"عصا موسى" تشق المنظومة الأمنية الإسرائيلية

"عصا موسى" تشق المنظومة الأمنية الإسرائيلية


10/11/2021

"مستمرون في القتال حتى نكشف جرائمكم الخفية، نهايتكم بالمعركة، وسوف نتبعكم ونتعقبكم في كل مكان، وهذه مجرد البداية"، تلك الرسائل وغيرها نشرها القراصنة الذين استهدفوا أجهزة حواسيب وشبكات رقمية، خاصة بالاحتلال الإسرائيلي واختراق بيانات خاصة بعدد كبير من جنود الاحتلال، وجمع معلومات أمنية وعسكرية عنهم.

ونشر القراصنة الذين أطلقوا على أنفسهم اسم مجموعة "عصا موسى"، المعلومات والملفات التي حصلوا عليها من خلال عملية القرصنة الأخيرة على شبكة "دارك نت"، وفي مجموعات في "تيليجرام"، وكشفت تفاصيل عن الكتيبة القتالية "ألفون"، ومواقعها والجدول الزمني لتدريباتها.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تحصّن سجونها.. ومحللون لـ "حفريات": الأسرى سينالون الحرية

وتضمنت الملفات، التي تم اختراقها خلال الهجوم الإلكتروني، أسماء الجنود الإسرائيليين المرشحين للانخراط بالوحدات القتالية، ومعلومات تشمل أسماء وعناوين مئات الجنود، وأماكن سكنهم وهواتفهم الخليوية، وحسابات البريد الإلكتروني الخاصة بهم، وكذلك تفاصيل شخصية عن بعض جنود الاحتياط ورتبهم العسكرية.

تضمنت الملفات، التي تم اختراقها خلال الهجوم الإلكتروني، أسماء الجنود الإسرائيليين المرشحين للانخراط بالوحدات القتالية

ولم يكتف المهاجمون بالحصول على المعلومات فحسب، بل وجهوا رسالة إلى وزير الدفاع بيني غانتس: "نعلم جميع قراراتك، سوف نصيب الهدف، حيث يوجد بحوزتنا تقارير سرية لوزارة الدفاع، وكذلك معلومات عن خطط تشغيلية وخرائط ومعلومات عن أماكن الوحدات والقوات ومراسلاتها، وسننشر هذه المعلومات لإبلاغ العالم كله بجرائمكم".

الخبير في الشأن الإسرائيلي حسن لافي لـ"حفريات": كما كانت عصا موسى تشق البحر نصفين، فإنّ تلك المجموعة قادرة على فك شيفرات مختلف المؤسسات الإسرائيلية، وخاصة المؤسسة الأمنية

كما أرفقت المجموعة إعلانها برابط لتحميل بعض هذه البيانات، مؤكدة أنه "سيتم نشر بيانات هذه الشركات بشكل تدريجي".

والشركات الإسرائيلية التي تعرضت "شبكاتها وأنظمتها الحاسوبية" للاختراق هي كل H.GM Engieening وDavid Engineers وEhud Leviathan Engineering، حيث نشرت مجموعة القراصنة تصاميم وخرائط هندسية وتفاصيل شخصية لعملاء هذه الشركات، بما في ذلك بطاقات الهوية والعديد من المواد الأخرى.

فشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية

وفي هذا السياق يقول الخبير الأمني د. محمود العجرمي في حديثه لـ"حفريات" إنّ "الاختراق الأخير الذي تعرض له الاحتلال الإسرائيلي، وتم الحصول من خلاله على معلومات مهمة تخص الجنود وضباط داخل الجيش، يعد صفعة قوية للاحتلال الذي يعتبر نفسه متطور تكنولوجياً، ويمتلك أنظمة تكنولوجية حديثة، وهذا يوحي بفشل المنظومة الأمنية الإسرائيلية، وعدم محافظتها على السرية."الخبير الأمني د. محمود العجرمي: عملية الاختراق والتي أُطلق عليها اسم (عصا موسى) لا تقل أهمية عن الاختراقات التي حدثت بالسابق

ويضيف أنّ "عملية الاختراق والتي أُطلق عليها اسم (عصا موسى) لا تقل أهمية عن الاختراقات التي حدثت بالسابق، خاصة وأنّ منفذي الهجوم نشروا رسائل تهديد للجنود والقادة الإسرائيليين، ومن بينهم وزير الدفاع الإسرائيلي غانتس، إضافة إلى المعلومات الأمنية والاستخباراتية التي تم الحصول عليها، والتي يمكن استخدامها كتكتيك أمني وعسكري في المعارك المقبلة مع الجيش، لإلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوفه.

اقرأ أيضاً: الاحتلال الإسرائيلي يتوسع في الاستيطان.. والعالم مغمض العينين

القراصنة في نظر العجرمي "أثبتوا نجاحهم في عالم التقنيات وكيفية الدخول إلى حسابات ومواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي، والحصول على المعلومات التي يريدونها، إذ أنهم تحدوا "دولة" تعتبر نفسها من أكثر الدول تطوراً في مجال التكنولوجيا وأمن المعلومات، ونجحوا بالوصول إلى ثغرات فنية والكترونية، واخترقوا المواقع والحسابات، وهذا الأمر سوف يجعل المنظومة الأمنية الإسرائيلية في حيرة كبيرة."

قراصنة بمستوى دولة

ويبين الخبير الأمني أنّ من يقف وراء "عصا موسى" ليسوا أشخاصاً عاديين، أو مجموعة مبرمجين لديهم خبرة في مجال تكنولوجيا المعلومات، وإنما جهة قوية تعمل بمستوى دولة، وبشكل منظم، ولديها دراسة معمقة عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وتمتلك قدرات استخباراتية في الرصد والمتابعة وعملية جمع المعلومات، وهذا الأمر يشكل مصدر قلق لجيش الاحتلال.

اقرأ أيضاً: سكان حي الشيخ جراح يرفضون قرار المحكمة الإسرائيلية: صامدون هنا

ويلفت إلى أنّ تلك المجموعة التي لا يُعرف هويتها حتى هذه اللحظة تمكنت من التأثير على المنظومة الأمنية الإسرائيلية، ومكانتها وقوتها، وتلك العملية وغيرها من عمليات الاختراق المستمرة من قبل القراصنة، أحرجت الاحتلال الإسرائيلي أمام الرأي العام الداخلي والعالم، خاصة وأنه يتباهى بمستواه الأمني والتقني.

من جهته، يقول الخبير في المجال التكنولوجي رائد جبر لـ "حفريات" إنّ "الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى تطوير نفسه بمجال التكنولوجيا وأمن المعلومات بشكل كبير، واهتمامه بهذا المجال لا يقل عن اهتمامه بتطوير قدراته العسكرية، ويدّعي أنّ لديه تحصينات تكنولوجية قوية تمنع القراصنة من الوصول إلى حساباتهم، ولكن الثغرات التقنية بتلك المنظومة سهلت عملية الاختراق، وساعدت القراصنة في الحصول على المعلومات بسهولة."

عملية معقدة

ويصف جبر عملية الاختراق بأنها "معقدة وليست سهلة"، لا سيما وأنّ جيش الاحتلال حريص جداً في هذا المجال، وهذا يدل على أنّ الأشخاص الذين نفذوا الاختراق الأخير، وتمكنوا من خلاله الوصول إلى حسابات شخصيات مهمة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، "لديهم دراية كاملة في مجال الاختراق والهندسة الاجتماعية، ولم يكن ذلك بغضون أيام، خاصة وأنّ فك الشيفرات والبحث على ثغرات ونشر الفيروسات يحتاج إلى وقت طويل".

الخبير بالشأن الإسرائيلي حسن لافي: الهجمات الإلكترونية الأخيرة بينت أن الجبهة الإلكترونية السيبرانية للاحتلال غير قوية

وفي الإطار ذاته يبين الخبير بالشأن الإسرائيلي حسن لافي أنّ هناك حرباً شرسة "في المجال السيبراني بين إسرائيل وبين محور المقاومة، وهذا ينعكس على جهوزية الجيش الإسرائيلي في فتح مجال جديد، وهو الحرب الإلكترونية".

ويشير في حديثه لـ "حفريات" إلى أنّ الهجمات الإلكترونية الأخيرة بينت أن الجبهة الإلكترونية السيبرانية للاحتلال غير قوية، وتحتاج إلى كثير من التحصينات، "خاصة وأن دولة الاحتلال تعتبر من الدول ذات الاستخدام الكثير للتكنولوجيا، وتدخل في كافة مناحي الحياة، وهذا يصعّب من تحصين تلك الجبهة، ويزيد من خطورة استهدافها لديهم، بالإضافة إلى التشويش على الحياة اليومية، والتي باتت مرتبطة بشكل كبير بالتكنولوجيا".

ما الرسالة؟

وبسؤاله عن سبب استهداف الجنود الإسرائيليين والإعلان عن كشف أسماء المئات منهم، أجاب قائلاً "أراد القراصنة إيصال رسالة للجنود الإسرائيليين بأنّ أسماءهم ومعلوماتهم الشخصية أصبحت مكشوفة، وأنّ المنظومة الأمنية الإسرائيلية غير قادرة على حماية أمنهم الإلكتروني وبياناتهم الشخصية، وهذا سيجعلهم يشعرون بالمطاردة والخوف، وهو ما ينعكس بالمستقبل على تقديم الجنود للمحاكمة إذا فتحت محاكمات جنائية دولية".

اقرأ أيضاً: هل تستعد إسرائيل لتوجيه ضربة عسكرية للنووي الإيراني؟

وبحسب لافي فإنّ إطلاق اسم "عصا موسى" على الهجوم الإلكتروني الأخير له دلالة بأنّ تلك المجموعة قادرة على تنفيذ الاختراق مهما كانت قوة التحصينات، فكما كانت عصا موسى تقسم البحر إلى نصفين، فإنّ تلك المجموعة قادرة على فك شيفرات مختلف المؤسسات الإسرائيلية، وخاصة المؤسسة الأمنية، كما حدث باختراق المواقع التي يتضمن معلومات لشخصيات ذات ثقل مثل وزير الدفاع الإسرائيلي.

 واستبعد المختص بالشأن الإسرائيلي أن يكون هناك رد عسكري إسرائيلي على تنفيذ الهجوم السيبراني "عصا موسى"، لأنّ الاحتلال الإسرائيلي "ليس لديه رغبة بتوسيع قدرة المواجهة، والرد سيكون في نفس المستوى، بتنفيذ هجوم إلكتروني ضد الجهات التي نفذت "عصا موسى".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية