خامنئي بالإثبات القاطع: لبنان للمقايضة والمساومة!

خامنئي بالإثبات القاطع: لبنان للمقايضة والمساومة!

خامنئي بالإثبات القاطع: لبنان للمقايضة والمساومة!


28/11/2022

نبيل بومنصف

لم تكن أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان في حاجة إلى الكثير من الإشارات الخارجية، ومن حيث يمكن تماماً التيقن أن ثمة تداخلاً كبيراً بين المؤثرات الخارجية والعوامل الداخلية التي تمنع انتخاب الرئيس الرابع عشر لجمهورية كانت في زمن ما تتباهى بأنها الفريدة الوحيدة الديموقراطية في الشرق العربي كله. ولكن إشارة واحدة جاءت من مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد الخامنئي كانت كافية لاسقاط القناع الواهي عن كل أدبيات ذراع إيران في لبنان التي يتحجج عبرها مع حلفائه بتعطيل الاستحقاق الرئاسي وإتاحة المجال للديموقراطية اللبنانية لكي تعيد الاعتبار إلى نجاعة النظام الدستوري اللبناني.

تباهى خامنئي وازدهى بنفوذ ايران في لبنان والعراق وفلسطين باعتبار أن هذا النفوذ حال دون نجاح المخططات الأميركية في المنطقة وضد ايران. هذا "النشيد" الإيراني لم يكن جديداً قطعاً إذ سبق لنظام الملالي أن تباهى مرات ومرات بأن نفوذه يخترق قوس العواصم الأربع من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان امتداداً الى فلسطين المحتلة. لكن وحتى لو جاء متجدداً على لسان المرشد في سياق تسويغه لقمع "الباسيج" للثورة المتصاعدة في إيران فان "اطلالته" على نفوذه عبر من سماهم بـ"المقاومة" في لبنان يسبغ الغطاء الإيراني الصافي الكامل الذي لا شك فيه على نمط التشدد الذي اتبعه "حزب الله" بعد مطالع الشهر الماضي حيال الاستحقاق الرئاسي وكأن أمر العمليات الإيراني أنزل عليه بغتة بعد طول مهادنة.

كان خطاب الحزب متسماً بمرونة لافتة منذ ما قبل بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية الذي سيخلف حليف "حزب الله" ميشال عون بعد نهاية ولايته في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر). راح الحزب يعلي صوت المناداة المتواصلة بالتوافق والمرشح التوافقي كمعادلة ثابتة لتعامله مع هذا الاستحقاق الجوهري خصوصاً أن هذه "النمطية التوافقية" كانت تتصاعد أنغاماً على وقع دهشة المندهشين وذهول المنذهلين من إنجاز مراحل صفقة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية، والتي يدرك القاصي والداني أنها ما كانت لتبصر النور لولا موافقة "حزب الله" لا بل انخراطه التام من المقعد الخلفي في كل شاردة وواردة عائدة لها. ما أن انصرمت أيام بعد احتفالية الترسيم حتى انبرى زعيم "حزب الله" السيد حسن نصرالله إلى اطلاق العنان لمرحلة التشدد بإزاء الاستحقاق الرئاسي واضعاً دفتر شروطه الجديد ومنبئاً بأن حقبة المرونة قد ولت. والحال أن الحزب الذي صار معروفاً انه ينفذ قرار الدعم الحاسم لمرشحه سليمان فرنجية لا يتكئ إلى عوامل داخلية منطقية كافية لاقناع من لا يقتنع بأن معظم الدوافع التي حدت به إلى ذاك الانقلاب المباغت على خطابه انما هي إيرانية أولا وأخيراً وبنسبة ساحقة.

يثبت ذلك أن نصرالله كان قبل الخطاب الأخير الذي إلقاه في ذكرى "يوم الشهيد" لدى حزبه استخف واستهان بانفجار الاحتجاجات في ايران بل كاد يصور الامر كأنه مجرد تظاهرة عابرة لا تستاهل التوقف عندها. ما بين أقل من شهرين، عكس خطاب الحزب وسياساته المتبعة حيال ازمة الفراغ الرئاسي ما يشبه حالة طوارئ مستجدة في اسقاط كل ما ينم عن مرونة والشروع في "استعادة" الوجه المتشدد بما يعني قطعاً أن ما أعلنه المرشد الخامنئي أخيراً كانت توجيهاته قد أبلغت الى الحزب قبل أسابيع. تحكم ايران بذلك وعلناً قبضتها على الساحة اللبنانية حيث يمكنها ذلك لجعل الاستحقاق اللبناني ورقة مقايضة وابتزاز مع الدول الغربية والخليجية الراعية للوضع في لبنان استدراجاً إما لصفقة مع هذه الدول وإاما لمساومة في شأن الملفات الإقليمية التي تعني ايران وإما أيضاً للضغط على الدول التي تتهمها باذكاء الثورة الداخلية على نظام الملالي. ولا حاجة بعد الآن للسؤال من يعطل خارجياً الاستحقاق اللبناني أو من يفتحه بازاراً للصفقات .

عن "النهار" العربي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية