صور خاصة بـ"حفريات": الحوثيون يقتلون 500 لاجئ أفريقي حرقاً

صور خاصة بـ"حفريات": الحوثيون يقتلون 500 لاجئ أفريقي حرقاً


16/03/2021

خيروهم بين دفع 70 ألف ريال يمني أو الانضمام لجبهات القتال، فلم يستطيعوا الدفع، ولم يقبلوا أنّ يكونوا وقوداً في حرب لا ناقة ولا جمل لهم فيها، بعد أنّ فرّوا من ديارهم هرباً من القتال، فكان مصيرهم التعذيب، وإلقاء قنابل يدوية على عنابرهم الضيقة، فلقي المئات منهم حتفهم.

ذلك حال المئات من اللاجئين الأفريقيين في سجون ميليشيا الحوثي في صنعاء، التي تعاني نقصاً حاداً في المقاتلين، بعد الخسائر الفادحة التي تكبدتها في جبهات القتال، التي تشعلها الميليشيا على أمل الظفر بأراضٍ جديدة، قبيل الجلوس على مائدة المفاوضات المرتقبة، وكان آخرها جبهة مأرب، التي حصدت آلاف المقاتلين.

ميليشيا الحوثي تقوم بتجنيد المعلمين والتلاميذ من المدارس، لإسناد جبهات الجماعة وتعويض الخسائر البشرية في صفوف المقاتلين، لاسيما في جبهات مأرب والجوف

وقام الحوثيون بقتل مئات اللاجئين بدم بارد في واقعة سجن جوازات صنعاء، في ظلّ تواطؤ دولي؛ حيث لم يصدر عن المنظمات الدولية بيانات بحجم المذبحة، وجرى التغطية على الجريمة بدفن القتلى في مقابر جماعية.

ماذا حدث في صنعاء؟

كشفت مقاطع فيديو منشورة على الإنترنت، في التاسع من الشهر الجاري، عن مقتل عشرات اللاجئين الأفارقة حرقاً في أحد سجون الحوثيين في العاصمة صنعاء، ونشرت وسائل الإعلام نقلاً عن مصادر من اللاجئين، أنّ ميليشيات الحوثي أضرمت النيران عمداً في أحد عنابر الاحتجاز في صنعاء.

صورة خاصة لحفريات: دفن الضحايا في مقابر جماعية

وكشفت تقارير دولية، أنّ الميليشيا قبضت على أكثر من 2000 لاجئ أفريقي، بحجج واهية، لإجبارهم على القتال معهم في الجبهات، وابتزاز المنظمات الدولية بهم، لزيادة المساعدات الإنسانية، التي تستخدمها جماعة الحوثي في تعزيز هيمنتها على الشمال اليمني.

وتناقلت وسائل الإعلام، عن أحد اللاجئين الناجين من المحرقة، أنّ اللاجئين المحتجزين طلبوا إما ترحيلهم أو الإفراج الفوري عنهم، وبدأوا إضراباً عن الطعام استمر أياماً قبل الحادثة، ثم دخل قائد عسكري حوثي إلى مركز احتجازهم، وخيرهم بفك الإضراب عن الطعام أو الضرب.

اقرأ أيضاً: التصعيد الحوثي ضد السعودية.. هل تتبع إيران سياسة حافة الهاوية؟

وأضاف: "عندما قام القائد العسكري الحوثي بالاعتداء على السجناء، رد اللاجئون بالدفاع عن أنفسهم فضربوه إلى أن فارق الحياة، فما كان من الميليشيا إلا أن انتقمت بصبّ البنزين في السجن وسط السجناء، وإلقاء قنبلة بداخله".

وأكد صحفي في العاصمة صنعاء، طلب عدم نشر اسمه، الرواية السابقة، وقال لـ"حفريات"، بعد تواصل شخصي مع ذوي القتلى والمصابين من الجنسية الإثيوبية، أنّ "الإحصاءات غير الرسمية، تقدر عدد قتلى مذبحة الحوثيين بنحو 512 لاجئ، منهم 450 قضوا نحبهم في الحريق، و62 ماتوا جراء الإصابة في المستشفيات".

وفي السياق ذاته؛ ذكرت المنظمة الدولية للهجرة، وجود 900 لاجئ محتجز في المكان الذي شب فيه الحريق، دون ذكر أسباب ذلك. وأشارت إلى إصابة 170 شخصاً، لكنّ يبدو أنّ العدد الحقيقي أكبر من ذلك، وربما ضلل الحوثيون المنظمة، أو هناك حسابات أخرى.

صورة خاصة لحفريات: دفن الضحايا بدون حضور الأهالي

وذكر المصدر السابق لـ"حفريات"، أنّ ميليشيا الحوثي شرعت عقب الحادث في مصادرة الهواتف المحمولة من اللاجئين الإثيوبيين في صنعاء، خاصة أنّ معظم الضحايا من عرقية الأورومو الإثيوبية، وفرضت رقابة مشددة على أهالي الضحايا، للتغطية على الحجم الحقيقي للمذبحة.

مصدر في صنعاء لـ"حفريات": الإحصاءات غير الرسمية، تقدر عدد قتلى مذبحة الحوثيين بنحو 512 لاجئ، منهم 450 قضوا نحبهم في الحريق

وأضاف أنّ "العديد من اللاجئين أخبروه عن قيام جماعة الحوثي منذ أيام باعتقال أي لاجئ أفريقي في صنعاء وضواحيها، بذريعة عدم امتلاكهم بطاقات هوية لجوء، رغم أنّ معظمهم يحملون بطاقة صادرة عن مكتب الأمم المتحدة للاجئين في صنعاء، وتفرض عليهم دفع 70 ألف ريال يمني مقابل إصدار بطاقة هوية جديدة، وإطلاق سراحهم".

ونتيجة عدم قدرة معظمهم على دفع الأموال، قامت الميليشيا الحوثية بسجنهم في مركز احتجاز، تابع لإدارة الجوازات، وقال المصدر السابق، أنّ "الميليشيا ساومتهم للذهاب إلى جبهات القتال مقابل إسقاط الغرامة، أو البقاء في السجن، ورفض اللاجئون المساومة، مطالبين بترحيلهم، لكنّ الميليشيا الحوثية ألقت قنابل على مكان الاحتجاز، متسببة في مقتل وإصابة المئات".

وأكدت وسائل إعلام متعددة، نقلاً عن مصادر من الناجيين الرواية السابقة للحادث.

تواطؤ المنظمات الدولية

وجاء في بيان المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، أنّه "لم يتأكد بعد العدد الكلي للمهاجرين الذين لقوا حتفهم في حريق مرفق الهجرة التابع لمصلحة الهجرة والجوازات في صنعاء يوم الأحد الماضي، وقد تم تقديم العلاج لأكثر من 170 شخصاً أصيبوا بحروق، ولا يزال العديد منهم في حالة حرجة".

قام الحوثيون بقتل مئات اللاجئين بدم بارد في واقعة سجن جوازات صنعاء

وذكر البيان السابق، وجود 900 مهاجر، معظمهم من الإثيوبيين في السجن الذي شب فيه الحريق. وأكدت المنظمة استجابتها للحادث، بتقديم "فرق من العاملين الصحيين التابعين للمنظمة وسيارات الإسعاف، وأكثر من 23 ألفا من المواد الطبية بما في ذلك السوائل الوريدية ومستلزمات الصدمات، وغيرها من الضروريات على الفور إلى المرفق وإلى المستشفيات الرئيسية".

وتكشف الاستجابة الصحية الواسعة من المنظمة الدولية للهجرة عن وجود مئات من المصابين، فضلاً عن المئات من القتلى، والتي تحفظت المنظمة على ذكر الأرقام الحقيقية، ربما لتجنب مزيد من التضييق الحوثي على العمل الإنساني، والقبول بالصمت على المذبحة مقابل تخفيف الضغط على بقية اللاجئين، وهي معادلة صعبة، تعيشها المنظمة في ظلّ هيمنة جماعة طائفية لا تحترم القوانين الدولية.

اقرأ أيضاً: إدارة بايدن واكتشاف الحوثيين

واستنكر المصدر من صنعاء، في حديثه لـ"حفريات"، الصمت الدولي على الجريمة، وأكد أنّ "تواطؤ المنظمات الدولية في التغطية على المذبحة، جريمة لا تقل بشاعة عما ارتكبه الحوثيون، فلم يشيروا إلى سبب الحريق، ولا العدد الحقيقي للضحايا".

وأضاف المصدر، أنّ أهالي الضحايا "يطالبون بلجنة تحقيق دولية، لتقصي الحقائق حول المذبحة"، وذكر أنّ جماعة الحوثي دفنت المئات في مقابر جماعية، في مناطق مغلقة، تخضع لسيطرتها.

اقرأ أيضاً: إجرام الحوثي بمأرب.. آلة قتل وإرهاب ضد المدنيين

وفي سياق الردود الدولية، أشارت المديرة الإقليمية للمنظمة الدولية للهجرة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كارميلا غوديو، إلى وجود تحديات أمام الوصول إلى المصابين بسبب الوجود الأمني المكثف في المستشفيات. ودعت إلى "منح العاملين في المجال الإنساني والعاملين الصحيين إمكانية الوصول لدعم علاج المتضررين من الحريق وغيرهم ممن يتلقون رعاية طويلة الأجل"، وفق ما جاء في بيان المنظمة الدولية للهجرة.

وفي بيان آخر عن المنظمة، رداً على إدعاءات حوثية بأنّ مركز الاحتجاز تديره المنظمة،  قال المدير العام، أنطونيو فيتورينو، أنّ "الظروف التي رافقت احتجاز المهاجرين الإثيوبيين كانت غير إنسانية وغير آمنة"، وأكد أنّ "المنظمة لا تقوم بإنشاء مراكز احتجاز أو إدارتها أو الإشراف عليها في اليمن، أو أي مكان في العالم".

نقص المقاتلين لدى الحوثي

وأشارت تقارير صحفية إلى تجنيد الحوثي قسراً للاجئين للقتال في الجبهات، التي استنزفت عشرات الآلاف من مقاتليه، ومن المقاتلين اليمنيين الذي يُجرى تجنيدهم قسرياً.

وذكرت صحيفة "الأيام" اليمنية، عن مصادر تربوية، أنّ ميليشيا الحوثي تقوم بتجنيد المعلمين والتلاميذ من المدارس، لإسناد جبهات الجماعة وتعويض الخسائر البشرية في صفوف المقاتلين، لاسيما في جبهات مأرب والجوف.

وتظاهر المئات من اللاجئين الإثيوبيين أمام مقر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في صنعاء، تنديداً بالجريمة الحوثية، وطالبوا بتحقيق مستقل في الحادثة، ومعاقبة الضالعين فيها وإطلاق سراح جميع المحتجزين منهم، وشهدت مدينة عدن تظاهرة مماثلة.

وفي سياق متصل؛ لم يصدر بيان رسمي عن مسؤول كبير حول الحادث من الحكومة الإثيوبية، بينما أعلن السفير الصومالي لدى اليمن، عبد الله حاشي شوري، أنّ حكومة بلاده ستستأنف حملة لإجلاء آلاف الصوماليين من اليمن منتصف هذا الشهر، بعد أن توقفت قرابة عام كاملة بسبب كورونا.

وأكد شوري، أنّ الحكومة الصومالية عازمة على تسريع الإجلاء، وخاصة بعد التجاوزات الأخيرة في سجون صنعاء، وآخرها حادثة استخدام القنابل ضد محتجزين في سجن الجوازات، وكان من بينهم صوماليون.

اقرأ أيضاً: تستهدف المواطنين والمهاجرين والمنظمات الإغاثية... ميليشيات الحوثي تواصل جرائمها

وتقدر المنظمة الدولية للهجرة وجود آلاف المهاجرين العالقين في اليمن بسبب قيود التنقل التي فرضتها أزمة فيروس كورونا، في منطقة الخليج والقرن الأفريقي.

ويصل نحو 100 ألف مهاجر سنوياً إلى اليمن عبر البحر، قادمين من القرن الأفريقي، على أمل الهروب إلى المملكة العربية السعودية.

ويشهد اليمن أزمة إنسانية كبيرة، وُصفت بأنّها "أسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث"، ويحتاج ثلاثة أرباع السكان، أي أكثر من 22 مليون شخص، إلى المساعدة الإنسانية من بينهم 11.3 مليون بحاجة ماسة إلى المساعدة للبقاء على قيد الحياة، وفاقمت جائحة كورونا، وضعف التمويل الدولي من معاناة جهود الإغاثة الدولية هناك. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية