الحرب الإسرائيلية تضيق الخناق على أصحاب الأمراض المزمنة في غزة

الحرب الإسرائيلية تضيق الخناق على أصحاب الأمراض المزمنة في غزة

الحرب الإسرائيلية تضيق الخناق على أصحاب الأمراض المزمنة في غزة


كاتب ومترجم فلسطيني‎
31/03/2024

يواجه أصحاب الأمراض المزمنة، بما في ذلك مرضى السرطان والفشل الكلوي والسكري والضغط وغيرها من الأمراض في قطاع غزة، أوضاعاً مأساوية صعبة وموتاً بطيئاً، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع للشهر السادس على التوالي، وحرمان إسرائيل المرضى من حقهم في الحصول على العلاج، بسبب الحصار المشدد المفروض على القطاع منذ بداية الحرب مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، عدا عن تدمير المستشفيات وانهيار عمل المنظومة الصحية بشكل كامل.

ويشهد قطاع غزة تسجيل العديد من الإصابات لمواطنين بأمراض مزمنة وخطيرة وبالتحديد السرطان والفشل الكلوي، نتيجة تعرض المواطنين لمخلفات القذائف السامة والمحرمة دولياً، من خلال الإصابة المباشرة واستنشاق الدخان الناجم عن قصف المنازل والأحياء السكنية، عدا عن تلوث مياه الشرب وعدم وفرة المياه الصالحة للشرب، إلى جانب سوء التغذية الذي يواجهه المواطنون النازحون، واعتمادهم على المعلبات في تحضير وجبات الطعام.

ووفق معطيات رسمية صادرة عن وزارة الصحة في غزة ، فإنّ هناك ما يقارب من (2000) مريض بالسرطان داخل قطاع غزة، يواجهون ظروفاً قاسية بفعل الحصار الإسرائيلي والتضييق على حرية تنقل المرضى للعلاج خارج القطاع، في حين يتلقى (80) مريضاً العلاج داخل المستشفى التركي الذي أنشأته تركيا لعلاج مرضى السرطان في غزة، لكنّ التوغل البري للجيش في غزة أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من المستشفى، وإجلاء جميع المرضى إلى مستشفيات خالية من الأدوية المخصصة للسرطان؛ الأمر الذي فاقم من معاناتهم وأدى إلى وفاة عدد من المرضى نتيجة عدم توفر العلاج. 

يشهد قطاع غزة تسجيل العديد من الإصابات لمواطنين بأمراض مزمنة وخطيرة وبالتحديد السرطان والفشل الكلوي

وقد حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من تدهور أوضاع المرضى في غزة بشكل متسارع، نتيجة الواقع المنهار على إثر توقف الكثير من المستشفيات عن العمل، حيث تتجاوز نسبة شغل المستشفيات في قطاع غزة أكثر من 200%، كما أنّ الفترة ما بين بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع حتى مطلع آذار (مارس) الجاري ، قد شهدت وفاة ما لا يقلّ عن (157) مريضاً بالسرطان والفشل الكلوي وبأمراض مزمنة أخرى، في ظل حرمان المرضى من حقهم في الحصول على الأدوية التي تبقيهم على قيد الحياة.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: إنّ الاحتلال الإسرائيلي فاقم من الأوضاع الصحية للمرضى المزمنين في قطاع غزة، بعد أن تعرضت المستشفيات لعمليات اقتحام وتخريب للأقسام وإخراجها عن العمل بشكل كامل، كما حذر المكتب من تفاقم الأزمة التي يواجهها أصحاب الأمراض المزمنة في غزة، إذا يوجد أكثر من (1000) مريض فشل كلوي و(2000) مريض سرطان يعتمدون على الأدوية اللازمة التي تبقيهم على قيد الحياة، وحرمانهم المستمر من الحصول على الأدوية يهدد بفقدان حياة المزيد من المرضى.  

هناك ما يقارب من (2000) مريض بالسرطان داخل قطاع غزة، يواجهون ظروفاً قاسية بفعل الحصار الإسرائيلي والتضييق على حرية تنقل المرضى للعلاج خارج القطاع

 

 في سياق ذلك يقول الدكتور علاء أحمد: إنّ "المرضى المزمنين في قطاع غزة يواجهون ظروفاً قاسية لم يسبق أن تعرضوا لها من قبل، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ودخولها الشهر السادس على التوالي، وحرمان المرضى خلال هذه الفترة من حقهم في تلقي العلاج وبالتحديد مرضى السرطان، الذين هم بحاجة للخروج والعلاج في مستشفيات الضفة الغربية والقدس، لكنّ استمرار إغلاق معبر (إيرز) الفاصل بين قطاع غزة والضفة الغربية يحول دون ذلك".

ويشير في حديثه لـ (حفريات) إلى أنّ "هناك مخاطر تواجه أعداداً كبيرة من المرضى الذين يموتون بشكل بطيء، نتيجة تفاقم أوضاعهم وتعرض عدد من المرضى خلال الفترة القليلة الماضية للوفاة نتيجة تدهور أوضاعهم الصحية، والخوف يزداد أكثر من وجود حالات عدة مصابة بأمراض خطيرة ومزمنة ويصعب عليها التوجه للكشف المبكر، نتيجة غياب المراكز الصحية المتخصصة واعتقال الجيش لأعداد كبيرة من الأطباء من داخل المستشفيات، وهذا ما يهدد بتفشي الأمراض وصولاً إلى درجة خطيرة يصعب خلالها السيطرة على المرضى".

ولفت إلى أنّ "المرضى يعيشون حالياً في بيئة غير صحية داخل خيام النزوح التي لا  تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، عدا عن سوء التغذية الذي يواجهه هؤلاء بسبب تفشي المجاعة داخل قطاع غزة، نتيجة منع الاحتلال تدفق إدخال المساعدات للمواطنين، وهذا يزيد من تدهور الأوضاع الصحية للمرضى الذين هم بحاجة إلى تغذية صحية وسليمة، وسط تجاهل وتواطؤ دولي واضح لمعاناة المرضى الذين تم إخراجهم قسراً من داخل المشافي وتعمد قطع العلاج عنهم".  

الاحتلال الإسرائيلي فاقم من الأوضاع الصحية للمرضى المزمنين في قطاع غزة

إلى ذلك تشتكي السيدة خلود أبو حمدة المصابة بمرض سرطان الثدي من تفاقم وضعها الصحي، نتيجة حرمانها من تلقي العلاج اللازم لها منذ أكثر من (5) أشهر، فقد اعتادت على تلقي جرعة من العلاج الكيماوي بشكل أسبوعي داخل المستشفى التركي وسط قطاع غزة، ولكن مع قطع الاحتلال الطرق والاعتداء على المستشفيات، حال ذلك من إمكانية تلقيها العلاج بشكل مستدام، وهذا أدى إلى تدهور وضعها الصحي بشكل خطير".

وتشير في حديثها لـ (حفريات) إلى أنّها "تقضي أصعب الأوقات داخل خيمة في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة، حيث تكتظ المنطقة المحيطة بها بآلاف النازحين، بعد أن أجبر الاحتلال عائلتها كباقي المواطنين على النزوح من شمال القطاع إلى مناطق جنوب غزة، وتشتكي من الواقع الصعب الذي تعيشه، في ظل تفشي العديد من الأمراض المعدية الخطيرة بين النازحين، نتيجة الاكتظاظ الكبير والخوف من نقل العدوى لها بسبب ضعف المناعة". 

تطالب المؤسسات الدولية التدخل السريع والعاجل لإنقاذ المرضى المصابين بالسرطان والعديد من الأمراض المزمنة الأخرى

 

وتضيف أنّ "العلاج الخاص بمرضى السرطان غير متوفر بشكل قاطع في غزة، وتمنع إسرائيل إدخاله رغم مناشدات عدة أطلقتها وزارة الصحة، وهذا المنع أدى إلى وفاة عدد من المرضى غير القادرين على تحمّل هذا الوقت الطويل من التوقف عن العلاج، وهذا يزيد أيضاً من حالة اليأس والتذمر لدى باقي المرضى، الذين فارقوا الحياة بسبب تأزم أوضاعهم النفسية والصحية".   

وتطالب المؤسسات الدولية التدخل السريع والعاجل لإنقاذ المرضى المصابين بالسرطان والعديد من الأمراض المزمنة الأخرى، والعمل على توفير العلاج لإنقاذ حياتنا كمرضى نموت بشكل بطيء بفعل الإجراءات الإسرائيلية المتعمدة، والتي تهدف إلى قتل المواطنين بحرمانهم من الحصول على العلاج إلى جانب سياسة القتل بالتجويع".

ويواصل الجيش الإسرائيلي فرض قيود أمنية مشددة على مناطق عدة من قطاع غزة ، وتعتبر هذه المناطق بالنسبة إلى الجيش مناطق عمليات عسكرية خطيرة منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث تمارس إسرائيل أبشع صور الانتقام بحق السكان الآمنين، من خلال فرض سياسة التجويع وحرمان المرضى من حصولهم على العلاج. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية