دول الخليج العربية والانتخابات الأمريكية.. ترامب أم بايدن؟

دول الخليج العربية والانتخابات الأمريكية.. ترامب أم بايدن؟


26/10/2020


على الرغم من أنّ غالبية دول الخليج العربية تفضّل فوز الرئيس دونالد ترامب بولاية رئاسية ثانية في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، فإنّ منطقة الخليج وخصوصاً السعودية، تستعد لاحتمال العودة إلى التعامل مع إدارة ديموقراطية برئاسة جو بايدن. وحتى لو جاء بايدن، فمن الخطأ النظر إليه كامتداد كامل لإدارة الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، فالسياقات الدولية والإقليمية اختلفت كثيراً في الأعوام الأخيرة، فضلاً عن أنّ العلاقات الأمريكية-الخليجية ذات إرث استراتيجي، وهي ستبقى جوهرية للغاية لأي إدارة أمريكية، جمهورية أم ديمقراطية.

 

غالبية دول الخليج العربية تفضل الاستمرارية السياسية والرئاسية على الاضطراب المحتمل أن يترافق مع رئيس جديد للبلاد

 

مع ذلك، وبحسب الباحثة في "معهد الشرق الأوسط" في واشنطن رندا سليم، فإنّ إدارة ترامب جعلت العلاقة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي "تتمحور حول الأشخاص بشكل أكبر (...) وبدرجة أقل حول المؤسسات"، وفقاً لما نقلت "وكالة الأنباء الفرنسية".

ويقول مسؤول خليجي لوكالة "فرانس برس" طالباً عدم الكشف عن هويته "الزيارة التاريخية لترامب إلى الرياض في أيار (مايو) 2017 كانت بداية لعلاقة استثنائية مع رئيس أمريكي. لقد فتحت أبوابا كثيرة". ويضيف "صنّاع القرار (الخليجيون) يريدون منطقياً أن تظل تلك الأبواب مفتوحة، لكنهم ليسوا مغمضي الأعين. هم يستعدون للسيناريو الآخر".

منطقة الخليج وخصوصاً السعودية، تستعد لاحتمال العودة إلى التعامل مع إدارة ديموقراطية برئاسة جو بايدن

لماذا يفضلون ترامب؟

وقد حدّد أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبدالخالق عبدالله موقف الخليج من الانتخابات الأمريكية المقبلة، مستعرضاً في مقال في "معهد الشرق الأوسط" ثلاث قواعد ذهبية وضعتها هذه الدول خلال الأعوام السبعين الماضية لتحقيق علاقة ناجحة مع أي رئيس قد يصل إلى البيت الأبيض، وهذه القواعد، بحسب ما نقلت صحيفة "النهار" اللبنانية هي:

 القاعدة الأولى، أنَّ غالبية دول الخليج العربية تفضل الاستمرارية السياسية والرئاسية على الاضطراب المحتمل أن يترافق مع رئيس جديد للبلاد؛ أي إنها تبدّي المعلوم على المجهول. وبالتالي، تفضل عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بمعزل عن مراجه المتقلّب، على المرشح الديموقراطي جو بايدن، بمعزل عن لياقته الظاهرة، وتفضل أربعة أعوام إضافية لرئيس منتهية ولايته، بدلاً من أربعة أعوام جديدة قد تبدد الأعمال التي تم إنجازها في السابق.  

اقرأ أيضاً: شتائم واتهامات في مناظرة ترامب وبايدن... كيف سيكون موقف الرأي العام؟

 أما القاعدة الثانية، فتشمل تفضيل دول الخليج الرؤساء الجمهوريين على الديموقراطيين منهم. ويعود ذلك إلى أنَّه تاريخياً، كان الجمهوريون أكثر تقديراً للعلاقات الأمريكية – الخليجية، وتمكنوا من فهم المخاوف الأمنية الخليجية. إلى ذلك، اعتمد الرؤساء الجمهوريون التقارب الشخصي مع قادة الخليج، الأمر الذي يكتسب أهمية بالغة في العلاقات السياسية في هذا الجزء من العالم. 

 

محلل سياسي: الإستراتيجية الخليجية الراهنة نجحت في التعامل مع ترامب، الرئيس الأكثر تقلباً في تاريخ أمريكا وبالتالي، ستكون ناجحة مع بايدن في حال فوزه

 

ولعل الاختلاف بين النهج الذي اتبعه كل من الرئيسين الأمريكيين جورج بوش الأب، وجورج دبليو بوش والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما هو المثال الأحدث على ذلك، بحسب عبد الله. 

 وبالتالي، يبقى ترامب المرشح الأفضل للانتخابات الأمريكية المقبلة بالنسبة إلى دول الخليج، بالرغم من أسلوبه الفظ بعض الشيء. ولا تنسى هذه الدول أنَّ زيارة ترامب الأولى إلى خارج بلاده كانت إلى الرياض.

وتتعلق القاعدة الذهبية الثالثة بالإستراتيجية المحكمة التي بلورتها دول الخليج  العربية على مر السنين في تعاملها مع سياسات واشنطن وواضعي السياسات الأمريكية؛ فنجحت من خلالها في التعامل مع 14 رئيساً جمهورياً وديموقراطياً خلال الأعوام السبعين الماضية، وتكيفت بشكل ملحوظ مع الخيّر والسيئ من الرؤساء السابقين. 

اقرأ أيضاً: أحلام الإخوان على جناح بايدن.. ذكريات أوباما تراود الجماعة

ويكمن سر ذلك، بحسب عبد الخالق عبد الله، في المصالح المتبادلة بين هذه الدول؛ إذ إنَّ مصالح متعددة ودائمة ومتزايدة تحكم العلاقة الأمريكية – الخليجية، ولا يتحمل أي رئيس أمريكي وطأة المساس بها. 

والواقع أنَّ الإستراتيجية الخليجية الراهنة قد نجحت أيضاً في التعامل مع ترامب، الرئيس الأكثر تقلباً في تاريخ الولايات المتحدة. وبالتالي، ستكون ناجحة مع بايدن في حال فاز في السباق الانتخابي.

إدارة ترامب جعلت العلاقة بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي "تتمحور حول الأشخاص بشكل أكبر

علاقات إماراتية-أمريكية إستراتيجية

وفي كلمة، هذا الشهر، خلال مؤتمر عبر الفيديو لإطلاق حوار إستراتيجي أمريكي إماراتي، قال وزير الخارجية مايك بومبيو لنظيره الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان "خلال إدارة ولاية ترامب، نمت العلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات بشكل أعمق وأوسع من أي وقت مضى". وتابع، كما نقلت "وكالة الأنباء الفرنسية": "تعطي إدارة ترامب الأولوية لهذه العلاقة بشكل كبير"، مضيفاً "نقف معاً على الساحة الدولية لمواجهة أكبر قوة تدميرية في الشرق الأوسط، النظام الإيراني، وأود أن أشكر دولة الإمارات على دعمها لحملة الضغوط القصوى".

بايدن لن يتبع نهج أوباما مع "الإخوان"

وفي محاضرة استضافها "مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية"، قال عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود، الدكتور أحمد الفراج، إنه من المرجَّح أن يعود بايدن إلى السياسة التي اتبعها أوباما مع إيران، مع الحرص على تفادي الأخطاء التي ارتُكبت حينها. وأشار الفراج إلى أنه بالرغم من انجراف أوباما في الملف الإيراني، فإنه كان يُصرّح بأن المملكة العربية السعودية والخليج حلفاء تاريخيون لأمريكا، وطالما أكد أنْ لا ضرر سينالهما من خلال الاتفاق النووي مع إيران، وبهذا، قد لا يكون بايدن حادّاً مع إيران ومتقارباً مع الخليج كما يفعل ترامب، لكنه سيظلُّ محتفظاً بالعلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربية، حتى وإن قرر انتهاج سياسة أوباما.

اقرأ أيضاً: ماذا تعني رئاسة بايدن لليونان وتركيا

وسلّط المحاضِر الضوء على موقف بايدن من تنظيم الإخوان المسلمين، وقال إن نهج أوباما في هذا الشأن استند إلى نظرية قدمها له الكاتب فريد زكريا، فيما لم يفعل ترامب شيئاً مع التنظيم، حتى بعد المطالبات بتصنيفه إرهابياً. وعبّر الفراج عن أمله في وضع التنظيم على "قائمة الإرهاب" في حال فاز ترامب بفترة رئاسية ثانية، قائلاً إنه في حال فوز بايدن في الانتخابات، فإنه، على الأرجح، لن يتبع نهج أوباما، وخاصة بعد أن ثبتت علاقة تنظيم الإخوان المسلمين بتنظيمات متطرفة وإرهابية؛ مثل "داعش"، و"القاعدة"، على حدّ قول المحاضر.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية