التصعيد الحوثي ضد السعودية.. هل تتبع إيران سياسة حافة الهاوية؟

التصعيد الحوثي ضد السعودية.. هل تتبع إيران سياسة حافة الهاوية؟


15/03/2021

ثمة مؤشرات تربط بين كثافة الهجمات التي شنّتها ميليشيات الحوثي على مناطق حيوية وهامة في المملكة العربية السعودية، وتحركات إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، والتي تعمد إلى اتباع سياسة مغايرة، عن تلك التي التزام بها سلفه دونالد ترامب، خاصة بعد العدول عن قرار الأخير، بخصوص رفع الحوثيين من لائحة التنظيمات الإرهابية، بيد أنّ الإدارة الجديدة اختارت أن تدرج قيادتين عسكريتين تحت لائحة العقوبات الأمريكية، على خلفية الانتهاكات المتواصلة لهما بحق المدنيين.

 

كمال الزغول: توظيف طهران للحوثيين، في إطار مناورتها مع الإدارة الأمريكية، بمثابة سياسة حافة الهاوية الإيرانية

 

 ووصف التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، دعم الإيرانيين للحوثيين بأنّه "أطال أمد الحرب" في اليمن، و"تسبب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، ولفت إلى أنّ "الحوثيين استخدموا صواريخ باليستية، وألغاماً بحرية وطائرات مسيرة؛ لمهاجمة المناطق السكنية والسفن التجارية".

كما اتهم التقرير الأمريكي، الحرس الثوري الإيراني، بأنّه "قدّم للحوثيين الدعم العسكري، لشن هجمات في اليمن، وعلى السعودية"، ولفت إلى أنّ النظام الإيراني "قدم مساعدات مادية مباشرة للحوثيين، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة"، الأمر الذي تسبب في إشعال الحرب، جراء دعم الحوثيين بالأسلحة والتدريب العسكري، كما أنّ الدعم الإيراني "سمح للحوثيين بشن هجمات مروعة على المدنيين، في اليمن والسعودية، بما أسهم في تغذية الحرب الأهلية وزيادة معاناة اليمنيين".

تداعيات الوضع الدولي والضغط على بكين

من الصعوبة بمكان غض الطرف عن توظيف إيران لهذه الميليشيا في اليمن، كواحدة من أوراق الضغط الإقليمية، التي تنتهجها في إدارة علاقاتها السياسية والإقليمية مع الولايات المتحدة الأمريكية، لا سيما في ظل الاضطراب الذي وقع في علاقات واشنطن والرياض، مؤخراً، وتدرك طهران تماماً، أنّ ضرباتها الأخيرة ضد المنطقة الشرقية في السعودية، حيث تتواجد شركة أرامكو النفطية، ستؤدي بالتبعية إلى رفع أسعار البترول، الأمر الذي يحدث ضرراً واضحاً على الاقتصاد الصيني، باعتبار أنّ بكين من أكبر الدول المستوردة للخام.

اقرأ أيضاً: إدارة بايدن واكتشاف الحوثيين

من خلال ذلك تتحرك إدارة بايدن، بحديث غير حاسم ومتردد عن تنظيم الحوثي، والذي يعد بمثابة وكيل مباشر للتوجهات الإيرانية، التي تهدد الأمن الإقليمي، ويبدو ذلك واضحاً في تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، حين قال: "سنواصل محاسبة قيادة الحوثيين على تصرفاتهم المستهجنة، بما في ذلك الهجمات المستمرة على شركائنا السعوديين".

يرتبط ذلك أيضاً بهجمات الحوثيين الأخيرة على مأرب، بزعم تواجد تنظيم القاعدة، لشرعنه عملياتهم العسكرية، وكذا ممارسة سياسة الضغط على واشنطن، بورقة الحرب على الإرهاب، وقد ربطت تقارير صحافية بين لقاء عدد من المسؤولين الأمريكيين، وقيادات حوثية؛ لمناقشة تداعيات الهجمات على مأرب.

اقرأ أيضاً: إجرام الحوثي بمأرب.. آلة قتل وإرهاب ضد المدنيين

ولذلك؛ تبدو أوراق الضغط الإيرانية متعددة ومتفاوتة؛ فبينما تسعى نحو تحسين شروط التفاوض مع الإدارة الأمريكية، عبر وكلائها في الشرق الأوسط، من خلال تحريك الصراع في بؤر التوتر، في العراق وسوريا ولبنان واليمن، فإنّها تعمل على رفع درجة التوتر على مسرح أحداث الأخيرة، سواء على المستوى الداخلي أو الاقليمي، بتكثيف هجماتها بالصواريخ الباليستية على المحافظات السعودية، في حين تقوم قوات تحالف دعم الشرعية، بتنظيم ضربات جوية على معاقل الميليشيات الحوثية، رداً على هجماتهم.

اقرأ أيضاً: تركيا تتضامن مع السعودية ضد الحوثيين... ما القصة؟

وإلى ذلك، يرى الدكتور كمال الزغول، الكاتب والمحلل السياسي، أنّ توظيف طهران للحوثيين، في إطار مناورتها مع الإدارة الأمريكية، بمثابة سياسة "حافة الهاوية" الإيرانية، والتي تتبعها طهران لعدة اعتبارات، من بينها السعي باتجاه إجبار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، على الإسراع بقبول مفاوضات ٥+١، ومحاولة فرض الشروط الإيرانية بقوة؛ لأنّها تدرك أنّ الإدارة الجديدة، وعدت بالتهدئة والسلام بالشرق الأوسط، مع التقليل من الانتشار الأمريكي في المنطقة .

الدكتور كمال الزغول

ويضيف الزغول لـ"حفريات" أنّ من بين الاعتبارات الأخرى، أنّ "سياسة حافة الهاوية الإيرانية، تستغل الفجوة التي تسبب فيها فيروس كورونا من الناحية الاقتصادية، وتأثيره على أوروبا، وهي تعلم أنّ أوروبا من مصلحتها استمرار تدفق البترول من مضيق هرمز، والتوافق بالنسبة للأوروبيين أمر جيد".

 

نبيل فاضل: أشكك في كون تحرك الحوثيين الأخير صوب مأرب جاء بقرار منهم؛ بل اتخذ من قبل القيادات العليا في لبنان أو إيران

 

ويلفت الزغول، إلى أنّ طهران تعمل على تكثيف حضورها في اليمن، بشكل متواتر، حتى يتسنى لها بعث رسالة، مفادها قدرتها على التأثير في مناطق حضورها الأخرى، لا سيما الساحة  العراقية، وأنّ زيادة زخم الهجمات من جهة التحالف العربي ميدانياً، يحمل رسالة سياسية  للإدارة الأمريكية، بأنّ النفط في أرامكو أصبح في خطر؛ لتضع الإدارة الأمريكية مصالحها الاستراتيجية مع الرياض، في عين الاعتبار.

إيران وواشنطن، رسائل متبادلة على أنقاض اليمن

من جانبه، يرى الكاتب الصحفي اليمني عبدالعزيز العامر، أنّه بعد مرور أسابيع من تراجع الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن قرار سلفه ترامب، بخصوص تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، عمل الحوثيون على شن هجوم مسلّح على محافظة مأرب النفطية، آخر معاقل الحكومة الشرعية في شمال اليمن، وفي خضم هذا الهجوم، خرجت الإدارة الأمريكية بقرار فرض عقوبات على قياديين اثنين من الجماعة، لافتاً في تصريحات خص بها "حفريات" إلى أنّه "بالرغم من أنهّما من قادة الظل في الترسانة الحوثية، بيد أنّ انتقاء واشنطن اسميهما، من قائمة طويلة، ربما كانت معدة ضمن قرار التصنيف، يبدو نابعاً من كون الرجلين من أخطر العقول المدبرة، للهجمات الجوية والبحرية".

الكاتب الصحفي اليمني عبدالعزيز العامر

ويضيف: "أعتقد أنّ  إلغاء العقوبات على جماعة الحوثي، سيعقد من المشهد في اليمن، وسيجعل من الحوثيين ورقة ضغط، تستخدمها طهران في ابتزاز المملكة العربية السعودية والمنطقة، ليمتد تأثيرها إلى تهديد الأراضي السعودية، وأمن البحر الأحمر، الذي تريد إيران تحويله إلى ساحة للفوضىن يلهي العالم عما حدث في مضيق هرمز".

 

عبد العزيز العامر: تصدع العلاقات بين واشنطن والرياض، سيكون له تأثير كبير ولافت على ملف الأزمة اليمنية

 

وبحسب الصحفي اليمني، فإنّ مظاهر تصدع العلاقات بين واشنطن والرياض، سيكون له تأثير كبير ولافت على ملف الأزمة اليمنية؛ إذ إنّ الولايات المتحدة الأمريكية، لم تبد أيّ قلق من الهجمات التي تستهدف السعودية، بصواريخ وطائرات مسيرة، من قبل ميليشيا الحوثي، ومن الصعوبة توقع أن يكون رد فعل واشنطن، على استهداف الحوثيين لمناطق حيوية في المملكة العربية السعودية، لا سيما المناطق الشرقية، يضحى في صورة  بيان يدين الحادثة.

ويشير العامر إلى أنّ ثلاثمائة وستة وأربعين صاروخاً باليستياً، أعلنت قوات التحالف اعتراضها منذ بداية الحرب، وهو الأمر الذي يبعث بمخاطر أمنيّة جمة، على أمن المنطقة، وخاصّة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب، فضلاً عن كونه هدفاً إيرانياً لتصدير الفوضى، نحو دول الجوار المتاخمة لليمن، عبر وكيلها المحلي، جماعة الحوثيين.

رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، نبيل فاضل

يتفق مع هذا الرأي رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، نبيل فاضل، والذي يرى أنّ وضع جماعة الحوثيين صعب للغاية، ويضيف لـ"حفريات": "أشكك في كون تحرك الحوثيين الأخير صوب مأرب جاء بقرار منهم؛ بل اتخذ من قبل القيادات العليا في لبنان أو إيران؛ حيث إنّه لم يكن ثمة توجهات للحوثيين بالتحرك صوب مأرب بهذا الشكل، علاوة على توجهاتهم الاستراتيجية، نحو تجنب أيّ معارك غير ضرورية، وتركيز الاهتمام في الحفاظ على ما لديهم، والسعي نحو ترتيب أوراقهم داخلياً، لا سيما في مناطق سيطرتهم، ومن ثم إعادة تشكيل هرم القيادات في المستوى المحلي".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية