة والوضع الذي تمرّ به الجزائر يحتاج إلى القائد الملهم، وهذا لا يتوفر في شخصية الرئيس الجديد تبون، حتى وإن كانت له تجربة في التسيير، وأعتقد أنّه إذا أردنا تجاوز الأزمة وبناء جزائر جديدة، أن يتعاون تبون مع من يختلف معهم وليس مع من يتفق معهم، وعلى أصحاب الكفاءات بدل الولاءات، وأول مؤشر سيظهر من خلال الحكومة التي سوف يشكّلها الرئيس الجديد".

برلماني سابق: التحديات ثقيلة وصعبة والوضع الذي تمرّ به الجزائر يحتاج لقائد ملهم، وهذا لا يتوفر في شخصية تبون

بدوره، يصف البروفيسور محمد هنّاد مشكلات الجزائر بـ "المعقّدة"، ويتمنى أن لا تكون الانتخابات الأخيرة "قد زادت الطينة بلة"، قائلاً: "لا يمكن التعاون من أجل بناء أي شيء، إلاّ إذا توفر عنصر الثقة".

ويرى هنّاد، الباحث في الشؤون السياسية، أنّ "الثقة مفقودة في الجزائر، وليس هناك ما يبشّر بعودتها في الأجل المنظور"، معتبراً أنّ "ما أصبح يتداول من أفكار وآراء بعد إجراء الانتخابات، قد يكون المستهدف الأول منها هو الحراك".

ويرسم الكاتب سعيد خطيبي "صورة سوداوية" بالاتكاء على تمظهر تبون في خطابه الرسمي الأول، ويقول صاحب رواية "حطب سراييفو": شاهدنا "رئيساً" متوجّساً، ينفخ في رماد الدّيماغوجيا، يستعين ﺑ "سين" التّنفيس و"سوف" التّسويف".

ويستغرب خطيبي، قول تبون، مثلاً، إنّ الدّولة سوف تدعم الإعلام، ويخاطب الرئيس: "ألست تعلم يا سيدي أنّ الإعلام يودّ التّحرر من الدّولة، يودّ أن يكون ملكاً للقارئ والمشاهد فقط!".

ويستهجن الكاتب الجزائري مغازلة تبون للطلبة برفع المنحة الجامعية، متسائلاً: "هل الخزانة العامة ملكية شخصية؟ الطّلبة لم يخرجوا للشّارع من أجل لقمة أو هبة، بل خرجوا من أجل تغيير النّظام! لقد ضيّع "الرّئيس" لحظة تاريخية بأن ينزع عباءة الموظّف ويرتدي عباءة سيد القرارات".

ويستطرد خطيبي: "قبل أيّام أصرّ تبون على أنّ يده ممدودة للمعارضة، لماذا غابت المعارضة عن حفل تنصيبه؟ عفواً، لقد حضر أحد معارضيه، مدير قناة وجريدة وشاهدت مثل غيري مسؤولين يقبلون عليه بالأحضان! أليس من المتعارف عليه أن يحضر رئيس سابق؟ لماذا غاب هو أيضاً؟".

 

 

ظلال شرعية منقوصة

يطرح خطيبي استفهامات إضافية على تبون: "يا سيدي، ألم تحرص على أصولك الأمازيغية في حملتك الانتخابية، لماذا إذن غابت اليوم وجوه الحركة الثّقافية الأمازيغية؟ ألم يكن الحراك سبباً في وصولك إلى الكرسي؟ لماذا يدير لك الحراك ظهره الآن؟ ألم تكرّر أكثر من مرّة أنّ عائلتك هجّرت بسبب الاستعمار، فلماذا يقبع مناضل وطني مثل لخضر بورقعة في السّجن؟".

الكاتب سعيد خطيبي: شاهدنا رئيساً متوجّساً ينفخ في رماد الدّيماغوجيا، يستعين ﺑ "سين" التّنفيس و"سوف" التّسويف"

وينتهي خطيبي في مقاربته لمسلك تبون: "اليوم وقد صرت "رئيساً"، يبيت المئات من الأبرياء في السّجون وهم وقود الحراك الذي أوصلك إلى ما وصلت إليه، احتفل بالكرسي وهم يواصلون الطّريق نحو دولة مدنيّة"، مشدّداً: "سوف يقضي الرئيس المنتخب الأعوام المقبلة في البحث عن شرعية لم يوفرها له الصندوق كاملة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية